الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ بعض أَصْحَابنَا: فَفِيهِ نظر بعد النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ -
لتقدم معرفَة النَّاسِخ والمنسوخ على الْفَتْوَى.
وَقَالَ ابْن عقيل: النّسخ قد يخفى عَن الْبعيد عَن النَّبِي
صلى الله عليه وسلم َ -، وَلَا يلْزمه التَّوَقُّف، وَإِن كَانَ ذَلِك لَا يفوت أصل الْعَمَل عَن وُرُود النّسخ.
وَاحْتج القَاضِي بأسماء الْحَقَائِق، وَذكر عَن خَصمه منعا وتسليما.
وَاحْتج ابْن عقيل والموفق فِي " الرَّوْضَة " بهَا، وبالأمر، وَالنَّهْي.
تَنْبِيه: تابعنا فِي حِكَايَة الْخلاف كثيرا من الْعلمَاء، بل مَذْهَب أَحْمد وَأَصْحَابه، والمالكية، وَكثير من الْعلمَاء كَمَا تقدم وجوب اعْتِقَاد الْعُمُوم، وَالْعَمَل بِهِ قبل الْبَحْث عَن مُخَصص كَمَا تقدم.
وَحكى الكوراني وَابْن الْحَاجِب فِي " مُخْتَصره " وَغَيرهمَا
الْإِجْمَاع على أَنه لَا يجوز الْعَمَل بِالْعَام قبل الْبَحْث عَن الْمُخَصّص، وَجعلُوا الْخلاف فِي اعْتِقَاد الْعُمُوم فِي الْعَام بعد وُرُوده، وَقبل وَقت الْعَمَل بِهِ.
قَالَ الْبرمَاوِيّ بعد حِكَايَة الْخلاف: هَكَذَا أورد الْخلاف الرَّازِيّ وَأَتْبَاعه وَسَبقه إِلَى ذَلِك الْأُسْتَاذ أَبُو إِسْحَاق الإِسْفِرَايِينِيّ، وَأَبُو إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ، وَغَيرهمَا، لَكِن اقْتصر أَبُو الطّيب، وَأَبُو الْمَعَالِي، وَابْن السَّمْعَانِيّ فِي النَّقْل عَن الصَّيْرَفِي على وجوب اعْتِقَاد الْعُمُوم فِي الْحَال قبل الْبَحْث، وَصرح غَيرهم عَنهُ بِأَنَّهُ قَالَ: يجب الِاعْتِقَاد وَالْعَمَل.
وَلَك أَن تَقول: إِن دخل وَقت الْعَمَل لزم من وجوب الِاعْتِقَاد وجوب الْعَمَل فَلذَلِك اكْتفى من اقْتصر على وجوب الِاعْتِقَاد بذلك.
وَأما الْغَزالِيّ، ثمَّ الْآمِدِيّ، وَابْن الْحَاجِب فحكوا الْخلاف على وَجه آخر، وَهُوَ أَنه يمْتَنع الْعَمَل قبل الْبَحْث قطعا، وَإِنَّمَا الْخلاف فِي كَونه يَكْفِي الظَّن - وَهُوَ قَول الْأَكْثَر - أَولا بُد من الْقطع؟
قَالَ: وَيحصل ذَلِك بتكرير النّظر، والبحث عَن اشتهار كَلَام الْأَئِمَّة.
قَالُوا: وَلَيْسَ خلاف الصَّيْرَفِي إِلَّا فِي اعْتِقَاد عُمُومه قبل دُخُول وَقت الْعَمَل بِهِ، وَإِذا ظهر مُخَصص تعين الِاعْتِقَاد.
وَمِنْهُم من جمع بَين الطريقتين بِأَنَّهُمَا مَسْأَلَتَانِ: وجوب الْعَمَل وَهُوَ مَحل الْقطع، واعتقاد الْعُمُوم، وَهُوَ مَحل الْخلاف.
وَفِيه نظر، فَإِن ذَلِك إِن كَانَ قبل دُخُول وَقت الْعَمَل فقد جعلُوا مَحل خلاف الصَّيْرَفِي فِيهِ، وَإِن كَانَ بعد دُخُول وَقت الْعَمَل فقد سبق أَنه لَا معنى لاعْتِقَاده إِلَّا وجوب الْعَمَل بِهِ. انْتهى.
قَوْله: {وَظَاهر كَلَام الْأَصْحَاب، وَقَالَهُ الْأَكْثَر: يَكْفِي فِي الْبَحْث الظَّن، وَاعْتبر} القَاضِي أَبُو بكر {الباقلاني، وَمن تبعه الْقطع} .
{و} اعْتبر {قوم اعتقادا جَازِمًا} .
قَالَ ابْن مُفْلِح: ظَاهر كَلَام أَصْحَابنَا، وَقَالَهُ الْأَكْثَر: يَكْفِي بحث يظنّ مَعَه انتفاؤه؛ لِأَنَّهُ لَا طَرِيق إِلَى الْقطع؛ فاشتراطه يبطل الْعَمَل بِالْعُمُومِ.
وَاعْتبر ابْن الباقلاني، وَجَمَاعَة الْقطع، وَقَالُوا: مَا كثر الْبَحْث بَين الْعلمَاء فِيهِ يُفِيد الْقطع عَادَة، وَإِلَّا فبحث الْمُجْتَهد يفِيدهُ؛ لِاسْتِحَالَة أَن لَا ينصب الله عَلَيْهِ دَلِيلا ويبلغه للمكلف.
رد الأول: بِمَنْع الِاطِّلَاع عَلَيْهِ، ثمَّ لَو اطلع بَعضهم فنقله غير قَاطع.
ورد الثَّانِي: بِمَنْع نصب دَلِيل وَلُزُوم الِاطِّلَاع وَنَقله، وَقد يجد مُخَصّصا يرجع بِهِ عَن الْعُمُوم، وَلَو قطع لم يرجع.
وَحكى الْغَزالِيّ قولا ثَالِثا متوسطا أَن الشَّرْط أَن يعْتَقد عَدمه اعتقادا جَازِمًا يسكن إِلَيْهِ الْقلب من غير قطع.
تَنْبِيه: مثار الْخلاف فِي أصل الْمَسْأَلَة التَّعَارُض بَين الأَصْل وَالظَّاهِر، وَله مثار آخر، وَهُوَ أَن التَّخْصِيص هَل هُوَ مَانع، أَو عَدمه شَرط؟
فالصيرفي جعله مَانِعا فَالْأَصْل عَدمه، وَابْن سُرَيج
…
...
جعله شرطا فَلَا بُد من تحَققه.
وَنَظِيره الشَّاهِد عِنْد الْحَاكِم الَّذِي لَا يعرف حَاله فيبحث عَنهُ حَتَّى يعْمل بِشَهَادَتِهِ إِذا عدل.
وَنَظِيره أَيْضا صِيغَة الْعُمُوم المحتملة للْعهد، هَل يعْمل بهَا؛ لِأَن الْعَهْد مَانع وَالْأَصْل عَدمه، أَو عدم الْعَهْد شَرط فَلَا بُد من تحَققه.
قَوْله: {وَكَذَا كل دَلِيل مَعَ معارضه، وَهُوَ ظَاهر كَلَام أَحْمد، وَقيل: لَا فِي حَقِيقَة ومجاز} .
قَالَ ابْن مُفْلِح: قَالَ بعض أَصْحَابنَا: يجب أَن نقُول: جَمِيع الظَّوَاهِر كالعموم وَكَلَام أَحْمد فِي مُطلق الظَّاهِر من غير فرق، وَكَذَا جزم بِهِ الْآمِدِيّ، وَغَيره.
وَفِي " التَّمْهِيد ": جَمِيع ذَلِك كمسألتنا، وَإِن سلمنَا أَسمَاء الْحَقَائِق فَقَط، فَإِن لفظ الْعُمُوم حَقِيقَة فِيهِ مَا لم نجد مُخَصّصا، وَحَقِيقَة فِيهِ وَفِي الْخُصُوص، وَأَيْضًا لَا يلْزمه طلب مَا لَا يُعلمهُ كَطَلَب هَل بعث الله رَسُولا؟
وَأجَاب فِي " التَّمْهِيد ": يلْزمه كَمَا يلْزمه هُنَا طلب الْمُخَصّص فِي بَلَده.
قيل لَهُ: فَلَو ضَاقَ الْوَقْت عَن طلبه؟
قَالَ: الْأَشْبَه يلْزم الْعَمَل بِالْعُمُومِ، وَإِلَّا لما أسمعهُ الله إِيَّاه قبل تمكنه من الْمعرفَة بالمخصص لِأَنَّهُ وَقت الْحَاجة إِلَى الْبَيَان.
قَالَ: وَيحْتَمل أَن لَا يعْمل حَتَّى يَطْلُبهُ كمجتهد ضَاقَ وَقت اجْتِهَاده لَا يُقَلّد غَيره. انْتهى.
وَالْخلاف جَار عِنْد الشَّافِعِيَّة فِي لفظ الْأَمر وَالنَّهْي.
قَالَه الشَّيْخ أَبُو حَامِد: قَالَ الْبرمَاوِيّ: نعم، مِنْهُم من نقل الْإِجْمَاع على أَنه لَا يجب عِنْد سَماع الْحَقِيقَة طلب الْمجَاز، وَإِن وَجب عِنْد سَماع الْعَام طلب الْمُخَصّص؛ لِأَن تطرق التَّخْصِيص إِلَى الْعَام أَكثر. انْتهى.
وَقَالَهُ السُّبْكِيّ وَفرق بَينهمَا بفرق حسن.