الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحثُ السابع موقفُ الجِبْليِّ من أصول النَّحو
وسوف أتناول هنا مو قفَه من الأمور التالية: السَّماع - القياس - الإجماع.
المطلبُ الأول: موقفُه من السَّماع:
وأنواعُ السَّماع هي: القرآنُ الكريم وقراءاتُه، والحديثُ النَّبويُّ الشريف، وكلام العرب نَثْرًا وشعرًا.
أولًا: موقفُه من الاستشهاد بالقرآن الكريم وقراءاتِه
إذا نظرنا في "البستان" وجَدْنا أنّ الجِبْليَّ كان يضع النصَّ القرآنِيَّ في المرتبة الأولى في الاحتجاج، ولا يَعْتَرِضُ عليه بوجهٍ من الوجوه، وهذا واضحٌ في الكتاب كلِّه، والأمثلة عليه أكثرُ من أن تُحصَى.
وأمّا القراءاتُ فإنّني سوف أتناولها بشيءٍ من التفصيل، نظرًا لاختلاف موقف الجِبْليِّ منها عن موقفِه من النص القرآنِيِّ.
1 - موقفه من القراءاتِ الصّحيحة:
القراءاتُ الصّحيحة هي: قراءات القُرّاءِ السبعةِ، بالإضافة إلى القُرّاءِ الثلاثة بعدَهم
(1)
، وقد ذكر ابن الجَزَري شروطَ القراءة الصَّحيحة،
(1)
ينظر: التيسير للدانِي ص 4: 7، العنوان لإسماعيل بن خلف المقرئ ص 40، الإتقان في علوم القرآن للسيوطي 1/ 108، إتحاف فضلاء البشر للبنا الدمياطي 1/ 72، 75.
فقال
(1)
: "كلُّ قراءةٍ وافَقَت العربيّة ولو بوَجْيهٍ، ووافَقَت المصاحفَ العثمانيّةَ ولو احتمالًا، وصحُّ سَنَدُها، فهي القراءةُ الصُّحيحة التي لا يجوزُ رَدُّها، ولا يَحِل إنكارها، بل هي من الأحرف السبعة التي نَزَل بها القرآن، ووَجَب على الناس قَبولُها، سواءٌ كانت عن الأئمة السبعة أم عن العشَرة أم عن غيرِهم من الأئمة المقبولين، ومتى اخْتَلَّ رُكْنٌ من هذه الأركان الثلاثةِ أُطْلِقَ عليها ضعيفةٌ أو شاذّةٌ أو باطلةٌ، سواءٌ كانت عن السبعة أم عَمَّن هو أكبرُ منهم".
ثم حَكَى ابنُ الجَزَري عن أبِي عَمْرٍو الدانِي، أنه قال
(2)
: "وأئمةُ القُرّاءِ لا تَعمَل في شيءٍ من حروف القرآن على الأَفْشَى في اللغة، والأَقْيَسِ في العربيةِ، بل على الأثبتِ في الأثَر، والأصحِّ في النَّقل، والرِّوايةُ إذا ثَبتَت عنهم لم يَرُدَّها قِياسُ عَرَبِيّةٍ ولا فُشُوُّ لغةٍ؛ لأنّ القراءةَ سُنّةٌ متَّبَعةٌ يلزم قَبولُها والمصير إليها".
ولذلك كان كثيرٌ من النُّحْويِّين لا ينكرون قراءةً من القراءات التي وردت عن القُرّاءِ السبعة ولا يضعِّفونَها ولا يرُدُّونَها، فسيبويهِ يقول مثلًا
(3)
: "وقد قرأ بعضهم: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ}
(4)
إلّا أنّ القراءةَ لا تُخالَفُ، لأنّ القراءةَ السُّنّةُ".
(1)
النشر في القراءات العشر 1/ 9، وينظر: الإتقان في علوم القرآن للسيوطي 1/ 99، اللهجات العربية في القراءات القرآنية للدكتور/ عبده الراجحي ص 74، في أصول النحو للأفغاني ص 29، 35، أثر القرآن والقراءات في النحو العربِي د/ محمد سمير نجيب اللبدي ص 319، 320.
(2)
النشر في القراءات العشر 1/ 10، 11، وينظر: الإتقان للسيوطي 1/ 100، اللهجات العربية في القراءات القرآنية د/ عبده الراجحي ص 84، في أصول النحو للأفغاني ص 30، البحث اللغوي عند العرب د/ أحمد مختار عمر ص 29.
(3)
الكتاب 1/ 148.
(4)
بفتح {ثَمُودُ} [فصلت: 17].