المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

المطرِ، وهو نَصْب على الحال، وقد تقدم ذكر الخلاف فِي - البستان في إعراب مشكلات القرآن - جـ ١

[ابن الأحنف اليمني]

فهرس الكتاب

- ‌كلمة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية

- ‌مقدِّمة

- ‌ومن الأسباب التي دفعَتْني إلى تحقيق هذا الكتاب:

- ‌الجِبْلِيُّ وكتابُهُ "البُسْتانُ في إِعرابِ مُشْكِلاتِ القُرْآنِ

- ‌الفصل الأول الجِبْلِيُّ - حياتُهُ وآثارُهُ

- ‌المبحث الأول كُنْيتُه واسْمُهُ ونَسَبُه ولقَبُه

- ‌1 - كُنْيته واسْمُهُ ونَسَبُه:

- ‌2 - لقَبُه:

- ‌المبحث الثاني مولدُه

- ‌المبحثُ الثالث عصرُه

- ‌1 - الحياةُ السياسيّة:

- ‌2 - الحياةُ العِلميّة:

- ‌3 - المدارس التي أُنشئت في مدينة جِبْلةَ:

- ‌4).4 -اهتمامُ الدّولة الرَّسُوليّة بالعلم والعلماء:

- ‌5 - تأثُّر اليمنيِّين بالنَّحوِّيين المَشارِقة والمصريِّين:

- ‌المبحث الرابع شيوخه وتلاميذه

- ‌1 - شيوخه:

- ‌2).2 -تلاميذُه

- ‌المبحثُ الخامس مَنْزلةُ الجِبْليِّ العلميّةُ وثناءُ العلماءِ عليه

- ‌المبحثُ السادس آثارُه ووفاتُه

- ‌1 - آثاره:

- ‌2 - وفاتُه:

- ‌المبحثُ السابع موقفُ الجِبْليِّ من أصول النَّحو

- ‌المطلبُ الأول: موقفُه من السَّماع:

- ‌أولًا: موقفُه من الاستشهاد بالقرآن الكريم وقراءاتِه

- ‌1 - موقفه من القراءاتِ الصّحيحة:

- ‌أ - ارتضاء الجِبْلِيِّ القراءاتِ الصحيحةَ:

- ‌ب - اعتراضاتٌ للجِبْلِيِّ على قراءاتٍ صحيحة:

- ‌جـ - مفاضلةُ الجِبْليِّ بين قراءاتٍ صحيحة:

- ‌2 - موقفُ الجِبْلي من القراءات الشّاذّة:

- ‌3 - نظراتٌ في استشهاد الجِبْلِّي بالقراءات:

- ‌ثانيًا: موقفُ الجِبْليِّ من الاستشهاد بالحديث:

- ‌ثالثًا: موقفُ الجِبْليِّ من الاستشهاد بكلام العرب

- ‌أولًا- استشهاد الجِبْليِّ بالأمثال والأقوال:

- ‌ثانيًا - استشهاد الجِبْليِّ بالشعر:

- ‌ نظراتٌ في استشهاد الجِبْليِّ بالشعر:

- ‌ مآخذُ على استشهاد الجِبْلي بالشِّعر:

- ‌المطلب الثاني: موقفُ الجِبْلي من القياس:

- ‌ القياسُ عند الجِبْلي:

- ‌المطلبُ الثالث: موقفُ الجِبْلي من الإجماع

- ‌المبحثُ الثامن مذهبُه النَّحْويُّ واختياراتُه

- ‌فمن أمثلة ما اختار فيه مذهبَ البصريِّين:

- ‌ومما اختار فيه مذهبَ الكوفيِّين:

- ‌الفصلُ الثاني كتابُ البُستان في إعرابِ مشكلاتِ القرآن

- ‌المبحث الأول عنوانُ الكتاب، وتوثيق نِسبتِهِ للجِبْلي، وموضوعُه

- ‌المطلبُ الأول: عُنوانُ الكتاب:

- ‌المطلبُ الثاني: توثيق نِسبتِهِ للجِبْلي:

- ‌المطلبُ الثالث: موضوعه:

- ‌المبحثُ الثاني مصادرُه

- ‌أولًا: مصادرُ بصَرْيّةٌ، ومنها:

- ‌ثانيًا: مصادرُ كوفيّة، ومنها ما يلي:

- ‌ثالثًا: مصادرُ بغداديّةٌ:

- ‌رابعًا: مصادرُ مِصريّة:

- ‌خامسًا: مصادرُ أخرى:

- ‌المبحثُ الثالث منهجُ الجِبْليِّ في البستان

- ‌1 - خُطّةُ الكتاب:

- ‌2 - نُقولُه عن العلماء:

- ‌3 - اهتمامُه باللغة:

- ‌4 - اهتمامُه بتوضيح التصحيف:

- ‌5 - استطرادُه في ذكر أشياءَ بعيدةٍ عن موضوع الآية التي يشرحها:

- ‌6 - ترْكُه آياتٍ بدون إعراب أو شرح:

- ‌7 - تأثُّرُه بِلُغةِ الفقهاءِ والمتكلِّمين:

- ‌9 - أشعارٌ في الزهد والحِكمة:

- ‌المبحثُ الرابع المصطَلحاتُ النَّحوّية في البستان

- ‌المبحثُ الخامس العلّة النَّحويّةُ في البستان

- ‌العلّة البسيطةُ والمركَّبة:

- ‌أولًا- العِلَلُ البسيطة:

- ‌ثانيًا- العِلَل المُركَّبة:

- ‌المبحثُ السادس ملحوظاتٌ على الكتاب

- ‌أولًا: ملحوظاتٌ على المنهج:

- ‌أ- أخطاءٌ في النُّقول عن العلماء:

- ‌ب - آراءٌ منسوبةٌ خطأً:

- ‌جـ - نَقْلُهُ عن العلماء من كتُبِ غيرِهم:

- ‌ثانيًا: ملحوظات على الأسلوب:

- ‌1 - إيهامُ كلامِه خلافَ المراد:

- ‌2 - وقوعُ التناقُض في كلامه:

- ‌3 - ملحوظاتٌ نَحْويّة:

- ‌خاتمةُ الدِّراسة

- ‌ التحقيق

- ‌1 - وصفُ نُسخةِ المخطوط

- ‌2 - منهَجُ التحقيق

- ‌3 - نماذج مصوَّرة من المخطوط

- ‌سورةُ الأنبياء عليهم السلام

- ‌بابُ ما جاء في فَضْل قراءتها

- ‌بابُ ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصلٌ

- ‌فصلٌ

- ‌فصل

- ‌فصلٌ

- ‌فصلٌ

- ‌سورةُ الحجِّ

- ‌بابُ ما جاء في فضل قراءتها

- ‌بابُ ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصلٌ

- ‌فصلٌ

- ‌‌‌فصلٌ

- ‌فصلٌ

- ‌فصلٌ

- ‌سورةُ المؤمنين

- ‌بابُ ما جاء في فَضْل قراءتها

- ‌بابُ ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصلٌ

- ‌فصلٌ في معنى الآية

- ‌فصلٌ

- ‌فصلٌ في ذِكْرِ وجوهِ الحكمةِ في خَلْقِ اللَّهِ تعالى الخَلْقَ على الاختصار

- ‌سورةُ النُّور

- ‌بابُ ما جاء في فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصلٌ

- ‌فصلٌ

- ‌فصل

- ‌فصلٌ

- ‌فصلٌ

- ‌فصلٌ في معنى المشكاةِ والمِصباح والزَّجاجة والشَّجرة

- ‌فصلٌ

- ‌فصلٌ

- ‌فصل

- ‌فصلٌ

- ‌سورةُ الفرقان

- ‌بابُ ما جاء في فَضْل قراءتها

- ‌بابُ ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصلٌ

- ‌فصلٌ

- ‌فصلٌ

- ‌فصلٌ

- ‌سورةُ الشُّعراء

- ‌بابُ ما جاء في فَضْل قراءتها

- ‌بابُ ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصلٌ

- ‌فصل

- ‌سورةُ النمل

- ‌باب ما جاء في فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورةُ القَصَص

- ‌باب ما جاء في فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

الفصل: المطرِ، وهو نَصْب على الحال، وقد تقدم ذكر الخلاف فِي

المطرِ، وهو نَصْب على الحال، وقد تقدم ذكر الخلاف فِي سورة الأعراف

(1)

.

قوله: {قُل} يا محمد {لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ} يعني: الملائكة {وَالْأَرْضِ} يعني: الناس {الْغَيْبَ} يعني: ما غاب عن العباد {إِلَّا اللَّهُ} وحدَه، نزلت في المشركين، سألوا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن وقت قيام الساعة، فنزلت هذه الآية، قال الفراء

(2)

: وإنما رُفِعَ ما بعد "إِلّا" لأن ما قبلها جَحْدٌ، تقول: ما ذهب أحدٌ إلّا أبوك.

قوله: {وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (65)} ؛ أي: متى يكون البعث؟

‌فصل

رُوِيَ أنه كان عند الحجاج بن يوسف مُنَجِّمٌ، فأَخَذَ الحَجّاجُ حَصًى قد عَرَفَ عَدَدَها، فقال للمنجِّم: كم في يدي؟ فحَسَبَ فأصاب المنجمُ، ثم اعتقله الحجاج فأخذ حَصَياتٍ لم يَعُدَّهُنَّ، فقال للمنجم: كم في يدي؟ فحَسَبَ فأخطأ، ثم حَسَبَ فأخطأ، فقال: أيها الأمير: أظنك لا تعرف عددها في يدك، قال: فما الفرق بينهما؟ قال: إن ذلك أحصيتَهُ فخرج من حَدِّ الغيب، وحَسَبْتُ

(1)

يشير إلى قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} الأعراف 57، وهي في القسم المفقود من هذا الكتاب.

وقد قرأ عاصم: {بُشْرًا} بالباء هنا وفي الأعراف، وقرأ ابن عامر:{نُشْرًا} ، وقرأ حمزة والكسائي وخَلَفٌ:{نَشْرًا} ، ووافقهم الأعمش، وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وأبو جعفر ويعقوب:{نُشُرًا} ، ووافقهم ابن محيصن واليزيدي، ينظر: السبعة ص 283، إتحاف فضلاء البشر 2/ 52.

(2)

معاني القرآن 2/ 298، 299، وهذا على أن لفظ الجلالة بدل من "مَن" الذي هو فاعل {يَعْلَمُ} ، و {الْغَيْبَ} مفعول به، و"إلّا" ملغاة، والمعنى: لا يعلم أحدٌ الغيب إلا اللَّه.

ص: 465

فأصبتُ، وِإنَّ هذه لم تعرف عَدَدَها، فصار غَيْبًا، ولا يعلم الغيبَ إلّا اللَّهُ

(1)

.

ورُوِيَ عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: من زعم أنه يعلم ما في غَدٍ، فقد أَعْظَمَ الفِزيةَ، واللَّهُ عز وجل يقول:{قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ}

(2)

.

قوله: {بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ} قال ثعلبٌ

(3)

: معناه: تَدارَكَ عِلْمُهُم بالظن أن القيامة تكون أو لا تكون. قال أبو عمرو

(4)

: "بل": استفهام. وقال غيره

(5)

: "بل": إيجاب، والاستفهام في هذا الموضع إنكار؛ أي: لم يكن ذلك، كما قال تعالى:{أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ}

(6)

؛ أي: لم يشهدوا.

قرأ أبو جعفرٍ ومجاهدٌ وحُميد وابن كثير وأبو عَمْرو ويعقوب: {بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ} من الإدراك؛ أي: لم يدركوا علمَ الآخرة، وقرأ الحسن ويحيى بن

(1)

ينظر: الكشف والبيان 7/ 220، تفسير القرطبي 4/ 290، 13/ 226.

(2)

هذا جزء من حديث رواه مسلم في صحيحه 1/ 110، كتاب الإيمان/ باب معنى قول اللَّه، عز وجل:{وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} ، والترمذي في سننه 4/ 328 أبواب تفسير القرآن/ سورة الأنعام.

(3)

لم أعثر عليه، وقد قاله الفرَّاء من قبله في معاني القرآن 2/ 299، وحكاه الأزهري عن السُّدِّيِّ وأَبي معاذ الضرير في تهذيب اللغة 10/ 112.

(4)

الذي حُكِيَ عن أبِي عمرو أن "بَلْ" إيجاب، قال النَّحاس:"وقرأ ابن محيصن: {بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ}، وأنكر هذا أبو عمرو، قال: لأن "بَلْ" لا يقع بعدها إلا إيجاب". معاني القرآن للنَّحاس 5/ 146، وينظر أيضًا: جامع البيان 20/ 9.

(5)

هو أبو حاتم كما في البحر المحيط 7/ 87، والدُّر المصون 5/ 324، وهو قول أبي عمرو كما في تقدم فى الحاشية السابقة.

(6)

الزخرف 19.

ص: 466

وثاب

(1)

والأعمش وشيبة ونافع وعاصم وحمزة والكسائي وخلف: {بَلِ ادَّارَكَ} بكسر اللام وتشديد الدال؛ أي: تدارك وتتابع علمهم في الآخرة هل هي كائنة أم لا؟ وتصديقُ هذه القراءة أنها في حرف أُبَيٍّ: {أَمْ تَدارَكَ عِلْمُهُمْ في الآخِرةِ}

(2)

.

والعرب تضع "بَلْ"موضع "أَمْ" و"أَمْ" موضع "بَلْ" إذا كان في أول الكلام استفهام، كقول الشاعر:

84 -

فواللَّهِ ما أَدْرِي أَسَلْمَى تَغَوَّلَتْ

أَمِ القَوْمُ أو كُلٌّ إِلَيَّ حَبِيبُ

(3)

أي: بل كلٌّ

(4)

، ومعنى الكلام: هل تتابع علمهم بذلك في الآخرة؛ أي: لم يتتابع، فضَلَّ وغاب علمهم به فلم يبلغوه ولم يدركوه؛ لأن في الكلام ضربًا من الجَحْد.

(1)

يَحْيَى بن وَثّابٍ الأَسَدِيُّ بالولاء الكوفِيُّ، تابعي ثقة قليل الحديث، إمام أهل الكوفة في القراءة، تلا القرآن على أصحاب عَلِيٍّ وابنِ مسعود، ورَوَى مُرْسِلًا عن عائشة، كان أبوه من سَبْيِ قاسان واسمه يَزْدَويهِ، فسماه ابن عباس وَثّابًا، توفِّي سنة (103 هـ). [غاية النهاية 2/ 380 سير أعلام النبلاء 4/ 379، الأعلام 8/ 176].

(2)

ينظر في هذه القراءات: السبعة ص 485، إعراب القراءات السبع 2/ 160، 162، مختصر ابن خالويه ص 111، حجة القراءات ص 535، تفسير القرطبي 13/ 227، البحر المحيط 7/ 87، الإتحاف 2/ 333.

(3)

البيت من الطويل، لعقبة المضرَّبِ بن كعب بن زهير، ويُروَى:"تَقَوَّلَتْ. . أَمِ الحِلْمُ"، ويُرْوَى:"أَمِ النَّوْمُ أَمْ كُلٌّ"، و"تَغَوَّلَتْ"؛ أي: تَلَوَّنَتْ.

التخريج: معاني القرآن للفرَّاء 1/ 72، 2/ 299، الصاحبي ص 168، الأزهية ص 129، اللسان: أمم، درك، البحر المحيط 8/ 23، اللباب في علوم الكتاب 17/ 276، همع الهوامع 3/ 169، الدرر اللوامع 6/ 102.

(4)

من أول قوله: "والعرب تضع بل" قاله الفرَّاء في معاني القرآن 2/ 299، وينظر: تهذيب اللغة 10/ 111 - 112.

ص: 467

وقوله: {بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا} يعني: الآخرة {بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ (66)} ؛ أي: جَهَلةٌ، واحدُهم: عَمٍ، وهو الأعمى القلبِ.

قوله تعالى: {قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ (72)} ؛ أي: دَنا وقَرُبَ لكم، وقيل: تَبِعَكُمْ وجاء بعدكم، وقيل: حَضَرَكُم، ويقال

(1)

: رَدِفْتُ الرَّجُلَ وأَرْدَفْتُهُ: إِذا رَكِبْتَ خَلْفَهُ، والمعنى: رَدِفَكُمْ، فأَدخل اللام فيه كما أُدخل فِي قوله:{لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ}

(2)

و {لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ}

(3)

، وقال الفراء

(4)

: اللام صلة زائدة كما تقول: نَفَذْتُهُ مِائةً، ونَفَذْتُ لَهُ مِائةً.

قوله تعالى: {وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ} ؛ أي: مكتومِ سِرٍّ وخفيِّ أمرٍ {فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (75)} إلّا وهو بَيِّنٌ فِي اللوح المحفوظ، وإنما أدخل الهاء فِي {غَائِبَةٍ} على الإشارة إلى الجمع فِي السماء والأرض

(5)

.

قوله تعالى: {فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} ؛ أي: فثِقْ يا محمدُ باللَّه، وذلك حين دُعِيَ

(1)

حكاه ثعلبٌ عن ابن الأعرابي، وحكاه أبو عبيد عن أبي زيد، ذكر ذلك الأزهري في تهذيب اللغة 14/ 96.

(2)

الأعراف 154.

(3)

يوسف 43، يعني أن اللام زائدة لتقوية الفعل الذي ضعف عن العمل، قاله الأخفش في معاني القرآن ص 431، وينظر: أسرار العربية ص 210، التبيان للعكبري ص 733، مغني اللبيب ص 286.

(4)

معاني القرآن 2/ 299، 300، وأجاز الفرَّاء أيضًا أن يكون "رَدِفَ" ضُمِّنَ معنى دَنا وقَرُبَ، وهذا ما ذهب إليه البصريون، وفي الآية أوجه أخرى تنظر في الفريد للهمداني 3/ 695، البحر المحيط 7/ 90، الدر المصون 5/ 326.

(5)

قاله الثعلبي في الكشف والبيان 7/ 222، وينظر: الكشاف 3/ 159، الفريد للهمداني 3/ 696، تفسير القرطبي 13/ 231.

ص: 468

إلى ملة آبائه، فأَمَرَهُ أن يثق باللَّه، ولا يَهُولَهُ قولُ أهل مكة، وقوله:{إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ (79)} يعني: على الدِّينِ البَيِّنِ، وهو الإسلام.

ثم ضرب لكفار مكة مَثَلًا، فقال:{إِنَّكَ} يا محمد {لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} ، شَبَّهَ كفارَ مكة بالأموات، يقول: كما لا يَسمع الميتُ النداءَ، كذلك لا تَسمع الكفارُ النداءَ، ولا تفقه ما تقول.

قوله: {وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (80)} يعني أن الأَصَمَّ إذا وَلَّى مدبرًا، ثم ناديتَهُ: لم يسمع النداء، كذلك الكافر لا يسمع الإيمان إذا دُعِيَ إليه، وقرأ ابن كثير:{يَسْمَعُ} بياء مفتوحة، وبفتح الميم {الصُّمُّ} بالرَّفع، ومثله في الروم

(1)

، ونصب {مُدْبِريِنَ}: على الحال من المضمر فِي {وَلَّوْا} ، ومعنى الآية

(2)

: أنهم -لفَرْطِ إعراضهم عما يُدْعَوْنَ إليه من التوحيد- كالميِّت الذي لا سبيل إلى إسماعه، وكالصمِّ الذين لا يسمعون.

ثم ضرب العَمَى مَثَلًا لهم أيضًا فقال تعالى: {وَمَا أَنْتَ} يا محمد {بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ} ؛ أي: ما أنت بِمُرْشِدٍ من أعماه اللَّه عن الهدى وأعمى قلبَهُ عن الإيمان، وهذه قراءة العامة، وقرأ حمزة:{تَهْدِي الْعُمْيَ} بالتاء ونصب {الْعُمْيَ} هاهنا وفي الروم

(3)

على الفعل، وحجته قوله تعالى: {أَفَأَنْتَ

(1)

الروم 52، وهذه القراءة قرأ بها ابنُ كثير وابنُ محيصن وحميدٌ وابنُ أبي إسحاق، وأبو عمرو في رواية عباس عنه، ينظر: السبعة ص 486، إعراب القراءات السبع 2/ 162، تفسير القرطبي 13/ 232، الإتحاف 2/ 334.

(2)

قاله الفارسي في الحجة 3/ 245.

(3)

الروم 53، وقرأ بهذه القراءة أيضًا ابنُ وَثّابٍ والأعمشُ وطلحةُ ويحيى بنُ يَعْمُرَ والشَّنَبُوذِيُّ، ينظر: السبعة ص 486، الكشف عن وجوه القراءات 2/ 166، البحر المحيط 7/ 91، إتحاف فضلاء البشر 2/ 334.

ص: 469

تَهْدِي الْعُمْيَ}

(1)

، والمعنى: إنك لا تهديهم عن ضلالتهم لشدة عنادهم

(2)

، {إِنْ تُسْمِعُ}؛ أي: ما تُسْمِعُ إسماعَ إفهامٍ {إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا} قال مقاتل: إلّا من صَدَّقَ بالقرآن أنه من اللَّه {فَهُمْ مُسْلِمُونَ (81)} [النمل: 81] مخلصون بتوحيد اللَّه.

قوله تعالى: {وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ} ؛ أي: وَجَبَ العذابُ والسُّخط على الكفار {أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ} . قرأ العامة بالتشديد: من التكليم، وتصديقها قراءة أُبَيٍّ:{تُنَبِّئُهُمْ} ، وقرأ أبو رجاء العُطاردي:{تُكَلِّمُهُمْ} من الكَلْمِ

(3)

وهو الجرح؛ أي: تَسِمُهُمْ وتَجْرَحُهُمْ، {أَنَّ النَّاسَ} يعني: أهل مكة {كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ (82)} ؛ أي: لم يؤمنوا بالقرآن والبعث والثواب والعقاب، قرأ ابن أَبي إسحاق وأهل الكوفة ويعقوب:{أَنَّ} بفتح الألف؛ أي: تُكَلِّمُهُم الدابة بأن الناس، وقرأ الباقون بالكسر

(4)

؛ أي: تقول لهم: إن الناس؛ لأن الكلام قولٌ.

قوله: {حَتَّى إِذَا جَاءُوا} يريد: إلى موقف الحساب {قَالَ} اللَّهُ لَهُمْ: {أَكَذَّبْتُمْ بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا} نَصْب على المصدر

(5)

{أَمَّاذَا كُنْتُمْ

(1)

يونس 43.

(2)

قاله الفارسي في الحجة 3/ 245.

(3)

وبها قرأ أيضًا ابنُ عباس وابنُ جبير ومجاهدٌ وعاصمٌ الجحدريُّ وأبو حيوة وأبو زرعة والحسنُ وابنُ أبي عبلة، وقرأ بعضهم:{تَجْرَحُهُمْ} ، وقرأ أُبَيٌّ:{تُنبِّئُهُمْ} ، وقرأ يحيى ابن سلّام:{تُحَدِّثُهُمْ} ، ينظر: إعراب القراءات السبع 2/ 164، مختصر ابن خالويه ص 112، المحتسب 2/ 144، تفسير القرطبي 13/ 238، البحر المحيط 7/ 91.

(4)

قرأ بالكسر ابنُ كثير ونافعٌ وأبو عمرو وابن عامر وأبو جعفر والكسَّائي، ينظر: السبعة ص 486 - 487، إعراب القراءات السبع 2/ 164، حجة القراءات ص 538، تفسير القرطبي 13/ 238، البحر المحيط 7/ 92، الإتحاف 2/ 335.

(5)

والعامل فيه {تُحِيطُوا} ؛ لأن الاحاطة بِمعنى العِلْمِ، والمعنَى: ولم تَعْلَمُوا عِلْمًا، ينظر: الفريد للهمدانِي 3/ 698.

ص: 470

تَعْمَلُونَ (84)} حين لم تبحثوا عنها ولم تتفكروا فيها، ومحل "ماذا": نصب بوقوع "تَعْلَمُونَ" عليه.

قوله تعالى: {وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ} العامل فِي "يومَ": فعل مضمر تقديره: اذكُرْ يا محمد يومَ يُنفخ في الصور، قال ابن عباس: يريد النفخة الأولى {فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ} ؛ أي: ماتوا لشدة الخوف، كقوله تعالى:{فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ}

(1)

، والمعنى: يبلغ منهم الفزعُ إلى أن يموتوا.

قوله: {إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ} قيل: أراد بالاستثناء: الشهداءَ، وهم الأحياء عند ربهم يرزقون، وقيل: أراد جبريلَ وميكائيل وإسرافيل وعَزْرائيل، {وَكُلٌّ آتُوهُ دَاخِرِينَ (87)} يعني: صاغرين، وأصل "آتوهُ": آتِيُوهُ، وهو فعل مستقبَل

(2)

على قراءة العامة، وقرأ الأعمش وحمزة وحفص:{وَكُلٌّ أَتَوْهُ}

(3)

من غير مَدٍّ، جعلوه فعلًا ماضيًا. ونصب {دَاخِرِينَ} على الحال.

قوله عز وجل: {وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً} ؛ أي: واقفةً مكانَها {وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ} ؛ أي: تسير سَيْرَ السحاب حتَّى تقع على الأرض فتُسَوَّى بها، قال القُتيبي

(4)

: وذلك أن الجبال تُجْمَعُ وتَسِيرُ، وهي في رُؤْيةِ العين كالواقفة وهي

(1)

الزمر 68.

(2)

يعني بالفعل المستقبل اسم الفاعل، ويبدو أنه من مصطلحات الكوفيين؛ فإنهم يسمون اسم الفاعل بالفعل الدائم، ولكني لم أقف على قول في هذا، ينظر: مصطلحات النحو الكوفي ص 50 - 52.

(3)

وهي أيضًا قراءة ابن مسعود وابن وثاب وخلف، وقرأ الباقون، وأبو بكر عن عاصمٍ:{أَتَوْهُ} اسم فاعل، ينظر: السبعة ص 487، إعراب القراءات السبع 2/ 165، تفسير القرطبي 13/ 241، البحر المحيط 7/ 94، الإتحاف 2/ 335.

(4)

تأويل مشكل القرآن ص 5، 6، وينظر: تفسير غريب القرآن له ص 327.

ص: 471

تسير، وكذلك كل شيء عظيم، وكل جَمْعٍ يَقْصُرُ عنه البصرُ لكثرته وعِظَمِهِ وبُعْدِ ما بين أطرافه فهو -في خيال الناظر- كالواقف [وهو] يسير، وإلى هذا ذهب الشاعر فِي وصف جيش:

85 -

بِأَرْعَنَ مِثْلِ الطَّوْدِ تَحْسَبُ أَنَّهُمْ

وُقُوفٌ لِحاجٍ والرِّكابُ تُهَمْلجُ

(1)

وقوله: {صُنْعَ اللَّهِ} ؛ أي: فعل اللَّه {الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ} ؛ أي: أَحْكَمَ، وقيل: أَحْسَنَ، وقيل: أَبْرَمَ ما خَلَقَ وأحكمه، ومعنى الإتقان فِي اللغة: الإحكام للأشياء. و {صُنْعَ اللَّهِ} : نَصْب على المصدر، وقيل: على الأمر؛ أي: أَبْصِرُوا صُنْعَ اللَّهِ

(2)

، وقرأ أُبَيٌّ:{صُنْعُ اللَّه}

(3)

بضم العين؛ أي: ذلك صنع اللَّه {الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ (88)} من الطاعة والمعصية، قرأ ابن كثير وأبو عَمْرو وهشامٌ بالياء

(4)

،

(1)

البيت من الطويل للنابغة الجعدي، ويروى:"وُقُوفٌ لأَمْرٍ".

اللغة: بِأَرْعَنَ: أي: بجيشٍ أَرْعَنَ، وهو المضطرب لكثرته، الطَّوْدُ: الجبل العظيم، الحاجُ: جمع حاجةٍ، الرِّكابُ: الإبل التي يُسارُ عليها، واحدها: راحلة ولا واحد لها من لفظها، تُهَمْلِجُ: الهَمْلَجةُ: حُسْنُ سيرِ الدابةِ في سرعةٍ.

التخريج: ديوانه ص 49، المعانِي الكبير ص 891، الكشف والبيان 7/ 229، المحرر الوجيز 4/ 273، زاد المسير 6/ 196، تفسير القرطبي 13/ 242، اللسان: صرد، البحر المحيط 7/ 94، الدر المصون 5/ 329، التاج: صرد.

(2)

النصب على المصدر هو قول سيبويه، وقد ذكر سيبويه أن بعضهم ينصبه على الأمر، وبعضهم على الإغراء، وجَوَّزَ سيبويه الرَّفعَ على خبر ابتداء محذوف، ينظر: الكتاب 1/ 381، 382، وينظر أيضًا: المقتضب 3/ 203، معاني القرآن وإعرابه 4/ 130، إعراب القرآن 3/ 223، 224، مشكل إعراب القرآن 2/ 155، 156.

(3)

ينظر: شواذ القراءة للكرمانِي ورقة 183، عين المعاني ورقة 97/ ب.

(4)

قرأ ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب وابن محيصن واليزيدي: {يَفْعَلُونَ} بالياء، واخْتُلِفَ فيه عن هشام وابن ذكوان، وقرأ الباقون بالتاء على الخطاب، ينظر: السبعة ص 487، إعراب القراءات السبع 2/ 165، حجة القراءات ص 539، تفسير القرطبي 13/ 244، الإتحاف 2/ 336.

ص: 472

واختاره أبو عُبيد

(1)

؛ لقوله: {أَتَوْهُ} ، إنما أخبر عنهم، وقرأ الباقون بالتاء على خطاب الكافة.

قوله تعالى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ} يعني: بكلمة الإخلاص شهادة أنْ لا إله إلّا اللَّه، والمعنى: مَنْ وافَى يوم القيامة بالإيمان {فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا} ، قال ابن عباس: فمنها يصل الخير إليه، والمعنى: له من تلك الحسنة خيرٌ يوم القيامة، وهو الثواب والأمن من العذاب، و {خَيْرٌ} هاهنا: اسم من غير تفضيل

(2)

{وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ (89)} ، قرأ الكوفيون:{مِنْ فَزَعٍ} بالتنوين، وهي قراءة ابن مسعود، و {يَوْمَئِذٍ}: منصوب على الظرف، وقرأ الباقون على الإضافة

(3)

، واختاره أبو عبيد، قال

(4)

: لأنَّهُ أعمُّ التأويليَنْ.

(1)

اختيار أبي عبيد في الحجة للفارسي 3/ 247، الكشف والبيان 7/ 230.

(2)

هذا أحد وجهين فِي {خَيْرٌ} هنا، وعليه يكون {مِنْهَا} في موضع رفع صفة لـ {خَيْرٌ}؛ أي: فله خير حاصل من جهتها، والوجه الآخَر: أن يكون {خَيْرٌ} على بابه من أنه اسم تفضيل، ويكون {مِنْهَا} من صلته؛ أي: فله خير من قدرها واستحقاقها، قاله ابن عطية في المحرر الوجيز 4/ 273، وينظر: التبيان للعكبري ص 1015، الفريد 3/ 700، البحر المحيط 7/ 95، الدر المصون 5/ 329.

(3)

قرأ عاصم وحمزة والكسائي وخلف: {مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ} بالتنوين فيهما، ولا يجوز مع التنوين إلا فتح ميم "يوم"، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو ونافع وابن عامر وأبو جعفر ويعقوب بالإضافة، غير أنه قد اختُلِفَ عن نافع في ميم "يوم"، فرَوَى عنه قالونُ وابنُ جماز وأبو بكر بن أبي أويس والمُسَيِّبِيُّ وورش:{مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ} بالإضافة مع فتح الميم من "يوم"، وروى عنه إسماعيل بن جعفر الإضافة مع كسر الميم، ينظر: السبعة ص 487، التيسير ص 170، تفسير القرطبي 13/ 245، البحر المحيط 7/ 96، الإتحاف 2/ 336، 337.

(4)

قول أبي عبيد في الكشف والبيان 7/ 231، تفسير القرطبي 13/ 245، وحكى ابن الجوزي أن أبا عُبَيْدٍ اختار قراءة التنوين، وقال: هي أعم التأويلين، ينظر: زاد المسير 6/ 197.

ص: 473

ومحل {يَوْمَئِذٍ} : خَفْضٌ، كأسماء الأوقات إذا أُضِيفَتْ إلى غير متمكِّن، وهو مبني على الفتح، وقد أُضِيفَ هاهنا إلى "إِذْ"، وهو غير متمكن، قال أبو علي الفارسي

(1)

: إذا نُوِّنَ يجوز أن يُعْنَى به: فَزَعٌ واحدٌ، ويجوز أن يُعْنَى به الكثرةُ لأنَّهُ مصدر، والمصادر تدل على الكثرة وإن كانت مفردةَ الألفاظِ، كقوله تعالَى:{إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ}

(2)

، وكذلك إذا أضيف يَجُوزُ أن يُعْنَى به مفردٌ، وَيَجُوزُ أن يُعْنَى به كثرةٌ، وعلى هذا فالقراءتان سَواءٌ، لا فَضْلَ بينهما، فإن أُرِيدَ به الكثرةُ فهو شاملٌ لكل فَزَع، وإن أُرِيدَ به واحدٌ فتفسيره ما ذكرناه فِي سورة الأنبياء عند قوله:{لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ}

(3)

.

قال الكلبي

(4)

: إذا أَطْبَقَتِ النارُ على أهلها فَزِعُوا فزعةً لم يفزعوا مثلها، وأهلُ الجنة آمنون من ذلك الفزع، وقوله:{يَوْمَئِذٍ} يعني: يوم القيامة، قرأ ابن كثير وابن عامر وأبو عَمْرو بكسر الميم، وقرأ الباقون بالفتح، وهي قراءة ابن مسعود، وقد تقدم نظيره فِي سورة هود

(5)

.

قوله: {وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ} يعني: الشِّرك باللَّه {فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ} تقول: كَبَبْتُ الرَّجُلَ: إذا أَلْقَيْتَهُ على وجهه، فانْكَبَّ وأُكِبَّ، وتقول لهم خَزَنة جهنم:{هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (90)} في الدنيا من الشرك.

(1)

الحجة للقراء السبعة 3/ 248.

(2)

لقمان 19.

(3)

الأنبياء 103، وانظر ما سبق فيها 1/ 213.

(4)

ينظر قول الكلبي فِي الوسيط للواحدي 3/ 387، مجمع البيان 7/ 410، زاد المسير 6/ 197.

(5)

يشير إلى قوله تعالى: {وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ} . هود 66.

ص: 474