الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يقول الخبيثاتُ والخبيثون، {لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (26)} في الجنة، يعني عائشةَ رضي الله عنها وصفوانَ، فذَكَرَهُما بلفظ الجمع كقوله تعالى:{فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ}
(1)
، والمراد: به أخَوانِ
(2)
.
فصلٌ
عن عائشةَ رضي الله عنها أنها قالت: لقد أُعْطِيتُ تسعًا ما أُعْطِيَت امرأةٌ: لقد نَزَلَ جبريلُ عليه السلام بصورتي في راحته حين أُمِرَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم أن يتزوَّجني، ولقد تزوَّجني بِكرًا وما تَزَوَّجَ بِكْرًا غيري، ولقد تُوُفِّيَ وإنّ رأسَه لَفي حِجْرِي، ولقد قُبِرَ في بيتي ولقد حَفَّتْ الملائكةُ بيتي، وإنْ كان الوحيُ لَيَنْزِلُ عليه في أهلهَ فيتفرَّقون عنه وإنْ كان لَيَنْزِلُ عليه وأنا معه في لحافه، وإني لابنةُ خليفتِه وصِدَّيقِه، ولقد نزل عُذري من السماء، ولقد خُلِقتُ طيِّبةً لعبدٍ طيِّبٍ، ولقد وُعِدْتُ مغفرةً ورزقًا كريمًا
(3)
.
قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ} : نعت "بُيُوتًا"{حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا} ؛ أي: حتى تستَأْذِنوا، قاله جماعةُ المفسِّرين، قال ابن عباس
(4)
: أخطأ الكاتبُ في قوله: {حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا} إنما هي: حتى تستَأْذِنوا.
(1)
النساء 11.
(2)
قاله الفراء في معاني القرآن 2/ 249.
(3)
رواه الطبراني في المعجم الكبير 23/ 30، 31 بلفظ "أُعْطِيتُ سِتًّا"، و"أُعْطِيتُ سَبْعًا"، وذكره الثعلبي باللفظ الذي أورده المؤلف هنا في الكشف والبيان 7/ 83، وينظر: الوسيط للواحدي 3/ 314، 315.
(4)
ينظر: الوسيط 3/ 315، وهكذا قرأها ابن عباس وابن مسعود وَأُبَيٌّ وسعيد بن جبير والأعمش، ينظر: جامع البيان 18/ 145، 146، تفسير القرطبي 12/ 213، مفاتيح الغيب 23/ 196، البحر المحيط 6/ 410.
وقال أهل المعاني
(1)
: الاستئناس: الاستعلام، يقال: آنَسْتُ منه كذا؛ أي: عَلِمْتُ، والمعنى: حتى تستعلِموا وتنظروا وتتعرَّفوا، {وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا} وهو أن يقول: السلامُ عليكم، أأدْخُلُ؟ ولا يجوز دخولُ الإنسان بيتَ غيرِهِ إلا بالاستئذان لهذه الآية، {ذَلِكُمْ} يعني: الاستئذان {خَيْرٌ لَكُمْ} ؛ أي: أفضلُ من أن تدخُلوا بغير إذْنٍ {لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (27)} ؛ أي: لكي تعلَموا أنّ الاستئذانَ خيرٌ لكم فتأُخذوا به.
قال عطاءٌ: قلتُ لابن عباس: أَستَأْذِنُ على أُمِّي وأُختي ونحن في بيتٍ واحد؟ قال: أَيَسُركَ أن ترى منهنَّ عورةً؟ قلتُ: لا، قال: فاسْتَأْذِنْ
(2)
.
قوله تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ (30)} ؛ أي: يَكُفُّوا، وقيل: ينقصوا من أبصارهم عن النظر إلى ما لا يجوز، يقال: غَضَّ منه: إذا نَقَصَ، ومنه قوله تعالى:{وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ}
(3)
؛ أي: انقص منه، قال الشاعر:
38 -
فَغُضَّ الطَّزفَ إِنَّكَ مِنْ نُمَيْرٍ
…
فلا كَعْبًا بَلَغْتَ وَلا كِلابا
(4)
(1)
ينظر: معاني القرآن للفراء 2/ 249، غريب القرآن لابن قتيبة ص 303، معاني القرآن وإعرابه 4/ 39، معاني القرآن للنحاس 4/ 517.
(2)
ينظر: العلل ومعرفة الرجال للإمام أحمد 2/ 249، زاد المسير 6/ 28، فتح الباري 11/ 21، وقد روى الإمام مالك عن عطاء، أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم سأله رجل فقال: يا رسول اللَّه: أَسْتَأْذِنُ على أُمِّي؟ فقال: "نعم"، قال الرجل: إني معها في البيت، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"اسْتَأْذِنْ عليها"، فقال الرجل: إني خادمها، فقال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"اسْتَأْذِن عليها، أَتُحِبُّ أن تراها عريانةً"؟، قال: لا، قال:"فاسْتَأْذِنْ إِذَنْ عَلَيْها". الموطأ 2/ 963 كتاب الاستئذان/ باب الاستئذان، وينظر: السنن الكبرى للبيهقي 7/ 97 كتاب النكاح/ باب "كيف الاستئذان".
(3)
لقمان 19.
(4)
البيت من الوافر، لجرير يهجو الراعي النميري.
التخريج: ديوانه ص 821، الكتاب 3/ 533، الكامل 1/ 340، المقتضب 1/ 321، =