الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فهماً، تفهمه القلوب، واعتذر عن أبي هريرة رضي الله عنه بأنه كان واسع الرواية، كثير المحفوظ، فكان لا يتمكن من المهل عند إرادة التحديث، كما قال بعض البلغاء: أريد أن أقتصر فتتزاحم القوافي على فِيَّ (1).
فالسنة للخطيب أن لا يُكثر الحديث؛ لئلا يمل الناس، ولا يستعجل في المتابعة بل يتثبت ويتأنّى (2).
12 - يقصد تلقاء وجهه
؛ لأن في التفاته إلى أحد جانبيه إعراضاً عن الجانب الآخر، ويذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك يخطب مستقبل المأمومين، ونقل عن ابن المنذر أنه قال: هذا كالإجماع، وقال النووي: لا
يلتفت يميناً ولا شمالاً، قال ابن حجر: لأن ذلك بدعة (3)، وأما المأمومون فإنهم ينحرفون إلى الإمام ويستقبلونه بوجوههم؛ لحديث ابن مسعود رضي الله عنه:((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استوى على المنبر استقبلناه بوجوهنا)) (4)؛ ولحديث ثابت رضي الله عنه: ((كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام على المنبر استقبله أصحابه بوجوههم)) (5).
13 - يدعو للمسلمين
؛ لأن الدعاء لهم مسنون في غير الخطبة، ففيها أولى، وإن دعا للسلطان فحسن؛ لأن صلاحه نفع للمسلمين، فالدعاء له دعاء لهم (6).
الثاني عشر: صفة صلاة الجمعة:
صلاة الجمعة ركعتان بالنص وبإجماع المسلمين، فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: ((صلاة الجمعة ركعتان،
(1) فتح الباري، لابن حجر، 6/ 578 - 579.
(2)
انظر: شرح النووي، 16/ 287، و18/ 339، والكافي لابن قدامة، 1/ 493.
(3)
نقلاً عن حاشية ابن قاسم على الروض المربع، 2/ 456، وانظر: الشرح الكبير، 5/ 240، والمغني لابن قدامة، 3/ 179، والكافي، 1/ 492.
(4)
الترمذي، برقم 509، وتقدم تخريجه في آداب الجمعة برقم 6.
(5)
ابن ماجه، برقم 1136، وتقدم تخريجه في آداب الجمعة برقم 6.
(6)
الكافي لابن قدامة، 1/ 494، والشرح الكبير، 5/ 243، وحاشية ابن قاسم على الروض المربع، والشرح الممتع، وكأنه توقف عن السنية حتى يأتي الدليل، وبين بأنه إذا لم يكن دليل فهو جائز. الشرح الممتع، 5/ 87.
وصلاة الفطر ركعتان، وصلاة الأضحى ركعتان، وصلاة السفر ركعتان، تمام غير قصر على لسان محمد صلى الله عليه وسلم)) (1).وقال الإمام ابن المنذر:((وأجمعوا على أن صلاة الجمعة ركعتان، وأجمعوا على أن من فاتته الجمعة من المقيمين أن يصلوا أربعاً)) (2)،إذا فرغ الإمام من خطبة الجمعة نزل وأخذ المؤذن في الإقامة، ثم أمر الإمام بتسوية الصفوف، ثم صلى ركعتين يجهر فيهما بالقراءة، ويستحب أن يقرأ في الركعة الأولى بسورة ((الجمعة)) وفي الركعة الثانية
بسورة ((المنافقون)) (3)، أو ((بسبح والغاشية)) (4) أو ((بالجمعة والغاشية)) (5) كل ذلك ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم (6).
ومن أدرك مع الإمام منها ركعة بركوعها وسجدتيها أضاف إليها ركعة أخرى، وكانت له جمعة، ومن أدرك مع الإمام أقل من ركعة دخل معه بنية الظهر وأتمها ظهراً إذا كان قد دخل وقت الظهر؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة)) (7)؛ولحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أدرك ركعة من صلاة الجمعة أو غيرها فقد أدرك الصلاة)).ولفظ النسائي: ((من أدرك ركعة من الجمعة أو غيرها فلقد تمت صلاته)).وفي لفظ للنسائي أيضاً: ((من أدرك ركعة من صلاة من الصلوات فقد أدركها،
(1) النسائي، كتاب الجمعة، باب عدد صلاة الجمعة، برقم 1419، وكتاب تقصير الصلاة في السفر، برقم 1239، وابن ماجه، كتاب إقامة الصلوات، باب تقصير الصلاة، برقم 1063، 1064، وأحمد، 1/ 37، وصححه الألباني في صحيح النسائي، 1/ 457، 464، وفي صحيح ابن ماجه،
1/ 315، وفي إرواء الغليل، 3/ 105، برقم 638.
(2)
الإجماع لابن المنذر، ص45، برقم 73، وانظر: الشرح الكبير مع المقنع والإنصاف، 5/ 248، وحاشية ابن قاسم على الروض المربع، 2/ 460، والشرح الممتع لابن عثيمين، 5/ 88.
(3)
مسلم، برقم 877، وتقدم تخريجه في آداب الجمعة برقم 11.
(4)
مسلم، برقم 877، وتقدم تخريجه في آداب الجمعة برقم 11.
(5)
رواية لمسلم، برقم 63 (878).
(6)
انظر: الشرح الكبير، لابن قدامة،5/ 249،وحاشية ابن قاسم على الروض،2/ 460.
(7)
متفق عليه: البخاري، برقم 580،ومسلم، برقم 607،وتقدم تخريجه في صلاة الجماعة.
يقضي ما فاته)).ولفظ الدارقطني: ((من أدرك ركعة من صلاة الجمعة وغيرها فليضف إليها أخرى وقد تمت صلاته)) (1). وتدرك الركعة بإدراك ركوعها مع الإمام قبل أن يرفع، وهذا هو الصواب وبالله التوفيق (2).
قال الإمام ابن قدامة رحمه الله تعالى: ((أما من أدرك أقل من ركعة، فإنه لا يكون مدركاً للجمعة ويصلي ظهراً أربعاً)) (3).
والسنة أن يصلي بعد الجمعة أربع ركعات في بيته، وإن صلاها في المسجد فلا بأس، وإن صلى ركعتين فلا بأس؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما (4)، ولكن الأفضل أن يصلي أربعاً؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه (5) والله الموفق (6).
وصلى الله وسلم، وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
(1) ابن ماجه، كتاب إقامة الصلوات، باب ما جاء فيمن أدرك من الجمعة ركعة، برقم 1123، والنسائي، كتاب المواقيت، باب من أدركه من الصلاة، برقم 556، 557، والدارقطني،2/ 12،برقم 12،وصححه الألباني في إرواء الغليل،3/ 84،برقم 622.
(2)
قال الإمام ابن قدامة: ((أكثر أهل العلم يرون أن من أدرك ركعة من الجمعة مع الإمام فهو مدرك لها ويضيف إليها أخرى، ويجزئه، وهذا قول ابن مسعود، وابن عمر، وأنس، وسعيد بن المسيب، والحسن، وعلقمة، والأسود، وعروة، والزهري، والنخعي، ومالك، والشافعي، والثوري، وإسحاق، وأبي ثور، وأصحاب الرأي، وقال: عطاء، وطاوس، ومجاهد، ومكحول: من لم يدرك الخطبة صلى أربعاً؛ لأن الخطبة شرط للجمعة فلا تكون جمعة في حق من لم يوجد في حقه شرطها)) ثم رجح ابن قدامة رحمه الله: أن من أدرك ركعة فقد أدرك الصلاة، ولأنه قول من سمينا من الصحابة ولا مخالف لهم في عصرهم [المغني لابن قدامة، 3/ 183 - 184] وانظر: الشرح الكبير لابن قدامة، 5/ 204 - 206، والشرح الممتع، 5/ 61 - 62.
(3)
المغني لابن قدامة، 3/ 184.
(4)
البخاري، برقم 182، وتقدم تخريجه في صلاة التطوع.
(5)
مسلم، برقم 881، وتقدم تخريجه في صلاة التطوع.
(6)
تقدم الكلام عن سنة الجمعة بعدها في آداب الجمعة، برقم 26.