المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌رد: لا يتعين من المفهوم لجواز استصحابهما وجوب الإتمام فعجب لمخالفة الأصل.أجيب: لم يدل القرآن على أنه الأصل، وعند المخالف الأصل القصر، وقد قال عمر: " صلاة السفر ركعتان تمام غير قصر على لسان محمد - التحبير شرح التحرير - جـ ٦

[المرداوي]

فهرس الكتاب

- ‌(بَاب التَّخْصِيص)

- ‌(قَوْله: {بَاب التَّخْصِيص} )

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ إِلَّا أهل الذِّمَّة؛ فَإِن ذَلِك اسْتثِْنَاء مُنْفَصِل، لَا مُتَّصِل، وَقدم هَذَا القَوْل فِي " جمع الْجَوَامِع

- ‌ لَا بدع فِيهِ؛ لِأَن الْكَلَامَيْنِ كالواحد؛ لِأَنَّهُ مبلغ عَن الله تَعَالَى فَذَاك بِخُصُوص الْمِثَال، لَا فِي كل اسْتثِْنَاء من متكلمين.وَلذَلِك احْتِيجَ فِي قَول الْعَبَّاس بعد قَول النَّبِي

- ‌ بِالِاسْتِثْنَاءِ خشيَة أَن يسكت عَنهُ اتكالا على فهم السَّامع ذَلِك بِقَرِينَة، وَفهم مِنْهُ أَنه يُرِيد اسْتثِْنَاء؛ وَلأَجل ذَلِك أعَاد النَّبِي

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌(قَوْله: فصل)

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ وَالله إِن شَاءَ الله لَا أَحْلف على يَمِين…" الحَدِيث مُتَّفق عَلَيْهِ، وكقول الْكُمَيْت:(وَمَا لي إِلَّا آل أَحْمد شيعَة…وَمَالِي إِلَّا مَذْهَب الْحق مَذْهَب)

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ أَنه قَالَ: " لَا يؤم الرجلُ الرجل فِي سُلْطَانه إِلَّا بِإِذْنِهِ، وَلَا يقْعد على تكرمته فِي بَيته إِلَّا بِإِذْنِهِ "، ثمَّ عِنْد قرينَة اتِّصَال الْجمل، ثمَّ الاستهجان لترك الِاخْتِصَار؛ لِأَنَّهُ يُمكن بعد الْجمل، إِلَّا كَذَا فِي الْجَمِيع.قَالُوا: صَالح للْجَمِيع فَكَانَ لَهُ كالعام فبعضه تحكم

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ أمرت أَن أقَاتل النَّاس حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَه إِلَّا الله " فَجعل ذَلِك غَايَة الْمُقَاتلَة.وَقد أجابوا بِأَن الْإِثْبَات مَعْلُوم، وَإِنَّمَا الْكفَّار يَزْعمُونَ شركه فنفيت الشّركَة بذلك، أَو أَنه وَإِن كَانَ لَا يُفِيد الْإِثْبَات بِالْوَضْعِ اللّغَوِيّ لَكِن يفِيدهُ بِالْوَضْعِ الشَّرْعِيّ، فَإِن الْمَقْصُود

- ‌ لَا صَلَاة إِلَّا بِطهُور " أَن من تطهر يكون مُصَليا، أَو تصح صلَاته، وَإِن فقد بَقِيَّة الشُّرُوط.وَجَوَابه: أَن الْمُسْتَثْنى مُطلق يصدق بِصُورَة مَا لَو تَوَضَّأ، وَصلى فَيحصل الْإِثْبَات، لَا أَنه عَام حَتَّى يكون كل متطهر مُصَليا.وَأَيْضًا فَهُوَ اسْتثِْنَاء شَرط، أَي: لَا صَلَاة إِلَّا

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌(قَوْله: {فصل} {التَّخْصِيص الْمُنْفَصِل} )

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ أَنه صَامَ فِي سفر ثمَّ أفطر، قَالَ: وَكَانَ صحابة رَسُول الله

- ‌ لَا صَلَاة بعد الْعَصْر حَتَّى تغرب الشَّمْس "، فَالْأول خَاص فِي الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة الْفَائِتَة، عَام فِي الْوَقْت، وَالثَّانِي عَكسه؛ لِأَنَّهُ عَام فِي الْمَكْتُوبَة والنافلة، خَاص فِي الْوَقْت.مثله قَوْله

- ‌ نهيت عَن قتل النِّسَاء " فَالْأول عَام فِي الرِّجَال وَالنِّسَاء، خَاص فِي الْمُرْتَدين، وَالثَّانِي

- ‌ فأفتاها بِأَنَّهَا قد حلت بِوَضْع حملهَا.وَأجِيب: بِأَنَّهُ لَا يخرج عَن كَونه مُبينًا إِذا بَين مَا أنزل بِآيَة أُخْرَى منزلَة كَمَا بَين مَا أنزل عَلَيْهِ من السّنة، فَإِن الْكل منزل.تَنْبِيه: لَا يخفى أَن هَذِه الْمَسْأَلَة فرع عَن كَون الْخَاص مَعَ الْعَام يخصصه، سَوَاء تقدم، أَو تَأَخّر

- ‌ لَيْسَ فِيمَا دون خَمْسَة أوسق صَدَقَة "، وَهُوَ كثير، والمخالف فِي ذَلِك دَاوُد الظَّاهِرِيّ وَطَائِفَة فَقَالَ: إنَّهُمَا يتعارضان.ومنشأ الْخلاف أَيْضا مَا سبق فِي أَن السّنة إِنَّمَا تكون مبينَة لَا محتاجة للْبَيَان.قَالَ القَاضِي عبد الْوَهَّاب: منع بَعضهم من تَخْصِيص السّنة بِالسنةِ

- ‌(قَوْله: {فصل} {تَخْصِيص السّنة بِالْكتاب} )

- ‌ لم يَجْعَل لَهَا سُكْنى، وَلَا نَفَقَة لتخصيصه لقَوْله: {أسكنوهن} ؛ وَلِهَذَا قَالَ: كَيفَ نَتْرُك كتاب الله لقَوْل امْرَأَة!رد: لتردده فِي صِحَّته، أَو مُخَالفَته سنة عِنْده، وَلِهَذَا فِي مُسلم: لَا نَتْرُك كتاب الله وَسنة نَبينَا لقَوْل امْرَأَة لَعَلَّهَا حفظت، أَو نسيت.مَعَ أَن

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ ليُّ الْوَاجِد يحل عرضه وعقوبته ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيّ، وَابْن ماجة، وَابْن حبَان، وَالْحَاكِم، وَالْبَيْهَقِيّ، قَالَ الْحَاكِم: صَحِيح الْإِسْنَاد

- ‌ إِذا بلغ المَاء قُلَّتَيْنِ لم يحمل الْخبث ". رَوَاهُ الْأَرْبَعَة، وَصَححهُ ابْن حبَان، وَالْحَاكِم، وَالْبَيْهَقِيّ، وَغَيره.خص بمفهومه وَهُوَ مَا لم يبلغ قُلَّتَيْنِ عُمُوم قَوْله

- ‌ عِنْد الْأَرْبَعَة، وَغَيرهم إِن شَمله الْعُمُوم، وَمنعه قوم، ووقف عبد الْجَبَّار}

- ‌ بِشَرْط على الصَّحِيح من أَقْوَال الْعلمَاء، كَمَا لَو قَالَ: كشف الْفَخْذ حرَام على كل مُسلم، ثمَّ فعله؛ لِأَن فعله كَقَوْلِه فِي الدّلَالَة، سَوَاء فاستويا فِي التَّخْصِيص.وَالظَّاهِر أَنه وَأمته سَوَاء فِيهِ.وَقد خص أَحْمد قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تقربوهن حَتَّى يطهرن} [الْبَقَرَة:

- ‌ نَقله صَاحب " الكبريت الْأَحْمَر " عَن الْكَرْخِي، وَغَيره من الْحَنَفِيَّة، قَالَ: فَإِن تكَرر خص بِهِ إِجْمَاعًا

- ‌ خص بذلك وَخرج من عُمُوم النَّهْي، وَإِن قُلْنَا: إِنَّه

- ‌ على فعل عِنْد أَصْحَابنَا، وَالْأَكْثَر وَهُوَ أقرب من نسخه مُطلقًا، أَو عَن فَاعله، وَقيل: ينْسَخ إِن نسخ بِالْقِيَاسِ} .تَقْرِيره

- ‌ أَو بِمَا تضمنه من سبق قَول بِهِ، فَيكون مستدلا بتقريره على أَنه خص بقول سَابق؛ إِذْ لَا يجوز لَهُم أَن يَفْعَلُوا مَا فِيهِ مُخَالفَة للعام إِلَّا بِإِذن صَرِيح فتقريره دَلِيل ذَلِك.فِيهِ وَجْهَان للشَّافِعِيَّة حَكَاهُمَا ابْن الْقطَّان، وألكيا

- ‌ انْتهى.وَإِن قُلْنَا: إِن قَول الصَّحَابِيّ غير حجَّة فَلَا يكون مُخَصّصا للعام، هَذَا الصَّحِيح الَّذِي عَلَيْهِ مُعظم الْعلمَاء.وَقيل: يخصص بِهِ سَوَاء كَانَ الرَّاوِي صحابيا أَو غَيره، وَنَقله ابْن الْحَاجِب وَغَيره عَن الْحَنَفِيَّة.اسْتدلَّ لقَوْل من قَالَ: إِنَّه لَا يخصص مُطلقًا بِأَن

- ‌ من بدل دينه فَاقْتُلُوهُ " فَإِن مَذْهَب رَاوِيه ابْن عَبَّاس أَن الْمَرْأَة لَا تقتل بِالرّدَّةِ، وَهُوَ مَذْهَب أبي حنيفَة أَيْضا.قيل: وَفِي التَّمْثِيل بِهِ نظر؛ لاحْتِمَال أَن يكون من الْقَائِلين بِأَن من الشّرطِيَّة لَا تتَنَاوَل الْإِنَاث.وَمِنْهَا: قَوْله

- ‌ وَكَانَ سعيد يحتكر الزَّيْت، فَقيل لَهُ، فَقَالَ: إِن معمرا رَاوِي الحَدِيث كَانَ يحتكر.تَنْبِيه: قَالَ ابْن مُفْلِح: وَقد ترْجم بعض أَصْحَابنَا وَبَعض الْحَنَفِيَّة، وَابْن برهَان مَسْأَلَة هَل يخص الْعُمُوم بِمذهب الرَّاوِي. انْتهى.وَقَالَ الْبرمَاوِيّ: فِي مَوْضُوع الْمَسْأَلَة اضْطِرَاب، فَمرَّة

- ‌ نهى عَن لبس الْحَرِير للرِّجَال، ثمَّ أذن فِي لبسه لعبد الرَّحْمَن بن عَوْف، وَالزُّبَيْر بن الْعَوام؛ لقمل كَانَ بهما وإذنه لَهما فِي

- ‌ لَا يصلين أحد مِنْكُم الْعَصْر إِلَّا فِي بني قُرَيْظَة "} ، قَالَ

- ‌ فِي " الصَّحِيح ": " لَا يصلين أحد مِنْكُم الْعَصْر إِلَّا فِي بني قُرَيْظَة " ثمَّ ذكر لَهُ أَن طَائِفَة صلت فِي الطَّرِيق فِي الْوَقْت، وَطَائِفَة صلت فِي بني قُرَيْظَة بعد الْوَقْت، فَلم يعب وَاحِدَة مِنْهُمَا

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ وأقرهم عَلَيْهَا، وَكَذَا إِذا دلّ على جَوَاز ذَلِك النَّوْع بِجِنْسِهِ مَعَ التَّفَاضُل الْإِجْمَاع

- ‌ حَتَّى يجْتَمع كَلَامه.وَقَالَ الْقَرَافِيّ: شَذَّ الْآمِدِيّ بحكاية الْخلاف فِي الْعَادة الفعلية

- ‌ أَيّمَا إهَاب دبغ فقد طهر "، فَهَذَا عَام، وَقَوله

- ‌ من مس ذكره فَليَتَوَضَّأ " عَام فِيمَا

- ‌ إِذا أفْضى أحدكُم بِيَدِهِ إِلَى ذكره فَليَتَوَضَّأ " وَالْيَد بعض مَا يمس بِهِ.وَمِنْهَا نَهْيه

- ‌(بَاب الْمُطلق والمقيد)

- ‌(قَوْله: {بَاب} )

- ‌ إِذا ولغَ الْكَلْب فِي إِنَاء أحدكُم فليغسله سبع مَرَّات " وَورد فِي رِوَايَة: " إِحْدَاهُنَّ بِالتُّرَابِ "، وَفِي رِوَايَة: " أولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ "، وَفِي أُخْرَى: " السَّابِعَة بِالتُّرَابِ ". رَوَاهَا أَبُو دَاوُد، وَهِي معنى: " وعفروه الثَّامِنَة بِالتُّرَابِ "، قيل: إِنَّمَا سميت ثامنة لأجل

- ‌ لبس الْخُفَّيْنِ بِعَرَفَات، وَكَانَ مَعَه الْخلق الْعَظِيم من أهل مَكَّة، والبوادي، واليمن مِمَّن لم يشْهد خطبَته بِالْمَدِينَةِ، فَإِنَّهُ لَا يُقيد بِمَا قَالَه فِي الْمَدِينَة وَهُوَ قطع الْخُفَّيْنِ.وَنَظِير هَذَا فِي حمل اللَّفْظ على إِطْلَاقه قَول النَّبِي

- ‌(بَاب الْإِجْمَاع)

- ‌(قَوْله: {بَاب} )

- ‌ عَن الْيَهُود: " جملوها "، أَي: خلطوها، وَمِنْه الْعلم الإجمالي لاختلاط الْمَعْلُوم بِالْمَجْهُولِ، وَهنا سمي مُجملا؛ لاختلاط المُرَاد بِغَيْرِهِ، أَو أجملت الْحساب جمعته، وأجملت حصلت

- ‌ فِي " الصَّحِيحَيْنِ ": " لَا يمنعن جَار جَاره أَن يغرز خَشَبَة فِي جِدَاره " يحْتَمل عوده على الغارز، أَي: لَا يمنعهُ جَاره أَن يفعل ذَلِك فِي جِدَار نَفسه، وعَلى هَذَا فَلَا دلَالَة فِيهِ على القَوْل إِنَّه إِذا طلب جَاره مِنْهُ أَن يضع خَشَبَة على جِدَار الْمَطْلُوب مِنْهُ وَجب عَلَيْهِ التَّمْكِين

- ‌ لعن الله الْيَهُود حرمت عَلَيْهِم الشحوم فجملوها وباعوها فَأَكَلُوا ثمنهَا " فَلَو لم يعم جَمِيع التَّصَرُّفَات لما اتجه اللَّعْن فِي البيع.قَالَ ابْن مُفْلِح فِي رده على الْقَائِل بِالْإِجْمَاع فِي إِضَافَة التَّحْرِيم إِلَى الْأَعْيَان، ثمَّ نمْنَع الْحَاجة إِلَى الْإِضْمَار مَعَ تبادر الْفَهم، ثمَّ

- ‌ رفع عَن أمتِي الْخَطَأ، وَالنِّسْيَان "} عِنْد الْجُمْهُور، وَخَالف بعض الْحَنَفِيَّة، وَأَبُو الْحُسَيْن وَأَبُو عبد الله البصريان، ويحكى عَن الْقَدَرِيَّة، قَالُوا: لتردده بَين نفي الصُّورَة وَالْحكم.وَأَيْضًا: إِذا لم يكن نفي الْمَذْكُور مرَادا فَلَا بُد من إِضْمَار لمتعلق الرّفْع وَهُوَ

- ‌ وَالْإِجْمَاع.وَقَالَ بعض الْحَنَفِيَّة: مُجمل فِي الْقطع، وَفِي الْيَد؛ لِأَن الْيَد تطلق على مَا هُوَ إِلَى الْكُوع وعَلى مَا هُوَ إِلَى الْمنْكب، وعَلى مَا هُوَ إِلَى الْمرَافِق فَيكون مُشْتَركا، وَهُوَ من الْمُجْمل

- ‌ إِلَى المناكب.وَأَيْضًا لَو كَانَ مُشْتَركا فِي الْكُوع، والمرفق والمنكب لزم الْإِجْمَال، وَالْمجَاز أولى مِنْهُ على مَا سبق.وَاسْتدلَّ للثَّانِي: بِأَنَّهُ يحْتَمل الِاشْتِرَاك والتواطؤ، وَحَقِيقَة أَحدهمَا، وَوُقُوع وَاحِد من اثْنَيْنِ أقرب من معِين.رد ذَلِك بِأَنَّهُ إِثْبَات لُغَة

- ‌ بِبَيَان المبيعات الْفَاسِدَة كالنهي عَن بيع حَبل الحبلة، والمنابذة، وَالْمُلَامَسَة، وَغير ذَلِك بِخِلَاف الزَّكَاة فَإِنَّهُ لم

- ‌ لَا صَلَاة إِلَّا بِطهُور " وَنَحْوه} " لَا صَلَاة إِلَّا بِفَاتِحَة الْكتاب "، " لَا نِكَاح إِلَّا بولِي "، " لَا صِيَام لمن لم يبيت الصّيام من اللَّيْل "، وَالْمرَاد هُنَا من هَذِه الْأَحَادِيث وَنَحْوهَا مِمَّا فِيهِ نفي ذَوَات وَاقعَة تتَوَقَّف الصِّحَّة فِيهَا على إِضْمَار شَيْء.فالجمهور على أَنَّهَا

- ‌ إِنَّمَا الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ " من هَذَا الْبَاب؛ لِأَن الْأَعْمَال مُبْتَدأ وَخَبره مَحْذُوف، وَاخْتلفُوا هَل هُوَ الصِّحَّة فَيكون التَّقْدِير: إِنَّمَا الْأَعْمَال صَحِيحَة، أَو الْكَمَال، فَيكون تَقْدِيره: إِنَّمَا الْأَعْمَال كَامِلَة

- ‌ الطّواف بِالْبَيْتِ صَلَاة " يحْتَمل أَنه كَالصَّلَاةِ فِي الْأَحْكَام، وَيحْتَمل أَنه صَلَاة لُغَة؛ للدُّعَاء فِيهِ.وَكَقَوْلِه: " الِاثْنَان جمَاعَة " لَا إِجْمَال فِيهِ عِنْد أَكثر الْعلمَاء، مِنْهُم

- ‌ بعث لتعريف الْأَحْكَام، لَا اللُّغَة، وَفَائِدَة التأسيس أولى.وَأَيْضًا لَيْسَ فِي الطّواف حَقِيقَة الصَّلَاة الشَّرْعِيَّة فَكَانَ مجَازًا.وَالْمرَاد أَن حكمه حكم الصَّلَاة فِي الطَّهَارَة، وَالنِّيَّة، وَستر الْعَوْرَة وَغَيره، وَيدل على ذَلِك قَوْله فِي بَقِيَّة الحَدِيث: " إِلَّا أَن الله أحل فِيهِ

- ‌ مَبْعُوث لبَيَان الشرعيات؛ وَلِأَنَّهُ كالناسخ الْمُتَأَخر فَيجب حمله عَلَيْهِ، وَلذَلِك ضعفوا حمل حَدِيث " من أكل لحم الْجَزُور فَليَتَوَضَّأ " على التَّنْظِيف بِغسْل الْيَد، وَرجح النَّوَوِيّ التوضأ مِنْهُ

- ‌ إِنِّي إِذا صَائِم " أَي: الصَّوْم الشَّرْعِيّ حَتَّى يسْتَدلّ بِهِ على جَوَاز النِّيَّة فِي النَّفْل بِالنَّهَارِ، وَأما فِي النَّفْي وَمَا فِي مَعْنَاهُ وَهُوَ النَّهْي فاختلفا، فَقَالَ الْغَزالِيّ: هُوَ مُجمل كالنهي عَن صِيَام يَوْم النَّحْر؛ إِذْ لَو حمل على اللّغَوِيّ لَكَانَ حملا لكَلَام الْمُتَكَلّم على غير عرفه

- ‌ دعِي الصَّلَاة أَيَّام أَقْرَائِك " على الْمَعْنى الشَّرْعِيّ بِاتِّفَاق مَعَ أَنه فِي معنى النَّهْي.قَوْله: {وعَلى الأول} ، أَي: على الْمَذْهَب الأول، وَهُوَ أَنه للشرعي، {لَو تعذر الشَّرْعِيّ} حمل على {الْعرفِيّ، فَإِن تعذر} الْعرفِيّ، حمل على {اللّغَوِيّ، فَإِن تعذر} اللّغَوِيّ

- ‌ مُرَاده اللُّغَة.فَإِن تعذر حمله على اللُّغَة فَهُوَ مجَاز.إِذا تعذر حمله على إِحْدَى الْحَقَائِق الثَّلَاث فَهُوَ مجَاز كَمَا تقدم؛ لِأَن الْكَلَام إِمَّا حَقِيقَة، وَإِمَّا مجَاز، وَقد تعذر حمله على الْحَقِيقَة فَمَا بَقِي إِلَّا الْمجَاز فَيحمل عَلَيْهِ. وَالله أعلم.فَائِدَة:قَالَ ابْن

- ‌(بَاب الْبَيَان)

- ‌(قَوْله: بَاب الْبَيَان)

- ‌ إِن من الْبَيَان لسحرا " فَبين أَن بعض الْبَيَان أظهر من بعض.وَيدل عَلَيْهِ أَن الله تَعَالَى خاطبنا بِالنَّصِّ، وَالظَّاهِر وبالمنطوق، وَالْمَفْهُوم، والعموم، والمجمل، والمبين، وَغير ذَلِك؛ وَلذَلِك عِنْد

- ‌وَخَالف فِيهِ شرذمة قَليلَة، مِنْهُم: الْكَرْخِي، وَجَمَاعَة.دَلِيل الْجُمْهُور - كَمَا قَالَ ابْن الْحَاجِب وَغَيره - أَنه

- ‌ الشَّهْر هَكَذَا وَهَكَذَا " وَأَشَارَ بأصابعه الْعشْرَة، وَقبض الْإِبْهَام فِي الثَّالِثَة، يَعْنِي تِسْعَة وَعشْرين.وَمِثَال الْكِتَابَة الَّتِي كتبت وَبَين فِيهَا الزكوات، والديات، وَأرْسلت مَعَ عماله.قَوْله: {وَهُوَ أقوى من القولي} . أَي: الْبَيَان بِالْفِعْلِ أقوى من الْبَيَان بالْقَوْل

- ‌ على فعل بعض أمته؛ لِأَنَّهُ دَلِيل مُسْتَقل فصح أَن يكون بَيَانا لغيره، كَغَيْرِهِ من الْأَدِلَّة الْمُبين بهَا

- ‌ التَّرَاوِيح فِي رَمَضَان، ثمَّ تَركهَا خشيَة أَن تفرض عَلَيْهِم، فَدلَّ على عدم الْوُجُوب؛ إِذْ يمْتَنع ترك الْوَاجِب.وَمِنْهَا: السُّكُوت بعد السُّؤَال عَن حكم الْوَاقِعَة فَيعلم أَنه لَا حكم للشَّرْع فِيهَا، كَمَا رُوِيَ أَن زَوْجَة سعد بن الرّبيع جَاءَت بابنتيها

- ‌ بعد آيَة الْحَج قَارنا طوافين، وَأمر الْقَارِن بِطواف وَاحِد، فَقَوله بَيَان، وَفعله ندب أَو وَاجِب مُخْتَصّ بِهِ} .{وَعند} أبي الْحُسَيْن {الْبَصْرِيّ الْمُتَقَدّم مِنْهُمَا بَيَان} .الصَّحِيح الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُور أَن الْمُبين هُوَ القَوْل سَوَاء كَانَ قبل الْفِعْل أَو بعده، وَيحمل الْفِعْل

- ‌ وَذَلِكَ لِأَن القَوْل يدل على الْبَيَان بِنَفسِهِ بِخِلَاف الْفِعْل؛ فَإِنَّهُ لَا يدل إِلَّا بِوَاسِطَة انضمام القَوْل إِلَيْهِ، وَالدَّال بِنَفسِهِ أقوى من الدَّال بِغَيْرِهِ، لَا يُقَال: قد سبق أَن الْفِعْل أقوى فِي الْبَيَان؛ لأَنا نقُول: التَّحْقِيق أَن القَوْل أقوى فِي الدّلَالَة على الحكم، وَالْفِعْل أدل

- ‌(قَوْله: فصل)

- ‌ فِي " الصَّحِيحَيْنِ " أَن السَّلب للْقَاتِل، وَلأَحْمَد وَأبي دَاوُد بِإِسْنَاد حسن أَنه لم يخمسه وَلما أعْطى بني الْمطلب مَعَ بني هَاشم من سهم ذِي الْقُرْبَى، وَمنع بني نَوْفَل وَبني عبد شمس، سُئِلَ فَقَالَ: " بَنو هَاشم وَبَنُو الْمطلب شَيْء وَاحِد ". رَوَاهُ البُخَارِيّ، وَلأَحْمَد وَأبي دَاوُد

- ‌ أَخذهَا مِنْهُم. رَوَاهُ البُخَارِيّ.وروى مَالك فِي " الْمُوَطَّأ "، وَالشَّافِعِيّ عَنهُ عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه أَن عمر ذكرهم، فَقَالَ: مَا أَدْرِي كَيفَ أصنع فِي أَمرهم، فَشهد عبد الرَّحْمَن أَنه

- ‌ تَبْلِيغ الحكم إِلَى وَقت الْحَاجة.وَمنعه عبد الْجَبَّار فِي الْقُرْآن، وَأَبُو الْخطاب، وَابْن عقيل مُطلقًا} .يجوز على الْمَنْع تَأْخِير النَّبِي

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ على طَرِيق تَعْلِيم الحكم} ، وَإِلَّا فَلَا يمْنَع بَيَان تَأْخِير التَّخْصِيص مِنْهُ.رد: يجوز، ثمَّ الرَّاوِي عَنهُ مثله.{وَقيل:} يجب ذَلِك {مَعَ ضيق الْوَقْت} ، وَإِلَّا فَلَا.هَذَا قَول مفرق بَين ضيق الْوَقْت، وَعَدَمه فَمَعَ ضيق الْوَقْت يجب، وَإِلَّا فَلَا. وَله نَظَائِر، مِنْهَا: هَل

- ‌ أما فِي حَيَاته فَلَا خلاف فِي وجوب الْمُبَادرَة إِلَى الْأَخْذ بِهِ وإجراء على عُمُومه؛ لِأَن أصُول الشَّرِيعَة لم تكن متقررة لجَوَاز أَن يحدث بعد وُرُود الْعَام مُخَصص، وَبعد النَّص نسخ، فَلَا يُفِيد الْبَحْث عَن ذَلِك شَيْئا.وَجه القَوْل الأول: الْمُوجب للاستغراق لفظ الْعُمُوم

- ‌ لتقدم معرفَة النَّاسِخ والمنسوخ على الْفَتْوَى.وَقَالَ ابْن عقيل: النّسخ قد يخفى عَن الْبعيد عَن النَّبِي

- ‌(بَاب)

- ‌(قَوْله: {بَاب} )

- ‌ لغيلان بن سَلمَة وَقد أسلم على عشرَة نسْوَة: " اختر - وَفِي لفظ - أمسك مِنْهُنَّ أَرْبعا وَفَارق سائرهن " على ابْتِدَاء النِّكَاح، أَو إمْسَاك الْأَوَائِل} ، فَأَوَّلْته الْحَنَفِيَّة على ابْتِدَاء نِكَاح أَربع إِن كَانَ عقد عَلَيْهِنَّ مَعًا، وَإِن كَانَ تزوجهن متفرقات، على إمْسَاك الْأَوَائِل، وَهُوَ

- ‌ لفيروز الديلمي وَقد أسلم على أُخْتَيْنِ: " اختر أَيَّتهمَا شِئْت " على أحد الْأَمريْنِ} إِمَّا الِابْتِدَاء أَو إمْسَاك الأولى. أولت الْحَنَفِيَّة هَذَا الحَدِيث بالتأويلين الْمَذْكُورين فِي الَّذِي قبله، وَإِنَّمَا كَانَ أبعد من الَّذِي قبله؛ لِأَن النَّافِي للتأويل الْمَذْكُور فِي الأول هُوَ الْأَمر

- ‌[فِيمَا] روه أَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيّ، وَابْن ماجة، وَالدَّارَقُطْنِيّ عَن عَائِشَة: {" أَيّمَا امْرَأَة نكحت نَفسهَا بِغَيْر إِذن وَليهَا فنكاحها بَاطِل "} ، وَفِي رِوَايَة: " بَاطِل، بَاطِل، بَاطِل " {على الصَّغِيرَة، وَالْأمة، وَالْمُكَاتبَة} .وَوجه بعده: أَن الصَّغِيرَة لَيست بِامْرَأَة

- ‌(بَاب الْمَنْطُوق وَالْمَفْهُوم)

- ‌(قَوْله: {بَاب الْمَنْطُوق وَالْمَفْهُوم} )

- ‌ أَنه قَالَ: " النِّسَاء ناقصات عقل وَدين "، قيل: وَمَا نُقْصَان دينهن؟ قَالَ: " تمكث إِحْدَاهُنَّ شطر عمرها لَا تصلي " لم

- ‌ عَن السّفر بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرض الْعَدو مَخَافَة أَن تناله أَيْديهم فَهَذَا قَاطع، وَكَذَلِكَ الْأَمْثِلَة الْمُتَقَدّمَة فَإِنَّهَا قَطْعِيَّة.والقطعي كَون التَّعْلِيل بِالْمَعْنَى، وَكَونه أَشد مُنَاسبَة للفرع قطعيين.وَمِثَال الظني: مَا احْتج بِهِ الإِمَام أَحْمد فِي أَنه لَا شُفْعَة لذِمِّيّ على مُسلم، بقوله

- ‌ هَل فِي الْغنم السَّائِمَة زَكَاة؟ فَلَا يلْزم من جَوَاب السُّؤَال عَن إِحْدَى الصفتين أَن يكون الحكم على الضِّدّ فِي الْأُخْرَى؛ لظُهُور فَائِدَة فِي الذّكر غير الحكم بالضد

- ‌ إِن الله قد أعْطى كل ذِي حق حَقه فَلَا وَصِيَّة لوَارث " فَلَا مَفْهُوم لَهُ.وَاحْتج بِهِ القَاضِي وَغَيره من الْمَالِكِيَّة وَالشَّافِعِيَّة على الْوَصِيَّة للْقَاتِل، وَهِي دلَالَة ضَعِيفَة، هَذَا كَلَامه. قَالَ ابْن مُفْلِح: وَهُوَ حسن.تَنْبِيه: هُنَا سُؤال، وَهُوَ أَنه: لم جعلُوا هُنَا السُّؤَال

- ‌ مر بِشَاة لميمونة، فَقَالَ: " دباغها طهورها "، وكما لَو قيل بِحَضْرَة النَّبِي

- ‌ مطل الْغَنِيّ ظلم " وَالتَّقْيِيد فِيهِ بِالْإِضَافَة، لكنه فِي معنى الصّفة، فَإِن المُرَاد بِهِ المطل الْكَائِن من الْغَنِيّ، لَا من الْفَقِير.وَقدره الْبرمَاوِيّ فَقَالَ: مطل الشَّخْص الْغَنِيّ.ورده أَيْضا الْبرمَاوِيّ بِنَحْوِ ذَلِك وَغَيره، وَهُوَ ظَاهر مَا مثل بِهِ أَصْحَابنَا، فَإِنَّهُ مثلوه

- ‌ فِي الْغنم السَّائِمَة زَكَاة " فَإِنَّهُ ورد بَيَانا لآيَة الزَّكَاة

- ‌ لي الْوَاجِد يحل عرضه وعقوبته " حَدِيث حسن، رَوَاهُ أَحْمد، وَأَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيّ، وَابْن ماجة. أَي: مطل الْغَنِيّ، وَفِي " الصَّحِيحَيْنِ ": " مطل الْغَنِيّ ظلم " وَفِيهِمَا: " لِأَن يمتلئ جَوف أحدكُم قَيْحا خير لَهُ من أَن يمتلئ شعرًا

- ‌ فَقَالَ: لَو كَانَ كَذَلِك لم يكن لذكر الامتلاء معنى؛ لِأَن قَلِيله كَذَلِك.فألزم أَبُو عبيد من تَقْدِير الصّفة الْمَفْهُوم، قدر الامتلاء صفة للهجاء وَهُوَ وَالشَّافِعِيّ من أَئِمَّة اللُّغَة.وَذكره الْآمِدِيّ قَول جمَاعَة من أهل الْعَرَبيَّة.فَالظَّاهِر أَنهم فَهموا ذَلِك لُغَة فثبتت

- ‌ بعث لتبيين الْأَحْكَام وَالِاجْتِهَاد ثَبت ضَرُورَة.وَأَيْضًا التَّرْتِيب يدل على الْعلية، وانتفاؤها يدل على انْتِفَاء معلولها.وَاسْتدلَّ: لَو لم يدل لزم مُشَاركَة الْمَسْكُوت للمنطوق لعدم وَاسِطَة بَينهمَا، وَلَا مُشَاركَة اتِّفَاقًا.ورد بِالْمَنْعِ فَلَا يدل على حصر وَلَا اشْتِرَاك

- ‌ فَقَالَ: " صدقه تصدق الله بهَا عَلَيْكُم فاقبلوا صدقته

- ‌رد: لَا يتَعَيَّن من الْمَفْهُوم لجَوَاز استصحابهما وجوب الْإِتْمَام فَعجب لمُخَالفَة الأَصْل.أُجِيب: لم يدل الْقُرْآن على أَنه الأَصْل، وَعند الْمُخَالف الأَصْل الْقصر، وَقد قَالَ عمر: " صَلَاة السّفر رَكْعَتَانِ تَمام غير قصر على لِسَان مُحَمَّد

- ‌ أحلّت لنا ميتَتَانِ وَدَمَانِ " فَلَا يكون فِيهِ تَحْرِيم ميتَة ثَالِثَة.قَالَ بَعضهم كَذَا فِي " شرح الْبَيْضَاوِيّ " للسبكي، وَصَوَابه: عدم حل ميتَة ثَالِثَة، وَهُوَ الصَّوَاب.قَوْله: {السَّادِس اللقب، وَهُوَ تَخْصِيص اسْم بِحكم، حجَّة عِنْد أَحْمد، وَأكْثر أَصْحَابه، وَمَالك، وَدَاوُد

- ‌ ترابها طهُور " بعد قَوْله: " جعلت لي الأَرْض مَسْجِدا "، كَمَا لَو قيل: يَا رَسُول الله، أَفِي بَهِيمَة الْأَنْعَام زَكَاة؟ فَقَالَ: فِي الْإِبِل زَكَاة. أَو: هَل نبيع الطَّعَام بِالطَّعَامِ؟ فَقَالَ: لَا تَبِيعُوا الْبر بِالْبرِّ تَقْوِيَة للخاص بِالْعَام كالصفة بالموصوف.قَالَ: وَأكْثر

- ‌ لَهُ دَلِيل كدليل الْخطاب عِنْد أَكثر أَصْحَابنَا، وَمنعه ابْن عقيل وَغَيره} .قَالَ ابْن مُفْلِح: فعله عليه السلام لَهُ دَلِيل، ذكره أَصْحَابنَا، مِنْهُم: القَاضِي، وَأَخذه من قَول أَحْمد: لَا يصلى على ميت بعد شهر لحَدِيث أم سعد، رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ، وَرُوَاته ثِقَات

- ‌ غَائِب، فَلَمَّا قدم صلى عَلَيْهَا وَقد مضى لذَلِك شهر) .وَضعف هَذِه الدّلَالَة بعض أَصْحَابنَا وَغَيرهم، وَأكْثر كَلَام ابْن عقيل مثله، وَجوز أَن الْمُسْتَند اسْتِصْحَاب الْحَال، وَقَالَ: لَيْسَ للْفِعْل صِيغَة تخص، وَلَا تعم فضلا على أَن نجْعَل لَهَا دَلِيل خطاب.وَذكر بَعضهم مَفْهُوم قرَان

- ‌ إِنَّمَا الرِّبَا فِي النَّسِيئَة " وَهُوَ فِي " الصَّحِيحَيْنِ "، وشاع فِي الصَّحَابَة، وَلم يُنكر، وَعدل إِلَى دَلِيل.لَكِن قَالَ الْبرمَاوِيّ: فِيهِ نظر؛ إِن ابْن عَبَّاس رَوَاهُ عَن أُسَامَة بِلَفْظ: " لَيْسَ الرِّبَا إِلَّا فِي النَّسِيئَة " كَمَا فِي مُسلم، فَيحْتَمل أَنه مُسْتَند ابْن عَبَّاس.وَقد يُجَاب

- ‌ تَحْرِيمهَا التَّكْبِير وتحليلها التَّسْلِيم ".وَمنعه الْحَنَفِيَّة لمنعهم المفاهيم.ورد: بِأَن التَّعْيِين مُسْتَفَاد من الْحصْر الْمَدْلُول عَلَيْهِ بالمبتدأ وَالْخَبَر، فَإِن التَّحْرِيم منحصر فِي التَّكْبِير: كانحصار زيد فِي صداقتك إِذا قلت: صديقي زيد

- ‌ تَحْرِيمهَا التَّكْبِير وتحليلها التَّسْلِيم " كَمَا تقدم.قَوْله: {وَهُوَ يُفِيد الِاخْتِصَاص} ، قَالَه البيانيون، وَخَالفهُم فِي ذَلِك ابْن الْحَاجِب وَأَبُو حَيَّان

- ‌(بَاب النّسخ)

- ‌(قَوْله: {بَاب النّسخ} )

- ‌ثمَّ حَاصله: اللَّفْظ الدَّال على النّسخ؛ لِأَنَّهُ فسر شَرط دوَام الحكم بِانْتِفَاء النّسخ، فانتفاء شَرط دَوَامه حُصُوله، وَأورد الثَّلَاثَة السَّابِقَة على حد الباقلاني وَمن مَعَه، وَأَن قَوْلهم على وَجه إِلَى آخِره، زِيَادَة.وَأجَاب الْآمِدِيّ عَن الأول بِمَنْع أَن النّسخ ارْتِفَاع الحكم

- ‌ وَقد تقدم ذَلِك فِي ضمن الْحُدُود الْمُتَقَدّمَة، بل هَذَا الْكَلَام هُنَا تكْرَار منا.قَوْله: {أَصْحَابنَا، وَالْأَكْثَر لَا يكون النَّاسِخ أَضْعَف} .قَالَ ابْن قَاضِي الْجَبَل: تَنْبِيه: يشْتَرط فِي النَّاسِخ عِنْد الْأَكْثَر أَن يكون أقوى من الْمَنْسُوخ أَو مُسَاوِيا، وَلذَلِك ذكره أَبُو الْخطاب عَن

- ‌ وَفعله وَتَقْرِيره، وَالْإِجْمَاع على الحكم، كَقَوْلِنَا: وجوب صَوْم رَمَضَان نسخ صَوْم عَاشُورَاء وعَلى من يعْتَقد نسخ الحكم كَقَوْلِهِم: فلَان ينْسَخ الْقُرْآن بِالسنةِ، أَي: يعْتَقد ذَلِك فَهُوَ نَاسخ.والاتفاق على أَن إِطْلَاقه على الآخرين مجَاز، وَإِنَّمَا الْخلاف فِي الْأَوَّلين فَعِنْدَ

- ‌ انْتهى.قَالَ ابْن حمدَان فِي " الْمقنع ": أنكر طَائِفَة من الْيَهُود - وهم العنانية أَتبَاع عنان - وُقُوعه عقلا، لَا شرعا، وَأنْكرت الشمعثية مِنْهُم - أَتبَاع شمعثا - الْأَمريْنِ

- ‌ وَلما أسلم علماؤهم كَابْن سَلام، وَكَعب، ووهب، وَغَيرهم، ثمَّ المُرَاد نَحْو التَّوْحِيد، أَو مُؤَبّدَة مَا لم تنسخ.قَالُوا: إِن نسخ لحكمة ظَهرت بعد أَن لم تكن فَهُوَ البداء، وَلَا يجوز البداء على الله وَهُوَ تجدّد الْعلم، إِلَّا عِنْد الرافضة - عَلَيْهِم لعائن الله تَعَالَى

- ‌ وَصَوْم عَاشُورَاء، وَغَيره

- ‌ وَإِنَّمَا يَقُول: كَانَت شَرِيعَة السَّابِقين مغياة إِلَى مبعث النَّبِي

- ‌ قطعا، وَمَا تجدّد من شرعنا مُوَافق لبَعض شرائعهم فَلَيْسَ لكَونهَا بَاقِيَة؛ بل كل مَشْرُوع مفتتح التشريع، وَمَا ادَّعَاهُ ابْن الْحَاجِب من الْإِجْمَاع أَن شريعتنا ناسخة فَصَحِيح، وَلَا يُنَافِيهِ حِكَايَة بَعضهم الْخلاف فِي كَونه تَخْصِيصًا، أَو نسخا لما قَرَّرْنَاهُ فَالْخِلَاف لَفْظِي. انْتهى

- ‌(قَوْله: فصل)

- ‌ وَمِنْهَا: أَن لَا يكون مِمَّا هُوَ على صفة وَاحِدَة لَا يتَغَيَّر كمعرفة الله تَعَالَى بِمَا يجب لَهُ ويستحيل عَلَيْهِ وَيجوز لَهُ، وَلِهَذَا يمْتَنع نسخ الْأَخْبَار كَمَا سَيَأْتِي؛ إِذْ لَا يتَصَوَّر وُقُوعهَا على خلاف مَا وَقعت عَلَيْهِ، أما الْمُعَلق بِلَفْظ (أبدا) وَنَحْوه فَيَأْتِي بَيَانه

- ‌(قَوْله {فصل} )

- ‌ من الْفِعْل.وَفِي البُخَارِيّ عَن أبي هُرَيْرَة أَنه

- ‌ بِكَسْر قدور من لحم حمر إنسية، فَقَالَ رجل: أَو نغسلهَا؟ فَقَالَ: " اغسلوا " مُتَّفق عَلَيْهِ.وَلأَحْمَد أَنه

- ‌ هُنَاكَ} ، ذكره ابْن عقيل، وَالْمجد، وَكثير من الْعلمَاء، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ قد بلغ بعض الْمُكَلّفين، وَهُوَ سيد الْبشر، فَإِنَّهُ قد اعْتقد وُجُوبه وَعلمه، وَعَلِيهِ يدل كَلَام السَّمْعَانِيّ حِين قَالَ: إِن رَسُول الله

- ‌ لِأَنَّهُ مُكَلّف بذلك قطعا، ثمَّ نسخ بعد أَن بلغه، وَقبل أَن يفعل فَالْمَسْأَلَة صَحِيحَة التَّصَوُّر فِي حَقه

- ‌ فِي السَّمَاء قبل النُّزُول إِلَى الأَرْض كفرض خمسين صَلَاة لَيْلَة الْإِسْرَاء لم يتَعَلَّق بِهِ حكم، وَلذَلِك كَانَ رَفعه بِخمْس صلوَات لَيْسَ بنسخ على مَا هُوَ الظَّاهِر

- ‌ وَلَا يكون ذَلِك بداء، ذكره ابْن عقيل خلافًا للمعتزلة.وَمن منع كَون الْإِسْرَاء يقظة فِي جحدهم لوُقُوع ذَلِك، ومنعهم مِنْهُ عقلا. انْتهى

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَوْلَا أَن يَقُول النَّاس زَاد عمر فِي كتاب الله لأثبتها: (الشَّيْخ وَالشَّيْخَة إِذا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا أَلْبَتَّة) فَإنَّا قد قرأناها ".وَفِي " الصَّحِيحَيْنِ " عَن عمر أَنه قَالَ: " كَانَ فِيمَا أنزل آيَة الرَّجْم فقرأناها وعقلناها ورجم رَسُول الله

- ‌ ماعزا، والغامدية، واليهوديين.وَمِثَال الثَّانِي: مَا نسخ حكمه وَبَقِي لَفظه عكس الَّذِي قبله: آيَة الْمُنَاجَاة وَالصَّدَََقَة بَين يَديهَا، وَلم يعْمل بِهَذِهِ الْآيَة إِلَّا عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنه

- ‌ مَا ترى؟ دِينَارا. قَالَ: لَا يطيقُونَهُ. قَالَ: نصف دِينَار. قَالَ: لَا يطيقُونَهُ. قَالَ: مَا ترى؟ قَالَ: شعيرَة. قَالَ لَهُ النَّبِي

- ‌ وَهن مِمَّا يُتْلَى فِي الْقُرْآن) فمؤول كَمَا قَالَ ابْن السَّمْعَانِيّ: بِأَن مرادها يُتْلَى حكمه، أَو أَن من لم يبلغهُ نسخ تِلَاوَته يتلوه، وَهُوَ مَعْذُور.وَإِنَّمَا أول بذلك لإِجْمَاع الصَّحَابَة على تَركهَا من الْمُصحف حِين جمعُوا الْقُرْآن، وَأجْمع عَلَيْهِ الْمُسلمُونَ بعدهمْ.الْخَامِس: مَا

- ‌ قَالَ: " كنت نَهَيْتُكُمْ عَن زِيَارَة الْقُبُور فزوروها ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ بِزِيَادَة: " تذكركم الْآخِرَة "، وَقَالَ: حسن صَحِيح.وَوجه الشَّاهِد فِي الحَدِيث أَنه

- ‌ وَقَالَ: لَا يجوز بعده إِجْمَاعًا؛ لِأَنَّهُ

- ‌ فَيجوز، وَبعده لَا يجوز، نقل القَاضِي الباقلاني الْإِجْمَاع على الْمَنْع فِيمَا بعده. انْتهى.احْتج الْمَانِع من الْجَوَاز بِمَا سبق من منع التَّخْصِيص بِهِ.وَأَيْضًا قَاطع فَلَا يرفع بِالظَّنِّ.رد: خبر الْوَاحِد دلَالَته قَطْعِيَّة فيرفع دلَالَة ظنية، فَإِن قيل: فَيكون مُخَصّصا

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ لَا تقرؤوا هَذِه الْآيَة "، وَجزم القَاضِي بِهَذَا، وَأَن الْخلاف فِي الْجَمِيع، وَمَعْنَاهُ لِابْنِ عقيل.وَفِي " التَّمْهِيد ": بعض آيَة لَا إعجاز فِيهَا، وَيجوز نسخ آيَة فِيهَا إعجاز

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ هَذَا نَاسخ لذَلِك، أَو هَذَا بعده، أَو مَا فِي معنى ذَلِك كَقَوْلِه

- ‌ فِي ظَاهر كَلَام الإِمَام أَحْمد، {وَاخْتَارَهُ

- ‌ وَهُوَ ظَاهر مَا قدمه ابْن قَاضِي الْجَبَل.وَحكى القَاضِي عَن التَّمِيمِي منع نسخ القَوْل بِالْفِعْلِ، وَكَذَا منع ابْن عقيل نسخ القَوْل بِفِعْلِهِ

- ‌ ترك الْوضُوء مِمَّا مسته النَّار

- ‌ بِالْقيامِ للجنازة ثمَّ قعد.وَفِي معنى ذَلِك كثير.فَإِن قيل: قَول الرَّاوِي هَذَا ينْسَخ بِهِ الْقُرْآن أَو غَيره من السّنة المتواترة على تَقْدِير وجودهَا مَعَ أَنه خبر آحَاد، والآحاد لَا ينْسَخ بِهِ الْمُتَوَاتر.قيل: هَذَا حِكَايَة للنسخ لَا نسخ، والحكاية بالآحاد يجب

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ حَتَّى ينسخه، وَإِذا وَقع بعد وَفَاته فَلَا يُمكن أَن يَأْتِي بعده نَاسخ.وَأما النّسخ بِالْإِجْمَاع [لشَيْء] مِمَّا سبق من كتاب أَو سنة فَيَقَع صُورَة لَكِن فِي الْحَقِيقَة حَيْثُ وجد إِجْمَاع على خلاف نَص فَيكون قد تضمن نَاسِخا لَا أَنه هُوَ النَّاسِخ؛ وَلِأَن الْإِجْمَاع مَعْصُوم من مُخَالفَة دَلِيل

- ‌ وَطَائِفَة مَا خص ينْسَخ وَنقض}

- ‌ جَازَ.قَالَ الْهِنْدِيّ: على الْأَصَح، بل هُوَ مَحل الْخلاف، وَإِن كَانَ بعده

- ‌ بنصه على الْعلَّة أَو تنبيهه فَيجوز.والموفق: مَا يثبت بِقِيَاس نَص على علته ينْسَخ وينسخ بِهِ، وَإِلَّا فَلَا.وَقيل: يجوز، والآمدي وَجمع بِقِيَاس أمارته أقوى، وَقوم: يكون تَخْصِيصًا لِلْعِلَّةِ} .قَالَ ابْن مُفْلِح: أما الْقيَاس فَلَا ينْسَخ، ذكره القَاضِي، وَذكره

- ‌ بنصه على الْعلَّة أَو تنبيهه عَلَيْهَا فَيجوز نسخه بنصه أَيْضا.مِثَاله: أَن ينص على تَحْرِيم الرِّبَا فِي الْبر، وينص على أَن عِلّة تَحْرِيمه الْكَيْل، ثمَّ ينص بعد ذَلِك على إِبَاحَته فِي الْأرز، وَيمْنَع من قِيَاسه على الْبر، فَيكون ذَلِك نسخا، وَإِمَّا قِيَاس مُسْتَفَاد بعد وَفَاته عَلَيْهِ

- ‌ ثمَّ بَان ناسخه نتبين أَنه كَانَ مَنْسُوخا، قَالَ: وَسَوَاء قُلْنَا كل مُجْتَهد مُصِيب، أَو لَا.قَالَ ابْن مُفْلِح: وَكَذَا لم يفرق أَصْحَابنَا، وَقَالَ أَبُو الْحُسَيْن: من لم يقل بِهِ لَا يَقُول بتعبده بِالْقِيَاسِ الأول فرفعه لَا يعلم، وَقَالَ الْمُوفق فِي " الرَّوْضَة ": مَا ثَبت بِالْقِيَاسِ إِن

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ المَاء من المَاء " عَنْهُم مَنْسُوخ بقوله

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ لَا يثبت لَهُ حكمه فِي الْجُمْلَة، وَتَحْته ثَلَاث صور:إِحْدَاهَا: أَن يبلغ النَّبِي

- ‌وَهَاتَانِ الصورتان لَا يتَعَلَّق بهما حكم اتِّفَاقًا.قَوْله: {فَإِذا بلغه لم يثبت حكمه فِي حق من لم يبلغهُ عِنْد أَصْحَابنَا وَالْأَكْثَر، وَهُوَ ظَاهر كَلَام أَحْمد} ؛ لِأَنَّهُ أَخذ بِقصَّة أهل قبَاء

- ‌ ثَبت حكمه فِي حَقه، وَحقّ كل من بلغه النَّبِي

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌(قَوْله: {فصل} )

الفصل: ‌رد: لا يتعين من المفهوم لجواز استصحابهما وجوب الإتمام فعجب لمخالفة الأصل.أجيب: لم يدل القرآن على أنه الأصل، وعند المخالف الأصل القصر، وقد قال عمر: " صلاة السفر ركعتان تمام غير قصر على لسان محمد

رَوَاهُ مُسلم، ففهما عدم الْقصر لعدم الخو، وَأقر صلى الله عليه وسلم َ -.

‌رد: لَا يتَعَيَّن من الْمَفْهُوم لجَوَاز استصحابهما وجوب الْإِتْمَام فَعجب لمُخَالفَة الأَصْل.

أُجِيب: لم يدل الْقُرْآن على أَنه الأَصْل، وَعند الْمُخَالف الأَصْل الْقصر، وَقد قَالَ عمر: " صَلَاة السّفر رَكْعَتَانِ تَمام غير قصر على لِسَان مُحَمَّد

صلى الله عليه وسلم َ - " حَدِيث حسن، رَوَاهُ أَحْمد، وَالنَّسَائِيّ، وَابْن ماجة.

وَفِي " الصَّحِيحَيْنِ " عَن عَائِشَة: " فرضت رَكْعَتَيْنِ، فأقرت صَلَاة السّفر وأتمت صَلَاة الْحَضَر "، وَفِي مُسلم عَن ابْن عَبَّاس:" فرضت فِي الْحَضَر أَرْبعا، وَفِي السّفر رَكْعَتَيْنِ " ثمَّ هُوَ خلاف الظَّاهِر.

وَاسْتدلَّ: دلَالَته على الْمَسْكُوت فِيهِ فَائِدَة، فَهُوَ أولى تكثيرا للفائدة وَهِي تدل على الْوَضع على مَا سبق فِي الْمُجْمل فِي اللَّفْظ لِمَعْنى تَارَة، ولمعنيين أُخْرَى.

ص: 2921

ورد بِأَنَّهُ دور لتوقف دلَالَته على الْمَسْكُوت على الْوَضع، وَهُوَ على تَكْثِير الْفَائِدَة، وَهِي على دلَالَته على الْمَسْكُوت.

أُجِيب: يلْزم فِي كل مَوضِع، فَيُقَال: دلَالَة اللَّفْظ تتَوَقَّف على الْوَضع، وَهُوَ على الْفَائِدَة لوضع اللَّفْظ لَهَا، وَهِي [على] الدّلَالَة لعدم الْفَائِدَة بِعَدَمِ اللَّفْظ، وَبِأَن دلَالَة اللَّفْظ على الْمَسْكُوت تتَوَقَّف على تعقل تَكْثِير الْفَائِدَة، لَا على حُصُولهَا وتعقلها لَا يتَوَقَّف بل حُصُولهَا.

وَاسْتدلَّ: لَو لم يكن مُخَالفا لم تكن السَّبع فِيمَا رَوَاهُ مُسلم " طهُور إِنَاء أحدكُم إِذا ولغَ فِيهِ الْكَلْب يغسلهُ سبعا " مطهرة لتطهيره بِمَا دونهَا.

رد: لَا يلْزم الْجَوَاز عدم الطَّهَارَة فِيمَا دونهَا بِدَلِيل.

وَجَوَابه: خلاف الظَّاهِر، وَالْأَصْل عَدمه، وَمثله:" خمس رَضعَات يحرمن " رَوَاهُ مُسلم.

وَاحْتج ابْن عقيل وَغَيره: بِأَنَّهُ إِجْمَاع الصَّحَابَة، فَإِن بَعضهم لم ير

ص: 2922

الْغسْل بِدُونِ إِنْزَال لقَوْله: " المَاء من المَاء " وَخَالفهُم غَيرهم بِأَنَّهُ مَنْسُوخ.

وَجه القَوْل الثَّانِي - وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَمن وَافقه -: لَو ثَبت بِدَلِيل وَهُوَ عَقْلِي أَو نقلي إِلَى آخِره.

رد: تثبت اللُّغَة بالآحاد، وَذكره بعض أَصْحَابنَا عَن الْجُمْهُور، وَذكره ابْن عقيل عَن جمَاعَة من الْعلمَاء؛ لِأَن التَّوَاتُر فِي الْبَعْض تحكم لَا قَائِل بِهِ، وَفِي الْجَمِيع مُتَعَذر، فيتعطل أَكثر الْكتاب، وَالسّنة، واللغة، وَهُوَ فَوق مَحْذُور قبُول خبر الْوَاحِد، وَذكر الْآمِدِيّ: لم يزل الْعلمَاء عَلَيْهِ، وَذكره أَبُو الْفرج الْمَقْدِسِي من أَصْحَابنَا إِجْمَاع أهل اللُّغَة فَإِن عندنَا تثبت بِالْعقلِ، وَذكر الْآمِدِيّ منعا، وَذكر القَاضِي فِي مَسْأَلَة

ص: 2923

الْعُمُوم عَن السمناني لَا تثبت بالآحاد.

وَفِي " التَّمْهِيد ": ثَبت ذَلِك باستقرار كَلَامهم، وَمَعْرِفَة مُرَادهم، وفهمته الصَّحَابَة، وهم أهل اللِّسَان.

قَالُوا: لَو ثَبت لثبت فِي الْخَبَر لتقييد كل مِنْهُمَا بِصفة، نَحْو:" فِي الْغنم السَّائِمَة " أَو زيد الطَّوِيل فِي الدَّار.

رد بالتزامه، وَقَالَهُ فِي " الْعدة " و " التَّمْهِيد ".

وَذكر ابْن عقيل: أَن الْمَذْهَب القَوْل بِهِ فِي الْخَبَر، وَفِي الْأَسْمَاء، وَالْحكم كالاستثناء والتخصيص، ثمَّ فرق هُوَ وَغَيره بَين الْأَمر، وَالْخَبَر بِأَنَّهُ قد لَا يعلم غَيره، ويقصد بِالْأَمر الْبَيَان والتمييز، وَبِأَن هَذَا قِيَاس لُغَة.

ص: 2924

وَقَالَ بَعضهم: لَيْسَ بِهِ.

وَفرق بعض أَصْحَابنَا بَين أَسمَاء الْأَعْلَام والأجناس، وَفرق فِي " التَّمْهِيد " بِأَنَّهُ لَا يخبر عَنهُ لِئَلَّا ينضر.

وَفرق بَعضهم بِأَن الْخَبَر لَا يلْزم عدم حُصُوله للمسكوت؛ لِأَن لَهُ خارجيا بِخِلَاف الحكم، فَإِنَّهُ إِذا لم يدل على الْمُخَالفَة لم يحصل للمسكوت؛ لِأَنَّهُ [لَا] خارجي لَهُ.

قَالَ: لَو دلّ امْتنع، أد زَكَاة السَّائِمَة والمعلوفة لعدم الْفَائِدَة، وللتناقض، كَمَا يمْتَنع لَا تقل أُفٍّ واضربهما.

رد: الْفَائِدَة عدم تَخْصِيص المعلوفة بِاجْتِهَاد، والتناقض فِي الْقَاطِع.

قَالُوا: لَو دلّ لما ثَبت خِلَافه للتعارض، وَالْأَصْل عَدمه، وَقد ثَبت فِي نَحْو:{لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أضعافا مضاعفة} [آل عمرَان: 130] وَاعْتمد عَلَيْهِ الْآمِدِيّ.

ص: 2925

وعَلى على بَيَان دَلِيل، وَالْأَصْل عَدمه.

رد: هُوَ دَلِيل عَارضه قَاطع وَالْأَصْل مُخَالف لدَلِيل.

قَالُوا: لَو كَانَ دَلِيلا لم يبطل بِبُطْلَان الْمَنْطُوق.

رد: ذكر القَاضِي وَجْهَيْن، قَالَ: وبطلانه أشبه.

جزم بِهِ فِي " الرَّوْضَة " فِي نسخ الْمَنْطُوق؛ لِأَنَّهُ فَرعه وَعَدَمه كالخطابين، وَاخْتَارَهُ ابْن فورك.

قَوْله: {فَائِدَة الصّفة الْمُجَرَّدَة كفي السَّائِمَة الزَّكَاة، وَالثَّيِّب أَحَق بِنَفسِهَا، كَالْأولِ عِنْد أَصْحَابنَا وَغَيرهم، وَالْأول أقوى دلَالَة. وَقيل: سَوَاء، وَقَالَ بِهِ أَبُو الْمَعَالِي مَعَ مُنَاسبَة الصّفة للْحكم وَإِلَّا فَلَا. وَحكي عَن القَاضِي} .

الصّفة الْعَارِضَة الْمُجَرَّدَة، كَقَوْلِه: السَّائِمَة فِيهَا الزَّكَاة، كالصفة المقترنة بِالْعَام.

ص: 2926

قَالَ ابْن مُفْلِح: عِنْد أَصْحَابنَا وَغَيرهم، وَذكر الْآمِدِيّ، وَغَيره؛ ذَلِك لِأَن غَايَته أَن الْمَوْصُوف فِيهَا مَحْذُوف.

قَالَ ابْن السَّمْعَانِيّ: جُمْهُور أَصْحَاب الشَّافِعِي عَلَيْهِ.

وَقَالَ فِي " الرَّوْضَة "، وَتَبعهُ الطوفي: تَخْصِيص وصف غير قار بالحكم نَحْو: الثّيّب أَحَق بِنَفسِهَا، حجَّة، وَهُوَ قَول أَكثر الشَّافِعِيَّة كَذَلِك، خلافًا للتميمي وَأكْثر الْفُقَهَاء والمتكلمين لاحْتِمَال الْغَفْلَة عَن غير الْوَصْف الْمَذْكُور بِخِلَاف مَا إِذا ذكر مَعَه الْعَام.

لَكِن الأول أقوى دلَالَة فِي الْمَفْهُوم؛ لِأَن الأول - وَهُوَ الْمُقَيد بِالْعَام - كالنص بِخِلَاف هَذَا.

قَالَ ابْن مُفْلِح: مَعَ أَن ظَاهر كَلَام جمَاعَة من أَصْحَابنَا، وَغَيرهم التَّسْوِيَة، وَقَالَ بِهِ أَبُو الْمَعَالِي مَعَ مُنَاسبَة الصّفة للْحكم، وَإِلَّا فَلَيْسَ

ص: 2927

بِحجَّة، وَذكره بعض أَصْحَابنَا ظَاهر اخْتِيَار القَاضِي فِي مَوضِع. انْتهى.

قَالَ أَبُو الْمَعَالِي فِي " الْبُرْهَان ": يفصل بَين أَن يكون الْوَصْف مناسبا فَيكون حجَّة، نَحْو:" فِي الْغنم السَّائِمَة الزَّكَاة " فَإِن خفَّة الْمُؤْنَة مُنَاسبَة للمواساة بِالزَّكَاةِ، وَبَين مَا لَا مُنَاسبَة فِيهِ فَلَا يجوز: الْإِنْسَان الْأَبْيَض ذُو إِرَادَة.

قَالَ ابْن السَّمْعَانِيّ: وَهُوَ خلاف مَذْهَب الشَّافِعِي، فَإِن الْعلَّة لَيْسَ من شَرطهَا الانعكاس، لَكِن أَبُو الْمَعَالِي أورد هَذَا على نَفسه.

وَأجَاب بِأَن قَضِيَّة اللِّسَان هِيَ الدَّالَّة عِنْد إِحَالَة الْوَصْف على مَا عداهُ بِخِلَافِهِ، وَقَالَ: إِن هَذَا وضع اللِّسَان وَمُقْتَضَاهُ بِخِلَاف الْعِلَل المستنبطة. انْتهى.

وَهَذَا القَوْل يَنْبَغِي أَن يكون فِي أصل الْمَسْأَلَة، لَا هُنَا، وَلَكِن تابعنا ابْن مُفْلِح عَلَيْهِ.

ص: 2928

قَوْله: {الثَّانِي التَّقْسِيم، ك " الثّيّب أَحَق بِنَفسِهَا وَالْبكْر تستأذن " كَالْأولِ، ذكره الْمُوفق وَغَيره} ، وَتَابعه من بعده.

وَذَلِكَ لِأَن تقسيمه إِلَى قسمَيْنِ، وَتَخْصِيص كل وَاحِد بِحكم يدل على انْتِفَاء ذَلِك الحكم عَن الْقسم الأول الآخر، إِذْ لَو عَمهمَا لم يكن للتقسيم فَائِدَة، فَهُوَ من جملَة مَفْهُوم الصّفة.

قَوْله: {الثَّالِث: الشَّرْط} . أَي: الثَّالِث من أَقسَام مَفْهُوم الْمُخَالفَة الشَّرْط، وَالْمرَاد بِهِ مَا علق من الحكم على شَيْء بأداة الشَّرْط، ك (إِن) و (إِذا) وَنَحْوهمَا، وَهُوَ الْمُسَمّى بِالشّرطِ اللّغَوِيّ، لَا الشَّرْط الَّذِي هُوَ قسيم السَّبَب وَالْمَانِع الْمُتَقَدّم ذكره.

مِثَال الشَّرْط اللّغَوِيّ قَوْله: (وَإِن كن أولات حمل فأنفقوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضعن

ص: 2929

حَملهنَّ} [الطَّلَاق: 6] . دلّ منطوقه على وجوب النَّفَقَة على أولات الْحمل، فَهَل دلّ بِالْمَفْهُومِ بِالْعدمِ على الْعَدَم حَتَّى يسْتَدلّ بِهِ على منع وجوب النَّفَقَة للمعتدة غير الْحَامِل، أَو لَا.

ذهب الْأَكْثَر إِلَى دلَالَته عَلَيْهِ، وكل من قَالَ بِمَفْهُوم الصّفة يَقُول بِهِ؛ لِأَنَّهُ أقوى.

وَأما المنكرون لمَفْهُوم الصّفة فَاخْتَلَفُوا، فَقَالَ بِهِ، مِنْهُم: ابْن سُرَيج، وَابْن الصّباغ، والكرخي، وَغَيره من الْحَنَفِيَّة، وَأَبُو الْحُسَيْن الْبَصْرِيّ، وَنَقله إِمَام الْحَرَمَيْنِ عَن أَكثر الْعلمَاء وَبَالغ فِي الرَّد على منكره، وَنَقله ابْن الْقشيرِي عَن مُعظم أهل الْعرَاق، وَنَقله السُّهيْلي عَن أَكثر الْحَنَفِيَّة.

ص: 2930

وَمِمَّنْ مَنعه كمفهوم الصّفة أَكثر الْمُعْتَزلَة، وَقَالُوا: لَا يَنْتَفِي بِعَدَمِهِ، بل هُوَ بَاقٍ على الأَصْل الَّذِي كَانَ قبل التَّعْلِيق، وَرجحه الْمُحَقِّقُونَ من الْحَنَفِيَّة الْجِرْجَانِيّ، وَغَيره، وَنقل عَن أبي حنيفَة، وَنَقله التلمساني عَن مَالك، وَاخْتَارَهُ ابْن الباقلاني، وَالْغَزالِيّ، والآمدي.

فتلخص أَنه لَا خلاف فِي انْتِفَاء الحكم عِنْد انْتِفَاء الشَّرْط، لَكِن هَل الدَّال على الانتفاء صِيغَة الشَّرْط، أَو الْبَقَاء على الأَصْل؟ فَمن جعل الشَّرْط حجَّة قَالَ بِالْأولِ، وَمن أنكرهُ قَالَ بِالثَّانِي.

حجَّة الْقَائِل بِهِ مَا سبق من الْأَدِلَّة فِي مَفْهُوم الصّفة؛ وَلِأَنَّهُ يلْزم من عدم الشَّرْط عدم الْمَشْرُوط.

فَإِن قيل: يحْتَمل أَنه سَبَب لمسبب فَلَا تلازم.

ص: 2931

رد: خلاف الظَّاهِر، ثمَّ إِن قيل: باتحاد السَّبَب فَأولى بِالنَّفْيِ؛ لِأَنَّهُ مُوجب للمسبب، وَإِن قيل: بتعدده فَالْأَصْل عَدمه.

وَقَوله: {إِن أردن تَحَصُّنًا} [النُّور: 33] أَي: تعففا شَرط إِرَادَته فِي الْإِكْرَاه، لَا فِي تَحْرِيمه؛ لِاسْتِحَالَة الْإِكْرَاه إِلَّا عِنْد إِرَادَته، وَإِلَّا فَهِيَ تبغي طبعا.

وَقيل: النَّهْي لسَبَب، قَالَ جَابر كَانَ عبد الله بن أبي يَقُول لجارية لَهُ: اذهبي فابغينا شَيْئا، فَنزلت الْآيَة.

وَقيل: عَارض ظَاهر الْآيَة إِجْمَاع قَاطع.

وَبني صَاحب " الْمَحْصُول " الْخلاف على أصل وَهُوَ أَن عندنَا وَعند الشَّافِعِيَّة الشَّرْط مَانع من الحكم، وَعند الْحَنَفِيَّة من انْعِقَاد السَّبَب فالتعليق سَبَب.

وَعِنْدهم عِنْد وجود الشَّرْط، فَعدم الحكم مُضَاف إِلَى انْتِفَاء شَرطه مَعَ وجوب سَببه، وَعِنْدهم إِلَى عدم سَببه.

ص: 2932

وَقَالُوا: شَرط الْخِيَار فِي البيع خلاف الْقيَاس؛ لعدم إِمْكَان تَعْلِيق البيع؛ لِأَنَّهُ إِيجَاب، وَالْغَرَض التَّدَارُك فَجعل دَاخِلا على الحكم لمنع اللُّزُوم.

وَقَالُوا: لَو علق طَلاقهَا بقيامها، ثمَّ قَالَ: إِن طَلقتهَا فَعَبْدي حر ثمَّ قَامَت، فَالْقِيَاس يعْتق؛ لِأَنَّهُ طَلقهَا، لَكِن تَرَكْنَاهُ؛ لِأَن الْأَيْمَان تحمل على الْعرف، وَالْعَادَة إِنَّمَا يعْقد يَمِينه على مَا يُمكنهُ الِامْتِنَاع مِنْهُ.

وبنوا على هَذَا صِحَة تَعْلِيق الطَّلَاق بِالْملكِ، وَامْتِنَاع تَعْجِيل كَفَّارَة الْيَمين، وَأَن طول الْحرَّة، لَا يمْنَع من نِكَاح الْأمة.

وَبني صَاحب " الْمَحْصُول " الْخلاف فِي الصّفة؛ على هَذَا لمنعها من عمل اللَّفْظ الْمُطلق فَهِيَ كالشرط، وَعند الْحَنَفِيَّة غايتها عِلّة، وَلَا أثر لَهَا فِي النَّفْي.

قَوْله: {فَائِدَة: يسْتَعْمل الشَّرْط للتَّعْلِيل ك} قَوْله لوَلَده: {أَطْعمنِي إِن كنت ابْني} ، أَي: لِأَنَّك ابْني، وَإِذا كنت ابْني، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى:{إِن كُنْتُم إِيَّاه تَعْبدُونَ} [الْبَقَرَة: 172] .

ص: 2933

قَالَ ابْن قَاضِي الْجَبَل: لفظ الشَّرْط أَصله التَّعْلِيق، ويستعمله الْعَرَب كثيرا للتَّعْلِيل، لَا للتعليق، فَهُوَ تَنْبِيه على السَّبَب الْبَاعِث على الْمَأْمُور بِهِ، لَا لتعليق الْمَأْمُور بِهِ، فالمقصود التَّنْبِيه على الصّفة الباعثة، لَا التَّعْلِيق. انْتهى.

قَالَ الْبرمَاوِيّ: وَإِنَّمَا يعْتَبر مَفْهُوم الشَّرْط وَغَيره حَيْثُ لم يظْهر للتخصيص فَائِدَة، كَمَا قدمْنَاهُ، وَمثله:(واشكروا نعْمَة الله إِن كُنْتُم إِيَّاه تَعْبدُونَ)، وَقَول الْقَائِل لِابْنِهِ: أطعني إِن كنت ابْني، فَإِن المُرَاد التَّنْبِيه على السَّبَب الْبَاعِث للْحكم، لَا تَقْيِيد الحكم بِهِ. انْتهى.

قَوْله: {الرَّابِع: الْغَايَة، ك {حَتَّى تنْكح زوجا غَيره} [الْبَقَرَة: 230] وَهُوَ أقوى من الشَّرْط} ، أَي: الرَّابِع من مَفْهُوم الْمُخَالفَة مَفْهُوم الْغَايَة، وَهُوَ مد الحكم بأداة الْغَايَة ك (إِلَى) و (حَتَّى) و (اللَّام) .

فمثال الْغَايَة قَوْله تَعَالَى: {ثمَّ أَتموا الصّيام إِلَى اللَّيْل} [الْبَقَرَة: 187]، {وَلَا تقربوهن حَتَّى يطهرن} [الْبَقَرَة: 222] ، (فَلَا تحل لَهُ [من بعد] حَتَّى

ص: 2934

تنْكح زوجا غَيره} [الْبَقَرَة: 230]، وَحَدِيث:" لَا زَكَاة فِي مَال حَتَّى يحول عَلَيْهِ الْحول ".

وَهُوَ حجَّة عِنْد الْجُمْهُور، وَقد نَص عَلَيْهِ الشَّافِعِي وَغَيره من الْأَئِمَّة.

وَقد اعْترف بِهِ من أنكر مَفْهُوم الشَّرْط كَابْن الباقلاني، وَالْغَزالِيّ، وَالْقَاضِي عبد الْجَبَّار، وَأبي الْحُسَيْن، وَإِلَيْهِ ذهب مُعظم نفاة الْمَفْهُوم كَمَا قَالَه الباقلاني فِي " التَّقْرِيب "، قَالَ: كُنَّا نصرنَا إبِْطَال حكم الْغَايَة وَالأَصَح عندنَا القَوْل بِهِ.

وَلِهَذَا أَجمعُوا على تَسْمِيَتهَا حُرُوف الْغَايَة، وَغَايَة الشَّيْء نهايته فَلَو ثَبت الحكم بعْدهَا لم يفد تَسْمِيَتهَا غَايَة.

ص: 2935

وَذهب أَكثر الْحَنَفِيَّة وَجَمَاعَة من الْفُقَهَاء، والمتكلمين، والتميمي من أَصْحَابنَا - ذكره عَنهُ ابْن شهَاب - والآمدي إِلَى الْمَنْع.

قَالَ الْحَنَفِيَّة: هُوَ من قبيل الْإِشَارَة، وَهِي مَا اسْتُفِيدَ من اللَّفْظ غير مَقْصُود بِهِ، كَمَا سبق لَا الْمَفْهُوم.

قَالَ ابْن عقيل، وَالْمجد: لَيْسَ لَهَا مَفْهُوم مُوَافقَة.

قَالَ الباقلاني: وَاقع الِاتِّفَاق على تَقْدِير ضد الحكم بعْدهَا فَفِي: {وَلَا تقربوهن حَتَّى يطهرن} يقدر: فاقربوهن، وَفِي {حَتَّى تنْكح زوجا غَيره} يقدر: فَتحل، وَنَحْو ذَلِك، وَلَا شكّ أَن الْمُضمر كالملفوظ بِهِ؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا أضمر لسبقه إِلَى فهم الْعَارِف بِاللِّسَانِ فَكَأَنَّهُ نَص أهل اللُّغَة على أَنه مَنْطُوق.

وَهَذَا من الباقلاني يدل على أَن انْتِفَاء الحكم فِيمَا بعد الْغَايَة من جِهَة الْمَنْطُوق لَا الْمَفْهُوم على خلاف مَا نَقله ابْن الْحَاجِب عَنهُ.

ص: 2936

وَلِهَذَا قَالَ ابْن الْعَبدَرِي، وَابْن الْحَاج، وَصَاحب " البديع " من الْحَنَفِيَّة: ذهب طَائِفَة من الْحَنَفِيَّة إِلَى عدم اعْتِبَار مَفْهُوم الْغَايَة.

اسْتدلَّ الْقَائِل بِهِ بِمَا سبق فِي مَفْهُوم الصّفة [و] اسْتدلَّ بِأَن معنى: صُومُوا إِلَى أَن تغيب الشَّمْس: صُومُوا صوما آخِره غيبوبة الشَّمْس، فَلَو وَجب صَوْم بعْدهَا كَانَت وسطا، لَا آخرا.

ورده الْآمِدِيّ بِأَن هَذَا مَعْنَاهُ، وَإِنَّمَا الْخلاف هَل نفي الحكم بعد الْغَايَة لَازم من التَّقْيِيد بهَا، وَهِي غَايَة للصَّوْم الْمَأْمُور بِهِ أَو لَا.

وَإِنَّمَا تصير وسطا لَو اسْتندَ الصَّوْم بعْدهَا إِلَى الْخطاب قبلهَا، وَلَيْسَ كَذَلِك.

وَجَوَابه: أَن هَذَا ظَاهر التَّقْيِيد مَا لم يُعَارضهُ دَلِيل، وَلِهَذَا يتَبَادَر إِلَى الْفَهم، وَلَا يحسن الِاسْتِفْهَام فِيمَا بعْدهَا.

وَسلم الْآمِدِيّ أَنه لَا يحسن، لَكِن لعدم دلَالَة اللَّفْظ عَلَيْهِ، وَفِيه نظر لاحْتِمَاله عِنْده.

ص: 2937

وَقَالَ ابْن عقيل: لَا يحسن التَّصْرِيح بِأَن مَا بعْدهَا كَمَا قبلهَا، وَهُوَ خلاف مَا فِي " التَّمْهِيد " فِيهِ، وَفِي الشَّرْط وَنقض بهما فِي الصّفة.

وَقَالَ الْآمِدِيّ: لَا مَانع مِنْهُ إِجْمَاعًا.

فَائِدَة: إِذا تصور فِي الْغَايَة تطاول: هَل يتَعَلَّق الحكم بأولها، أَو يتَوَقَّف الحكم على تَمامهَا؟ الْأَكْثَر على الأول.

تظهر فَائِدَته فِي قَوْله تَعَالَى: {فَمن تمتّع بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَج فَمَا اسْتَيْسَرَ من الْهَدْي} [الْبَقَرَة: 196] فَيجب دم التَّمَتُّع إِذا فرغ من الْعمرَة وَأحرم بِالْحَجِّ؛ لِأَنَّهُ يُسمى حِينَئِذٍ مُتَمَتِّعا فيكتفي بأولها، وَهُوَ مَذْهَب الشَّافِعِي، وَرِوَايَة عَن أَحْمد، وَقَالَ مَالك: مَا لم يقف بِعَرَفَة لَا يجب دم التَّمَتُّع،

ص: 2938

وَعَن أَحْمد رِوَايَة: يلْزم الدَّم بِالْوُقُوفِ.

وَقَالَ عَطاء: مَا لم يرم جَمْرَة الْعقبَة.

منشأ ذَلِك أَنه لَا يَكْتَفِي بِأول الْغَايَة، وَالصَّحِيح عندنَا وجوب الدَّم بِطُلُوع فجر يَوْم النَّحْر.

قَوْله: {الْخَامِس: الْعدَد لغير مُبَالغَة كثمانين جلدَة، قَالَ بِهِ أَحْمد، وَأكْثر أَصْحَابه، وَمَالك، وَبَعض الشَّافِعِيَّة، وَحكي عَن الشَّافِعِي.

ونفاه ابْن شاقلا، وَالْقَاضِي، وَالْحَنَفِيَّة، والأشعرية،

ص: 2939

وَأكْثر الشَّافِعِيَّة، وَجعله أَبُو الْمَعَالِي وَأَبُو الطّيب وَجمع من قسم الصِّفَات} .

أَي: الْخَامِس من أَنْوَاع مَفْهُوم الْمُخَالفَة مَفْهُوم الْعدَد، أَي: تَعْلِيق الحكم بِعَدَد مَخْصُوص، كَقَوْلِه تَعَالَى:{فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جلدَة} [النُّور: 4] وَهُوَ كالصفة.

قَالَ بِهِ الإِمَام أَحْمد، وَأكْثر أَصْحَابه، وَمَالك، وَدَاوُد، وَبَعض الشَّافِعِيَّة، وَمِنْهُم: الشَّيْخ أَبُو حَامِد، وَابْن السَّمْعَانِيّ، وَأَبُو الْمَعَالِي، وَالْغَزالِيّ، وَابْن الصّباغ فِي " الْعدة "، وسليم، قَالَ: وَهُوَ دليلنا فِي نِصَاب الزَّكَاة وَالتَّحْرِيم بِخمْس رَضعَات.

ص: 2940

وَنَقله أَبُو حَامِد، وَأَبُو الْمَعَالِي، وَالْمَاوَرْدِيّ عَن نَص الشَّافِعِي.

قَالَ ابْن الرّفْعَة: القَوْل بِمَفْهُوم الْعدَد هُوَ الْعُمْدَة عندنَا فِي [عدم] تنقيص الْحِجَارَة فِي الِاسْتِنْجَاء من الثَّلَاثَة.

ونفاه الْحَنَفِيَّة، والمعتزلة، والأشعرية، وَأكْثر الشَّافِعِيَّة، وَاخْتَارَهُ القَاضِي أَبُو يعلى فِي جُزْء صنفه فِي الْمَفْهُوم.

وَذكره أَبُو الْخطاب عَن أبي إِسْحَاق من أَصْحَابنَا فِي مَسْأَلَة الزِّيَادَة على النَّص: هَل هِيَ نسخ أم لَا؟ اسْتدلَّ الْقَائِل بِهِ بِمَا سبق فِي الصّفة من قَوْله: " لأزيدن على السّبْعين " وَلِئَلَّا يعرى عَن فَائِدَة.

ص: 2941

فَائِدَة: مَحل الْخلاف فِي ذَلِك فِي عدد لم يقْصد بِهِ التكثير كالألف وَالسبْعين، وَنَحْوهمَا مِمَّا يسْتَعْمل فِي لُغَة الْعَرَب للْمُبَالَغَة.

قَالَ ابْن فورك وَغَيره: فَإِن قَوْلهم الْعدَد نُصُوص إِنَّمَا هُوَ حَيْثُ لَا قرينَة تدل على إِرَادَة الْمُبَالغَة، نَحْو: جئْتُك ألف مرّة فَلم أجدك. قَالَ: وَبِذَلِك يعلم ضعف الِاحْتِجَاج بقوله صلى الله عليه وسلم َ - لما نزل: {إِن تستغفر لَهُم سبعين مرّة فَلَنْ يغْفر الله لَهُم} [التَّوْبَة: 80] : " لأزيدن على السّبْعين "، فَعمل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - بِالْمَفْهُومِ فِيهِ، وَذَلِكَ من أشهر حجج المعتبرين لمَفْهُوم الْعدَد.

بل وَيُجَاب عَنهُ بِأَمْر آخر وَهُوَ: أَنه لَعَلَّه قَالَه رَجَاء لحُصُول الْمَغْفِرَة بِنَاء على بَقَاء حكم الأَصْل، وَهُوَ الرَّجَاء الَّذِي كَانَ ثَابتا قبل نزُول الْآيَة، لَا لِأَنَّهُ فهمه من التَّقْيِيد.

وَجَوَاب الباقلاني، وَأبي الْمَعَالِي، وَالْغَزالِيّ، وَمن تَبِعَهُمْ بالطعن فِي الحَدِيث غير سديد؛ فَإِنَّهُ فِي " الصَّحِيحَيْنِ " بِلَفْظ " سأزيد ".

ص: 2942

قَالَ أَبُو بكر الرَّازِيّ: وَمَا رَوَاهُ أَبُو عبيد: " لأزيدن على السّبْعين " لَا يَصح؛ فَإِنَّهُ يمْتَنع غفران ذَنْب الْكَافِر، وَإِنَّمَا الْمَرْوِيّ:" لَو علمت أَنه يغْفر لَهُ إِذا زِدْت على السّبْعين لزدت ". انْتهى.

وَهَذِه الزِّيَادَة فِي البُخَارِيّ فِي الْجَنَائِز بِلَفْظ: " لَو أعلم أَنِّي إِن زِدْت على سبعين يغْفر لَهُ لزدت عَلَيْهَا "، وَهِي فِي البُخَارِيّ أَيْضا فِي تَفْسِير سُورَة بَرَاءَة.

قَالَ ابْن فورك: وَلَيْسَ بمستنكر استغفاره عليه الصلاة والسلام؛ لِأَنَّهَا لَا تستحيل عقلا، والإجابة مُمكنَة.

وتلطف ابْن الْمُنِير فَقَالَ: لَعَلَّ الْقَصْد بالاستغفار التَّخْفِيف كَمَا فِي

ص: 2943

الدُّعَاء بِهِ لأبي طَالب وَقَوله: " لأزيدن على السّبْعين " أَي: أفعل ذَلِك؛ لأثاب على الاسْتِغْفَار، فَإِنَّهُ عبَادَة. قلت: وَهُوَ عَجِيب، فَإِنَّهُ خلاف مُقْتَضى سِيَاق الْآيَة، وَقد تقدم مَا فِي الْآيَة من الْبَحْث فِي مَفْهُوم الصّفة فليعاود.

قَوْله: {وَجعله أَبُو الْمَعَالِي وَأَبُو الطّيب وَجمع من قسم الصِّفَات} ؛ لِأَن قدر الشَّيْء صفته.

قَالَ ابْن مُفْلِح: وَاخْتِيَار أبي الْمَعَالِي أَنه من قسم الصِّفَات، وَكَذَا قَالَ أَبُو الطّيب وَغَيره؛ لِأَن قدر الشَّيْء صفته.

قَوْله: {وَنفى السُّبْكِيّ مَفْهُوم الْمَعْدُود} ، فَقَالَ: التَّحْقِيق عِنْدِي أَن الْخلاف فِي مَفْهُوم الْعدَد إِنَّمَا هُوَ عِنْد ذكر نفس الْعدَد، وَأما الْمَعْدُود

ص: 2944