الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَرَ، كما يقال: كاد العروسُ يكونُ أميرًا
(1)
، وكاد النِّعام يطير
(2)
.
قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ (40)} يعني: من لم يَهْدِهِ اللَّهُ للإسلام فلا أمانَ له ولا دين، قال مُقاتل: نزلت هذه الآيةُ في عُتبةَ بن ربيعةَ ابن أُميّة، كان يلتمسُ الدّين في الجاهلية، ولُبسِ المُسُوحَ
(3)
، ثم كَفَر في الإسلام.
فصلٌ
عن أنسٍ رضي الله عنه قال: قال رسولُ - اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إنّ اللَّه تعالى خَلَقني من نُوره، وخَلَق أبا بكرٍ من نُوري، وخَلَق عُمرَ وعائشةَ من نُور أبي بكر، وخَلَق المؤمنينَ من أُمّتي من نُور عُمر، وخَلَق المؤمناتِ من أُمّتي من نُورِ عائشة، فمن لم يُحْبَّنِي ويُحِبَّ أبا بكرٍ وعُمرَ وعائشةَ فما له من نُور"، فأنزل اللَّه تعالى:{وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ}
(4)
.
وعن عَلِيٍّ -كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ- عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "خَلَق اللَّهُ الأرواحَ قبلَ الأجساد بألفَيْ عام، فأُمِرَتْ بالطاعة لِي والسلامِ عَلَيَّ، فأول رُوحٍ آمَنَ بِي وصَدَّقَنِي من الرجال رُوحُ أَبِي بكر، وأَوَّلُ رُوحٍ آمَنَ بِي وَسَلَّمَ عَلَيَّ من النساء رُوحُ عائشة"
(5)
.
(1)
العرب تقول للرجل: عَرُوسٌ، وللمرأة أيضًا: عَرُوسٌ، والمراد هنا الرجل؛ أي: كاد يكون أميرًا لِعِزَّتِهِ في نفسه وأهله، ينظر: مجمع الأمثال 2/ 158، المستقصى 2/ 203، المستطرف 1/ 69.
(2)
يُضْرَبُ لقرب الشيء مما يُتَوَقَّعُ منه لظهور بعض أماراته، ينظر: مجمع الأمثال 2/ 162.
(3)
جمع مِسْحٍ، وهو الكساء من الشَّعَرِ. اللسان: مسح.
(4)
ينظر: الكشف والبيان 7/ 111، تفسير القرطبي 12/ 286.
(5)
هذا حديثٌ موضوعٌ، ذكره ابن الجوزي في الموضوعات 1/ 401، وينظر: لسان الميزان 3/ 262.
قوله عز وجل: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ} ؛ أي: ويُسبِّح له الطيرُ صافاتٍ، أي: باسطاتٍ أجنحتَهُنَّ في الهواء، وهو في موضع نَصْبٍ على الحال، وإنما خَصَّ الطيرَ بالذِّكر من جملة الحيَوان؛ لأنها تكونُ بينَ السّماءِ والأرض، فهي خارجةٌ عن جُمْلةِ مَن في السماوات والأرض
(1)
.
وقوله: {كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ (41)} قال المفسِّرون: الصّلاةُ لبني آدم، والتسبيحُ عامٌّ لغيرهم من الخلق.
قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا} ؛ أي: يَسُوقُ سحابًا إلى حيث يريد {ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ} ؛ أي: يَجمَع بين قِطَعِ السحاب المتفرِّقة بعضِها إلى بعض، والسّحابُ جَمْعٌ، وإنما ذَكَّرَ الكنايةَ على اللفظ
(2)
.
فإن قيل: "بَيْنَ" لا يقَعُ إلّا لاثنَيْنِ فصاعدًا، فكيف جاء {بَيْنَهُ} ؟ فالجوابُ أنّ {بَيْنَهُ} هاهنا لجماعة السحاب، كما تقول: الشَّجرُ حَسَنٌ وقد جلستُ بينَه. وفيه جوابٌ آخَر، وهو أن يكونَ السحابُ واحدًا، فجاز أن يقال:{بَيْنَهُ} ؛ لأنه مشتملٌ على قِطَعٍ كثيرةٍ، كما قال الشاعر:
46 -
. . . . . . بَيْنَ الدَّخُولِ فَحَوْمَلِ
(3)
(1)
قاله الواحدي في الوسيط 3/ 323.
(2)
قاله الأخفش في معاني القرآن ص 105.
(3)
هذه قطعة من بيت من الطويل، لامرئ القيس، وهو مطلع معلقته، وهو بتمامه:
قِفا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبيبٍ وَمَنْزِلِ
…
بِسِقْطِ اللِّوَى بَيْنَ الدَّخُولِ فَحَوْمَلِ
ويُرْوَى في بعض المصادر: "وَحَوْمَلِ" بالواو كَرواية الأصمعي الآتيةِ بَعْدُ.
اللغة: اللِّوَى: ما الْتَوَى من الرمل أو هو منقطع الرمل، الدَّخُولُ وحَوْمَلُ: أماكن بعينها.
التخريج: ديوانه ص 8، الكتاب 4/ 205، الكامل للمبرد 1/ 250، مجالس ثعلب ص 104، مجالس العلماء ص 157، إعراب القرآن للنحاس 3/ 141، 4/ 37، المحتسب =
فأوقع بَيْنًا على الدَّخُولِ وهو واحد؛ لاشتماله على مواضعَ، هذا قولُ النَّحْويِّين إلّا الأصمعيَّ، فإنه زعم أنّ هذا لا يجوز
(1)
، وكان يرويه:
. . . . . . بينَ الدَّخُولِ وَحَوْمَلِ
(2)
وقوله: {بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا} ؛ أي: يَجعَلُ بعضَه على بعضٍ لِيَثْخُنَ وَيغْلُظَ
(3)
{فَتَرَى الْوَدْقَ} يعني: المطر {يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ} ؛ أي: وسَطِه، وهو الفُرَجُ بين السحاب، هذه قراءة العامة، وقَرأَ ابن عباس
(4)
: {مِنْ خِلَلِهِ} ، والخَلَلُ: الفُرْجةُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ.
قوله تعالى: {وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ} ؛ أي: بَرَدٌ، و {مِنْ}: صلةٌ
(5)
، وقيل
(6)
: معناه: ويُنزِّلُ من السماء قَدْرَ جبالٍ أو أمثالِ جبال وبَرَدٍ إلى الأرض،
= 2/ 49، المنصف 1/ 224، الأزهية ص 244، 245، الإنصاف ص 656، البيان للأنباري 2/ 481، شرح الجمل لطاهر بن أحمد 2/ 161، شرح المفصل 2/ 128، شرح الكافية للرضي 4/ 408، شرح الشافية للرضي 2/ 316، الجنى الداني ص 63، 64، مغني اللبيب ص 214، 466، الخزانة 1/ 332، 3/ 224.
(1)
قال ابن الأنباري: "ورواه الأصمعي: "بين الدخول وحومل"، وقال: لا يقال: رأيتك بين زيد فعمرو"، شرح القصائد السبع الطوال ص 19، وينظر: شرح القصائد المشهورات للنحاس 1/ 4.
(2)
من أول قوله: "لا يقع إلا لاثنين فصاعدًا. . . " قاله النحاس في إعراب القرآن 3/ 141، 142.
(3)
قاله أبو عمر الزاهد في ياقوتة الصراط ص 378.
(4)
وهي أيضًا قراءة ابن مسعود والأعمش والضحاك وأبي العالية والزعفرانِيِّ ومعاذ العنبري عن أبي عمرو، ينظر: جامع البيان 18/ 205، مفاتيح الغيب 24/ 13، تفسير القرطبي 12/ 289، البحر المحيط 6/ 426.
(5)
قاله الأخفش والكوفيون، ينظر: معانِي القرآن للفراء 2/ 256، 257، معاني القرآن للأخفش ص 254.
(6)
ذكره النحاس بغير عزو في معاني القرآن 4/ 544، وبه قال السجاوندي في عين المعاني 90/ ب.