الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقيل
(1)
: المعنى: تُنْبِتُ ومعَها الدُّهنُ، كما يقال: جاء فلانٌ بالسيف؛ أي: ومعَه السيف، وقيل
(2)
: البَاءُ متعلِّقةٌ بالمصدر الذي دل عليه الفعل؛ أي: نَباتَها بِالدُّهْنِ. قاله صاحبُ الضِّياء
(3)
.
فصلٌ
عن وَهْبِ بنِ مُنَبِّهٍ، قال: كان يُسْرَجُ في بيت المقدس كُلَّ ليلةٍ ألفُ قنديل، وكان يَخرُج من طُور سَيْناءَ زيتٌ مثلُ عنُق البعير صافٍ يجري حتَّى يُصبَّ في القناديل من غير أن تمسَّه الأيدي، وكانت تنحدر نارٌ من السماء بيضاءُ حتَّى تُسْرِجَ القَنادِيلَ، وكان القُربان والسُّرُجُ بين ابنَيْ هارونَ: شَبَّرَ وشُبَيْرٍ
(4)
؛ لأن
= التخريج: شرح ديوان زهير ص 111، معاني القرآن للفراء 2/ 233، معاني القرآن وإعرابه 4/ 10، جمهرة اللغة ص 257، 1262، إعراب القراءات السبع 2/ 87، المحتسب 2/ 89، الكشف والبيان 7/ 44، زاد المسير 5/ 467، شَمس العلوم 10/ 6472، عين المعاني ورقة 88/ أ، تفسير القرطبي 10/ 83، 12/ 115، 116، اللسان: قطن، نبت، مغني اللبيب ص 139، شرح شواهد المغني ص 314، خزانة الأدب 1/ 50.
(1)
وعلى هذا فالمفعول محذوف؛ أي: تُنْبِتُ ما تُنْبِتُ ومعه الدهن، والجار والمجرور في موضع الحال، وهذا قول الزَّجّاج والفارسي وابن جني، ينظر: معاني القرآن وإعرابه 4/ 10، الحجة للفارسي 3/ 180، المحتسب 2/ 89، وينظر أيضًا: المحرر الوجيز 4/ 140، البيان للأنباري 2/ 182، غريب القرآن للسجستاني ص 109.
(2)
قاله المبرد، ينظر: شمس العلوم 10/ 6472.
(3)
يعني: ضياء الحلوم لمحمد بن نَشْوانَ بن سعيد الحميري المتوفى سنة (610 هـ)، وهو اختصار لكتاب والده نَشْوانَ بن سعيد بن نشوان الحميري المتوفى سنة (573 هـ)، والمسمى شمس العلوم وشفاء كلام العرب من الكُلُومِ. [كشف الظنون 2/ 1061، هدية العارفين 1/ 109، الأعلام 7/ 123]، ولكنني لم أعثر على المختصر، فخرجت أقوال محمد بن نشوان من كتاب والده، ينظر: شمس العلوم 2/ 681، 10/ 6472.
(4)
ورد بهذا الضبط في إكمال الكمال لابن ماكولا 5/ 11، وتاج العروس: شبر.
الحُبُورةَ
(1)
كانت لهارونَ في الأصل، وقد أُمِرا ألّا يُسْرِجا القَنادِيلَ بنار أهل الدنيا، فأبطأت النارُ ذاتَ ليلةٍ على ابنَيْ هارون، فاستعجلا فأَسْرَجا القناديلَ بنار أهل الدنيا، فلمّا جاءت النار أكلت ابْنَي هارُونَ، فصرخ الصّارخُ إلى موسى عليه السلام، فجاء موسى يدعو ربَّه ويقول: يا رَبِّ! ابنا هارونَ أخي، قد عرفتَ مكانَهما مِنِّي، فأوحى اللَّه تعالى إليه:"يا ابنَ عِمران: هكذا أفعل بأوليائي إذا عصَوْنِي، فكيف بأعدائي؟ "
(2)
.
قوله: {فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ. . . . (28)} الآيةَ. ومحَلُّ "مَنْ": رفْعٌ بالعطف على "أنت"
(3)
، ومحَلُّ "أنت": رفعٌ؛ لأنَّهُ بدلٌ من التاء في قوله: {اسْتَوَيْتَ} ، ومحَلُّ التاء: رفعٌ لأنه فاعل.
قوله تعالى: {وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا} قرأه العامّةُ بضمِّ الميم وفتح الزاي على المصدر؛ أي: إنزالًا مباركًا، وقَرأ أبو بكرٍ
(4)
بفتح الميم وكسرِ الزاي يريد: مَوضِعًا. {وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ (29)} قال ابن عباس: يريد: من السفينة، ولذلك قيل له:{اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ}
(5)
، وهذا جوابُ دعائه.
(1)
الحُبُورةُ: العلم والحكمة، والحبورة أيضًا: رئاسة المذبح وبيت القربان.
(2)
ينظر: فيض القدير للمناوي 4/ 146، 147.
(3)
"مَنْ": معطوف على تاء الفاعل في "اسْتَوَيْتَ"، وليس معطوفًا على "أَنْتَ"؛ لأنَّهُ لا موضع له؛ فإنه ضمير منفصل جيء به لتوكيد الضمير المتصل، وهو تاء الفاعل في "اسْتَوَيْتَ"، ليصح العطف على هذا الضمير المتصل.
(4)
قرأ أبو بكر عن عاصم والمفضلُ وزر بن حبيش وأبو حيوة وابن أبِي عبلة وأبانٌ: {مِنْزِلا} بفتح الميم وكسر الزاي، وقرأ الباقون وحفص عن عاصم:{مُنْزَلًا} بضم الميم وفتح الزاي، ينظر: السبعة ص 445، الحجة للفارسي 3/ 181، تفسير القرطبي 12/ 120، التيسير ص 159، البحر المحيط 6/ 272، الإتحاف 2/ 283.
(5)
هود 48.
قوله تعالى: {أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ. . . (35)} الآيةَ. قال الزَّجّاج
(1)
: "أَنَّكُمْ": موضعُها نصبٌ على معنى: أيعِدُكم أنَّكم مُخرَجون إذا مِتُّمْ، فلمّا طال الكلام أُعيد ذِكر "أنّكم"، كما قال اللَّه تعالى:{أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ}
(2)
المعنى: فله نارُ جهنم.
وقوله: {هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ (36)} ؛ أي: بعيدٌ بعيدٌ لِما توعَدون، واختلفَ القُرّاءُ فيه، فقَرأَ أبو جعفرٍ
(3)
بكسرِ التاءِ فيهما، وقَرأَ نصرُ بنُ عاصم
(4)
بالضَّمِّ
(5)
، وقَرأَ أبو حَيْوةَ الشامي
(6)
بالضمِّ والتنوين
(7)
، وقَرأَ الباقونَ بالنَّصبِ من غير تنوين، وكلُّها لغاتٌ صحيحة، فمَن نَصَب جَعَله مثلَ "أَيْنَ" و"كَيْفَ"
(8)
.
(1)
معاني القرآن وإعرابه 4/ 11، وينظر رَدُّ الفارسي عليه في الإغفال 1/ 448 وما بعدها، والمسائل البصريات 1/ 688 وما بعدها، والمسائل المنثورة ص 181، 182.
(2)
التوبة 63.
(3)
وهي أيضًا قراءة شيبة وعيسى بن عمر، ينظر: مختصر ابن خالويه ص 99، 100، المحتسب 2/ 90، تفسير القرطبي 12/ 122، البحر المحيط 6/ 374، الإتحاف 2/ 284.
(4)
نصر بن عاصم بن سعيد الليثي، من فقهاء التابعين وأول من نقط المصاحف ومن أوائل واضعي النحو، أخذ عنه أبو عمرو بن العلاء، توفِّي بالبصرة سنة (89 هـ). [إنباه الرواة 3/ 343، غاية النهاية 2/ 336، الأعلام 8/ 24].
(5)
وهي أيضًا قراءة أبي حيوة وأبي العالية، ينظر: مختصر ابن خالويه ص 99، تفسير القرطبي 12/ 122، البحر المحيط 6/ 374.
(6)
هو شريح بن يزيد الحضرمي من أهل حمص مقرئ أهل الشام محدث ثقة، روى عنه البخاري وأبو داود، روى عن الكسائي قراءته، له قراءة شاذة، توفِّي سنة (203 هـ). [غاية النهاية 1/ 325، تهذيب التهذيب 4/ 291].
(7)
وهي قراءة الأحمر أيضًا، ينظر: مختصر ابن خالويه ص 99، المحتسب 2/ 90، تفسير القرطبي 12/ 122، البحر المحيط 6/ 347.
(8)
يعني أن فتح التاء في "هيهاتَ" سببه التقاء الساكنين، قال سيبويه: "وسألت الخليل عن =
وقيل
(1)
: لأنّهما أداتانِ جُمِعَتا، فصارتا مثلَ: خمسةَ عشَرَ وبَعْلَبَكَّ ونحوِهما، وقال الفَرّاء
(2)
: نصبُهما كنَصْب قولك: ثُمَّتَ ورُبَّتَ.
ومَن رَفَع جعله مثلَ "مُنْذُ" و"قَطُّ" و"حَيْثُ"
(3)
، ومَن كَسَرَ جعله مثلَ "أَمْسِ" و"هَؤُلاءِ"
(4)
، قال الشاعر:
26 -
تَذَكَّرْتُ أَيَّامًا مَضَيْنَ مِنَ الصِّبا
…
وَهَيْهاتِ هَيْهاتٌ إِلَيْكَ رُجُوعُها
(5)
وقال آخر:
27 -
لقَدْ باعَدَتْ أُمُّ الحُمارِسِ دارَها
…
وهَيْهاتِ مِنْ أُمِّ الحُمارِسِ هَيْهاتا
(6)
= شَتّانَ، فقال: فتحتها كفتحة هَيْهاةَ، وقصتها في غير المتمكن قصتها". الكتاب 3/ 239، وقال الزَّجّاج: "وتفسير قوله [يعني سيبويه] في شَتّانَ أن فتحة شَتّانَ بناء وقع لالتقاء الساكنين". ما ينصرف وما لا ينصرف ص 125، وينظر: المسائل العضديات ص 125، الصحاح 6/ 2258.
(1)
قاله الفراء والنحاس والفارسي، ينظر: معاني القرآن 2/ 235، إعراب القرآن 3/ 114، المسائل الحلبيات ص 309.
(2)
معاني القرآن 2/ 235، 236.
(3)
قاله الكسائي، ينظر: الكشف والبيان 7/ 47، تفسير القرطبي 12/ 123.
(4)
قال الأزهري: "ومن قال: هيهاتِ شَبَّهَهُ بِحَذامِ وقَطامِ". التهذيب 6/ 485.
(5)
البيت من الطويل، للأحوص الأنصاري، ورواية الديوان:"وهيهاتَ هيهاتًا".
التخريج: ديوانه ص 130، المذكر والمؤنث لابن الأنباري 1/ 187، الكشف والبيان 7/ 47، زاد المسير 5/ 472، عين المعاني ورقة 88/ أ، تفسير القرطبي 12/ 122، 123، اللسان: هيه.
(6)
البيت من الطويل، لم أقف على قائله.
اللغة: أم الحُمارِسِ: اسم امرأة، والحُمارِسُ: الشديد وهو اسم للأسد أو صفة غالبة له.
التخريج: الكشف والبيان 7/ 47، عين المعانِي ورقة 88/ أ.
وفي "هَيْهات" سبعُ لغات: هيهاتَ لك: بفتح التاء، وهيهاتِ لك: بخفض التاء، وهيهاتٍ لك: بالخَفْض والتنوين، وهيهاتُ لك: برفع التاء، وهيهاتٌ: بالرفع والتنوين، وهيهاتًا لك: بالنصب والتنوين، واللغة السابعة: أَيْهاتَ، وأنشَد الفَرّاء
(1)
:
28 -
فأَيْهاتَ أَيْهاتَ العَقِيقُ وَمَنْ بِهِ
…
وأَيْهاتَ وَصْلٌ بِالعَقِيقِ نُواصِلُهْ
(2)
بالنصب
(3)
.
و"هَيْهاتَ" من الأصوات بمنزِلة اسم الفعل، كشتّانَ، ولا محلَّ لها من الإعراب، ومعناه: بَعُدَ الأمرُ جدًّا
(4)
، وفاعله ضميرٌ فيه راجعٌ إلى قوله:
(1)
معانِي القرآن 2/ 235.
(2)
البيت من الطويل لجرير يرد على الفرزدق، والعقيق: وادٍ بالمدينة.
التخريج: ديوانه ص 965، شرح نقائض جرير والفرزدق ص 932، معاني القرآن وإعرابه 4/ 13، المسائل الحلبيات ص 241، الخصائص 3/ 42، شرح شواهد الإيضاح ص 143، شرح المفصل 4/ 35، عين المعانِي 88/ أ، اللسان: هيه، ارتشاف الضرب ص 2139، 2302، المقاصد النحوية 3/ 7، 4/ 311، همع الهوامع 3/ 99.
(3)
من أول قوله: "وفي هيهات سبع لغات" إلى هنا قاله ابن الأنباري في إيضاح الوقف والابتداء ص 299، وقد ذكر الصاغاني لـ "هيهات" سِتًّا وثلاثين لغة، ذكرها في التكملة والذيل والصلة 6/ 361.
(4)
ذهب المبرد والفارسي إلى أن "هيهات" ظرف، قال المبرد:"فأما "هيهات" فتأويلها: "في البُعْدِ"، وهي ظرف غير متمكن؛ لإبهامها، ولأنها بمنزلة الأصوات". المقتضب 3/ 182، وقال ابن جني:"وكان أبو علي رحمه الله يقول في "هيهات": أنا أُفتي مَرّةً بكونها اسمًا سُمِّيَ به الفعلُ كصَهْ ومَهْ، وأفتي مرة بكونها ظرفًا، على قدر ما يحضرني في الحال". الخصائص 1/ 206، وذهب الزَّجّاج والنحاس إلى أن "هيهات": اسمٌ ظاهرٌ بمعنى البعد، معاني القرآن وإعرابه 4/ 12، إعراب القرآن 3/ 114، وذهب الأنباري إلى أنه فعل ماض، =
{أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ} ؛ أي: بَعُدَ إِخْراجُكُمْ للوعد الذي توعَدون، وهو بعدَ الموت، والأصواتُ بمنزلة الفعل دون المصدر، لا حَظَّ لها من الإعراب كالفعل الماضي المُقْسَمِ به، وهو اسمٌ سُمِّيَ به الفعلُ وهو "بَعُدَ"، كما قالوا:"صَهْ" بمعنى: اسكُتْ، و"مَهْ" بمعنى: لا تفعَلْ، وليس له اشتقاق.
واختلفوا في الوقفِ عليها، فكان ابنُ كثيرٍ والكسائيُّ يقفان على "هَيْهاتَ" الثانِي بالهاء
(1)
، ووَقَف الباقونَ عليها بالتاء، وكذلك الفَرّاء
(2)
، ورُوِيَ عن أبِي عَمْرٍو بن العلاء أنه قال
(3)
: إذا وَقَفتَ فقُلْ: هَيْهاهْ بهاء، ويدلُّ على هذا ما رُوِيَ عن سيبوَيْه أنه قال: هي بمنزلة عَلْقاةَ
(4)
، يعني: في التأنيث، وإذا كان كذلك كان الوقفُ بالهاء.
قال الفَرّاء
(5)
: كان الكِسائيُّ يختارُ الوقفَ بالهاء، وأنا أختار التاءَ. وعندَه أنّ هذه التاءَ ليست بهاءِ التأنيث، ولا خلافَ في الأول أنه بالتاء.
= ينظر: البيان 2/ 184، وينظر تفصيل ذلك في كتاب: اسم الفعل في كلام العرب والقرآن الكريم للدكتور/ السيد محمد عبد المقصود ص 363.
(1)
ووقف على الثانِي بالهاء أيضًا البَزِّيُّ وقُنْبُلٌ ومجاهد وعيسى بن عمر، ووقف عليها الباقون بالتاء، وروي عن أبي عمرو أيضًا أنه كان يقف بالتاء، ينظر: معاني القرآن للفراء 2/ 236، الكشف عن وجوه القراءات 1/ 131، غيث النفع ص 195، القرطبي 12/ 123، التيسير ص 60.
(2)
معاني القرآن 2/ 236.
(3)
ينظر قوله في إيضاح الوقف والابتداء ص 298، تهذيب اللغة 6/ 484، الوسيط 3/ 289.
(4)
قال سيبويه: "وسألته [يعني يونس] عن هيهاتِ اسم رجل وهيهاةَ، فقال: أما من قال: هيهاةَ فهي عنده بمنزلة عَلْقاةَ، والدليل على ذلك أنهم يقولون في السكوت: هيهاهْ، ومن قال: هيهاتِ فهي عنده كَبَيْضاتٍ". الكتاب 3/ 291.
(5)
معاني القرآن 2/ 236.
و"هَيْهاتَ": كنايةٌ عن البعد، يقال: هَيْهاتَ ما قلتَ؛ أي: البعيدُ ما قلتَ، وهيهاتَ لِما قلت؛ أي: البُعْدُ لِما قلت
(1)
، وإنما أُدخلت اللام معَ هَيْهاتَ في الاسم لأنَّها أداةٌ غير مشتقّةٍ من فعل، فأدخَلوا اللام معها في الاسم كما أدخلوها مع قولهم: هَلُمَّ لَكَ
(2)
.
قوله تعالى: {قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ} ؛ أي: عن قليلٍ، و"ما": صلةٌ لتقليل الفعل، نحو: سَبَبُ ما؛ أي: سَبَبُ وإن قَلَّ، وقوله {لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ (40)} يعني: على تكذيبهم وكفرِهم، واللام: لامُ جوابِ القسم المضمَر، تقديره: واللَّه لَيُصبِحُنَّ نادمينَ، والنُّون: تأكيدٌ لفعل جماعة الرجال، ولهذا ضَمَمتَ ما قبل النون.
{فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ} يعنِي: صيحةَ العذاب، صاح بهم جِبْرِيلُ صيحةً واحدة، فماتوا عن آخِرِهِمْ، وقوله:{بِالْحَقِّ} ؛ أي: باستحقاقِهم العذابَ بكفرِهم، {فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً}؛ أي: هَلْكَى كالغُثاء، قال الشاعر:
29 -
وإِنَّما أَوْلادُنا بَيْنَنا
…
أَكْبادُنا تَمْشِي عَلَى الأَرْضِ
(3)
(1)
قال النحاس: "العرب تقول: هيهاتَ هيهاتَ لما قلت، وهيهات ما قلت، فمن قال: هيهات لما قلت فتقديره: البعد لما قلت، ومن قال: هيهات ما قلت فتقديره: البعيد ما قلت". معاني القرآن 456، 457.
(2)
قاله الفراء في معاني القرآن 2/ 235، وينظر: معاني القراءات 2/ 194.
(3)
البيت من السريع، لِحِطّانَ بنِ المُعَلَّى، وفِي العقد الفريد: المُعَلَّى الطائي، وقال المرزوقي:"خَطّابُ بنُ المُعَلَّى".
التخريج: عيون الأخبار 3/ 95، العقد الفريد 2/ 438، أمالي القالي 2/ 189، شرح الحماسة للتبريزي 1/ 153، شرح الحماسة للمرزوقي ص 288 المحاسن والمساوئ ص 546، المناقب والمثالب ص 352، بهجة المجالس 1/ 767، عين المعاني ورقة 88/ أ، الحماسة البصرية ص 769، محاضرات الأدباء 1/ 321، الدر المصون 6/ 291، اللباب في علوم الكتاب 18/ 558.
أي: كأكبادِنا، والغُثاء: هو ما يَحْمِلُ السَّيْلُ من نباتٍ قد يَبِسَ، وكلُّ ما يحمله السيلُ على رأس الماء من قَصَبٍ وحشيشٍ وعِيدانِ شجر فهو غُثاء، والمعنى: صَيَّرْناهُمْ هَلْكَى فيَبِسُوا كما يَيْبَسُ الغُثاء من نبتِ الأرض فهُمِدوا، {فَبُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (41)}: نصب على المصدر؛ أي: أبعدَهم اللَّه بُعْدًا من الرحمة.
قوله تعالى: {مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا} "مِنْ" صلةٌ {وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ (43) ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى} يعني: متَرادِفينَ يتبَعُ بعضُهم بعضًا. قَرأَ أبو جعفرٍ وابنُ كثير وأبو عَمْرو
(1)
: {تَتْرًى} بالتنوين، على تَوَهُّمِ أنَّ الياءَ أصلية، كما قيل: مِعْزَى -بالياء- ومِعْزًى، فأُجرِيت أحيانًا، وتُرِكَ إجراؤُها أحيانًا
(2)
، وقرأ الباقون بغير تنوين مثل: غَضْبَى وسَكْرَى، وهو اسم جمع مثل شَتَّى، وأَمالَهُ حمزةُ والكسائيُّ، وقِرأِ وَرْشٌ بينِ اللَّفظين، وفَتَحه الباقون
(3)
.
ومن نَوَّنَ وَقَفَ عليها بالألف عِوَضًا من التنوين، ومن لم يُنَوِّنْ وقف عليها بالياء
(4)
، ويقال: ليست بياءٍ ولكنّها ألفٌ مُمالة، وأصله: وَتْرَى على
(1)
وقد قرأ بالتنوين أيضًا اليزيديُّ وقتادةُ وشيبةُ وابنُ محيصن والشافعيُّ والأعرجُ، ينظر: السبعة ص 446، إعراب القراءات السبع 2/ 89، تفسير القرطبي 12/ 125، البحر المحيط 6/ 376، الإتحاف 2/ 284، 285.
(2)
والألف في "مِعْزًى" للإلحاق، وأجاز سيبويه في {تَتْرَى} أن تكون ألفها للإلحاق وأن تكون للتأنيث، فقال:"وكذلك {تَتْرَى} فيها لغتان، وأما مِعْزًى فليس فيها إلّا لغة واحدة: تُنَوَّنُ في النكرة". الكتاب 3/ 211، وينظر: معاني القرآن للفراء 2/ 236، المقتضب 3/ 338، تهذيب اللغة 14/ 311، الصحاح 2/ 843، المخصص 13/ 150.
(3)
قرأ خلف بالإمالة أيضًا، وقرأ الأزرق أيضًا بين اللفظين، ينظر: السبعة ص 446، تفسير القرطبي 12/ 125.
(4)
ينظر: إعراب القراءات السبع 2/ 89، 90، معاني القراءات 2/ 190 - 192، الحجة للفارسي 3/ 182، 183.
"فَعْلَى": من المواترة، فأُبدِلت الواو تاءً مثلَ: التقوى والشكوى، كما أُبْدِلَتْ في تُراثٍ وتُجاهٍ.
ويجوزُ في قول الفَرّاء
(1)
أن تقولَ في الرَّفع: تَتْرٌ، وفي الخَفْض: تَتْرٍ، وفي النصب: تَتْرًا، وتكون الألفُ بدلًا من التنوين، فمن نَوَّنَ جَعَله ملحَقًا بجعفر بوزن فَعْلَل، ومن لم يُنَوِّنْ جَعَلها للتأنيث مثلَ: سَكْرَى، فإذا سَمَّيْتَ بـ "تَتْرًى" على مَنْ نَوَّنَ لم تَصرِفْ في المعرفة وصَرَفْتَ في النكرة، وإن سَمَّيْتَ على الوجه الآخَر لم تَصرِفْ في معرفةٍ ولا نكرة
(2)
، وهو في موضع نَصْب على الحال، أو على [صفةِ] المصدر.
قال المبرّد
(3)
: من قَرأ: {تَتْرَى} فهو مثلُ: شكَوْتُ شكوى، ومن قَرأ:{تترًى} فهو مثلُ: شكَوْت شَكْوًى، وعلى القراءتَيْنِ جميعًا التاءُ الأولى بدلٌ من الواو. وأصلها:"وَتْرَى"، و"وَتْرَى": مصدرٌ أو اسم أُقِيمَ مُقامَ الحال؛ لأنّ المعنى: متواترة.
وقوله: {كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضًا} يريد بالهلاك؛ أي: أهلكنا بعضَهم في إثرِ بعض، {وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ} يعني: مَثَلًا يَتَحدَّث به الناسُ، وهي جَمْع أُحْدُوثةٍ، ويجوز أن يكونَ جَمْعَ حَدِيثٍ
(4)
، قال
(1)
قال الفراء: "ومنهم من نَوَّنَ فيها، وجعلها أَلِفًا كأَلِفِ الإعراب، فصارت في تَغَيُّرِ واوِها بمنزلة: التُراثِ والتُجاهِ". معاني القرآن 2/ 236.
(2)
من أول قوله: "فمَنْ نَوَّنَ جعله ملحقًا بجعفر" إلى هنا قاله طاهر بن أحمد بنصه في شرح الجمل 1/ 343.
(3)
ينظر قول المبرد في معاني القراءات للأزهري 2/ 190، تهذيب اللغة 14/ 311، الوسيط 3/ 290.
(4)
ذكره سيبويه في باب ما جاء بِناءُ جَمْعِهِ على غير ما يكون في مثله، فقال: "ومثل ذلك: =
الأخفَش
(1)
: إنّما يقال هذا في الشرِّ، وأمّا في الخير فلا يقال: جعلناهم أحاديثَ وأُحدوثةً، وإنّما يقال: صار فلانٌ حديثًا. وقوله: {فَبُعْدًا لِقَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ (44)} ؛ أي: يُصدِّقون، ونَصْب {فَبُعْدًا}: على المصدر، وقد تقدم نظيره
(2)
.
قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً} ؛ أي: دِلالةً على قُدرتنا، وكان حقُّه أن يقول: آيتَيْن، واختلف النُّحاة في ذلك، فقال بعضُهم: معناه: وجعَلْنا كلَّ واحدٍ منهما آيةً، كما قال تعالى:{كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا}
(3)
؛ أي: آتتْ كُلُّ واحدةٍ منهما أُكُلَها، وقال تعالى:{إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ}
(4)
ولم يقُلْ: أَرْجاسٌ، وقال بعضُهم: معناه: جعَلْنا شأنَهما واحدًا؛ لأنّ عيسى عليه السلام وُلِدَ من غير أَبٍ، وأمُّهُ وَلَدَتْهُ من غير مَسِيسِ ذَكَرٍ، وقيل: إنه لم يُثَنِّ {آيَةً} لأنها مصدر، وقيل: إن الآيةَ لهما واحدةٌ، وقيل: معناه: جعلناه آيةً وأُمَّهُ آيةً، فاكتفى بأحدهما، وقيل: هو على التقديم؛ أي: جعلناهُ آيةً وأُمَّه، وقد تقدَّم نظيرُها في سورة الأنبياء
(5)
.
قوله: {وَآوَيْنَاهُمَا} ؛ أي: جعلناهما يَأْويانِ: يَرجِعان {إِلَى رَبْوَةٍ} وهي
= حديث وأحاديث، وعَرُوض وأَعارِيض، وقَطِيعٍ وأَقاطِيع؛ لأن هذا لو كَسَّرْتَهُ، إِذْ كانت عِدّةُ حروفه أربعةَ أحرفٍ بالزيادة التي فيها، لكانت فعائِلَ". الكتاب 3/ 616، وقال الجوهري: "قال الفراء: نُرَى أن واحد الأحاديث أحدوثة، ثم جعلوه جمعًا للحديث". الصحاح 1/ 278، وقال الأزهري: "قلتُ: واحد الأحاديث أحدوثة". "التهذيب": "حدث" 4/ 405.
(1)
ينظر قوله في الكشف والبيان 7/ 47، تفسير القرطبي 12/ 125، البحر المحيط 6/ 376، الدر المصون 5/ 189.
(2)
يشير إلى قوله تعالى: {فَبُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} . المؤمنون 41، وانظر ما سبق 1/ 285.
(3)
الكهف 50.
(4)
المائدة 90.
(5)
ينظر ما سبق في الآية 91 من سورة الأنبياء 1/ 207.
المكانُ المرتفع من الأرض، قيل: هي دمشقُ، وقيل: بيتُ المقدِس، وهو أقربُ الأرض إلى السماء بثمانيةَ عشَرَ ميلًا، وقيل: إنّها أرضُ فِلَسطين. وقَرأَ عاصمٌ وابنُ عامر
(1)
: {رَبْوَةٍ} بفتح الراء، والباقون بضمِّها، وقوله:{ذَاتِ قَرَارٍ} ؛ أي: مستويةٍ يَسْتَقِرُّ عليها ساكنوها، والمعنى: ذاتِ موضعٍ قَرارٍ {وَمَعِينٍ (50)} يعني: الماءَ الجاريَ الظاهرَ الذي تراه العيون.
قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ} يعني محمدًا صلى الله عليه وسلم وحده، على مذهب العرب في مخاطبة الواحد مخاطبةَ الجمع
(2)
، ويتضمن هذا أن الرسل جميعًا كذا أُمِرُوا
(3)
، وقوله:{كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ} يعني: من الحلال الطيب {وَاعْمَلُوا صَالِحًا} ؛ أي: كما أمَرَكم اللَّه به، أطيعوه في أمرِه ونَهْيه {إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (51)} لايَخْفَى عَلَيَّ شيءٌ من أعمالكم.
قوله: {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً} ؛ أي: مِلَّتُكُمْ مِلّةً واحدةً، وهي دِينُ الإسلام، قَرأَ أهل الكوفة:{وَإِنَّ} بكسر الألف: على الابتداء، وقَرأَ ابنُ عامر بفتح الألف وتخفيف النون، جعل {أنْ} صلة، مجازه: وهذه أمتكم
(4)
، وقرأ
(1)
وهي أيضًا قراءة الحسن والسلمي، وفيها قراءات أخرى، ينظر: السبعة ص 446، مختصر ابن خالويه ص 100، إعراب القراءات السبع 1/ 98، 99، 2/ 91، التيسير ص 83، البحر المحيط 6/ 377.
(2)
قاله الفراء في معاني القرآن 2/ 237، وابن قتيبة في تفسير غريب القرآن ص 297.
(3)
قاله الزجاج في معاني القرآن وإعرابه 4/ 15.
(4)
ويجوز أن تكون "أَنْ" المخففة عاملة، و"هذه" اسمها، قال الأزهري:"وأما قراءة ابن عامر: {وَإِنَّ هَذِهِ} بفتح الألف ساكنة النون، فإنه خَفَّفَ النونَ وَأَعْمَلَها، فجُعِلَ "هَذِهِ" في موضع النصب، وجائز أن يُجْعَلَ "هَذِهِ" في موضع الرفع إذا خُفِّفَ "أَنْ"، معاني القراءات 2/ 191، وينظر: الحجة للفارسي 3/ 183.
الباقون بفتح الألف وتشديد النون
(1)
على معنى: وبأنَّ هذه أمتكم، ويجوز أن يكون نصبًا بإضمار فعل؛ أي: واعلموا أن هذه أمتكم أمة واحدة
(2)
.
قال الواحدي
(3)
: {إِنَّ} في قراءة مَن فَتَح الألفَ: محمولةٌ على الجارِّ في قول الخليل وسيبوَيْه
(4)
، التقديرُ: ولأنّ هذه أمّتُكم أمةً واحدةً، {وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ (52)} ، ومَن قَرأَ بالتخفيف، فـ {أَنْ} هي: المخفَّفة من المشدَّدة كقوله تعالى: {وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}
(5)
، ومَن كسر مع التشديد فهو على الاستئناف
(6)
.
ونَصْب {أُمَّةً وَاحِدَةً} على الحال والقطع، ويجوزُ الرَّفعُ
(7)
من ثلاثة
(1)
ينظر: السبعة ص 446، إعراب القراءات السبع 2/ 92، حجة القراءات لأبي زرعة ص 488، التيسير للدانِي ص 159، البحر المحيط 6/ 377، الإتحاف 2/ 285.
(2)
ينظر في هذين الوجهين: معاني القرآن للفراء 2/ 237، إعراب القرآن 3/ 116، إعراب القراءات السبع وعللها 2/ 91، 92، معاني القراءات 2/ 191، الحجة للفارسي 3/ 183.
(3)
هو: علي بن أحمد بن محمد أبو الحسن النيسابوري الواحدي، مفسر نحوي لغوي فقيه إخباري، أصله من ساوةَ، مولده بنيسابور، وتوفِّي بها سنة (468 هـ)، من كتبه: الوجيز والوسيط والبسيط في التفسير، أسباب النزول، شرح ديوان المتنبي. [غاية النهاية 1/ 523، طبقات المفسرين للداودي 1/ 394، الأعلام 4/ 255].
(4)
قال سيبويه: "وسألت الخليل عن قوله -جَلَّ ذِكْرُهُ-: {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ} فقال: إنما هو على حذف اللام، كأنه قال: وَلأَنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمّةً واحِدةً وَأَنا رَبُّكُمْ فاتَّقُونِ، وقال: ونظيرها: {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ}؛ لأنَّهُ إنما هو: لِذَلِكَ فَلْيَعْبُدُوا، فإن حذفت اللام من "أَنْ" فهو نصب". الكتاب 3/ 126، 127.
(5)
يونس 10.
(6)
انتهى كلام الواحدي، وهو في الوسيط 3/ 292.
(7)
وبالرفع قرأ الحسنُ وابنُ أبي إسحاق وأبو حيوة وابنُ أبِي عبلة والجعفيُّ، وأبو عمرو في رواية هارون عنه، والزعفرانِيُّ والأشهبُ، ينظر: معاني القرآن للفراء 2/ 201، إعراب =
أوجه: على إضمارِ مبتدأٍ، وعلى البدَل، وعلى خبرٍ بعدَ خبر.
قوله تعالى: {فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا} قَرأَ العامّةُ بضمِّ الباء، يعني: كُتُبًا، جمع زَبُورٍ، يعني: أنّ كلَّ فريق منهم دانَ بكتاب غيرِ الكتاب الذي دانَ به الآخرُ، وقيل: معناه: فتفرَّقوا دِينَهُمْ بينَهم كُتبا أحدثوها يحتجُّون بها لمذاهبهم، وهو قولُ مجاهدٍ وقَتادة وابنِ زيد.
وقَرأَ بعض أهل الشام بفتح الباء
(1)
؛ أي: قِطَعًا كقِطَعِ الحديد، قال اللَّه تعالى:{آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ}
(2)
واحدتُها: زُبْرةٌ
(3)
، وقال المبرّد
(4)
: يعني: فِرَقًا وقِطَعًا مختلفةً، واحدتها: زَبُورٌ، وهي الفِرقة والطائفة، ومثلُه: الزُّبْرةُ وجمعها: زُبَرٌ.
وهو نصبٌ على الحال، وقيل: على التفسير، والمعنى: مِثْلَ زُبُرٍ
(5)
، و {أَمَرَهُمْ}: نصبٌ على المفعول، وقيل: بنَزْع حرفِ الصِّفة تقديرُه: في أمرِهم.
قال الكلبي: يعني بالآية مشركي العرب واليهودَ والنصارى تفَرَّقوا أحزابًا،
= القرآن للنحاس 3/ 79، المحتسب 2/ 65، وينظر في توجيه الرفع ما سبق في الآية 92 من سورة الأنبياء 1/ 207.
(1)
قرأ بفتح الباء ابنُ عامر، وأبو عمرو في رواية عنه، والأعمشُ، ينظر: مختصر ابن خالويه ص 101، مفاتيح الغيب 23/ 105، تفسير القرطبي 12/ 130.
(2)
الكهف 96.
(3)
قاله الفراء وأبو عبيدة وابن قتيبة، ينظر: معاني القرآن للفراء 2/ 237، 238، مجاز القرآن 2/ 60، غريب القرآن لابن قتيبة ص 298.
(4)
ينظر قوله في الوسيط للواحدي 3/ 292، فتح القدير للشوكانِي 3/ 486.
(5)
قال النحاس: "نصب على الحال، والمعنى: مثل زُبُرٍ". إعراب القرآن 3/ 116، وينظر: مشكل إعراب القرآن 2/ 111.
{كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ} ؛ أي: عندَهم {فَرِحُونَ (53)} ؛ أي: راضون يرَوْنَ أنهم على الحق.
قوله تعالى: {أُولَئِكَ} يعني: الذين هم من خَشْية ربِّهم مُشفِقون، وما بعدها من الآيات {يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ}؛ أي: يبادرون في الأعمال الصالحة {وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ (61)} يعني: وهم إليها سابقون، قاله الفَرّاءُ
(1)
والزَّجّاج
(2)
كقوله تعالى: {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا}
(3)
(4)
ونحوهما.
قوله تعالى: {قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ} يعني: القرآن {فَكُنْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنْكِصُونَ (66)} تتأخَّرون عن الإيمان {مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ} الكنايةُ تعود إلى البيتِ أو الحَرَمِ أو البلدِ مكةَ في قول الجميع، وهو كنايةٌ عن غيرِ مذكور، والمعنى: مستكبِرينَ بالبيتِ والحَرَمِ؛ لأَمْنِهِمْ فيه معَ خوفِ سائرِ الناس في مواطنِهم، يقولون: نحن أهلُ الحرم فلا نخاف.
وقوله: {سَامِرًا تَهْجُرُونَ (67)} يجوز أن يكونَ من الهِجْرانِ، والمعنى: تَهْجُرُونَ القرآنَ وترفضونه ولا تلتفتون إليه ولا تنقادون له، ويجوزُ أن يكونَ من الهُجْرِ، وهو: القولُ القبيح
(5)
، يقال: هَجَرَ يَهْجُرُ هُجْرًا
(6)
: إذا قال غيرَ
(1)
معاني القرآن 2/ 238.
(2)
معاني القرآن وإعرابه 4/ 17.
(3)
المجادلة 3.
(4)
المجادلة 8.
(5)
ينظر في هذا المعنى: معاني القرآن للفراء 2/ 239، معاني القراءات 2/ 192، 193، الحجة للفارسي 3/ 184.
(6)
الذي ورد في المعاجم في هذا المعنى: أَهْجَرَ يُهْجِرُ إِهْجارًا وهُجْرًا، فالإهْجارُ مصدر، والهُجْرُ: اسم مصدر، ينظر:"التهذيب" 6/ 41، الصحاح 2/ 851، اللسان: هجر، وهذا ما سيذكره المؤلف نفسه بعد قليل.
الحق، والمعنى: أنهم كانوا يَسْمُرُونَ في مجالسهم حولَ البيت.
والسّامِرُ: هو الذي يَسْمُرُ بالليل، وجَمْعُه: سُمّارٌ وسُمَّرٌ، ووَحَّدَ {سَمِرًا} وهو بمعنى السُّمّارِ لأنَّهُ وقع موقعَ الوقت، أراد به: تَهْجُرُونَ لَيْلًا
(1)
، وقيل
(2)
: وَحَّدَه ومعناه: الجَمْع، كما قال تعالى:{ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا}
(3)
ونحوه، ويقال
(4)
: قَوْمٌ سامِرٌ ورَجُلٌ سامِرٌ مثل: قَوْمٌ زَوْرٌ، ونصب {مُسْتَكْبِرِينَ} و {سَمِرًا}: على الحال.
وقوله: {تَهْجُرُونَ} قرأ نافعٌ وابنُ عباس ومجاهدٌ بضمِّ التاء وكسر الجيم
(5)
؛ أي: تُفْحِشُونَ وتقولون الخَنا، يقال: أَهْجَرَ الرَّجُلُ في كلامه؛ أي: أَفْحَشَ، قيل: إنّ كفّارَ مكةَ كانوا يسُبُّونَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم والقرآنَ والإيمان.
ويقال أيضًا في هذا المعنى: أَهْجَر إهجارًا: إذا أفحَش في مَنْطِقِهِ، يقال: قد أَهْجَر الرجل في مَنْطِقِهِ، قال الكُمَيت
(6)
:
(1)
قاله الطبري والثعلبي، ينظر: جامع البيان 18/ 51، الكشف والبيان 7/ 52، وينظر: تفسير القرطبي 12/ 137.
(2)
قاله أبو عبيدة والزجاج، ينظر: مجاز القرآن 2/ 60، معاني القرآن وإعرابه 4/ 18، وينظر أيضًا: الكشف والبيان 7/ 52.
(3)
غافر 67.
(4)
يعني أن {سَمِرًا} مصدر، قاله ثعلب في مجالسه ص 77، وينظر: التبيان للعكبري ص 958.
(5)
وهي أيضًا قراءة ابن محيصن وحميد، وقرأ ابن مسعود وابن عباس أيضًا وزيد بن عَلِيٍّ وغيرهم:{تُهَجِّرُونَ} بضم التاء وكسر الجيم المشددة، ينظر: السبعة ص 446، الكشف لمكي 2/ 129، مختصر ابن خالويه ص 100، المحتسب 2/ 96، 97، القرطبي 12/ 137، البحر 6/ 381، الإتحاف 2/ 286.
(6)
الكميت بن زيد بن خنيس الأسدي شاعر الهاشميين، كان عالمًا بآداب العرب ولغاتها وأخبارها وأنسابها، كثير المدح لبني هاشم، كان فقيه الشيعة، فارسًا شجاعًا، أشهر شعره =
30 -
وَلا أَشْهَدُ الهُجْرَ والقائِلِيهِ
…
إِذا هُمْ بِهَيْنَمةٍ هَيْنَمُوا
(1)
وقرأ الباقونَ بفتح التاء وضمِّ الجيم؛ أي: تقولون ما لا تعلمون، من قولهم: هَجَرَ الرَّجُلُ في منامه: إذا هَذَى
(2)
، قال الشاعر:
31 -
أُحِبُّ الفَتَى يَنْفِي الفَواحِشَ سَمْعُهُ
…
كَأَنَّ بِهِ مِنْ كُلُّ فاحِشةٍ وَقْرا
سَلِيمَ دَواعِي الصَّدْرِ لا باسِطًا أَذًى
…
وَلا مانِعًا خَيْرًا وَلا قائِلًا هُجْرا
(3)
فالهُجْرُ -بالضم-: الهَذَيان، والهَجْرُ -بالفتح-: التَّرْكُ والإعراض
(4)
،
= الهاشميات، توفِّي سنة (126 هـ). [الشعر والشعراء ص 585، معجم الشعراء ص 238، الأعلام 5/ 233].
(1)
البيت من المتقارب، ورواية الديوان:"هَتْمَلُوا" بدل "هينموا".
اللغة: الهَيْنَمةُ والْهَتْمَلةُ: الكلام الخفيُّ الذي لا يُفْهَمُ، وكذلك الْهَتْلَمةُ.
التخريج: ديوانه 2/ 345، الزاهر 1/ 363، تهذيب اللغة 6/ 328، 530، مقاييس اللغة 6/ 70، غريب الحديث للهروي 1/ 260، اللسان: هتمل، هنم، التاج: هتمل، هنم.
(2)
قاله الفراء والنحاس، ينظر: معاني القرآن للفراء 2/ 239، معاني القرآن للنحاس 4/ 476.
(3)
البيتان من الطويل لأبي العتاهية، ويُنْشَدانِ لسالِمِ بن وابصة برواية:"سليمُ. . . لا باسطٌ. . . ولا مانعٌ. . . ولا قائلٌ" بالرَّفع فيها، وأنشدهما الجاحظ لامرأة من باهلة.
اللغة: الوقر: ثقل في الأذن، وقيل؛ هو أن يذهب السمع كله، بَسَطَ أَذاهُ: مَدَّهُ، وهو مجاز، الهجر: الكلام القبيح.
التخريج: ديوان أبي العتاهية ص 185، الحيوان 7/ 163، أدب الدنيا والدين ص 221، المختار من شعر بشار ص 192، شرح الحماسة للتبريزي 3/ 85، 86، شرح الحماسة للمرزوقي ص 1142، أمالي القالي 2/ 224، التذكرة الحمدونية 4/ 366، عين المعاني ورقة 88/ ب، الحماسة البصرية ص 984.
(4)
الهَجْرُ -بالفتح- يأتي بمعنى التَّرْكِ ويأتي بمعنى الهذيان، قال الأزهري: "ورُويَ عن أبي سعيد الخدري أنه كان يقول لِبَنِيهِ: إذا طُفْتُمْ باللَّيْلِ فَلَا تَلْغُوا ولَا تَهْجُرُوا. قال أَبو عبيد: =
و {تُهَجِّرُونَ} بالتشديد: تُعْرِضُونَ إعراضًا بعد إعراض، و {تُهْجِرُونَ} بالتخفيف من الهُجْرِ، وهو الإفحاش في المنطق.
قوله تعالى: {أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجًا} ؛ أي: أجرًا وجُعْلًا علي ما جئتَهم به من الإيمان والقرآن {فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ} ؛ أي: ما يعطيك اللَّهُ من أجر وثواب، ورِزْقُهُ خيرٌ لك {وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (72)} أفضلُ مَنْ أَعْطَى، قَرأَ ابنُ عامر:{خَرْجًا فَخَرَاجُ رَبِّكَ} بغير ألفٍ فيهما، وقَرأَ حمزةُ والكسائي:{خَراجًا} بألفٍ فيهما، وقَرأ الباقون:{خَرْجًا} بغير ألفٍ {فَخَرَاجُ} بالألف
(1)
.
وأصلُ الخَرْجِ والخَراجِ: الغَلّةُ والضّريبةُ والإِتاوةُ، كخَراجِ العبد والأرض، قال النَّضر بن شُمَيْلٍ
(2)
: سألتُ أبا عَمْرِو بن العلاء عن الفَرْق بين الخَراجِ والخَرْجِ، فقال: الخَراجُ: ما لَزِمَكَ ووَجَبَ عليك أداؤُهُ، والخَرْجُ:
=معناه: لا تَهْذُوا، وهو مِثْلُ كلامِ الْمُبَرْسَمِ والْمَحْمُومِ، يقال: هَجَرَ يَهْجُرُ هَجْرًا". التهذيب 6/ 41، وأما الهُجْرُ فهو -كما سبق- اسم من: أَهْجَرَ يُهْجِرُ إِهْجارًا: إذا أَفْحَشَ في مَنْطِقِهِ.
(1)
قرأ ابن عامر والحسن وعيسى بن عمر وأبو حيوة: {خَرْجًا فَخَرْجُ} بغير ألف فيهما، وقرأ حمزة والكسائي وخلف والأعمش وابن وثاب:{خَراجًا فَخَرَاجُ} بألف فيهما، وقرأ الباقون:{خَرْجًا فَخَرَاجُ رَبِّكَ} ، ينظر: السبعة ص 447، الكشف لمكي 2/ 130، تفسير القرطبي 12/ 141، البحر المحيط 6/ 383، الإتحاف 2/ 286.
(2)
النضر بن شميل بن خرشة بن يزيد التميمي المازني، أبو الحسن البصري، أديب نحوي لغوي محدث فقيه، ولد بِمَرْوَ ونشأ بالبصرة وأخذ عن الخليل، وأقام بالبادية طويلًا، ثم عاد إلى مرو، وتوفِّي بها سنة (204 هـ)، من كتبه: غريب الحديث، الصفات. [إنباه الرواة 3/ 348 - 35 بغية الوعاة 2/ 316، الأعلام 8/ 33].
ما تَبَرَّعْتَ به من غير وجوب
(1)
، وقال البِيْوَرْدِيُّ
(2)
: الخَرْجُ: على الرُّؤُوسِ، والخَراجُ: على الأَرَضِينَ.
قوله تعالى: {قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ} ؛ أي: قلْ يا محمدُ لأهل مكة: {لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا} من الخَلْقِ {إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (84)} خالقَها ومالكَها {سَيَقُولُونَ لِلَّهِ} ؛ أي: يُقِرُّونَ بأنها مخلوقةٌ له {قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (85)} أن مَنْ قَدَرَ على خلق الأرض ومن فيها قادرٌ على إحياء الموتى.
وقوله: {سَيَقُولُونَ لِلَّهِ} لا خلافَ في الأول أنه {للَّهِ} ؛ لأنَّهُ مكتوبٌ في جميع المصاحف بغير ألف، وهو جوابٌ مطابقٌ للسؤال في قوله تعالى:{قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (84) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ} ، واختلفوا فيما بعده في الموضعَيْن، فقرأهما العامّة:{لِلَّهِ} ، وجعلوا الجوابَ على المعنى دون اللفظ، كقول القائل للرجل: مَن مَولاك؟ فيقول: لفلانٍ؛ أي: أنا لفلان، وهو مَوْلَايَ
(3)
، وَأُنْشِدَ في المعنى:
32 -
وَأَعْلَمُ أَنَّنِي سَأَكُونُ رَمْسًا
…
إِذا سارَ النَّواعِجُ لا يَسِيرُ
فَقالَ السّائِلُونَ: لِمَنْ حَفَرْتُمْ؟
…
فَقالَ المُخْبِرُونَ لَهُمْ: وَزِيرُ
(4)
(1)
ينظر قول النضر بن شميل في الكشف والبيان 7/ 52، تفسير القرطبي 12/ 142، فتح القدير 3/ 492.
(2)
يعني أبا عُمَرَ الزاهدَ، ياقوتة الصراط ص 329.
(3)
قاله النحاس في معاني القرآن 4/ 481، 482، وينظر: حجة القراءات ص 490، 491، تفسير القرطبي 12/ 145.
(4)
البيتان من الوافر لبعض بني عامر واسمه وزير، وأنشدهما الجاحظ للوزيري، ويروى الأول:
. . . . . . . . سَأَصِيرُ رَسْمًا
…
إِذا انْتَجَعَ النَّواجِعُ لا أَسِيرُ =
فأجاب عن المخفوض بالمرفوع لأنّ معنى الكلام: فقال السائلون: مَنِ الميتُ؟ فقال المخبِرون: الميِّتُ وزيرٌ، فأجاب عن المعنى، وقال آخَر:
33 -
إِذا قِيلَ: مَنْ رَبُّ المَزالِفِ والقُرَى
…
وَرَبُّ الجِيادِ الجُرْدِ؟ قِيلَ: لِخالِدِ
(1)
وقال الأخفَش
(2)
: اللامُ زائدةٌ، يعني: اللَّهُ.
وقرأ أهلُ البصرة كلَيْهما: {اللَّهُ} بالألف
(3)
، وهو ظاهرٌ لا يحتاج إلى التأويل، فيُرْفَعُ على أنه خبرُ ابتداءٍ محذوف تقديره: سيقولون: هو اللَّهُ، وهو في مصاحفِ أهل الأمصار كلِّها:{للَّهِ. . . للَّهِ} إلّا في مصحفِ أهل البصرة، فإنه:{اللَّهُ. . . اللَّهُ} فجَرَى كُلٌّ على مصحفه.
= اللغة: رَمْسًا: مدفونًا، والرَّمْسُ: القبر إذا كان مستويًا مع الأرض، النواجع: جمع ناجعة وهم القوم يذهبون في طلب الكلأ في موضعه.
التخريج: معاني القرآن للفراء 1/ 170، 2/ 240، البيان والتبيين 3/ 184، أخبار أبي القاسم الزجاجي ص 153، اللامات للزجاجي ص 49، إعراب القراءات السبع 2/ 93، الكشف والبيان 7/ 54، أساس البلاغة: نجع، عين المعاني 88/ ب، تفسير القرطبي 1/ 136.
(1)
البيت من الطويل، لم أقف على قائله أو مناسبته.
اللغة: المزالف: القُرَى، وقيل: هي القرى التي بين البر والبحر، واحدتها: مَزْلَفةٌ، الجُرْدُ: جمع الأَجْرَدِ من الخيل، وهو القصير الشعرِ، وهو من علامات العتق والكرم فيها.
التخريج: الكشف والبيان 7/ 54، عين المعانِي 88/ ب، تفسير القرطبي 12/ 146، فتح القدير للشوكاني 3/ 496.
(2)
ينظر قوله في الكشف والبيان 7/ 54.
(3)
قرأ: {اللَّهُ. . . اللَّهُ} بالرفع في الموضعين ابنُ مسعود والحسن وأبو عمرو والجحدري وابن وثاب ونصر بن عاصم وأبو الأشهب ويعقوب واليزيدي، ينظر: السبعة ص 447، معاني القراءات 2/ 194، إعراب القراءات السبع 2/ 93، حجة القراءات ص 490، تفسير القرطبي 12/ 145، 164، البحر المحيط 6/ 386، الإتحاف 2/ 287.
قوله تعالى: {عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ (92)} قَرأَ ابنُ كثير وابن عامر وأبو عَمْرو وحفصٌ: {عَالِمِ} بالجرِّ على نعت {اللَّهِ} في قوله: {سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ} ، وقَرأَ غيرهم بالرَّفع
(1)
: على الابتداء، أو على خبرِ ابتداء، وإذا وَصَلَ خَفَضَ
(2)
.
قوله تعالى: {قُلْ رَبِّ} ؛ أي: يا رَبِّ {إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ (93)} يعني: من العذاب والنِّقمة، أراد: القتلَ ببدر {رَبِّ فَلَا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ} ؛ أي: معَ القوم {الظَّالِمِينَ (94)} ؛ أي: فلا تُهلِكْني بهلاكِهم، والفاءُ في قوله:{فَلَا} جواب لـ {إِمَّا} ؛ لأنه شرطٌ وجزاء
(3)
.
قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99)} يعني: الكافر؛ أي: ارْدُدْنِي إلى الدنيا، ولم يقل: ارْجِعْنِي وهو خِطابُ الواحدِ، قيل
(4)
: ذلك/ على التعظيم؛ لأنّ اللَّه تعالى يخبرُ عن نفسِه بما يُخْبَر به عن الجماعة،
(1)
قرأ بالرَّفع: نافعٌ وحمزة والكسائي، وعاصمٌ في رواية أبِي بكر عنه، وخلفٌ وأبو جعفر والحسن وابنُ أبِي عبلة وأبو حيوة والمُطَّوِّعِيُّ وأبو بَحْرِيّةَ، ينظر: السبعة ص 447، البحر المحيط 6/ 386، الإتحاف 2/ 287.
(2)
قال الثعلبي: "ورَوَى رُوَيْسٌ عن يعقوب، أنه كان إذا ابتدأ رَفَعَ، وإذا وَصَلَ خَفَضَ". الكشف والبيان 7/ 55، وينظر: عين المعاني ورقة 88/ ب.
(3)
"إِنْ": شرطية، و"ما": زائدة، و"تُرِيَنِّي": فعل الشرط، و"رَبِّ": نداء معترض بين الشرط وجوابه، وجواب الشرط:"فَلَا تَجْعَلْنِي"، ينظر: معانِي القرآن للفراء 2/ 241، معاني القرآن وإعرابه 4/ 21، إعراب القرآن للنحاس 3/ 121.
(4)
قاله الفراء وابن قتيبة والزَّجّاج والنحاس، ينظر: معاني القرآن للفراء 2/ 242، 243، تأويل مشكل القرآن ص 293، معاني القرآن وإعرابه 4/ 21، 22، إعراب القرآن للنحاس 3/ 122، معاني القرآن للنحاس 4/ 484.
كقوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ}
(1)
وأمثالِه، فخُوطِبَ على هذا كما ابْتُدِئَ بلفظِ التعظيم.
وقال بعضُهم
(2)
: هذه المسألة إنّما كانت منه للملائكة الذين يقبِضون روحَه، وإنما ابتدأ الكلامَ بخطاب اللَّه عليه السلام لأنه استغاث أولًا باللَّه تعالى، ثم رَجَع إلى مسألة الملائكة وطَلَب الرجوعَ إلى الدنيا.
قوله تعالى: {تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ} ؛ أي: تَسْفَعُ، ويقال: تَنْفَحُ بمعناه، إلا أنَّ {تَلْفَحُ} أبلغ بأسًا
(3)
، ومعنى {تَلْفَحُ}؛ أي: يصيبهم حَرُّها، واللَّفْحُ: الإحراق، يقال: لَفَحَتْهُ النارُ والسَّمُومُ: إذا أحرقتْهُ
(4)
، واللَّفْحُ أيضًا: الحرارة، والنَّفْحُ في الريح: الباردُ
(5)
.
وقوله: {وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ (104)} ؛ أي: عابسون، وهو ابتداء وخبر، ويجوز النَّصبُ في غير القرآنِ على الحال، والكُلُوحُ: بُدُوُّ الأسنان عند العُبُوسِ، وقال الزَّجّاج
(6)
: الكالحُ في كلام العرب: الذي قد تَشَمَّرَتْ شَفَتاهُ وبَدَتْ أسنانُهُ كما
(1)
ق 43.
(2)
قاله ابن جريج، واختاره الطبري، ينظر: جامع البيان 18/ 68، الكشف والبيان 7/ 56، تفسير القرطبي 12/ 149.
(3)
قاله الزَّجّاج والنحاس، ينظر: معاني القرآن وإعرابه 4/ 23، إعراب القرآن 3/ 123، وينظر أيضًا: التهذيب 5/ 73.
(4)
قاله الجوهري في الصحاح 1/ 401.
(5)
قال الأزهري: "قال ابن الأعرابِي: اللَّفْحُ: لكل حارٍّ، والنَّفْحُ: لكلِّ بارِدٍ". التهذيب 5/ 73، 112، وقال الجوهري:"قال الأصمعي: ما كان من الرياح لَفْحٌ فهو حَرٌّ، وما كان من الرياح نَفْحٌ فهو بَرْدٌ". الصحاح 1/ 401.
(6)
معاني القرآن وإعرابه 4/ 23 مع اختلاف كبير في الألفاظ، ولكن هذا الكلام بنصه للنحاس في إعراب القرآن 3/ 123، فيبدو أن المؤلف أخطأ في نسبة هذا النقل.
تُرَى رُؤُوسُ الغَنَمِ. وثَناياهُ خارجةٌ مِنْ فِيهِ، بين شفتَيْه أربعونَ
(1)
ذراعًا بذراع الرجل الطويل من الخَلْقِ الأول، كلُّ نابٍ له مثلُ جَبَلِ أُحُدٍ، وقد جاء في الحديث، عن أبي سعيدٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم بمعنى هذا، قال:"تَحْرِقُ أَحَدَهُمُ النّارُ، فتتقلَّص شفَتُه العليا، حتى تبلغَ وسَطَ رأسه، وتسترخيَ شفَتُه السُّفلى حتى تبلغَ سُرّتَه"
(2)
.
قوله تعالى: {إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي (109)} قال ابن عباس: يريد المهاجرين، والهاءُ في قوله:{إِنَّهُ} : عمادٌ، وتُسمَّى المجهولةَ أيضًا
(3)
، قال مجاهدٌ: هم: بلالٌ وخَبّابٌ وصُهَيْبٌ وعَمّارٌ وغيرهم من ضعفاءِ المسلمين، كان أبو جَهْل وأصحابه يَهْزَءُونَ بهم، فنزل قوله تعالى:{فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا (110)} .
قرأ أهلُ المدينة والكوفة إلّا عاصمًا بضمِّ السِّين، هاهنا وفي سورة {ص}
(4)
، وقرأ الباقونَ بكسرها
(5)
، قال الخليل وسيبوَيْه
(6)
: هما لغتانِ، مثل
(1)
في الأصل: "أربعين".
(2)
رواه الإمام أحمد في المسند 3/ 88، والترمذي في سننه 4/ 109 أبواب صفة جهنم: باب ما جاء في صفة طعام أهل النار، 5/ 10 أبواب تفسير القرآن: سورة المؤمنين، والحاكم في المستدرك 2/ 395 كتاب التفسير: سورة المؤمنون.
(3)
الهاء ضمير الشأن كما يسميها البصريون، وهو ما يعرف عند الكوفيين بالعماد أو المجهولة، ينظر: مصطلحات النحو الكوفي ص 47، 48، 66 - 71.
(4)
يعني قوله تعالى: {أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ} . ص 63.
(5)
قرأ: {سُخْرِيًّا} بالضم هنا وفي {ص} ابنُ مسعود ونافعٌ وحمزةُ والكسائيُّ وأبو جعفر وخلفٌ والأعمشُ وابنُ أبِي إسحاق والأعرجُ، وقرأ بالضم في {ص} فقط الحسنُ ومجاهد وشيبة والضحاك وابنُ وثاب، وعاصمٌ في رواية المفضل عنه، وقرأ الباقون بالكسر هنا وفي {ص} ، ينظر: السبعة ص 448، 556، إعراب القراءات السبع 2/ 95، الكشف عن وجوه القراءات 2/ 131، تفسير القرطبي 12/ 154، البحر المحيط 6/ 389، 7/ 389، الإتحاف 2/ 288، 424.
(6)
قول الخليل وسيبويه لم أقف عليه في الكتاب، وإنما حكاه عنهما الزجاج في معاني القرآن =
قول العرب: بحرٌ لُجِّيٌّ ولجِّيٌّ، ودُرِّيٌّ ودِرِّيٌّ، وكُرْسِيٌّ وكِرْسِيٌّ.
وقال الفَرّاء
(1)
والكسائي
(2)
: الكسرُ بمعنى: الاستهزاء بالقول، والضمُّ بمعنى: التسخير والاستعباد بالفعل. ولم يختلفوا في سورة الزُّخرف
(3)
أنه بالضمِّ؛ لأنه بمعنى: التسخير والاستعباد، [إلّا ما رُوي عن ابن مُحيصِن، أنه كَسَرَهُ]
(4)
قياسًا على سائره، وهو غير قَوِيٍّ، وعلى القراءتَيْنِ جميعًا هو مصدرٌ وُصِفَ به، ولذلك أفرد.
قوله تعالى: {إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا} على استهزائكم وأذاكم في الدُّنيا، والجزاء: مقابلة العمل بما يستحقُّ به عليه من ثواب أو عقاب، وقوله:{أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ (111)} ؛ أي: الناجون، وهو في موضع المفعول الثاني لـ "جَزَيْتُ"، والمعنى: جزَيتُهم اليومَ بِصَبْرِهِم الفوزَ.
قَرأَ حمزةُ والكسائيُّ والأعمش
(5)
: {إِنَّهُمْ} بكسر الألف: على
= وإعرابه 4/ 24، وينظر: معانِي القراءات للأزهري 2/ 197، الكشف والبيان 7/ 58، عين المعانِي ورقة 88/ ب، وهو قول الفراء والكسائي أيضًا كما في معاني القرآن للفراء 2/ 243، وإعراب القرآن للنحاس 3/ 124، ومعاني القراءات 2/ 197، وشمس العلوم 5/ 3015، وتفسير القرطبي 12/ 154.
(1)
معاني القرآن 2/ 243، والفراء لم يقل به، وإنما حكاه عن بعضهم فقال:"وقوله: {سِخْرِيًّا} و {سُخْرِيًّا}، وقد قُرِئَ بهما جميعًا. قال الذين كسروا: ما كان من السُّخْرةِ فهو مرفوع، وما كان من الهُزُؤِ فهو مكسور".
(2)
نسبه الثعلبيُّ للكسائي في الكشف والبيان 7/ 58، وينظر: الكشاف 3/ 44، البحر المحيط 6/ 390.
(3)
يعني قوله تعالى: {لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا} . الزخرف 32.
(4)
زيادة يقتضيها السياق من الكشف والبيان 7/ 58.
(5)
وقرأ بكسر الهمزة أيضًا زيدُ بن عَلِيٍّ ونافع في رواية خارِجةَ، ينظر: السبعة ص 449، =
الاستئناف، وقرأ الباقون بفتحه على معنى "لأَنَّهُمْ"، ويحتمل أن يكون نصبًا بوقوع الجزاء عليه كما ذكرنا أولًا، مجازه: إني جزيتهم اليوم الفوزَ بالجنة
(1)
.
قولُه تعالى: {قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ (112)} بفتح النون على أنه جَمْعٌ مُسَلَّمٌ، ومن العرب من يخفضها وينوِّنها
(2)
، وقَرأَ ابن كثيرٍ وحمزةُ والكسائيُّ
(3)
: {قُلْ كَمْ لَبِثْتُمْ} على الأمر، وأظهر التاءَ: نافعٌ وابنُ كثير وعاصمٌ، وأدغَمَها الباقون
(4)
، وقرأ الأعمش
(5)
: {عَدَدَ سِنِينَ} ، ونَصْبُ {عَدَدَ}: على البيان في القراءتَيْن جميعًا
(6)
، و {كَمْ}: في موضع نصبٍ بـ {لَبِثْتُمْ} .
وقوله: {قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ} أنساهم اللَّهُ قَدْرَ لُبْثِهِمْ، فيرَوْنَ أنهم لم
= إعراب القراءات السبع 2/ 95، 96، الكشف عن وجوه القراءات 2/ 131، تفسير القرطبي 12/ 155، البحر المحيط 6/ 390، الإتحاف 2/ 288، 289.
(1)
ينظر في توجيه هاتين القراءتين: معاني القرآن للفراء 2/ 243، معاني القرآن وإعرابه 4/ 24، الحجة للفارسي 3/ 189، مشكل إعراب القرآن 2/ 114.
(2)
من أول قوله: "بفتح النون على أنه جمع" إلى هنا قاله النحاس بنصه في إعراب القرآن 3/ 124.
(3)
وهي أيضًا قراءة الأعمش وابن محيصن، ينظر: السبعة ص 449، إعراب القراءات السبع 2/ 96، البحر المحيط 6/ 390، الإتحاف 2/ 289.
(4)
قرأ بإدغام التاء في الثاء: أبو عمرو وابن عامر وحمزة والكسائي وأبو جعفر وهشام وابن ذكوان بخلاف عنه، ينظر: السبعة ص 449، إعراب القراءات السبع 2/ 96، الكشف عن وجوه القراءات 2/ 132.
(5)
وهي أيضًا قراءة عاصم في رواية المفضل عنه، ينظر: البحر المحيط 2/ 390.
(6)
قال السمين الحلبي: "وقرأ الأعمش والمفضل عن عاصم: {عَدَدًا} منونًا، وفيه أوجه، أحدها: أن يكون {عَدَدًا} مصدرًا أقيم مقام الاسم، فهو نعت مقدم على المنعوت. قاله صاحب اللوامح. يعني أن الأصل: سنين عددًا؛ أي: معدودةً، لكنه يلزم تقديم النعت على المنعوت، فصوابه أن يقول: فانتصب حالًا. هذا مذهب البصريين. والثاني: أن {لَبِثْتُمْ} بمعنى: عَدَدْتُمْ، فيكون نصب {عَدَدًا} على المصدر، و {سِنِينَ} بدل منه. والثالث: أن {عَدَدًا} تمييز لـ {كَمْ}، و"سِنِينَ {سِنِينَ} بدل منه". الدر المصون 5/ 204 - 205.
يلبثوا إلّا يومًا أو بعضَ يوم لِعِظَمِ ما هم بصَدَدِهِ من العذاب، وقوله:{فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ (113)} يعني: الملائكة، {قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا}: نعتٌ لمصدرٍ محذوف معناه: إلّا لُبْثًا قليلًا
(1)
{لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (114)} قَدْرَ لُبْثِكُمْ في الدنيا؛ لأن مُكْثَهُمْ في القبور -وإن طال- فهو مُتَناهٍ قليلٌ عند طول مُكْثهِمْ في عذاب جهنَّم؛ لأنه خلودٌ لا نهاية له.
قوله تعالى: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا} ؛ أي: لعبًا وباطلًا، لا لِحِكْمةٍ، والعبث في اللغة: اللعب والعمل لا لغرضٍ، يقال: عَبَثَ يَعْبَثُ عَبَثًا فهو عابثٌ: لاعبٌ بما لا يعنيه
(2)
، وهو منصوبٌ على الحال عند سيبوَيْه
(3)
وقُطرُب
(4)
، مَجازُهُ: عابِثِينَ، وقال أبو عُبيد
(5)
: على المصدر
(6)
، وبعضٌ نُحاة الكوفة نَصَبَهُ على الظرف، أي: بالعبَث
(7)
، وبعض نُحاة البصرة نَصبَه على المفعول له؛ أي: للعبث
(8)
.
(1)
أو نعتٌ لظرف محذوف تقديره: زمنًا قليلًا، ينظر: التبيان ص 962، الدر المصون 5/ 205.
(2)
قاله الأزهري في التهذيب 2/ 332.
(3)
لم يذكر سيبويه هذه الآية، وإنما تحدث عن وقوع المصدر حالًا في نحو: قَتَلْتُهُ صَبْرًا، ولَقِيتُهُ فُجاءةً ومُفاجَأةً وكِفاحًا ومُكافَحةً. الكتاب 1/ 370.
(4)
ينظر قول قطرب في الكشف والبيان 7/ 59، الكشاف 3/ 45، تفسير القرطبي 12/ 156، الدر المصون 5/ 205.
(5)
هو: القاسم بن سلام الهَرَوِيُّ الأزدي بالولاء، إمامٌ في اللغة والنحو والأدب، من أهل هَراةَ، ولد وتعلم بها، رحل إلى بغداد ثم إلى مصر، ثم حج وتوفي بمكة سنة (224 هـ)، من كتبه: غريب الحديث، الغريب المصنف، الأمثال، المقصور والممدود. [إنباه الرواة 3/ 12 - 23، الأعلام 5/ 176].
(6)
قول أبي عُبَيْدٍ في الكشف والبيان 7/ 59، وحكاه القرطبي عن أبي عبيدة في تفسيره 12/ 156، والسجاوندي في عين المعاني ورقة 88/ ب.
(7)
ينظر: الكشف والبيان 7/ 59، عين المعاني ورقة 88/ ب.
(8)
قاله الأزهري في التهذيب 2/ 332، وينظر: الكشف والبيان 7/ 59، الوسيط 3/ 300، الكشاف 3/ 45.