الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أو كراهة أكثرهم معتبرة، والاعتبار بكراهة أهل الدين دون غيرهم (1).
وقال الترمذي رحمه الله: ((قال هنَّاد: قال جرير: قال منصور: فسألنا عن أمر الإمام؛ فقيل لنا: إنما عنى بهذا الأئمة الظلمة، فأما من أقام السنة فإنما الإثم على من كرهه)) (2). وسمعت شيخنا الإمام ابن باز رحمه الله يقول: ((ذكر أهل العلم رحمهم الله أن كراهة المأمومين فيها تفصيل: فمراد النبي صلى الله عليه وسلم إذا كرهوه بحق، أما إذا كانت كراهتهم له؛ لأنه صاحب سنة، أو [لأنه] يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر فلا وجه لكراهتهم، وهذا مأخوذ من الأدلة الشرعية، أما إذا كرهوه لشحناء بينهم، أو لفسقه، أو يشق عليهم، أو لعدم عنايته بالصلاة، أو عدم مواظبته، فلا ينبغي أن يصلي بهم؛ لأنه مسيء إليهم، فلا يجوز له أن يصلي بهم في هذه الحال، وهو داخل في هذا الوعيد في هذه الأحاديث)) (3).
17 - إمامة الزائر لقوم منهيٌّ عنها إلا بإذنهم
؛ لحديث مالك بن الحويرث رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من زار قوماً فلا يؤمَّهم، وليؤُمَّهم رجل منهم)) (4). قال الإمام الترمذي رحمه الله: ((والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم،وغيرهم، قالوا: ((صاحب
(1) انظر: نيل الأوطار للشوكاني، 2/ 417 - 418، والاختيارات الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية، ص106 وقال:((وإذا كان بين الإمام والمأمومين معاداة من جنس معاداة أهل الأهواء أو المذاهب لم ينبغ أن يؤمهم؛ لأن المقصود بالصلاة جماعة الائتلاف، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: ((لا تختلفوا فتختلف قلوبكم)) [مسلم برقم 432]، فإن أمهم فقد أتى بواجب ومحرم يقاوم الصلاة فلم تقبل إذ الصلاة المقبولة ما يثاب عليها)) ص106 - 107، وانظر: حاشية ابن قاسم على الروض المربع، 2/ 327 والشرح الممتع لابن عثيمين، 4/ 353 - 355.
(2)
الترمذي، كتاب الصلاة، باب ما جاء فيمن أم قوماً وهم له كارهون، بعد الحديث رقم 359، وانظر: المغني لابن قدامة، 3/ 171.
(3)
سمعته أثناء تقريره على المنتقى من أخبار المصطفى صلى الله عليه وسلم لأبي البركات ابن تيمية، الأحاديث رقم 1456، 1457.
(4)
أبو داود، كتاب الصلاة، باب إمامة الزائر، برقم 596، والترمذي، كتاب الصلاة، باب فيمن زار قوماً فلا يصلي بهم، برقم 356، وقال:((هذا حديث حسن صحيح))، والنسائي، كتاب الإمامة، باب إمامة الزائر، برقم 787، وأحمد، 5/ 53، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي، 1/ 112.
المنزل أحق بالإمامة من الزائر)). قال: ((وقال بعض أهل العلم: إذا أَذِنَ فلا بأس أن يصلي به)) (1). وقال أبو البركات ابن تيمية: ((وأكثر أهل العلم أنه لا بأس بإمامة الزائر بإذن رب المكان (2)؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي مسعود رضي الله عنه: ((إلا بإذنه)) (3).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يحلّ لرجل يؤمن بالله واليوم الآخر أن يصلي وهو حقن حتى يتخفف)). وقال: ((ولا يحلّ لرجل يؤمن بالله واليوم الآخر أن يؤم قوماً إلا بإذنهم، ولا يختصّ نفسه بدعوة دونهم (4)، فإن فعل فقد خانهم)) (5). قال الإمام الشوكاني رحمه الله:((وقوله في حديث أبي هريرة ((إلا بإذنهم)) يقتضي جواز إمامة الزائر عند رضا المزور، قال العراقي: ويشترط أن يكون المزور أهلاً للإمامة؛ فإن لم يكن أهلاً كالمرأة في صورة كون الزائر رجلاً، والأمي في صورة كون الزائر قارئاً ونحوهما فلا حق له في الإمامة)) (6). وسمعت شيخنا الإمام عبد العزيز بن عبد الله ابن باز رحمه الله يقول:((وفي حديث أبي مسعود في آخره: ((ولا يؤمَّنَّ الرجلُ الرجلَ في سلطانه، ولا يقعدْ في بيته على تكرمته إلا بإذنه)) هذا يفيد أن من زار قوماً فلا يؤمّهم كما في حديث مالك بن الحويرث وإن كان في سنده ضعف لكن حديث أبي مسعود صحيح، فالزائر لا يؤم إلا بإذنٍ إذا زار [القوم] في مسجدهم أو في بيتهم، وحضرت الصلاة فالإمام صاحب البيت، وإن كان في
(1) الترمذي، بعد الحديث رقم 356، وتقدم تخريجه في الذي قبله.
(2)
المنتقى من أخبار المصطفى صلى الله عليه وسلم، بعد الحديث رقم 1422.
(3)
مسلم، برقم 673، وتقدم تخريجه في أولى الناس بالإمامة.
(4)
قوله: ((ولا يختص نفسه بدعوة دونهم)) أي الذي يؤمنون عليه خلفه: كالدعاء في القنوت وغيره والله أعلم. هكذا سمعته من شيخنا ابن باز.
(5)
أبو داود، كتاب الطهارة، باب أيصلي الرجل وهو حاقن؟ برقم 91، قال الألباني في صحيح سنن أبي داود، 1/ 35:((صحيح إلا جملة الدعوة)).
(6)
نيل الأوطار للشوكاني، 2/ 394.