الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واختاره ابن تيمية، وهذا فيه احتياط وبرأة للذمة)) (1)،وسمعته مرة أخرى يقول:((والصواب أن صلاة الجمعة تصح بثلاثة: الإمام، واثنان معه)) (2)، قلت: وهذا القول الذي لا تطمئن النفس إلا إليه)) (3).
الشرط الثالث: أن يكونوا بقرية مستوطنين بها مبنية بما جرت به العادة لا يرحلون عنها صيفاً ولا شتاء
، قال الإمام ابن قدامة رحمه الله: ((فأما القرية فيعتبر أن تكون مبنية بما جرت به العادة ببنائها به: من حجر، أو طين، أو لَبِن، أو قصب، أو شجر ونحوه، فأما أهل الخيام وبيوت الشعر
…
فلا جمعة عليهم ولا تصح منهم؛ لأن ذلك لم ينصب للاستيطان غالباً، وكذلك كانت قبائل العرب حول المدينة فلم يقيموا جمعة، ولا أمرهم بها
(1) سمعته أثناء تقريره على بلوغ المرام لابن حجر، الحديث رقم 491.
(2)
سمعته أثناء تقريره على صحيح البخاري، الحديث رقم 936.
(3)
وقد استدل الإمام الشافعي، والإمام أحمد وعمر بن عبد العزيز وغيرهم في اشتراط الأربعين لصلاة الجمعة، بما رواه أبو داود، برقم 1069، وابن ماجه، برقم 1082 عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك وكان قائد أبيه بعدما عمي بصره، عن أبيه كعب بن مالك أنه كان إذا سمع النداء يوم الجمعة ترحّم لأسعد بن زرارة، فقلت له: إذا سمعت النداء ترحمت لأسعد بن زرارة؟ قال: لأنه أوّل من جمّع بنا في هزم النبيت من حرة بني بياضة في نقيع يقال له نقيع الخصمان، قلت: كم كنتم يومئذ؟ قال: أربعون)) [وحسنه الألباني في صحيح أبي داود، 1/ 295، وصحيح ابن ماجه 1/ 320، والعلامة ابن باز في مجموع الفتاوى، 12/ 361. وقال الشوكاني: وصحح الحافظ إسناده]. وذكر الإمام الشوكاني أيضاً: ((بأنه لا دلالة في الحديث على اشتراط الأربعين؛ لأن هذه واقعة عين، وذلك أن الجمعة فرضت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو بمكة قبل الهجرة كما أخرجه الطبراني عن ابن عباس، فلم يتمكن من إقامتها هنالك من أجل الكفار، فلما هاجر من هاجر من أصحابه إلى المدينة كتب إليهم يأمرهم أن يجمّعوا، واتفق أن عدتهم إذن كانت أربعين، وليس فيه ما يدل على أن ما دون الأربعين لا تنعقد بهم الجمعة، وقد تقرر في الأصول أن وقائع الأعيان لا يحتج بها على العموم
…
وما أخرجه الطبراني عن أبي مسعود الأنصاري قال: أول من قدم المدينة من المهاجرين مصعب بن عمير وهو أول من جمع بها يوم الجمعة قبل أن يقدم النبي صلى الله عليه وسلم، وهم اثنا عشر رجلاً، وفي إسناده صالح بن أبي الأخضر وهو ضعيف. قال الحافظ: ويجمع بينه وبين حديث الباب بأن أسعد كان أميراً، ومصعب كان إماماً
…
)) انتهى كلام الشوكاني في نيل الأوطار، 2/ 494 - 495. وأما ما أخرجه الدراقطني عن جابر رضي الله عنه:((مضت السنَّة أن في كل أربعين فما فوق جمعة وأضحى وفطر)). فقال العلامة الألباني في إرواء الغليل، 3/ 69:((ضعيف جداً)). وسمعت شيخنا ابن باز يقول أثناء تقريره على بلوغ المرام، الحديث رقم 491:((ضعيف))؛ بل قد ضعفه ابن حجر في البلوغ أيضاً.
النبي صلى الله عليه وسلم، ولو كان ذلك لم يخفَ ولم يُترك نقله مع كثرته وعموم البلوى به، لكن إن كانوا مقيمين بموضع يسمعون النداء لزمهم السعي إليها، كأهل القرية الصغيرة إلى جانب المصر
…
ويشترط في القرية أن تكون مجتمعة البناء بما جرت به العادة في القرية الواحدة، فإن كانت متفرقة المنازل تفرقاً لم تجرِ العادة به لم تجب عليهم الجمعة)) (1)، ولكن لو اجتمع في
القرية الصغيرة ما تنعقد به الجمعة وجبت عليهم ويتبعهم الباقون، ولا يشترط اتصال البناء بعضه ببعض، ومتى كانت القرية لا تجب عليهم الجمعة، ولكن كانوا يسمعون النداء من المدينة؛ فإنه يلزمهم السعي إليها لعموم الآية (2)، وقد تقدم شيء من التفصيل في ذلك، في حكم صلاة الجمعة: من تجب عليه ومن لا تجب عليه (3).
وقد أقيمت الجمعة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم في قرية بالبحرين، فعن ابن عباس أنه قال:((إن أول جمعة جُمّعت بعد جمعة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجد عبد القيس بجوثى من البحرين)) يعني قرية من البحرين (4)، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:((ووجه الاستدلال منه أن الظاهر أن عبد القيس لم يُجَمّعوا إلا بأمر النبي صلى الله عليه وسلم؛ لما عُرِفَ من عادة الصحابة من عدم الاستبداد بالأمور الشرعية في زمن نزول الوحي؛ ولأنه لو كان ذلك لا يجوز لنزل فيه القرآن، كما استدل جابر وأبو سعيد على جواز العزل بأنهم فعلوه والقرآن ينزل فلم يُنهَوا عنه)) (5)، وتقدم أن أسعد بن زرارة أول من جَمَّعَ في المدينة قبل مقدم النبي صلى الله عليه وسلم في قرية
(1) المغني، لابن قدامة، 3/ 203.
(2)
المرجع السابق، 3/ 203.
(3)
انظر: الشرط السادس من شروط فرضية الجمعة.
(4)
البخاري، كتاب الجمعة، باب الجمعة في القرى والمدن، برقم 892، وكتاب المغازي، باب وفد عبد القيس، برقم 4371.
(5)
فتح الباري، لابن حجر، 2/ 380، وذكر آثاراً عن الصحابة في إقامة الجمع في القرى. وانظر: نيل الأوطار للشوكاني، 2/ 498.