الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والمَرْضَى والزَّمْنَى، والعرب تجعَل "فَعْلَ" علامةً لجمع كلِّ ذي زَمانةٍ وضَرَرٍ وهَلَاكٍ، ولا يُبالُونَ أكان واحدُهُ "فاعلًا" أو "فعيلًا" أو "فَعْلانَ". وقرأ أبو عَمْرو
(1)
: {سُكَارِي} بالإمالة
(2)
، وقرأ وَرْشٌ
(3)
بين اللَّفظَيْن، وَفَتحَ الباقون.
وقوله: {وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ (2)} ، وهذا يدلُّ على أنّ سُكْرَهُمْ من خوف العذاب.
فصلٌ
عن أَبِي سعيد الخُدْرِيِّ قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "يقول اللَّه عز وجل يومَ القيامة: يا آدَمُ، قُمْ فابعَثْ بَعْثَ النارِ، فيقول: لَبَّيْكَ وسَعْدَيْكَ والخَيْرُ في يَدَيْكَ، وما بَعْثُ النارِ؟ فيقول: مِنْ كلِّ ألفٍ تسعُمائةٍ وتسعةٌ وتسعون"، قال:"فحينئذٍ يَشِيبُ الولدُ، وتضَعُ كلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها، وَتَرَى النّاسَ سُكارَى وَما هُمْ بسُكارَى، وَلَكِنَّ عَذابَ اللَّهِ شدِيدٌ"، فقالوا: وأيُّنا ذلك الواحدُ؟ فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "تسعُمائةٍ وتسعةٌ وتسعونَ من يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ، ومنكم واحدٌ"،
(1)
أبو عمرو بن العلاء بن عمار التميمي المازني البصري المقرئ، وقيل: اسمه زَبّانُ، وقيل: اسمه كنيته، أحد القراء السبعة، كان أعلم الناس بالقرآن والعربية وأيام العرب، توفِّي سنة (154 هـ). [إنباه الرواة 4/ 131: 139، غاية النهاية 1/ 288: 292، بغية الوعاة 2/ 231، 232، الأعلام 3/ 41].
(2)
قرأ بالإمالة أيضًا: ابن ذكوان من طريق الصوري، وقرأ الأزرق وورش بين الإمالة والفتح، ينظر: السبعة ص 434، النشر 2/ 326، الإتحاف 2/ 270، 271.
(3)
هو عثمان بن سعيد بن عدي أبو سعيد المصري، راوية نافع، لقب بوَرْشٍ لشدة بياضه، أصله من القيروان، ولد بمصر، وتوفي بها سنة (197 هـ)، كان ماهرًا بالعربية ثقة في الحروف، انتهت إليه رياسة الأقراء. [غاية النهاية 1/ 502، 503، سير أعلام النبلاء 9/ 295، 296، الأعلام 4/ 205].
فقال الناس: اللَّهُ أكبر، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"واللَّه، إنّي لأَرْجُو أن تكونوا رُبعَ أهلِ الجنة، واللَّه إنّي لَأرجو أن تكونوا ثلثَ أهلِ الجنة، واللَّه إنّي لَأرجو أن تكونوا نصفَ أهلِ الجنة"، قال: فَكَبَّرَ الناسُ، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"ما أنتم يومَئذٍ في الناس إلّا كالشعرةِ البيضاءِ في الثَّور الأسود، أو كالشَّعرة السَّوداء في الثّور الأبيض". رواه البخاري عن عُمَرَ بن حَفْصٍ
(1)
عن أبيه، ورواه مسلمٌ عن أبي بكر بن أَبِي شَيْبةَ
(2)
عن وَكِيعٍ
(3)
، كلاهما عن الأعمش
(4)
.
قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ} محلُّ "أَنَّ" رفعٌ: اسمُ ما لم يُسَمَّ فاعلُه
(5)
، والمعنى: قَضَى اللَّهُ أنه من أطاع إبليسَ {فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ} ولم يرشدْه
(1)
عمر بن حفص بن غياث بن طلق بن معاوية النخعي، أبو حفص الكوفي، شيخ البخاري ومسلم ثقة صدوق، وتوفِّي سنة (222 هـ). [سير أعلام النبلاء 15/ 639، تهذيب التهذيب 7/ 381].
(2)
عبد اللَّه بن محمد بن أبي شيبة، أبو بكر الكوفي، ثقة حافظ، روى عن عبد اللَّه بن المبارك وشعبة ابن عياش، روى عنه البخاري ومسلم وأبو داود وابن ماجه، توفِّي سنة (234 هـ)، من كتبه: المسند، المصنف في الأحاديث والآثار. [تهذيب التهذيب 6/ 3، 4، طبقات الحفاظ ص 189، الأعلام 4/ 117، 118].
(3)
وكيع بن الجراح بن مليح الرؤاسي، أبو سفيان، حافظ ثبت فقيه، كان محدث العراق في عصره، أراد الرشيد أن يوليه القضاء فامتنع ورعًا، توفي سنة (197 هـ). من كتبه: تفسير القرآن، السنن، الزهد. [تهذيب الكمال 30/ 462: 484، الأعلام 8/ 117].
(4)
هذا الحديث رواه البخاري في صحيحه 4/ 109 كتاب أحاديث الأنبياء/ باب قصة يأجوج ومأجوج، 5/ 241 كتاب تفسير القرآن/ سورة الحج، 7/ 196 كتاب الرقاق/ باب قوله عز وجل:{إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ} ، ورواه مسلم في صحيحه 1/ 139 كتاب الإيمان/ باب كون هذه الأمة نصف أهل الجنة.
(5)
يعني أنه نائب عن الفاعل للفعل "كُتِبَ"، ينظر: إعراب القرآن 3/ 86، البيان للأنباري 2/ 168.
{وَيَهْدِيهِ} ؛ أي: يصيِّرُه {إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ (4)} ومعنى قوله: {فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ} ؛ أي: فشأنه أنه يضلَّه، على جعل "مَنْ" للشرط، أو على جعله موصولًا، أو على أن الثانيَ تأكيدٌ
(1)
، أو على معنى: فشأنه أنه يضلَّه
(2)
، والفاء كقولهم: زيدٌ فاعلَمْ في الدار، هكذا ذكره صاحبُ إنسانِ العَيْن
(3)
.
قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ} ؛ أي: في شكٍّ {مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ} يعني: أباكم آدمَ الذي هو أصلُ النَّسل ووالد البشر {ثُمَّ} ذرِّيتَه {مِنْ نُطْفَةٍ} المَنِيُّ، وأصلها: الماءُ القليل، وجَمْعها: نِطافٌ {ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ} وهي الدَّم الغليظُ الجامد، وجمعها: عَلَق. {ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ} وهي: لَحْمةٌ قليلة قَدْرَ ما يُمْضَغُ {مُخَلَّقَةٍ} قَدْ بَدا فِيها الخَلْقُ
(4)
{وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ} لم تُصَوَّرْ بَعْدُ
(5)
، يعني: تامةً وغيرَ تامّة وأراد السِّقْطَ، ومخلَّقةٌ ومخلوقةٌ سواء، غير أن "مُخَلَّقة" فيها علامة التكثير، كما تقول: ضَرَب وضَرَّب: إذا كَثُرَ الفعلُ.
(1)
هذه الأوجه الثلاثة في "مَنْ" قالها الزجاج في معاني القرآن وإعرابه 3/ 411، وقال النحاس:"مذهب سيبويه أن "أَنَّ" الثانية مكررة للتوكيد، وأن المعنى: كتب عليه أنه من تولاه يضله". إعراب القرآن 3/ 86، وينظر ردُّ الفارسي على الزجاج في إعرابه لهذه الآية في الأغفال 2/ 420 - 425، وينظر: مشكل إعراب القرآن 2/ 91، البحر المحيط 6/ 326.
(2)
في الأصل: "فلأنه يضله خبره".
(3)
كتاب إنسان العين لمحمد بن طيفور الغزنوي السَّجاوَنْدِيُّ، وهو اختصار لكتابه "عين المعاني في تفسير السبع المثاني"، وكتاب إنسان العين لم أعثر عليه فيما رجعت إليه من فهارس المخطوطات، ولذلك سأُخَرِّجُ أقوالَ السجاونديِّ من كتابه الأصلي "عين المعانِي"، قال السجاوندي:"وموضع {أَنَّهُ} مرفوع، و {فَأَنَّهُ} تأكيد له، فالفاء على مذهب الجزاء، تقديره: كتب عليه إظهار متوليه وهدايته". عين المعاني ورقة 85/ أ.
(4)
قاله ثعلب، ينظر: ياقوتة الصراط ص 367، وينظر: تفسير غريب القرآن للسجستاني ص 157.
(5)
قاله ابن الأعرابي. ينظر: ياقوتة الصراط ص 368، التهذيب 7/ 28، اللسان: خلق.