الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
معين بين التكبيرات، ولكن ذُكر عن ابن مسعود أنه قال: يحمد الله، ويثني عليه ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم،ذكره الخلال، وكان ابن عمر مع تحريه للاتباع يرفع يديه مع كل تكبيرة
…
)) (1).
ثامناً: خطبة صلاة العيد بعد الصلاة: فإذا سلم الإمام قام فاستقبل الناس وخطبهم
(2) بما يناسب الحال، فإن كان في عيد الفطر: أمرهم
(1) زاد المعاد، 1/ 443.
(2)
الأحاديث الصحيحة لم تصرح بخطبتي العيد والذي اعتمد عليه الفقهاء رحمهم الله هو ما جاء عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أحد الفقهاء السبعة زمن التابعين أنه قال: ((السنة أن يخطب الإمام في العيدين خطبتين يفصل بينهما بجلوس)) [أخرجه الشافعي في مسنده، 1/ 158، والأم، 1/ 211، وهو بهامش الأم، ص110]، قال الشوكاني في هذا الحديث:((يرجحه القياس على الجمعة، وعبيد الله بن عبد الله تابعي كما عرفت فلا يكون قوله: ((من السنة)) دليلاً على أنها سنة النبي صلى الله عليه وسلم كما تقرر في الأصول)). نيل الأوطار، 2/ 606، وقد ورد في حديث جابر رضي الله عنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فطر أو أضحى فخطب قائماً، ثم قعد قعدة ثم قام)) [ابن ماجه، برقم 1289، قال الشوكاني: ((في إسناده إسماعيل بن مسلم، وهو ضعيف)) [نيل الأوطار، 2/ 606، وقال العلامة الألباني: ((منكر سنداً ومتناً: والمحفوظ أن ذلك في خطبة الجمعة ومن حديث جابر بن سمرة كما في (م). ضعيف ابن ماجه، ص95، والتعليق على ابن خزيمة، 2/ 349]، وسمعت شيخنا الإمام عبد العزيز بن عبد الله ابن باز أثناء تقريره على حديث عبيد الله بن عبد الله في منتقى الأخبار، برقم 1685، يقول:((هذا الحديث مرسل ولكن تقاس خطبة العيد على الجمعة مع هذا الحديث المرسل، وعلى هذا العلماء والأخيار، ومن خطب خطبة واحدة للعيد، فيذكر باتباع العلماء والأخيار، وأنهم لم يخطبوا خطبة واحدة وإنما خطبوا خطبتين)).
وقال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في الشرح الممتع على زاد المستقنع، 5/ 191 - 192: قوله: ((فإذا سلم خطب خطبتين)) ((هذا ما مشى عليه الفقهاء رحمهم الله أن خطبة العيد اثنتان؛ لأنه ورد هذا في حديث أخرجه ابن ماجه بإسناد فيه نظر
…
ومن نظر في السنة المتفق عليها، تبين له بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخطب إلا خطبة واحدة؛ لكنه بعد أن أنهى الخطبة الأولى توجه إلى النساء ووعظهن فإن جعلنا هذا أصلاً في مشروعية الخطبتين فمحتمل مع أنه لا يصح؛ لأنه إنما نزل إلى النساء وخطبهن لعدم وصول الخطبة إليهن، وهذا احتمال، ويحتمل أن يكون الكلام وصلهن، ولكن أراد أن يخصهن بخصيصة؛ ولهذا ذكرهن، ووعظهن، بأشياء خاصة بهن)).
بصدقة الفطر، وبيَّن لهم وجوبها، وثوابها، وقدر المخرج، وجنسه، وعلى من تجب، وإلى من تدفع، وأن من أخرجها قبل الصلاة فهي زكاة مُتقبّلة، ومن أخرجها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات. ويأمر بالتقوى، ويعظ، ويوصي بطاعة الله. وإن كان في عيد الأضحى ذكر الأضحية، وفضلها، وأنها سنة مؤكدة جداً، وبين ما يجزئ فيها، ووقتها، وذبحها، والعيوب التي تمنع منها، وكيفية تفرقتها، وما يقول المسلم عند ذبحها، ويأمر بالتقوى، ويوصي بطاعة الله تعالى ويذكر الناس، ويأمر بالصدقة لفعل النبي صلى الله عليه وسلم (1).
فقد ثبت في الحديث الصحيح من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: ((كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى، فأول شيء يبدأ به الصلاة، ثم ينصرف فيقوم مقابل الناس والناس جلوس على صفوفهم، فيعظهم، ويوصيهم، ويأمرهم، فإن كان يريد أن يقطع بعثاً قطعه، أو يأمر بشيء أمر به، ثم ينصرف)). وفي لفظ مسلم: وكان يقول: ((تصدقوا، تصدقوا، تصدقوا)). وكان أكثر من يتصدق النساء، ثم ينصرف (2).
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: ((شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة يوم العيد فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بغير أذان ولا إقامة، ثم قام متوكئاً على بلال، فأمر بتقوى الله، وحث على طاعته، ووعظ الناس، وذكرهم، ثم مضى حتى أتى النساء فوعظهن، وذكرهن، فقال: ((تصدقن
(1) انظر: المغني لابن قدامة، 3/ 278، والإعلام بفوائد عمدة الأحكام لابن الملقن، 4/ 222، وزاد المعاد، 1/ 445،والمقنع مع الشرح الكبير والإنصاف،5/ 351 - 353.
(2)
متفق عليه: البخاري، كتاب العيدين، باب الخروج إلى المصلى بغير منبر، برقم 956، ومسلم، كتاب صلاة العيدين، باب كتاب صلاة العيدين، برقم 889.
فإن أكثركنّ حطب جهنم)) فقامت امرأة من سِطة (1) النساء سفعاء الخدين (2) فقالت: لِمَ يا رسول الله؟ قال: ((لأنكن تُكثِرن الشّكاة (3) وتكفرْن العشير)) (4) قال: فجعلهن يتصدقن من حليهن، ويلقين في ثوب بلال من أقرطهن (5) وخواتيمهن)) (6). ولفظ البخاري:((قام النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفطر فصلى فبدأ بالصلاة، ثم خطب، فلما فرغ نزل فأتى النساء، فذكرهن وهو يتوكأ على يد بلال، وبلال باسط ثوبه يلقي فيه النساء الصدقة)) (7).
وعن طارق بن شهاب قال: أول من بدأ بالخطبة يوم العيد قبل الصلاة: مروان، فقام إليه رجل فقال: الصلاة قبل الخطبة؟ فقال: قد ترك ما هنالك، فقال أبو سعيد: أما هذا فقد قضى ما عليه، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:((من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان)) (8).
والخطبة بعد الصلاة؛ لفعل النبي صلى الله عليه وسلم؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال:
(1) سطة النساء: من خيار النساء، وفي بعض نسخ مسلم: وسطة النساء: والوسط العدل والخيار. شرح النووي على صحيح مسلم، 6/ 425، ورجح أن المعنى: امرأة من وسط النساء جالسة في وسطهن. شرح النووي، 6/ 426.
(2)
سفعاء الخدين: فيها تغير وسواد. شرح النووي، 6/ 426.
(3)
الشكاة: الشكوى. شرح النووي، 6/ 426.
(4)
العشير: المخالط، وحمله الأكثرون على الزوج، والمعنى أنهن يجحدن الإحسان لضعف عقولهن، وقلة معرفتهن، فيستدل به على ذم من يجحد إحسان ذي الإحسان. شرح النووي، 6/ 426.
(5)
من أقرطهن: جمع قرط، وهو كل ما علق من شحمة الأذن فهو قرط سواء كان من ذهب أو خرز، وأما الخرص فهو الحلقة الصغيرة من الحلي. شرح النووي على صحيح مسلم، 6/ 426.
(6)
خواتيمهن: جمع خاتم وفيه ست لغات، والفتخ: الخواتيم العظام، وقيل: هي خواتيم لا فصوص لها، الإعلام بفوائد عمدة الأحكام لابن الملقن، 4/ 342.
(7)
متفق عليه: البخاري، كتاب العيدين، باب موعظة الإمام النساء يوم العيد، برقم 978، ومسلم، كتاب صلاة العيدين، باب صلاة العيدين، برقم 4 - (885).
(8)
مسلم، كتاب الإيمان، باب كون النهي عن المنكر من الإيمان، برقم 49.
((شهدت (1) العيد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وعمر، وعثمان رضي الله عنهم، فكلهم كانوا يصلون قبل الخطبة)) (2).
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما يصلون العيدين قبل الخطبة)) (3). قال الإمام ابن قدامة رحمه الله: ((وجملته أن خطبتي العيدين بعد الصلاة، لا نعلم فيه خلافاً بين المسلمين، إلا عن بني أمية
…
ولا يعتد بخلاف بني أمية؛ لأنه مسبوق بالإجماع الذي كان قبلهم، ومخالف لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحيحة، وقد أُنكِرَ عليهم فعلهم، وعُدَّ بدعة، ومخالفاً للسنة)) (4).
وخطبة العيد تبدأ بالحمد (5) قال الإمام ابن القيم رحمه الله: ((وكان صلى الله عليه وسلم يفتتح خطبه كلها بالحمد لله، ولم يحفظ عنه في حديث واحد أنه كان يفتتح خطبتي العيدين بالتكبير
…
)) (6). وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ((لم ينقل أحد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه افتتح خطبة بغير الحمد (7): لا خطبة عيد، ولا خطبة
(1) شهدت: حضرت.
(2)
متفق عليه: البخاري، كتاب العيدين، باب الخطبة بعد العيد، برقم 962، ومسلم، كتاب صلاة العيدين، باب كتاب صلاة العيدين، برقم 884.
(3)
متفق عليه: البخاري، كتاب العيدين، باب الخطبة بعد العيد، برقم 963، ومسلم، كتاب صلاة العيدين، باب كتاب صلاة العيدين، برقم 888.
(4)
المغني، 3/ 276.
(5)
وقيل يبدأ بالتكبير؛ لحديث عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال: ((السنة التكبير على المنبر يوم العيد، يبتدئ خطبته الأولى بتسع تكبيرات قبل أن يخطب، ويبدأ الآخرة بسبع)) [أخرجه عبد الرزاق، برقم5672 - 5674،وابن أبي شيبة،2/ 190، والبيهقي، 3/ 299، وعبيد الله من التابعين. وعن عمار بن سعد مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يكبّر بين أضعاف الخطبة، يكثر التكبير في خطبة العيدين)) [ابن ماجه، برقم 1287، والحاكم، 3/ 607، والبيهقي، 3/ 299، وضعفه الألباني في إرواء الغليل، 3/ 120، لضعف عبد الرحمن بن سعد، وأبوه وجده لا يعرف حالهم. وانظر: ضعيف ابن ماجه، ص95.
(6)
زاد المعاد، 1/ 447.
(7)
قال ابن القيم: ((وقد اختلف الناس في افتتاح خطبة العيدين، والاستسقاء، فقيل: يفتتحان بالتكبير، وقيل: تفتتح خطبة الاستسقاء بالاستغفار، وقيل: يفتتحان بالحمد، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وهو الصواب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله فهو أجذم)). [أحمد، برقم 8697،وأبو داود، برقم 4840، وابن ماجه، برقم 1894، وضعفه الألباني في ضعيف أبي داود، ص394،برقم 4840]،وكان يفتتح خطبه كلها بالحمد)). زاد المعاد، 1/ 448.
استسقاء، ولا غير ذلك)) (1).
ودلت السنة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب يوم العيد على مكان مرتفع؛ لحديث جابر رضي الله عنه وفيه: ((قام النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفطر، فصلى، فبدأ بالصلاة، ثم خطب، فلما فرغ نزل فأتى النساء فذكرهن
…
)) (2). قال الإمام ابن القيم رحمه الله: ((ولا ريب أن المنبر لم يكن يخرج من المسجد، وأول من أخرجه مروان بن الحكم، فأُنكر عليه، وأما منبر اللبن والطين فأول من بناه كثير بن الصلت في إمارة مروان على المدينة، فلعله صلى الله عليه وسلم كان يقوم في المصلى إلى مكان مرتفع، أو دكان، وهي التي تسمى مصطبة، ثم ينحدر منه إلى النساء فيقف عليهن، فيخطبهن، فيعظهن، ويذكرهن، والله أعلم (3). وعن أبي كامل الأحمسي رضي الله عنه قال: ((رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب على ناقة، وحبشيٌّ آخذ بخطام الناقة)) (4).
ورخّص النبي صلى الله عليه وسلم لمن شهد العيد أن يجلس للخطبة، وأن يذهب (5)؛ لحديث عبد الله بن السائب رضي الله عنه قال:((شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العيد فلما قضى الصلاة قال: ((إنا نخطب فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس، ومن أحب أن يذهب فليذهب)) (6). قال الإمام ابن قدامة رحمه
(1) مجموع فتاوى ابن تيمية، 22/ 393.
(2)
متفق عليه: البخاري برقم 978، ومسلم، برقم 885، وتقدم تخريجه.
(3)
زاد المعاد، 1/ 447.
(4)
النسائي، كتاب صلاة العيدين، باب الخطبة على البعير، برقم 1572، وابن ماجه، كتاب إقامة الصلوات، باب ما جاء في الخطبة في العيدين، برقم 1284، وحسنه الألباني في صحيح النسائي، برقم 1572.
(5)
زاد المعاد، 1/ 448.
(6)
أبو داود، كتاب الصلاة، باب الجلوس للخطبة، برقم 1155،والنسائي، كتاب صلاة العيدين، باب التخيير بين الجلوس في الخطبة للعيدين، برقم 1570، وابن ماجه، كتاب إقامة الصلوات، باب ما جاء في انتظار الخطبة بعد الصلاة، برقم 1290، وصححه الألباني في صحيح النسائي،
1/ 510،وفي المواضع السابقة كلها وغيرها.
الله: ((والخطبة سنة لا يجب حضورها، ولا استماعها، وإنما أُخّرت عن الصلاة والله أعلم؛ لأنها لما كانت غير واجبة جعلت في وقت يتمكن من أراد تركها مِنْ تَرْكِهَا، بخلاف خطبة الجمعة، والاستماع لها أفضل)) (1)، وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب يوم الأضحى بمنى في حجة الوداع على ناقته العضباء (2)، وخطب صلى الله عليه وسلم بين أوسط أيام التشريق بمنى (3)، وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: سمعت خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى يوم النحر (4).
وعن عبد الرحمن بن معاذ التيمي رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن بمنى ففُتحت أسماعنا، حتى كُنَّا نسمع ما يقول ونحن في منازلنا، فطفق يعلمهم مناسكهم
…
)) (5).
فظهر في هذه الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب في منى في حجة الوداع: يوم النحر، ثم خطب أوسط أيام التشريق، ومن أعظم خطبه ما ثبت من حديث أبي بكر رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر [قعد على بعيره وأمسك إنسان بخطامه، أو بزمامه، ثم قال]((أتدرون أي يوم هذا))؟ قلنا: الله ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، فقال:((أليس يومَ النحر))؟ قلنا: بلى، قال:((أيّ شهر هذا))؟ قلنا: الله ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، فقال:((أليس بذي الحجة))؟ قلنا: بلى، قال:((أيّ بلد هذا))؟ قلنا: الله ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، قال:((أليست بالبلدة الحرام))؟ قلنا: بلى، قال: ((فإن
(1) المغني، 3/ 279، وانظر: المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف، 5/ 351 - 358.
(2)
أبو داود، كتاب المناسك، باب من قال خطب يوم النحر، برقم 1954، وحسنه الألباني في صحيح أبي داود،1/ 549، وأخرجه أحمد أيضاً،3/ 485.
(3)
أبو داود، كتاب المناسك، باب أي يوم خطب بمنى، برقم 952، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود،1/ 548.
(4)
سنن أبي داود، كتاب المناسك، باب من قال خطب يوم النحر، برقم 1955، وصححه الألباني في صحيح أبي داود،1/ 549.
(5)
أبو داود، كتاب المناسك، باب ما يذكر الإمام بخطبته في منى، برقم 1957، وصححه الألباني في صحيح أبي داود،1/ 549.