الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الجِبْلي
(1)
: "وقوله: {أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ} قرأ ابنُ عامر بضمِّ الهاء، ومثله:{يَاأَيُّهَ السَّاحِرُ} في الزُّخرف
(2)
، و {أَيُّهَ اَلثَّقَلَانِ} في الرحمن
(3)
، قال أبو عليٍّ الفارسي
(4)
: وهذا لا يتَّجه؛ لأنّ آخِرَ الاسم هو الياءُ الثانية من "أَيُّ"، فينبغي أن يكونَ المضمومُ آخِرَ الاسم، ولو جاز أن يُضَمُّ الهاءُ -من حيث كان مقترنًا بالكلمة- لَجازَ أن يُضَمَّ الميمُ في "اللَّهُمَّ" لأنه آخِرُ الكلمة، وينبغي ألّا يُقرأَ بِهذا، ولا يُؤخَذَ به".
وأمّا ابنُ جِنِّي فقد نَقَل عنه الجِبْلي في موضعٍ واحدٍ فقط، فقال
(5)
: "قَرأَ العامّة: {يَامَالِكُ}
(6)
بإثباتِ الكاف، وقَرأَ عَلِيُّ بنُ أَبِي طالب رضي الله عنه والأعمشُ:{يا مالِ} بحذف الكاف على الترخيم، ورَوَى أبو الدَّرداء ذلك عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال أبو الفتح عثمانُ بن جِنِّي
(7)
: هذا من أحقِّ الأشياءِ بالترخيم؛ لأنه موضعٌ قد ذَهَبَتْ فيه قُواهُم، ولم تنفَعْ فيه شكواهم، فضَعُفُوا عن تتميم نداءِ مالكٍ خازِنِ النار".
رابعًا: مصادرُ مِصريّة:
ويمثِّلُها عند الجِبْلي: إعرابُ القرآن لأبي جعفرٍ النَّحّاس، وشرحُ المقدِّمة المُحْسِبةِ، وشرحُ جُمَل الزَّجّاجي لابن بابَشاذ.
1 -
إعرابُ القرآن للنَّحاس: الجِبْلي وإن كان قد نَقَل عن النَّحّاس نقلًا صريحًا في واحدٍ وعشرينَ موضعًا فقط، إلّا أنه تأثَّر به تأثُّرًا كبيرًا؛ لأنّ أكثرَ الآراء التي نقلها الجِبْلي عن النحّاس كانت بغير عَزْو، وربّما نَقَل الجِبْلي كلامَ النحّاس واختيارَه في
(1)
البستان 1/ 322.
(2)
الآية 49.
(3)
الآية 31.
(4)
الحجة للقراء السبعة 3/ 198، 199.
(5)
البستان 2/ 489.
(6)
الزخرف 77.
(7)
المحتسب 2/ 257 باختلاف كبير في ألفاظه.
إعرابٍ ما دون أن يعلِّق عليه، بما يوحي بأنه يؤيِّد النحّاسَ فيما ذهب إليه، وكان الجِبْلي يحكي كلامَ النحّاس أحيانًا بقوله:"قال الصَّفّارُ"، أو:"قاله الصَّفّارُ"، وهذا في عشَرة مواضعَ، وكان أحيانًا يقول:"قال أبو جعفرٍ"، وهذا في موضعَيْن، وأحيانًا يقول:"قال النَّحّاسُ"، أو:"قاله النَّحّاسُ"، وهذا في تسعة مواضع، وكان نَقْله عن النحّاس -كما ذكرتُ- بطريقةٍ من اثنتَيْن:
الأُولى: النُّقل الصَّريح: حيث يصرِّح بالإشارة إلى النحّاس، ومن أمثلة ذلك ما يلي:
1 -
في قوله تعالى: {اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ}
(1)
قال الجِبْلي
(2)
: "قال أبو جعفرٍ النحّاس
(3)
: كان الأعمشُ يقف على: {وَمَكْرَ السَّيِّئْ} ، فيترُك الحركة، وهو وَقْفٌ حَسَنٌ تامّ، ثم غَلِطَ عليه الراوي، فرَوَى أنه كان يحذف الإعرابَ، فتابَعَ حمزةُ الغالطَ، فقَرأَ في الإدراج بتَرْك الحركة".
2 -
(4)
، قال الجِبْلي
(5)
: "وقوله: {غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ} قيل: هما معرفتان، فيكون خفضُهما على النَّعت، وقيل: هما نَكِرةٌ، فيكون خفضُهما على البدَل، وأما {شَدِيدِ الْعِقَابِ} و {ذِي الطَّوْلِ} فهما نكِرتانِ، فيكون خفضُهما على البدَل لا على النُّعت، هكذا ذكره الصَّفّارُ
(6)
".
(1)
فاطر 43.
(2)
البستان 2/ 212.
(3)
إعراب القرآن 3/ 377.
(4)
غافر 1: 3.
(5)
البستان 2/ 377.
(6)
يعني النحاس، ينظر: إعراب القرآن 4/ 26.
والثانية: النَّقل غيرُ الصَّريح: حيث ينقُل عنه بدون الإشارة إليه، ومن أمثلته ما يلي:
1 -
في قوله تعالى: {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ}
(1)
، قال الجِبْلي
(2)
: "ولا يجوز في الكلام: اقتربَ حسابُهم للناس؛ لئلّا يُقَدَّمَ مُضْمَرٌ على مُظْهَرٍ لا يجوز أن يُنْوَى فيه التأخيرُ". اهـ، وهذا الكلام قاله النحّاس بنصِّه
(3)
.
2 -
في قوله تعالى: {وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ}
(4)
، قال الجِبْلي
(5)
: "معطوفٌ على الجبال، ويجوزُ أن يكونَ بمعنى: معَ الطّير، كما تقول: التقَى الماءُ والخشبةَ" اهـ، وهذا ما قاله النحّاس في إعرابِ القرآن
(6)
.
2 -
شرحُ المقدِّمة المُحْسِبةِ، وشرحُ جُمَلِ الزَّجّاجِىِّ لطاهر بن أحمدَ بن بابَشاذ، وهذانِ الكتابان كان لهما أثرٌ كبيرٌ لا في الجِبْلي وحدَه، بل في علماءِ اليمن بصفةٍ عامّة، وقد ذكرتُ السببَ في ذلك في الفصل الأول من هذه الدراسة
(7)
، وكان نقلُه عن كتُب ابن بابَشاذ بطريقةٍ من اثنتَيْن:
الأولى: النَّقل الصَّريح، وهذا هو الغالبُ فيما نَقَله الجِبْلي عن كتابَيْ طاهر ابن أحمد إليه، ومن أمثلة ذلك ما يلي:
(1)
الأنبياء 1.
(2)
البستان 1/ 178.
(3)
في إعراب القرآن 3/ 63.
(4)
الأنبياء 79.
(5)
البستان 1/ 198.
(6)
3/ 75، 76.
(7)
1/ 27.
1 -
في قوله تعالى: {يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ}
(1)
، قال الجِبْلي
(2)
: "قيل: اللامُ صِلةٌ، مجازُها: يدعو مَن ضُرُّه أقربُ من نَفْعِه، وهكذا قرأها ابنُ مسعود، وقال طاهر بن أحمد
(3)
: مَنْ قال: اللام هاهنا زائدةٌ ففاسدٌ؛ لأنّها لا تقَعُ أولًا في أقوى مراتبِها وتكونُ زائدةً، وإنّما زِيدت وسَطًا في قول بعضهم:
أُمُّ الحُلَيْسِ لَعَجُوزٌ شَهْرَبَهْ تَرْضَى منَ الَّلحْمِ بِعَظْمِ الرَّقَبه".
2 -
في قوله تعالى: {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا}
(4)
، قال الجِبْلي
(5)
: "وقال طاهر بن أحمد
(6)
: ليس المرادُ بالسلام في الآيةِ الكرامةَ والتحيّة، وإنّما المرادُ به التَّبَرُّؤُ والتَّخْلِيةُ؛ لأنه خطابُ المؤمنين للجاهلين، كأنّهم قالوا: تَبَرَّأْنا منكم تَبَرُّؤًا، وسُلِّمْنا منكم تَسْلِيمًا، فأَوْقَعَ السلامَ موقعَ التسليم، فانتصب بانتصابه، فلذلك وَجَب نصبُه".
- في قوله تعالى: {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا (31) حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا}
(7)
، قال الجِبْلي
(8)
: "وقال طاهر ابن أحمد
(9)
: {حَدَائِقَ} : بدَلٌ من {وَأَعْنَابًا} ، وهو بَدَلُ بمِرةٍ من نَكِرةٍ. قال: ومثله من الشعر:
وكُنْتُ كذِي رِجْلَيْنِ: رِجْلٍ صَحِيحةٍ
…
ورِجْلٍ رَمَى فيها الزَّمانُ فَشَلَّتِ".
(1)
الحج 13.
(2)
البستان 1/ 468.
(3)
شرح جمل الزجاجي 1/ 136.
(4)
الفرقان 63.
(5)
البستان 1/ 391.
(6)
شرح جمل الزجاجي 2/ 152.
(7)
النبأ 32، 31.
(8)
البستان 4/ 258.
(9)
شرح المقدمة المحسبة ص 425، وينظر: شرح جمل الزجاجي 1/ 57.