الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وابنُ زيد: عنَى بالزَّبور: الكتُبَ المُنْزَلةَ، وبالذِّكر: أُمَّ الكتاب الذي عنده، وقال ابنُ عباس والضحّاك: الذِّكر: التَّوراة، والزَّبور: الكتُبُ المنزَلة من بعد التوراة، وقال الشَّعبي
(1)
: الزَّبور: كتابُ داود، والذِّكر: التَّوراة، وقال بعضهم: الزَّبور: زبورُ داود، والذِّكر: الفرقان.
و {بَعْدِ} بمعنى "قبل"
(2)
كقوله تعالى: {وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ}
(3)
أي: أمامَهم، وقوله:{وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا}
(4)
؛ أي: قبلَ ذلك.
قوله: {إِنَّ فِي هَذَا} يعني القرآنَ {لَبَلَاغًا} ؛ أي: لَكفايةً {لِقَوْمٍ عَابِدِينَ (106) وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107)} للبَرِّ والفاجر، وهو نصَبٌ على المصدر أو الحال.
فصلٌ
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قيل: يا رسولَ اللَّه: ادْعُ على
= والمفسرين، أخذ التفسير عن ابن عباس، وتنقل في الأسفار، واستقر بالكوفة وبها توفِّي سنة (104 هـ). [سير أعلام النبلاء 4/ 449: 457، الأعلام 5/ 278].
(1)
عامر بن شراحيل، أو عبد اللَّه بن عبد ذي كبار الشعبي الحميري أبو عمرو، تابعي محدث راوية فقيه شاعر، ولد ونشأ بالكوفة، واتصل بعبد الملك بن مروان، واستقضاه عمر بن عبد العزيز، توفِّي فجأة بالكوفة سنة (103 هـ)، من كتبه: الكفاية في العبادة والطاعة. [سير أعلام النبلاء 4/ 294 - 319، الأعلام 3/ 251].
(2)
قال قطرب: "ومنه [يعني من الأضداد] أيضًا "بَعْدُ" في معنى "قَبْلُ"، قال اللَّه عز وجل:{وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ} ، الأضداد لقطرب ص 100، وينظر: إعراب القرآن 2/ 468، إعراب القراءات السبع 2/ 69، الكشف والبيان 6/ 313.
(3)
الكهف 79.
(4)
النازعات 30.
المشركين، قال:"إِنِّي لم أُبْعَثْ لَعّانًا، وَإنَّما بُعِثْتُ رَحْمةً"
(1)
.
قوله عز وجل: {قَالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ} ؛ أي: افْصِلْ بيني وبين مَنْ كَذَّبَنِي بالحق، واللَّه لا يَحكم إلّا بالحقّ، وفيه وجهانِ من التأويل، قال أهلُ التفسير: الحقُّ هاهنا بمعنى: العذاب، كأنه استَعجل العذابَ لقومه، فعذِّبوا يومَ بدر، نظيرُه قوله تعالى:{رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ}
(2)
، وقال قَتادة
(3)
: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا شهد قتالًا قال: {قَالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ} ، وقال أهل المعاني
(4)
: معناه: ربِّ احكُمْ بحُكمك الحقِّ، فحُذِفَ الحكم وأُقِيمَ الحقُّ مقامَه.
واختلف القُرّاء في هذه الآية
(5)
، فقَرأَ حفص:{قَالَ رَبِّ} بالألف على الخبر، وقرأ الباقون:{قُلْ} على الأمر، وقرأ أبو جعفرٍ:{رَبُّ احْكُمْ} برفع الباء على نداءِ المفرَد
(6)
، وقَرأ الضحّاك ويعقوبُ في بعض رواياته: {رَبِّي
(1)
رواه البخاري في الأدب المفرد ص 76، ورواه مسلم في صحيحه 8/ 24/ كتاب البر والصلة والآداب/ باب من لعنه النبيُّ صلى الله عليه وسلم أو سَبَّهُ، وينظر: المعجم الكبير 19/ 189، الدر المنثور 4/ 342.
(2)
الأعراف 89.
(3)
قتادة بن دعامة بن قتادة بن عزيز أبو الخطاب السدوسي البصري، تابعي مفسر حافظ ضريرٌ، صاحبُ أنس بن مالك، كان أحفظ أهل البصرة رأسًا في العربية واللغة وأيام العرب والنسب، كان يرى القدر، وقد يدلس في الحديث، توفِّي بواسطٍ سنة (118 هـ). [سير أعلام النبلاء 5/ 269 - 283، الأعلام 5/ 189].
(4)
قاله ابن خالويه في إعراب القراءات السبع 2/ 69، وينظر: الكشف والبيان 6/ 314.
(5)
ينظر في هذه القراءات: السبعة ص 431، 432، مختصر ابن خالويه ص 95، 96، المحتسب 2/ 69، تفسير القرطبي 11/ 351، البحر المحيط 6/ 319، الإتحاف 2/ 268.
(6)
قال النحاس: "وهذا عند النحويين لحن، لا يجوز عندهم: رَجُلُ أَقْبِلْ، حتى تقول: يا رَجُلُ"، إعراب القرآن 3/ 84، ووجه ضعفه أن فيه حذف حرف النداء من المنادى المفرد، =
أَحْكَمُ} بإثبات الياء على وجه الخبر بأنّ اللَّه سبحانه أحكمُ بالحقِّ من كلِّ حاكم، وهذه قراءةٌ غير مَرْضيّة لمخالفة المصحَف والقُرّاء، وقرأ الباقون:{رَبِّ احْكُمْ} على وجهِ الدعاء.
من قرأ: {رَبِّ احْكُمْ} جَزَمَهُ على الأمر، ومن قَرأَ:{رَبِّي احْكُمْ} فمحل {رَبِّي} رفعٌ بالابتداء، و {احْكُمُ}: خبرُه، و {رَّبُنا}: ابتداءٌ و {الرَّحْمَنُ} : خبره و {الْمُسْتَعَانُ} : خبرٌ ثانٍ، وقيل: نعتُه {وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ (112)} من الكذب والباطل، واللَّه أعلم، وباللَّه التوفيق.
* * *
= وينظر: المحتسب 2/ 69، 70، البحر المحيط 6/ 319. ويمكن أن يقال: هذا ليس من نداء المفرد كما زعم الجبلي، بل هو من نداء المضاف إلى ياء المتكلم، واكتفي من الإضافة بِنِيَّتِها، وضُمَّ كما تُضَمُّ المفرداتُ، وهذه لغة حكاها سيبويه، ينظر: الكتاب 2/ 209.