الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخوف، ويؤخذ من هذا استحباب انتظار الداخل أثناء الركوع حتى يدرك الركوع ما لم يشق على المأمومين، والله أعلم (1).
5 - لا يصلي في موضعه الذي صلى فيه المكتوبة
؛ لما روي عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه يرفعه: ((لا يصلي الإمام في الموضع الذي صلى فيه، حتى يتحوّل)) (2). وقد جاءت آثار في كراهة تطوع الإمام في مكانه الذي أمَّ فيه الناس حتى يتحوّل من مكانه، فعن علي رضي الله عنه قال:((إذا سلم الإمام لم يتطوع حتى يتحول من مكانه أو يفصل بينهما بكلام)) (3). وعن ابن عمر: ((أنه كره إذا صلى الإمام أن يتطوع في مكانه ولم ير به لغير الإمام بأساً)) (4). وعن عبد الله بن عمرو: ((أنه كره للإمام أن يصلي في مكانه الذي صلى فيه الفريضة)) (5). وعن سعيد بن المسيب والحسن أنهما كانا يعجبهما إذا سلم الإمام أن يتقدم)) (6). وعن علي رضي الله عنه قال: ((لا يتطوع الإمام في المكان الذي أمَّ فيه القوم حتى يتحوّل أو يفصل بكلام)) (7). قال الإمام البخاري - رحمه الله تعالى -: ((قال لنا آدم،
(1) انظر: الروض المربع مع حاشية ابن قاسم، 2/ 291 - 292، والشرح الممتع لابن عثيمين،
4/ 276 - 283.
(2)
أبو داود، في كتاب الصلاة، باب الإمام يتطوع في مكانه، برقم 616، وابن ماجه في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الصلاة النافلة حيث تصلى المكتوبة، برقم 1428، وصححه الألباني فقال في مشكاة المصابيح، 1/ 300، بعد أن ذكر انقطاعه وعلته:((لكن الحديث صحيح، فإن له شاهدين ذكرتهما في صحيح أبي داود، 629)). وصححه الألباني أيضاً لهذين الشاهدين في صحيح سنن أبي داود، 1/ 184، وفي صحيح سنن ابن ماجه، 1/ 429. وسمعت شيخنا الإمام عبد العزيز بن عبد الله ابن باز أثناء تقريره على المنتقى للمجد ابن تيمية، الحديث رقم 1503 يقول: ((حديث ضعيف، لكن المعنى صحيح؛ لهذا ثبت عن علي رضي الله عنه قال: ((من السنة أن لا يصلي الإمام في مكانه)) بل يقوم من مكانه، حتى لا يظن أنه في الفريضة، وهذا أولى [و] من السنة)).
(3)
المصنف لابن أبي شيبة، كتاب الصلوات، باب من كره للإمام أن يتطوع في مكانه،2/ 209.
(4)
المصنف لابن أبي شيبة، كتاب الصلوات، باب من كره للإمام أن يتطوع في مكانه 2/ 209.
(5)
المرجع السابق، 2/ 209.
(6)
المرجع السابق، 2/ 209.
(7)
المرجع السابق، 2/ 210.
حدثنا شعبة عن أيوب عن نافع قال: كان ابن عمر يصلي في مكانه الذي صلى فيه الفريضة، وفعله القاسم (1)، ويذكر عن أبي هريرة رفعه:((لا يتطوع الإمام في مكانه، ولم يصح)) (2).
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: ((وروى ابن أبي شيبة بإسناد حسن عن علي قال: ((من السنة أن لا يتطوع الإمام حتى يتحول من مكانه)) (3). وحكى الإمام ابن قدامة في المغني عن الإمام أحمد أنه كره ذلك (4). قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: ((وكأن المعنى في كراهة ذلك: خشية التباس النافلة بالفريضة)) (5).
وعن السائب بن يزيد أن معاوية رضي الله عنه قال له: ((إذا صليت الجمعة فلا تَصِلْها بصلاة حتى تتكلم أو تخرج؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا بذلك: أن لا توصل صلاة بصلاة حتى نتكلم أو نخرج)) (6).قال الإمام النووي-رحمه الله: ((هذا فيه دليل لما قاله أصحابنا أن النافلة الراتبة وغيرها يستحب أن يتحوّل لها عن موضع الفريضة إلى موضع آخر، وأفضله التحوّل إلى بيته، وإلا فموضع آخر من المسجد، أو غيره؛ ليكثر مواضع سجوده؛ ولتنفصل صورة النافلة عن صورة الفريضة، وقوله: ((حتى يتكلم)) دليل إلى أن الفصل بينهما يحصل بالكلام أيضاً، ولكن بالانتقال أفضل، لما ذكرناه والله أعلم)) (7).
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: ((ففي هذا إرشاد إلى طريق
(1) القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق. فتح الباري لابن حجر، 2/ 335.
(2)
البخاري، كتاب الأذان، باب مكث الإمام في مصلاه بعد السلام، قبل الحديث رقم 848، ورقم الباب 157.
(3)
فتح الباري،2/ 335، وانظر: مصنف ابن أبي شيبة، 2/ 209 - 210.
(4)
المغني لابن قدامة، 2/ 257 - 258.
(5)
فتح الباري، 2/ 335.
(6)
مسلم، برقم 883،وتقدم تخريجه في صلاة التطوع: الفصل بين النوافل والفرائض بخروج أو كلام.
(7)
شرح النووي على صحيح مسلم، 6/ 420.
الأمن من الالتباس، وعليه تحمل الأحاديث المذكورة ويؤخذ من مجموع الأدلة: أن للإمام أحوالاً؛ لأن الصلاة: إما أن تكون مما يتطوع بعدها أو لا يتطوع، الأول: اختلف فيه هل يتشاغل قبل التطوع بالذكر المأثور ثم يتطوع؟ وهذا الذي عليه عمل الأكثر. وعند الحنفية يبدأ بالتطوع. وحجة الجمهور حديث معاوية، ويمكن أن يقال: لا يتعين الفصل بين الفريضة والنافلة بالذكر؛ بل إذا تنحَّى من مكانه كفى، فإن قيل لم يثبت الحديث في التنحي؟ قلنا: قد ثبت في حديث معاوية: ((أو تخرج)) (1)، ويترجح تقديم الذكر المأثور بتقييده في الأخبار الصحيحة بدبر الصلاة))، ثم قال رحمه الله:((وأما الصلاة التي لا يُتطوع بعدها فيتشاغل الإمام ومن معه بالذكر المأثور، ولا يتعين له مكان، بل إن شاؤوا انصرفوا وذكروا، وإن شاؤوا مكثوا وذكروا .. )) (2).
وعن أبي هريرة مرفوعاً: ((أيعجز أحدكم أن يتقدم أو يتأخر، أو عن يمينه أو عن شماله في الصلاة)) يعني في السبحة (3).
وقال الإمام الشوكاني رحمه الله بعد الكلام على حديث المغيرة، وحديث أبي هريرة هذا: ((والحديثان يدلان على مشروعية انتقال المصلي عن مصلاه الذي صلى فيه لكل صلاة يفتتحها من أفراد النوافل، أما الإمام بنص الحديث الأول، وبعموم الثاني، وأما المؤتم والمنفرد فبعموم الحديث الثاني، وبالقياس على الإمام، والعلة في ذلك تكثير مواضع
(1) فتح الباري، 2/ 335.
(2)
فتح الباري، 2/ 335.
(3)
أبو داود، برقم 1006، وابن ماجه، برقم 1427، وأحمد، 2/ 425، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 1/ 279، الطبعة الجديدة والطبعة القديمة، 1/ 188. وسمعت العلامة ابن باز يقول أثناء تقريره على المنتقى لأبي البركات، الحديث رقم 1504: ((حديث ضعيف، لكن بعض السلف كان يتحول من مكانه، من باب الحرص على تعدد البقاع، وكان ابن عمر يصلي في مكانه، وجاء في أبي داود أنه كان يتحول يوم الجمعة، فمن تحول فلا بأس، ومن بقي مكانه فلا بأس، والأمر في هذا واسع بعد الفريضة أو النافلة)).