الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تخرج يوم العيد قبل الصلاة؛ لسدّ حاجة الفقراء يوم العيد، وإغنائهم يوم العيد عن المسألة.
ولا يجوز تأخيرها بعد الصلاة؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: ((فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طُهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين، فمن أداها قبل الصلاة فهي صدقة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات)) (1).
ولكن زكاة الفطر لا تجب إلا بغروب شمس آخر يوم من رمضان: فمن أسلم بعد الغروب، أو تزوج، أو ولد له ولد، أو مات قبل الغروب لم تلزم فطرتهم (2).
3 - مقدار زكاة الفطر وأنواعها:
هو صاع من قوت البلد الذي يأكله الناس، وقد ثبت في حديث ابن عمر رضي الله عنهما الذي ذكرته آنفاً أنه قال: ((فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير
…
)). وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه كان يقول: ((كنا نُخرج زكاة الفطر: صاعاً من طعام، أو صاعاً من شعير، أو صاعاً من تمر، أو صاعاً من أقط، أو صاعاً من
زبيب)). وفي لفظ للبخاري: ((كنا نُعطيها في زمان النبي صلى الله عليه وسلم
…
)). وفي لفظ لمسلم: ((كنا نُخرج إذ كان فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر عن كل صغير، وكبير، حرٍّ أو مملوك: صاعاً من طعام، أو صاعاً من أقط، أو صاعاً من شعير، أو
(1) أبو داود، كتاب الزكاة، باب زكاة الفطر، برقم 1609، وابن ماجه، كتاب الزكاة، باب صدقة الفطر، برقم 1827، وحسنه الألباني في صحيح أبي داود، برقم 1609، وصحيح ابن ماجه، برقم 1854، وإرواء الغليل، برقم 843.
(2)
انظر: الكافي لابن قدامة، 1/ 170، والروض المربع، وقال الإمام النووي:((قوله: من رمضان)) إشارة إلى وقت وجوبها وفيه خلاف للعلماء: فالصحيح من قول الشافعي أنها تجب بغروب الشمس ودخول أول جزء من ليلة عيد الفطر. والثاني تجب لطلوع الفجر ليلة العيد، وقال أصحابنا: تجب بالغروب والطلوع معاً، فإن ولد بعد الغروب أو مات قبل الطلوع لم تجب، وعن مالك روايتان: كالقولين، وعند أبي حنيفة تجب بطلوع الفجر)) شرح النووي على صحيح مسلم، 7/ 63، وانظر: المقنع والشرح الكبير مع الإنصاف، 7/ 113.
صاعاً من تمر، أو صاعاً من زبيب، فلم نزل نخرجه حتى قدم علينا معاوية بن أبي سفيان حاجّاً أو معتمراً فكلم الناس على المنبر فكان فيما كلم به الناس أن قال: إني أرى مدين من سمراء الشام تعدل صاعاً من تمر، فأخذ الناس بذلك، قال أبو سعيد: فأما أنا فلا أزال أخرجه كما كنت أخرجه أبداً ما عشت)) (1).
وفي لفظ ابن ماجه قال أبو سعيد: ((لا أزال أخرجه كما كنت أخرجه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبداً ما عشت)) (2). وفي حديث أبي سعيد زيادات لم أذكرها؛ لأن فيها نظراً (3)، أما رأي معاوية رضي الله عنه في أن البر يعدل المدّ منه المدَّين من غيره فيجزئ نصف صاع، فقال عنه الحافظ ابن حجر رحمه الله: ((حديث أبي سعيد دال على أنه لم يوافق على ذلك، وكذلك ابن عمر، فلا إجماع في المسألة خلافاً للطحاوي، وكأن الأشياء التي ثبت ذكرها في حديث أبي سعيد لما كانت متساوية في مقدار ما يخرج منها مع ما يخالفها في القيمة دل على أن المراد إخراج هذا المقدار من أي جنسٍ كان ولا فرق بين الحنطة وغيرها، وهذه حجة
الشافعي ومن تبعه. وأما من جعله نصف صاع منها بدل صاع من شعير فقد فعل ذلك بالاجتهاد)) (4).
(1) متفق عليه: البخاري، كتاب الزكاة، باب صدقة الفطر صاع من طعام، برقم 1506، وباب صاع من زبيب، برقم 1508، ومسلم، كتاب الزكاة، باب زكاة الفطر على المسلمين، برقم 985.
(2)
ابن ماجه، كتاب الزكاة، باب صدقة الفطر، برقم 1829.
(3)
من ذلك الحنطة، قال الحافظ بعد ذكره لزيادة الحنطة عند الحاكم وابن خزيمة: ((قال ابن خزيمة: ((ذكر الحنطة في خبر أبي سعيد غير محفوظ ولا أدري ممن الوهم
…
)) ثم نقل الحافظ أن أبا داود أشار إلى أن ذكر الحنطة في خبر أبي سعيد غير محفوظ، وذكر أن معاوية بن هشام روى في هذا الحديث: نصف صاع من بر، وهو وهم وأن ابن عيينة حدث به عن ابن عجلان عن عياض فزاد فيه:((أو صاعاً من دقيق)) وأنهم أنكروا عليه فتركه، قال أبو داود [القائل ابن حجر] وذكر الدقيق وهم من ابن عيينة)) فتح الباري، 3/ 373.
(4)
فتح الباري، شرح صحيح البخاري، 3/ 374.
وقد قال الإمام النووي رحمه الله: ((قوله: عن معاوية أنه كلم الناس على المنبر فقال: إني أرى أن مدين من سمراء الشام يعدل صاعاً من تمر فأخذ الناس بذلك، قال أبو سعيد: فأما أنا فلا أزال أخرجها كما كنت أخرجها أبداً ما عشت، فقوله سمراء الشام: هي الحنطة وهذا الحديث هو الذي يعتمده أبو حنيفة وموافقوه في جواز نصف صاع حنطة، والجمهور يجيبون عنه بأنه قول صحابي وقد خالفه أبو سعيد وغيره ممن هو أطول صحبة، وأعلم بأحوال النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا اختلف الصحابة لم يكن قول بعضهم بأولى من بعض، فنرجع إلى دليل آخر. وجدنا ظاهر الأحاديث، والقياس متفقاً على اشتراط الصاع من الحنطة كغيرها، فوجب اعتماده، وقد صرح معاوية بأنه رأيٌ رآه لا أنه سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم، ولو كان عند أحد من حاضري مجلسه مع كثرتهم في تلك اللحظة علم في موافقة معاوية عن النبي صلى الله عليه وسلم لذكره)) (1).
وسمعت شيخنا الإمام عبد العزيز بن عبد الله ابن باز رحمه الله يقول فيمن جعل مُدَّين من الحنطة تقوم مقام الصاع من غيرها: ((اجتهد معاوية فجعل عدله مدين، والصواب أنه لابد من صاع أخذاً بالنص؛ ولهذا قال أبو سعيد: أما أنا فلا أخرج إلا صاعاً وهو الصواب كما تقدم (2)، والله تعالى أعلم (3).
ومقدار الصاع الذي تؤدى به زكاة الفطر هو صاع النبي صلى الله عليه وسلم،وهو
(1) شرح النووي على صحيح مسلم، 7/ 67.
(2)
سمعته أثناء تقريره على صحيح البخاري، الحديث رقم 1507، 1508.
(3)
وفي سنن أبي داود، برقم 1620 عن ثعلبة بن صعير قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيباً، فأمر بصدقة الفطر صاع تمر، أو صاع شعير، عن كل رأس. وفي زيادة:((أو صاع بر أو قمح بين اثنين، عن الكبير والصغير، والحر والعبد)).وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود،1/ 449،وذكر الشوكاني الروايات في نيل الأوطار،3/ 102، التي جاءت في أن نصف الصاع يجزئ، ثم قال:((وهذه تنهض بمجموعها للتخصيص))، ولكن سماحة شيخنا ابن باز رحمه الله يرى أن جميع الكفارات الإطعام فيها يكون نصف صاع، أما زكاة الفطر فقد حددها النبي صلى الله عليه وسلم بصاع.