الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1 -
في قوله تعالى: {وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ}
(1)
، قال الجِبْليّ
(2)
: "أي: وفَرَّقْناهُم في كلِّ وجه من البلاد كُلَّ التفريق، وذلك أنّ اللَّه تعالى لَمّا أغرق مكانَهم، وأَذْهَبَ جَنَّتَيْهِم، تَبَدَّدُوا في البلاد، فصارت العربُ تتمثَّل بهم في الفُرْقةِ، فيقولون: تفرَّقوا أَيْدِيَ سَبَأ، وأَيادِي سَبَأ".
ويُلاحَظُ في هذا المثل اهتمامُ الجِبْلي بذكرِ اختلاف رواية المثل.
2 -
في قوله تعالى: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى}
(3)
، قال الجِبْلي
(4)
: "وقيل: أراد بالنَّجم هاهنا: الثُّرَيّا إذا سَقَطَتْ وغابَتْ، والعرب تُسمِّي الثُّرَيّا نَجْمًا وإن كانت في العدد سَبْعةَ أَنْجُمٍ، فسِتّةٌ منها ظاهرةٌ، وواحدٌ منها خَفِيٌّ يَمْتَحِنُ الناسُ به أبصارَهُم، ومنه قول العرب:
طَلَعَ النَّجْمُ عِشاءَ
…
ابْتَغَى الرّاعِي كِساءَ".
ثانيًا - استشهاد الجِبْليِّ بالشعر:
اهتمَّ الجِبْلي بالشِّعر اهتمامًا كبيرًا، فقد استشهَد به في ستِّمائةٍ واثنَيْ عشَرَ موضعًا، تكرر الاستشهاد في ثلاثين موضعًا منها، وبليغ عدد الأبيات المستشهَد بها في هذه المواضع الستِّمائة والاثْنَتَيْ عَشْرةَ: سبعَمائةٍ وسبعةً وستينَ بيتًا، بِعَدِّ الشطر من الرَّجَز المشطور بيتًا، وهذه الأبيات تكرَّر منها أربعةٌ وثلاثون بيتًا، وبلغ عددُ أبيات الرَّجَز في هذه الشواهد مائةً وستةً وخَمسين بيتًا، وأمّا أبياتُ الشِّعر فبلغت ستَّمائةٍ وأحدَ عشَرَ بيتًا.
(1)
سبأ 19.
(2)
البستان 2/ 169.
(3)
النجم 1.
(4)
البستان 3/ 200.
وقد رَقَّمْتُ كُلَّ موضعٍ من مواضعِ الاستشهاد برقمٍ واحدٍ، حتى وإن اشتمل على أكثرَ من بيت، وأما الأبيات المكرَّرة فلم أُعِدْ ترقيمها مرةً أخرى، بل اكتفيتُ بالإشارة إلى أنّ هذا الشاهدَ قد تقدَّم برقم كذا في صفحة كذا.
وهذه الأشعار تنقسم قسمَيْن:
الأول: أشعارٌ في الزُّهد والحِكمة ونحوِهما، فقد أورد الجِبْلي عدّةَ أبياتٍ ومقطوعات في الزّهد والحكمة ونحوهما في كتابه، وهذه الأبيات لا ينطبق عليها ما اشترطه العلماءُ من شروط الاستشهاد
(1)
.
والثاني: شواهدُ لُغَويّةٌ ونَحْويّة، وهذا هو الغالبُ على استشهاده بالشِّعر في الكتاب، وهذه الشواهدُ كلُّها لشعراءَ يُحْتَجُّ بشعرهم، ولكنّه استشهد ببيتَيْنِ للمتنبي -وهو لا يُحْتَجُّ بشعره- في موضعَيْنِ على معنيَيْنِ لُغويِّيْنِ:
- الأول: استشهاده على معنى السَّبْحِ ببيتَيْنِ أحدهما للمتنبي، ففي قوله تعالى:{إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا}
(2)
، قال الجِبْلي
(3)
: "وأصل السَّبْحِ سُرعةُ الذَّهابِ، ومنه السباحة في الماء لِتَقَلُّبِ السّابِحِ بِيَدَيْهِ ورِجْلَيْهِ، وفَرَسٌ سابِحٌ: إذا كان شَدِيدَ الجَرْيِ، قال الشاعر:
أَباحُوا لكُمْ شَرْقَ البِلادِ وغَرْبَها
…
ففِيها كُم يا صاحِ! سَبْحٌ منَ السَّبْحِ
وقال آخَر:
أَعَزُّ مكانٍ في الدُّنا سَرْجُ سابِحٍ
…
وخَيْرُ جَلِيسٍ في الزَّمانِ كِتابُ".
(1)
ومن أمثلة شعر الزهد والحكمة ونحوهما عنده ما ورد في البستان ص 2/ 72، 3/ 78، 3/ 173، 177، 4/ 482، 5/ 27.
(2)
المزمل 7.
(3)
البستان 4/ 124.