الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَهَذَا فِي حق الْخَائِف على نَفسه؛ لِأَن يَمِينه غير منعقدة، أَو لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة المتأول. انْتهى.
ثمَّ قَالَ ابْن مُفْلِح: {وَقَالَ بعض الْمَالِكِيَّة - فِي الْيَمين -: قِيَاس مَذْهَب مَالك صِحَّته بِالنِّيَّةِ} . انْتهى.
قَوْله: {وَيجوز تَقْدِيمه عِنْد الْكل} .
يَعْنِي يجوز تَقْدِيم الْمُسْتَثْنى على الْمُسْتَثْنى مِنْهُ، كَقَوْلِه صلى الله عليه وسلم َ -: "
وَالله إِن شَاءَ الله لَا أَحْلف على يَمِين
…
" الحَدِيث مُتَّفق عَلَيْهِ، وكقول الْكُمَيْت:
(وَمَا لي إِلَّا آل أَحْمد شيعَة
…
وَمَالِي إِلَّا مَذْهَب الْحق مَذْهَب)
قَوْله: {اسْتثِْنَاء الْكل بَاطِل} عِنْد الْعلمَاء، وَحَكَاهُ الْآمِدِيّ، وَابْن الْحَاجِب، وَابْن مُفْلِح، وَغَيرهم إِجْمَاعًا، {وشذ بَعضهم} فِي حِكَايَة خلاف، فَقَالَ ابْن طَلْحَة الْمَالِكِي فِي كتاب " الْمدْخل " لَهُ فِي الْفِقْه: إِذا قَالَ: أَنْت طَالِق ثَلَاثًا إِلَّا ثَلَاثًا، هَل يَقع الطَّلَاق؟ على قَوْلَيْنِ عَن مَالك.
قَالَ بعض الْمَالِكِيَّة: وَمُقْتَضى هَذَا النَّقْل جَوَاز اسْتثِْنَاء الْكل من الْكل.
قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين: وَلَيْسَ كَذَلِك، وَإِنَّمَا هَذَا على قَول مَالك، وبيض لذَلِك، وَنقل اللَّخْمِيّ عَن بَعضهم فِي قَوْله (أَنْت طَالِق وَاحِدَة
إِلَّا وَاحِدَة) أَن الطَّلَاق لَا يَقع؛ لِأَن النَّدَم مُنْتَفٍ بِإِمْكَان الرّجْعَة بِخِلَاف (ثَلَاثًا إِلَّا ثَلَاثًا) .
وَفِي " الْهِدَايَة " للحنفية: أَن الطَّلَاق الْمُسْتَغْرق إِنَّمَا هُوَ فِي نَحْو: نسَائِي طَوَالِق إِلَّا نسَائِي، أَو أوصيت بِثلث مَالِي إِلَّا ثلث مَالِي، لَا فِي نَحْو: نسَائِي طَوَالِق إِلَّا هَؤُلَاءِ مُشِيرا إلَيْهِنَّ، أَو ثلث مَالِي إِلَّا ألف دِرْهَم، وَهُوَ ثلثه. انْتهى.
قَالَ فِي " الْقَوَاعِد الْأُصُولِيَّة ": قلت: وَلقَائِل أَن يَقُول: إِذا قَالَ: أَنْت طَالِق ثَلَاثًا إِلَّا ثَلَاثًا إِنَّه يَقع وَاحِدَة، إِذا قُلْنَا يَصح اسْتثِْنَاء الْأَكْثَر، وَاثْنَتَانِ على الْمَذْهَب؛ لِأَن اسْتثِْنَاء الْأَقَل عندنَا صَحِيح، وَلنَا فِي الْأَكْثَر وَجه، فالمستثنى للثلاث جَامع بَين مَا يجوز، وَمَا لَا يجوز فَيخرج على قَاعِدَة تَفْرِيق الصَّفْقَة. انْتهى.
وَمحل امْتنَاع اسْتثِْنَاء الْكل فِي غير الصّفة على مَا يَأْتِي قَرِيبا فِي كَلَام أبي الْخطاب وَغَيره، وَكَلَام ابْن مُفْلِح، وَغَيره وَمحل ذَلِك وَهُوَ بطلَان
الْمُسْتَغْرق مَا لم يعقب الْمُسْتَغْرق اسْتثِْنَاء بعضه: كعشرة إِلَّا عشرَة إِلَّا ثَلَاثَة، على مَا يَأْتِي الْخلاف فِيهِ فِي الْمَتْن وَالشَّرْح - إِن شَاءَ الله تَعَالَى -.
قَوْله: {وَكَذَا الْأَكْثَر من عدد مُسَمّى عِنْد أَحْمد، وَأَصْحَابه، وَأبي يُوسُف، وَابْن الْمَاجشون، وَأكْثر النُّحَاة} ، وَذكر ابْن هُبَيْرَة أَنه قَول أهل اللُّغَة.
وَنَقله أَبُو حَامِد الإِسْفِرَايِينِيّ، وَأَبُو حَيَّان فِي " الارتشاف " عَن نحاة الْبَصْرَة، وَهُوَ أحد قولي القَاضِي أبي بكر ابْن الباقلاني، وَنَقله ابْن السَّمْعَانِيّ وَغَيره عَن الْأَشْعَرِيّ.
{وَعند الْأَئِمَّة الثَّلَاثَة، والخلال} من أَئِمَّة أَصْحَابنَا {يَصح} . قَالَ ابْن مُفْلِح: وَعند أَكثر الْفُقَهَاء، والمتكلمين يَصح.
وَقيل: اسْتثِْنَاء الْأَكْثَر مستقبح عِنْد الْعَرَب لَا مُمْتَنع فِي لغتهم.
وَقيل: يمْتَنع اسْتثِْنَاء الْأَكْثَر إِن كَانَ الْمُسْتَثْنى والمستثنى مِنْهُ فِي أعداد صَرِيحَة، نَحْو: عشرَة إِلَّا تِسْعَة، فَإِن لم يكن كَذَلِك، نَحْو: خُذ مَا فِي هَذَا الْكيس إِلَّا الزُّيُوف، وَكَانَت الزُّيُوف أَكثر من الْبَاقِي فَهُوَ جَائِز.
وَقيل: يمْتَنع اسْتثِْنَاء الْأَكْثَر جملَة، وَلَا يمْتَنع تَفْصِيلًا.
قَالَ الْبرمَاوِيّ: قيل وَهُوَ الْمَوْجُود فِي كتب الْحَنَابِلَة، فَيمْتَنع: جَاءَ إخْوَتك الْعشْرَة إِلَّا تِسْعَة، وَيجوز إِلَّا زيدا، وعمرا، وبكرا، وَهَكَذَا لتَمام التِّسْعَة.
وَقيل: التَّفْصِيل بَين أَن يكون السَّامع عَالما بِأَن الْمخْرج أَكثر فَيمْتَنع أَو لَا فَيجوز.
وَقيل: يجوز اسْتثِْنَاء الْأَكْثَر، لَكِن لم ترد بِهِ اللُّغَة، بل ذكر قِيَاسا على التَّخْصِيص.
وَقيل: قَالَ الْبرمَاوِيّ، ويعزى للحنابلة: يجوز فِي الْمُنْقَطع لَا الْمُتَّصِل فَيجوز: لَهُ عِنْدِي ألف دِرْهَم إِلَّا الثَّوْب الْفُلَانِيّ إِذا كَانَ ذَلِك الثَّوْب يُسَاوِي سِتّمائَة.
ذكر هَذِه الْأَقْوَال الْبرمَاوِيّ.
وَجه القَوْل الأول: أَنه لُغَة، فَمن ادَّعَاهُ فَعَلَيهِ الْبَيَان.
ثمَّ نقُول: لَا يعرف لما سبق.
وَأنْكرهُ الزّجاج، وَابْن قُتَيْبَة، وَابْن درسْتوَيْه، وَابْن
جني، فَإِن قيل: جوزه أَكثر الْكُوفِيّين.
قيل: يمْتَنع ثُبُوته عَنْهُم فِي الْأَعْدَاد، ثمَّ عَلَيْهِم الدَّلِيل، والبصريون أثبت مِنْهُم فِي اللُّغَة، كالخليل، وسيبويه، وَقد منعُوهُ، وَأنْكرهُ من تتبعه كَمَا سبق.
وَأَيْضًا وضع للاستدراك والاختصار، فَمن أقرّ بِأَلف إِلَّا تِسْعمائَة [و] تِسْعَة وَتِسْعين فَهُوَ خلاف الْوَضع، وَلِهَذَا يعد قبيحا عرفا، وَالْأَصْل التَّقْرِير.
وَاسْتدلَّ بِأَنَّهُ خلاف الأَصْل؛ لِأَنَّهُ إِنْكَار بعد إِقْرَار فصح فِي الْأَقَل؛ لِأَنَّهُ قد ينساه فينضر فِي الْأَقَل إِن لم يَصح.
رد: بِالْمَنْعِ؛ فَإِنَّهُمَا كجملة، وَهُوَ تكلم بِالْبَاقِي، ثمَّ: بِمَنْع مُخَالفَة الأَصْل فَيصح فِي الْأَكْثَر لِئَلَّا ينضر، وَصدقه مُمكن.
قَالُوا: وَقع فِي قَوْله: {إِلَّا من اتبعك من الغاوين} [الْحجر: 42]، وَقَوله:{إِلَّا عِبَادك مِنْهُم المخلصين} [الْحجر: 40] ، وَأيهمَا كَانَ أَكثر فقد اسْتَثْنَاهُ، أَو أَن الغاوين أَكثر؛ لقَوْله:{وَمَا أَكثر النَّاس وَلَو حرصت بمؤمنين} [يُوسُف: 103] .
رد ذَلِك: بِأَن مَحل الْخلاف إِنَّمَا هُوَ فِي الِاسْتِثْنَاء من عدد، وَأما هَذَا فتخصيص بِصفة وَفرق بَينهمَا؛ لِأَنَّهُ - كَمَا يَأْتِي قَرِيبا - يسْتَثْنى بِالصّفةِ مَجْهُول من مَعْلُوم، وَمن مَجْهُول، ويستثني الْجَمِيع أَيْضا، فَلَو قَالَ: اقْتُل من فِي الدَّار إِلَّا بني تَمِيم، أَو إِلَّا الْبيض، فَكَانُوا كلهم بني تَمِيم، أَو بيضًا لم يجز قَتلهمْ بِخِلَاف الْعدَد، ثمَّ الْجِنْس ظَاهر، وَالْعدَد صَرِيح، وَلِهَذَا فرقت اللُّغَة بَينهمَا.
ثمَّ هُوَ اسْتثِْنَاء مُنْقَطع، أَي: لَكِن قَوْله: {إِلَّا عِبَادك مِنْهُم} يَعْنِي: ولد آدم، وَفِي الْآيَة الْأُخْرَى أضَاف الْعباد إِلَيْهِ، وَالْمَلَائِكَة مِنْهُم، فاستثنى الْأَقَل مِنْهُمَا.
وَاعْتمد القَاضِي فِي " الْعدة "، وَأَبُو الْخطاب فِي " التَّمْهِيد "، وَغَيرهمَا على الْجَواب الأول، وَبِه يُجَاب عَن قَوْله تَعَالَى:" كلكُمْ جَائِع إِلَّا من أطعمته " رَوَاهُ مُسلم من حَدِيث أبي ذَر، وَلم يعرج عَلَيْهِ الْمُوفق فِي " الرَّوْضَة ".
وَبَعض النَّاس ذكر فِيهِ خلافًا، قَالَ ابْن مُفْلِح: كَذَا قَالَ.
وَقَالَ ابْن عقيل فِي " الْوَاضِح ": لَا خلاف فِيهِ لَكِن اتَّفقُوا أَنه لَو أقرّ بِهَذِهِ الدَّار إِلَّا هَذَا الْبَيْت صَحَّ، وَلَو كَانَ أَكثر، بِخِلَاف إِلَّا ثلثيها؛ فَإِنَّهُ على الْخلاف.
وَلِهَذَا قَالَ الشَّيْخ فِي " المسودة ": لَا خلاف فِي جَوَازه إِذا كَانَت الْكَثْرَة من دَلِيل خَارج، لَا من اللَّفْظ.
قَالُوا: كالتخصيص، وكاستثناء الْأَقَل.
وَجَوَابه وَاضح، وَعجب مِمَّن ذكر الْخلاف، ثمَّ يحْتَج بِالْإِجْمَاع أَن من أقرّ بِعشْرَة إِلَّا درهما يلْزمه تِسْعَة {}
تقرر أَن الْمَذْهَب لَا يَصح اسْتثِْنَاء الْأَكْثَر فَكيف صحّح الْأَصْحَاب اسْتثِْنَاء الرّبع من الثَّالِث وَالْخمس من الرّبع وَنَحْو ذَلِك، وَقد تنبه أَبُو الْخطاب لهَذَا الْإِشْكَال فِي " التَّهْذِيب "، وَأجَاب عَنهُ بِأَن هَذَا لَيْسَ من بَاب اسْتثِْنَاء الْأَكْثَر وَإِنَّمَا كَأَنَّهُ أوصى لَهُ بِشَيْء ثمَّ رَجَعَ عَن بعضه وَترك الْبَعْض.
قَالَ فِي " الْقَوَاعِد الْأُصُولِيَّة ": وَفِي الْجَواب نظر؛ إِذْ هُوَ تَحْويل للفظ الِاسْتِثْنَاء إِلَى غير معنى الرُّجُوع. وَأَيْضًا فَإِن الرُّجُوع لَا يكون [إِلَّا] بعد اسْتِقْرَار الحكم وَالِاسْتِثْنَاء مَانع من اسْتِقْرَار الحكم، وَحَقِيقَته [إِخْرَاج] مَا لولاه لدخل فِي اللَّفْظ، فَهُوَ مَانع من دُخُول مَا يَقْتَضِي اللَّفْظ دُخُوله، لَا أَنه يسْتَقرّ دُخُوله ثمَّ يخرج، اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يُقَال فِي تحريره إِنَّا إِنَّمَا منعنَا اسْتثِْنَاء الْأَكْثَر؛ لِأَنَّهُ إبِْطَال للفظ الأول، لَا تَخْصِيص لَهُ، وَهُوَ لَا يملك إبطالهما بِالرُّجُوعِ فَنزل اسْتثِْنَاء الْأَكْثَر فِيهَا بِمَنْزِلَة الرُّجُوع. انْتهى.
وَاسْتشْكل الْحَارِثِيّ مَسْأَلَة من لَهُ ثَلَاثَة بَنِينَ، وَأوصى بِمثل نصيب أحدهم إِلَّا ربع المَال، فأورد هَاهُنَا أَن الِاسْتِثْنَاء مُسْتَغْرق؛ لِأَن الْمثل مَعَ الثَّلَاثَة ربع فَكيف يَسْتَثْنِي مِنْهُ الرّبع؟
وَأجَاب عَنهُ بِأَن الِاسْتِثْنَاء يَتَّسِع بِهِ النَّصِيب كَذَا الْوَصِيَّة؛ لِأَن الْحَاصِل للْوَارِث مَعَ [عدم] الِاسْتِثْنَاء ربع فَقَط، وَمَعَ الِاسْتِثْنَاء ربع وَشَيْء فالمثل الْمُوصى بِهِ كَذَلِك، فَإِذا اسْتثْنى مِنْهُ الرّبع لم يكن الِاسْتِثْنَاء مُسْتَغْرقا.
ثمَّ قَالَ: وَلقَائِل أَن يَقُول: الزِّيَادَة على الرّبع إِنَّمَا تثبت بِالِاسْتِثْنَاءِ وَالْقدر الثَّابِت بِالِاسْتِثْنَاءِ لَا يثبت قبله فَلَا يحصل بذلك تَخْلِيص عَن الْإِيرَاد، وَالله أعلم.
وَأجَاب بعض الْمُتَأَخِّرين عَن الأول بِمَا ذكره الْمُوفق، وَغَيره من أَن اسْتثِْنَاء الْأَكْثَر إِنَّمَا يمْتَنع من الْعدَد خَاصَّة، أما من الجموع المستغرقة فَلَا يمْتَنع اسْتثِْنَاء الْأَكْثَر، وَكَذَلِكَ اخْتَار ابْن عُصْفُور، وَالشَّيْخ تَقِيّ الدّين فِي " الْمسَائِل البغداديات " الِاتِّفَاق على ذَلِك، ذكره فِي " الْقَوَاعِد الْأُصُولِيَّة ".
قَوْله: تَنْبِيهَات:
{قَالَ الشَّيْخ} تَقِيّ الدّين: {لَا خلاف فِي جَوَازه إِذا كَانَت الْكَثْرَة من دَلِيل خَارج، لَا من اللَّفْظ.
وَجوز أَبُو الْخطاب، وَأَبُو يعلى الصَّغِير، وَجمع} من الْعلمَاء {اسْتثِْنَاء الْكل من الجموع غير ذَوَات الْعدَد.
قَالَ ابْن مُفْلِح، وَغَيره: يسْتَثْنى بِالصّفةِ مَجْهُول من مَعْلُوم، وَمن مَجْهُول، والجميع أَيْضا، كأقتل من فِي الدَّار إِلَّا بني تَمِيم، أَو الْبيض، وَيكون الْكل بني تَمِيم، أَو بيضًا} فَإِنَّهُم لَا يقتلُون، وَقد تقدم ذَلِك كُله فِي الْبَحْث الْمُتَقَدّم.
قَوْله: {الثَّانِي: حَيْثُ بَطل الِاسْتِثْنَاء وَاسْتثنى مِنْهُ رَجَعَ إِلَى مَا قبله.
وَقيل: يبطل الْكل.
وَقيل: يعْتَبر مَا تؤول إِلَيْهِ الاستثناءات} .
القَوْل الأول قَالَ فِي " تَصْحِيح الْمُحَرر ": جزم بِهِ فِي " الْمُغنِي ".
وَالْقَوْل الْأَخير قَالَ فِي " تَصْحِيح الْمُحَرر ": اخْتَارَهُ القَاضِي. انْتهى.
فَإِذا قَالَ: لَهُ عَليّ عشرَة إِلَّا عشرَة، إِلَّا ثَلَاثَة.
أَحدهَا: يلْزمه عشرَة، فَإِن الِاسْتِثْنَاء الأول لم يَصح، وَالثَّانِي مُرَتّب عَلَيْهِ.
وَالْوَجْه الثَّانِي: يلْزمه ثَلَاثَة، واستثناء الْكل من الْكل إِنَّمَا لَا يَصح إِذا اقْتصر عَلَيْهِ، أما إِذا أعقبه باستثناء صَحِيح فَيصح؛ لِأَن الْكَلَام بِآخِرهِ.
وَهَذَا الْمُرَجح عِنْد الشَّافِعِيَّة.
وَالْوَجْه الثَّالِث: يلْزمه سَبْعَة، وَالِاسْتِثْنَاء الأول لَا يَصح فَيسْقط فَيبقى كَأَنَّهُ اسْتثْنى ثَلَاثَة من عشرَة.
قَالَ ابْن مُفْلِح فِي " أُصُوله ": اسْتثِْنَاء الْكل بَاطِل إِجْمَاعًا، ثمَّ إِذا اسْتثْنى مِنْهُ فَهَل يبطل الْجَمِيع؛ لِأَن الثَّانِي فرع الأول، أم يرجع إِلَى مَا قبله؛ لِأَن الْبَاطِل كَالْعدمِ، أم يعْتَبر مَا تؤول إِلَيْهِ الاستثناءات فِيهِ أَقْوَال لنا وللعلماء.
قَوْله: {وَيصِح اسْتثِْنَاء النّصْف فِي الْأَصَح عندنَا، وفَاقا للكوفيين وَبَعض الْبَصرِيين} .
وَقَالَ أَكثر الْبَصرِيين، والناظم، والطوفي من أَصْحَابنَا أَيْضا: لَا يَصح. وَحَكَاهُ القَاضِي أَبُو الطّيب رِوَايَة عَن أَحْمد.
لِأَصْحَابِنَا فِي صِحَة اسْتثِْنَاء النّصْف وَعدمهَا وَجْهَان، وَأطلقهُمَا فِي " الْهِدَايَة "، و " الْمَذْهَب "، و " الْمُسْتَوْعب "، و " الْخُلَاصَة "، و " الْمُغنِي "، و " الْكَافِي "، و " الْهَادِي "، و " الْبلْغَة "، و " الشَّرْح "، و " الْمُحَرر "، و " النّظم "، و " الْفُرُوع "، و " الْقَوَاعِد الْأُصُولِيَّة "، وَغَيرهم.
أَحدهمَا: يَصح - وَهُوَ الصَّحِيح كَمَا قدمْنَاهُ وصححناه -.
قَالَ ابْن هُبَيْرَة: الصِّحَّة ظَاهر الْمَذْهَب، وَصَححهُ فِي " التَّصْحِيح "، و " تَصْحِيح الْمُحَرر "، و " الرِّعَايَتَيْنِ "، و " الْحَاوِي الصَّغِير "، وَاخْتَارَهُ ابْن عَبدُوس، وَجزم بِهِ فِي " الْإِرْشَاد "، و " الْوَجِيز "، و " الْمنور "، و " منتخب الأدمِيّ ".
وَالْوَجْه الثَّانِي: لَا يَصح، اخْتَارَهُ ابْن عبد الْقوي فِي " منظومته "، والطوفي فِي " مُخْتَصر الرَّوْضَة "، وشارحه الْعَسْقَلَانِي.
وحكاهما أَبُو الْفرج، وَصَاحب " الْخُلَاصَة "، و " رَوْضَة فقهنا " رِوَايَتَيْنِ،
وَاخْتَارَ الصِّحَّة أَيْضا الباقلاني فِي أحد قوليه، وَنَقله ابْن السَّمْعَانِيّ عَن الْأَشْعَرِيّ.
قَوْله: {وَقيل: لَا يَصح مُطلقًا من عدد} .
فِي الِاسْتِثْنَاء من الْعدَد مَذَاهِب، الْمَشْهُور الْجَوَاز مُطلقًا كَغَيْرِهِ.
الثَّانِي: الْمَنْع مُطلقًا، وَهُوَ هَذَا القَوْل الَّذِي ذَكرْنَاهُ، وَاخْتَارَهُ ابْن عُصْفُور، وَأجَاب عَن قَوْله تَعَالَى:{فَلبث فيهم ألف سنة إِلَّا خمسين عَاما} [العنكبوت: 14] بِأَن الْألف تسْتَعْمل فِي التكثير، كَقَوْلِه: اقعد ألف سنة، أَي: زَمَانا طَويلا.
{وَقيل} : لَا يَصح مُطلقًا {من عقد كنحو: عشرَة من مائَة} ، وَهُوَ القَوْل الآخر الَّذِي ذَكرْنَاهُ، فَلَا يَصح اسْتثِْنَاء عقد صَحِيح، نَحْو قَوْله: مائَة إِلَّا عشرَة، وَيجوز إِلَّا ثَلَاثَة.
قَالَ ابْن مُفْلِح: وَعَن جمَاعَة من أهل اللُّغَة لَا يَصح اسْتثِْنَاء عقد كعشرة من مائَة، بل بعضه كخمسة. انْتهى.