الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيما جهر به (1).
وسمعت شيخنا الإمام عبد العزيز بن عبد الله ابن باز رحمه الله يقول: ((هذه الروايات تدل على أن قراءة الفاتحة فرض، واختلف في قراءتها للمأموم: فقيل: فرض مطلقاً، وهذا أرجح الأقوال وأظهرها في الدليل، وقيل لا تجب مطلقاً، وقيل: إنها فرض في السرية لا في الجهرية، والراجح القول الأول، لكن إن تركها المأموم جهلاً، أو نسياناً، أو تقليداً صحت صلاته، أما إذا تركها عمداً مع علمه بالأدلة فهذا محل الخطر)) (2).
عاشراً: آداب الإمام في الصلاة على النحو الآتي:
1 - تخفيف الصلاة مع الكمال والتمام
؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا أمَّ أحدكم الناس فليخفف؛ فإن فيهم الصغير، والكبير، والضعيف، والمريض [وذا الحاجة] فإذا صلى وحده فليصلّ كيف شاء)) (3)؛ولحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن معاذ بن جبل رضي الله عنه كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء ثم يرجع فيؤمُّ قومه، فصلى العشاء فقرأ بالبقرة، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال:((يا معاذ أفتانٌ أنت؟ أو فاتنٌ أنت؟)) ثلاث مرات. ((فلولا صليت بـ {سَبّحِ اسْمَ رَبّكَ الأعلى}، و {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا}، {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى}؛فإنه يصلي وراءك: الكبير، والضعيف، وذو الحاجة)) (4)؛ ولحديث أبي مسعود رضي الله عنه قال: جاء رجل
(1) انظر: فتح البر في الترتيب الفقهي لتمهيد ابن عبد البر، 5/ 108، وصلاة الجماعة للسدلان، ص165، وفتاوى ابن تيمية، 23/ 265 - 330، والشرح الممتع لابن عثيمين، 4/ 245 - 255، وحاشية ابن قاسم على الروض، 2/ 278، والمغني لابن قدامة، 2/ 259 - 268.
(2)
سمعته أثناء تقريره على بلوغ المرام لابن حجر، الأحاديث رقم: 294 - 296، وانظر مجموع فتاوى ابن باز للطيار، 4/ 382.
(3)
متفق عليه: البخاري، كتاب باب إذا صلى لنفسه فليطول ما شاء، برقم 703، ومسلم، كتاب الصلاة، باب أمر الأئمة بتخفيف الصلاة في تمام، برقم 467، واللفظ لمسلم.
(4)
متفق عليه: البخاري واللفظ له، كتاب الأذان، باب من شكا إمامه إذا طول، برقم 705، ومسلم، كتاب الصلاة، باب القراءة في العشاء برقم 465.
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: والله يا رسول الله إني لأتأخر عن صلاة الصبح من أجل فلان، مما يطيل بنا، فما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم غضب في موعظة قطّ أشدَّ مما غضب يومئذٍ، ثم قال:((أيها الناس، إن منكم منفّرين (1)، فأيكم أمَّ الناس فليخفف؛ فإن فيهم [المريض]، والضعيف، والكبير، وذا الحاجة)) (2)؛ ولحديث أبي قتادة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((إني لأقوم في الصلاة أريد أن أطوّل فيها، فأسمع بكاء الصبي فأتجوَّز (3) في صلاتي كراهية أن أشق على أمّه)) (4)؛ ولحديث عثمان بن أبي العاص، وفيه:((أمَّ قومك، فمن أمَّ قوماً فليخفف؛ فإن فيهم الكبير، وإن فيهم المريض، وإن فيهم الضعيف، وإن فيهم ذا الحاجة، وإذا صلى أحدكم وحده فليصل كيف شاء)) (5)؛ ولحديث أنس رضي الله عنه قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوجز في الصلاة ويكمّلُها)) (6).
والتخفيف أمر نسبي يُرجع فيه إلى ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، وواظب عليه، وهديه الذي واظب عليه هو الحاكم على كل ما تنازع فيه الناس، وقد جاءت الأحاديث الصحيحة تبيّن قراءة النبي صلى الله عليه وسلم في الصلوات الخمس، وسبق بيان ذلك في صفة الصلاة، فَفِعل النبي صلى الله عليه وسلم هو التخفيف الذي أمر به؛ ولهذا قال ابن عمر رضي الله عنهما: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بالتخفيف
(1) منفرين: المنفر الذي يذكر للإنسان شيئاً يخافه ويكرهه فينفر منه. جامع الأصول لابن الأثير،5/ 591.
(2)
متفق عليه: البخاري، كتاب الأذان، باب تخفيف الإمام في القيام، وإتمام الركوع والسجود، برقم 702، ومسلم، كتاب الصلاة، باب أمر الأئمة بتخفيف الصلاة في تمام، برقم 466، وما بين المعقوفين من رواية للبخاري، برقم 90.
(3)
فأتجوز: التجوز في الأمر: التخفيف والتسهيل. جامع الأصول لابن الأثير،5/ 591.
(4)
البخاري، كتاب الأذان، باب من أخف الصلاة عند بكاء الصبي، برقم 707، وثبت أيضاً من حديث أنس عند البخاري، برقم 709، ومسلم، برقم 473.
(5)
مسلم، كتاب الصلاة، باب أمر الأئمة بتخفيف الصلاة في تمام، برقم 468.
(6)
متفق عليه: البخاري، كتاب الأذان، باب الإيجاز في الصلاة وإكمالها، برقم 706، ومسلم، كتاب الصلاة، باب أمر الأئمة بتخفيف الصلاة في تمام، برقم 469.