الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واعْتَمَرَ فِيما مَضَى وَفِيما بَقِيَ"
(1)
.
وهي من أعاجيبِ السُّور، نَزَلت ليلًا ونهارًا، وسَفَرًا وحَضَرًا، مَكِّيًّا وَمَدَنِيًّا، سلْمِيًّا وحَرْبِيًّا، ناسِخًا ومَنْسُوخًا، مُحْكَمًا وَمُتَشابِهًا مُخْتَلِفَ العَدَدِ
(2)
.
ورُوِيَ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "مَنْ قَرَأَ سُورةَ الحَجِّ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِعَدَدِ مَنْ يَدْخُلُ البَيْتَ بِكُلِّ واحِدٍ وَحْدَهُ أَلْفَ حَسَنةٍ"
(3)
.
بابُ ما جاء فيها من الإعراب
بسم الله الرحمن الرحيم
قولُه عز وجل: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ} يريدُ أهلَ مكةَ {اتَّقُوا رَبَّكُمْ} احذَروا عقابَه بطاعته، و"يا": نداء و"أَيُّ" منادى، و"ها": تنبيه، "النّاسُ": مرفوع على البدل من "أُيُّها"، وقيل: على النعت لـ "أَيُّ"، والمعنى: يا ناسُ اتقوا ربَّكم {إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (1)} يعني: أنه لا يُوصَفُ لِعِظَمِهِ. والزَّلْزَلةُ والزِّلْزالُ: شدةُ الحركة على الحال الهائلة، من قولهم: زَلَّتْ قَدَمُهُ، إذا زالت عن الجهة بسرعة
(4)
.
قوله: {يَوْمَ تَرَوْنَهَا} يعني: تلك الزَّلزَلة {تَذْهَلُ} في ذلك اليوم {كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ} ؛ أي: تنسى وتترُك كلُّ والدةٍ ولدَها، يقال: ذَهَلَ
(1)
ينظر: الكشف والبيان 7/ 5، الوسيط 3/ 24، الكشاف 3/ 24، مجمع البيان 7/ 123.
(2)
قاله السجاوندي في عين المعاني ورقة 84/ ب.
(3)
لم أعثر له على تخريج.
(4)
قاله الثعلبي في الكشف والبيان 7/ 6.
عن كذا يَذْهَلُ ذُهُولًا: إذا تَرَكه أو شَغَلَهُ عنه شاغلٌ، قال الحسَن
(1)
: تَذهَلُ المُرضِعةُ عن ولدِها لغير فِطام وتضَعُ الحاملُ ما في بطنِها لغير تمام من هول ذلك اليوم {وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى} يعني: تراهم سُكارى من الغمِّ والهم {وَمَا هُمْ بِسُكَارَى} من الشراب، وقرأ بعضُهم:{وَتَرَى}
(2)
بضم التاء؛ أي: تَظُنُّهُم، قال الفَرّاء
(3)
: ولهذه القراءةِ وجهٌ جيِّد.
{سُكَارَى} : جمعُ سكران، وهو نَصْبٌ على الحال
(4)
، وقَرأَ حمزةُ والكسائي
(5)
: {سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى} بفتح السِّين من غير ألفٍ وبالإمالة، قال الفَرّاء
(6)
: وهو وجهٌ جيِّد في العربية؛ لأنه بمنزلة: الهَلْكَى والجَرْحَى
(1)
الحسن بن يسار، أبو سعيد البصري تابعي، حبر الأمة في زمنه، ولد بالمدينة سنة (21 هـ)، وشب في كنف عَلِيِّ بن أبي طالب، سكن البصرة وعظمت هيبته في القلوب، وله مع الحجاج مواقف وقد سلم من أذاه، مات بالبصرة سنة (110 هـ). [غاية النهاية 2/ 226، سير أعلام النبلاء 4/ 563 - 588، الأعلام 2/ 226].
(2)
قرأ عكرمة والضحاك وابن يعمر والزعفراني وعباس بن منصور وأبو زرعة: {وَتُرَى} بالبناء للمجهول {النَّاسُ} بالرَّفع على نائب الفاعل، ينظر: زاد المسير 5/ 404، تفسير القرطبي 12/ 5، البحر المحيط 6/ 325.
(3)
قال الفراء: "وقد ذُكِرَ أن بعض القراء قرأ: {وَتُرَى النَّاسَ}، وهو وجه جيد، يريد مثل قولك: رُئِيتُ أَنَّكَ قائِمٌ، وَرُئِيتُكَ قائِمًا، فتجعل {سُكَارَى} في موضع نصب؛ لأن {تَرَى} تحتاج إلى شيئين تنصبهما كما يحتاج الظن". معاني القرآن 2/ 215.
(4)
إلا على قراءة {وَتَرَى النَّاسَ} ، فإن {سُكَارَى} على هذه القراءة مفعول ثالث لـ {تُرَى} ، فالأول هو الضمير المستتر النائب عن الفاعل، والثاني هو {النَّاسَ} ، ينظر: البحر المحيط 6/ 325، الدر المصون 5/ 122.
(5)
وهي أيضًا قراءة خلف والأعمش، ينظر: السبعة ص 434، حجة القراءات ص 472، الكشف عن وجوه القراءات 2/ 116، التيسير ص 156، الإتحاف 2/ 270، 271.
(6)
معاني القرآن 2/ 214، 215.