الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 -
في قوله تعالى: {وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ}
(1)
، قال الجِبْلي
(2)
: "والحِجارةُ: جَمْع حَجَرٍ، وليس بقياس، ولكنهم قالوه كما قالوا: جَمَلٌ وجِمالةٌ وذَكَرٌ وذِكارةٌ، والقياس: أَحْجارٌ".
3 -
في قوله تعالى: {مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ}
(3)
، قال الجِبْلي
(4)
: "وهو يكون مصدرًا واسْمًا، وقال البيوَرْدِيُّ: الوِسْواسُ -بالكسر- المصدر، والوَسْواسُ -بالفتح- الاسم، على قياس الزِّلْزالِ والزَّلْزالِ".
المطلبُ الثالث: موقفُ الجِبْلي من الإجماع
المراد به: إجماعُ نُحاةِ البصرة والكوفة
(5)
، وشرطُ هذا الإجماع -كما ذكر العلماء- ألا يخالف المنصوصَ ولا المَقِيسَ على المنصوص، فإذا خالفه لم يكن حجةً
(6)
.
وقد استعمل الجِبْلي هذا الدّليلَ النَّحْويَّ -أعني: الإجماع- في "البستان"، ورَدَّ به على مَن خالَفَ ما أَجْمَعَ عليه النَّحْويُّون، ومن أمثلتِه عنده ما يلي:
1 -
في قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ}
(7)
، قال الجِبْلي
(8)
: "وفي موضع {أَنَّهُ} من الإعراب ثلاثةُ أقوال: يجوز أن يكون موضعُها
(1)
التحريم 6.
(2)
البستان 3/ 115.
(3)
الناس 4.
(4)
البستان 5/ 146.
(5)
ينظر: الاقتراح ص 146.
(6)
قاله ابن جني في الخصائص 1/ 190، ونقله عنه السيوطي في الاقتراح ص 146.
(7)
فصلت 53.
(8)
البستان 2/ 420.
رفعًا على البدَل على الموضع، والموضع رفعٌ بإجماع النَّحْويِّين، ويجوز أن يكونَ موضعها خفضًا على اللفظ، ويجوز أن يكون موضعُها نصبًا بمعنى: لأنه على كلِّ شيءٍ شهيد".
فقوله: "والموضع رفعٌ بإجماع النَّحْويِّينَ" يعني: موضعَ قوله: {بِرَبِّكَ} ، فقد أجمع العلماء على أنّ الباء صِلةٌ، و"ربك": فاعل "يكفي".
2 -
في قوله تعالى: {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى}
(1)
، قال الجِبْلي
(2)
: "ولا يجوز الإدغامُ في الياءَيْنِ عند النَّحْويِّين كما لا يجوز إذا لم يُنصَب الفعل؛ لأنك لو أدغمتَ لالْتَقَى ساكنانِ، إذ الثاني ساكنٌ، والأول لا يُدْغَمُ حتُّى يُسَكُّنَ، وكذلك كلُّ حَرْفٍ أَدْغَمْتَهُ في حرفٍ بعدَه لا بُدَّ من إسكان الأول، وقد أجمَعوا على مَنْع الإدغام في حال الرَّفع، فأمّا في حال النصب فقد أجازه الفَرّاءُ
(3)
لأجل تَحَرُّكِ الياء الثانية، وهو لا يجوز عند البصْريِّين؛ لأن الحركةَ عارضةٌ ليست بأصلٍ".
3 -
في قوله تعالى: {فَقَالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا}
(4)
، قال الجِبْلي
(5)
: "وقد أجاز النَّحْويُّون: رأيْتُ ثلاثةَ نَفَرٍ وثلاثةَ رَهْطٍ، حَمْلًا على المعنى، ولم يُجيزوا: رَأَيْتُ ثلاثةَ قَوْمٍ ولا: ثلاثةَ بَشَرٍ، والفَرْقُ بينَهما: أن نَفَرًا ورَهْطًا لِما دُونَ العَشَرةِ من العدد، فأُضيف ما دون العشَرة من العدد إليه، إِذْ هو نظيرُه، و"قَوْمٌ" قد يقع لِما فَوْقَ العشَرة، فلم يَحْسُنْ إضافةُ ما دون العشَرة إلى ما فوقَها، فأمّا "بَشَرٌ" فيقع للواحد، فلم يمكنْ إضافةُ عددٍ إلى واحد".
(1)
القيامة 40.
(2)
البستان 4/ 190.
(3)
ينظر: معاني القرآن 1/ 412.
(4)
التغابن 6.
(5)
البستان 3/ 435.
فقوله: "وقد أجاز النَّحْويُّون. . . إلخ"، ثم قوله:"ولم يجيزوا. . . إلخ" إجماعٌ منهم أيضًا.
4 -
في قوله تعالى: {إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ}
(1)
، قال الجِبْلي
(2)
: "يعني: مرجِعُهم ومصيرُهم ومَعادُهم إلينا بعد الموت، يقال: آبَ يَئُوبُ أَوْبًا وإيابًا، والأصل: إيْوابٌ، فأُدغِمت الياءُ في الواو، وانقلبت الواو إلى الياء، وقرأ أبو جعفرٍ بتشديد الياء، قال أبو حاتم
(3)
: وهذا لا يجوز، ولو جاز لَجاز في الصيام والقيام، وهو شاذٌّ لم يُجِزْهُ أحدٌ غيرُ الزَّجّاجِ، فإنه قال
(4)
: يقال: أَيَّبَ إِيّابًا، على فَيْعَلَ فيعالًا".
فقوله: "وهو شاذٌّ لم يُجِزْه أحدٌ غيرُ الزَّجّاج" إجماعٌ من نُحاة البصرة والكوفة لم يخالفْهم فيه غيرُ الزَّجّاج كما ذَكَر الجِبْلي.
* * *
(1)
الغاشية 25.
(2)
البستان ص 1477، 1478.
(3)
ينظر قوله في المحتسب لابن جني 2/ 357، الكشف والبيان للثعلبي 10/ 190.
(4)
معاني القرآن وإعرابه 5/ 319.