الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القرطبي رحمه الله: ((هذه المثلية ليست على ظاهرها
…
وإنما يعني أنه بنى له بثوابه بناءً أشرف وأعظم، وأرفع)) (1). وقال الإمام النووي رحمه الله تعالى -:((يحتمل قوله: ((مثله)) أمرين: أحدهما أن يكون معناه: بنى الله تعالى له مثله في مسمى البيت، وأما صفته في السعة وغيرها فمعلوم فضلها أنها مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
الثاني: ((أن معناه أن فضله على بيوت الجنة كفضل المسجد على بيوت الدنيا)) (2).
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: ((ومن الأجوبة المرضية، أيضاً أن المثلية هنا بحسب الكمية، والزيادة حاصلة بحسب الكيفية، فكم من بيت خير من عشرة بل من مائة)) (3).وهذا هو الاحتمال الأول عند النووي. ولا شك أن التفاوت حاصل قطعاً بالنسبة إلى ضيق الدنيا، وسعة الجنة؛ لأن موضع شبر فيها خير من الدنيا وما فيها (4).
وجاء عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته: علماً علَّمه ونشره، وولداً صالحاً تركه، ومصحفاً ورَّثه، أو مسجداً بناه، أو بيتاً لابن السبيل بناه، أو نهراً أجراه، أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته يلحقه من بعد موته)) (5).
6 - تنظيف المساجد، وتطييبها، وصيانتها
؛ لحديث عائشة رضي الله عنها
(1) المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، للقرطبي، 2/ 130.
(2)
شرح النووي على صحيح مسلم، 5/ 18.
(3)
فتح الباري بشرح صحيح البخاري، 1/ 546.
(4)
فتح الباري بشرح صحيح البخاري،1/ 546.
(5)
ابن ماجه، المقدمة، باب من بلغ علماً، برقم 242، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، 1/ 111.
قالت: ((أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببناء المساجد في الدور (1) وأن تنظف، وتطيب)) (2).
وعن سمرة رضي الله عنه أنه كتب إلى ابنه: ((أما بعد، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمرنا بالمساجد أن نصنعها في دورنا، ونصلح صنعتها، ونطهرها)) (3).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً أسودَ أو امرأة سوداء كان يقمُّ المسجد (4) فمات ولم يعلم النبي صلى الله عليه وسلم بموته، فذكره ذات يوم، فقال:((ما فعل ذلك الإنسان))؟ قالوا: مات يا رسول الله، قال:((أفلا آذنتموني))؟ فقالوا: إنه كان كذا وكذا قصته، قال: فحقروا شأنه، قال:((دلّوني على قبره)) أو قال: ((على قبرها)) فأتى قبرها فصلى عليها، [ثم قال:((إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها، وإن الله عز وجل ينوّرها لهم بصلاتي عليهم)) (5)]. وعن أنس رضي الله عنه قال: بينما نحن في المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ جاء أعرابي فقام يبول في المسجد، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: مه، مه (6)؟ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تزرموه (7) دعوه)) فتركوه حتى بال، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاه فقال له: ((إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول والقذر، إنما هي لذكر الله
(1) بناء المساجد في الدور: قال سفيان: يعني في القبائل، جامع الأصول لابن الأثير 11/ 208.
(2)
أحمد في المسند، 6/ 279، وأبو داود، كتاب الصلاة، باب اتخاذ المساجد في الدور، برقم 455، والترمذي، كتاب الجمعة، باب ما ذكر في تطييب المساجد، برقم 594، وابن ماجه، كتاب المساجد والجماعات، برقم 758، 759، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 1/ 92.
(3)
أبو داود، كتاب الصلاة، باب اتخاذ المساجد في الدور، برقم 456، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 1/ 92.
(4)
قَمُّ المسجد: هو كنسه. الترغيب والترهيب للمنذري، 1/ 268.
(5)
متفق عليه: البخاري، كتاب الصلاة، باب كنس المسجد والتقاط الخرق، والأذى، والعيدان، برقم 458، وكتاب الجنائز، باب الصلاة على القبر بعدما يدفن، برقم 1337، ومسلم كتاب الجنائز، باب الصلاة على القبر، برقم 956، وما بين المعقوفين من رواية مسلم.
(6)
مَهْ مَهْ: معناه اكفف، وهي كلمة زجر قيل: أصلها ما هذا؟ ثم حذف تخفيفاً، وتقال مكررة ومفردة. انظر: نيل الأوطار للشوكاني، 1/ 82.
(7)
لا تزرموه: أي لا تقطعوا عليه بوله. شرح السنة للبغوي، 2/ 401.