الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث السابع والعشرون: صلاة المريض
أولاً: مفهوم المرض:
المرض: السُّقم، نقيض الصحة، ويقال: المرض والسُّقم في البدن والدين جميعًا، كما يقال الصحة في البدن والدين جميعًا، والمرض في القلب يطلق على كل ما خرج به الإنسان عن الصحة في الدين، وأصل المرض: النقصان، يقال: بدن مريض: ناقص القوة، ويقال: قلب مريض: ناقص الدين، والمرض في القلب: فتورٌ عن الحق، وفي الأبدان، فتورُ الأعضاء (1)، والمرض: جمع أمراض؛ فساد المزاج وسوء الصحة بعد اعتدالها، ومرض الموت: العلة التي يقرر الأطباء أنها علة مميتة (2). وعلى هذا فالمريض: هو الذي اعتلت صحته، سواء كانت في جزء من بدنه أو في جميع بدنه (3).
ثانيًا: صبر المريض واحتسابه
. المريض يجب عليه أن يصبر ويحتسب على الله عز وجل الثواب الذي وعده سبحانه الصابرين، قال الله عز وجل:{إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ} (4).وقال عز وجل: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} (5). وقال سبحانه وتعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} (6). وقال عز وجل: {مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ مّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى الله يَسِيرٌ * لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا
(1) انظر: لسان العرب لابن منظور، باب الضاد، فصل الميم، 7/ 231 - 232، والقاموس المحيط للفيروزآبادي، باب الضاد، فصل الميم، ص843، والمعجم الوسيط، 2/ 863، ومختار الصحاح، مادة ((مرض))، ص259.
(2)
انظر: معجم لغة الفقهاء، للأستاذ الدكتور محمد روّاس، ص391.
(3)
انظر: الشرح الممتع لابن عثيمين، 4/ 459.
(4)
سورة الزمر، الآية:10.
(5)
سورة محمد، الآية:31.
(6)
سورة الأنبياء، الآية:35.
فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَالله لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} (1). وقال تعالى: {مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلا بِإِذْنِ الله وَمَن يُؤْمِن بِالله يَهْدِ قَلْبَهُ وَالله بِكُلّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (2). وقال تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشّرِ الصَّابِرِينَ*الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ*أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مّن رَّبّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} (3). وقال تعالى: {وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} (4). وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ الله مَعَ الصَّابِرِينَ} (5). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((
…
والصبر ضياء)) (6). وعن صهيب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عجبًا لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذلك لأحدٍ إلا للمؤمن، إن أصابته سرَّاء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضّراء صبر فكان خيرًا له)) (7). وعن أنس رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الله عز وجل قال: إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه فصبر عوَّضته منهما الجنة)) يريد عينيه (8).
وعن عائشة رضي الله عنها أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الطاعون فأخبرها ((أنه كان عذابًا يبعثه الله على من شاء فجعله رحمة للمؤمنين (9)، فليس من عبد
(1) سورة الحديد، الآيتان: 22 - 23.
(2)
سورة التغابن، الآية:11.
(3)
سورة البقرة، الآيات: 155 - 157.
(4)
سورة الشورى، الآية:43.
(5)
سورة البقرة، الآية:153.
(6)
مسلم، كتاب الطهارة، باب فضل الوضوء، برقم 223، من حديث أبي مالك الأشعري رضي الله عنه.
(7)
مسلم، كتاب الزهد والرقائق، باب المؤمن أمره كله خير، برقم 2999.
(8)
البخاري، كتاب المرض، باب فضل من ذهب بصره، برقم 5653.
(9)
الطاعون: قيل هو الموت العام، وقيل: المرض العام الذي يفسد له الهواء، وتفسد به الأمزجة والأبدان، وقيل: هو الوباء، وقيل: هو المرض الذي يعم الكثير من الناس في جهة من الجهات، وقيل: أصل الطاعون: القروح الخارجة في الجسد، والوباء عموم الأمراض، فسميت طاعونًا لشبهها بها في الهلاك، وإلا فكل طاعون وباء، وليس كل وباء طاعونًا، انظر: فتح الباري لابن حجر، 10/ 180، وقال النووي في تهذيب الأسماء واللغات، 3/ 186:((مرض معروف هو بثر وورم مؤلم جدًا يخرج مع لهب ويسودّ ما حواليه، أو يخضرّ أو يحمرّ حمرة بنفسجية كدرة يحصل معه خفقان القلب والقيء، ويخرج في المراق والآباط غالبًا والأيدي والأصابع وسائر الجسد)) ورجح ابن حجر في فتح الباري، 10/ 181 ((أن الطاعون يكون من طعن الجن وقرعه))، واستشهد لذلك بأدلة وصحح بعضها.
يقع في الطاعون فيمكث في بلده صابرًا محتسبًا يعلم أنه لا يصيبه إلا ما كتب الله له إلا كان له مثل أجر الشهيد)) (1). وقال صلى الله عليه وسلم: ((
…
إنما الصبر عند الصدمة الأولى)) (2).
وعن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما يصيب المسلم من نصب (3)، ولا وصب (4)، ولا هم، ولا حزن، ولا أذى، ولا غمّ، حتى الشوكة يُشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه)) (5).
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من مسلم يُصيبه أذى من مرض فما سواه إلاّ حطَّ الله سيئاته كما تحطّ الشجرة ورقها)) (6).
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من مسلم يشاك شوكة فما فوقها، إلا كُتب له بها درجة ومُحيت عنه بها خطيئة)) (7).
(1) البخاري، كتاب الطب، باب أجر الصابر على الطاعون، برقم 5734.
(2)
متفق عليه: البخاري، كتاب الجائز، باب زيارة القبور، برقم 1283، ومسلم، كتاب الجنائز، باب الصبر على المصيبة عند الصدمة الأولى، برقم 926.
(3)
النصب: التعب.
(4)
الوصب: المرض.
(5)
متفق عليه: البخاري، كتاب المرضى، باب ما جاء في كفارة المرض، برقم 5641، 5642، ومسلم، كتاب البر والصلة، باب ثواب المؤمن فيما يصيبه، برقم 2573.
(6)
متفق عليه: البخاري، كتاب المرضى، باب شدة المرض، برقم 5647، 5648، ومسلم، كتاب البر والصلة، باب ثواب المؤمن فيما يصيبه، برقم 2571.
(7)
مسلم، كتاب البر والصلة، باب ثواب المؤمن فيما يصيبه، برقم 2572.