الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أو الغداة حتى تطلع الشمس، فإذا طلعت الشمس قام، وكانوا يتحدثون فيأخذون في أمر الجاهلية فيضحكون ويتبسّم)) (1). ولفظ أحمد:((شهدت النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من مائة مرة في المسجد، وأصحابه يتذاكرون الشعر وأشياء من أمر الجاهلية، فربما تبسم معهم)) (2). قال النووي رحمه الله: ((فيه جواز الضحك والتبسّم)) (3).وقال القرطبي رحمه الله: ((يمكن أن يقال: إنهم في ذلك الوقت كانوا يتكلمون؛ لأن الكلام فيه جائز غير ممنوع، إذ لم يرد في ذلك منع، وغاية ما هنالك أن الإقبال في ذلك الوقت على ذكر الله تعالى أفضل وأولى، ولا يلزم من ذلك أن يكون الكلام مطلوب الترك في ذلك الوقت، والله تعالى أعلم)) (4).قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ((وأما الكلام الذي يحبه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم في المسجد فحسن، وأما المحرَّم فهو في المسجد أشد تحريماً، وكذلك المكروه، ويكره فيه فضول المباح)) (5).
20 - رفع الأصوات في المساجد ممنوع
؛ لأنه يشوّش على المصلين، ولو بقراءة القرآن؛ لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد فسمعهم يجهرون بالقرآن، فكشف الستر وقال:((ألا إن كلكم مناج ربَّه، فلا يؤذينَّ بعضكم بعضاً، ولا يرفع بعضكم على بعضٍ في القراءة)) أو قال: ((في الصلاة)) (6).
(1) مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل الجلوس في مصلاه بعد صلاة الصبح، برقم670.
(2)
أحمد بلفظه 5/ 91، والترمذي بنحوه، في كتاب الأدب، باب ما جاء في إنشاد الشعر، برقم 2850، وقال:((حديث حسن صحيح))، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي، 3/ 137 [طبعة مكتبة المعارف].
(3)
شرح النووي على صحيح مسلم،5/ 177.
(4)
المفهم لِمَا أشكل من تلخيص كتاب مسلم، 2/ 296.
(5)
مجموع فتاوى شيخ الإسلام، ابن تيمية، 22/ 200، 262.
(6)
أبو داود، كتاب التطوع، باب رفع الصوت بالقراءة في صلاة الليل، برقم 1332، وصححه الألباني في صحيح أبي داود،1/ 147،ورواه أحمد بنحوه في المسند،2/ 67، عن ابن عمر رضي الله عنهما وصححه أحمد شاكر في شرحه للمسند، برقم 928، و5349.
وعن السائب بن يزيد رضي الله عنه قال: ((كنت قائماً في المسجد فحصبني (1) رجل، فنظرت فإذا عمر بن الخطاب، فقال: اذهب فأتني بهذين، فجئته بهما، فقال: من أنتما؟ أو من أين أنتما؟ قالا: من أهل الطائف، قال: لو كنتما من أهل البلد لأوجعتكما، ترفعان أصواتكما في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم)) (2).
وعن كعب بن مالك رضي الله عنه أنه تقاضى ابنَ أبي حدرد ديناً كان له عليه في المسجد، فارتفعت أصواتهما، حتى سمعهما رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في بيته، فخرج إليهما حتى كشف سِجفَ حجرته (3) فنادى:((يا كعب))، قال: لبيك يا رسول الله، قال:((ضع من دينك هذا)) وأومأ إليه: أي الشطر، قال كعب: قد فعلت يا رسول الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((قم فاقضه)) (4)،قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: ((وفي الحديث جواز رفع الصوت في المسجد، وهو كذلك ما لم يفحش
…
والمنقول عن مالك منعه في المسجد مطلقاً، وعنه التفرقة بين رفع الصوت بالعلم والخير، وما لا بد منه فيجوز، وبين رفعه باللغط ونحوه فلا)) (5). ونقل الحافظ ابن حجر رحمه الله عن المهلب قوله:((لو كان رفع الصوت في المسجد لا يجوز لما تركهما النبي صلى الله عليه وسلم، ولبيَّن لهما ذلك)) قال ابن حجر: ((قلت: ولمن منع أن يقول: لعله تقدم نهيه عن ذلك، فاكتفى به، واقتصر على التوصل بالطريق المؤدية إلى ترك ذلك بالصلح المقتضي لترك المخاصمة، الموجبة لرفع الصوت)) (6)،وسمعت شيخنا الإمام عبد العزيز ابن عبد الله ابن باز رحمه الله يقول: ((وهذا فيه جواز طلب قضاء الدين في المسجد، كأن يقول: أعطني ديني، وهذا ليس كالبيع، [أو] يقول: اقضني
(1) فحصبني: حصبته: إذا رميته بالحصباء، وهي الحصى الصغار. جامع الأصول لابن الأثير، 11/ 205.
(2)
البخاري، كتاب الصلاة، باب رفع الصوت في المسجد، برقم 470.
(3)
سِجْف حجرته: الستر، وقيل: أحد طرفي الستر المفرج. فتح الباري، لابن حجر، 1/ 552.
(4)
البخاري، كتاب الصلاة، باب التقاضي والملازمة في المسجد، برقم 457.
(5)
فتح الباري، 1/ 552.
(6)
فتح الباري، 1/ 552.