الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأمر صلى الله عليه وسلم َ -
بِكَسْر قدور من لحم حمر إنسية، فَقَالَ رجل: أَو نغسلهَا؟ فَقَالَ: " اغسلوا " مُتَّفق عَلَيْهِ.
وَلأَحْمَد أَنه
صلى الله عليه وسلم َ - بعث أَبَا بكر يبلغ بَرَاءَة، فَسَار ثَلَاثًا، ثمَّ قَالَ لعَلي:" الحقة، وَبَلغهَا أَنْت ".
وَأَيْضًا كَمَا يجوز رَفعه بِالْمَوْتِ وَغَيره؛ وَلِأَن كل نسخ قبل الْفِعْل لاستحالته بعده لتَحْصِيل الْحَاصِل، وَمَعَهُ لِامْتِنَاع الْفِعْل ونفيه.
وَاحْتج أَصْحَابنَا وَغَيرهم بِأَن إِبْرَاهِيم أَمر بِذبح الْوَلَد بِإِجْمَاع عُلَمَاء النَّقْل بِدَلِيل: {افْعَل مَا تُؤمر} [الصافات: 102] ولإقدامه عَلَيْهِ، وَنسخ قبل وقته، وَإِلَّا لعصي بِتَأْخِيرِهِ.
رد: لم ينْسَخ؛ لِأَن الْأَمر قَائِم لم ينْتَه، وَلم يتَّصل بمحله للْفِدَاء لَا النّسخ.
وَجَوَابه: منع بَقَاء الْأَمر بذَبْحه، بل نسخ بِالْفِدَاءِ.
وَسلم الْآمِدِيّ أَنه نسخ لَكِن بعد تمكنه، وَإِنَّمَا يكون قبله، لَو اقْتضى الْأَمر الْفَوْر، وتضيق وَقت الْإِمْكَان.
ورد: لَو كَانَ موسعا قَضَت الْعَادة بِتَأْخِيرِهِ رَجَاء نسخه، أَو مَوته لعظم الْأَمر، وَلم يمْنَع رفع تعلق الْوُجُوب بالمستقبل لبَقَاء الْأَمر على الْمُكَلف لعدم فعله، وَبَقَاء الْأَمر هُوَ الْمَانِع عِنْدهم.
قَالُوا: لم يُؤمر، وَلِهَذَا قَالَ:{افْعَل مَا تُؤمر} [الصافات: 102] أَو أَمر بمقدمات الذّبْح بقوله:: {صدقت الرُّؤْيَا} [الصافات: 105] .
رد: مَنَام النَّبِي وَحي، وَأَرَادَ ب أرى رَأَيْت، وَلِهَذَا أقدم.
وَقيل: {افْعَل مَا تُؤمر} أَي: مَا أمرت، أَو وقتا بعد وَقت، وَلَو أَمر بمقدماته لم يقل:{أذبحك} [الصافات: 102] وَلم يحْتَج إِلَى فدَاء، وَصدق الرُّؤْيَا باعتقاد جَازَ، وَبِكُل فعل أمكنه، وَهُوَ جَوَاب قَوْلهم: ذبحه والتحم مَعَ أَنه كَانَ يشْتَهر؛ لِأَنَّهُ معْجزَة.
قَالُوا: صفح عُنُقه بنحاس مَنعه مِنْهُ.
رد: فَيكون تكليفا بِمَا لَا يُطَاق، ونسخا قبل الْفِعْل وَكَانَ يشْتَهر.
قَالُوا: إِن أَمر بِالْفِعْلِ وَقت نسخه توارد النَّفْي وَالْإِثْبَات، وَإِلَّا فَلَا نسخ لعدم [رفع] شَيْء.
رد: يبطل بصم رَمَضَان ونسخه فِيهِ، وَبِأَنَّهُ لَيْسَ مَأْمُورا ذَلِك الْوَقْت، بل قبله، وَانْقطع بالناسخ عِنْد وقته كالموت.
قَالَ الْبرمَاوِيّ: دَلِيل الْمَسْأَلَة أَن إِبْرَاهِيم عليه الصلاة والسلام أمره الله تَعَالَى بِذبح وَلَده، ثمَّ نسخ ذَلِك عَنهُ قبل الْفِعْل بِدَلِيل أمره بِالذبْحِ قَوْله:{يَا أَبَت افْعَل مَا تُؤمر} جَوَابا لقَوْله: {يَا بني إِنِّي أرى فِي الْمَنَام أَنِّي أذبحك} ، وَلقَوْله:{إِن هَذَا لَهو الْبلَاء الْمُبين} [الصافات: 106] وَذَلِكَ الذّبْح؛ لِأَن مقدماته لَا تُوصَف بِمثل ذَلِك، وَلقَوْله:{وفديناه} [الصافات: 107] فَلَو لم يكن أَمر بذَبْحه لما احْتَاجَ للْفِدَاء، وَأما كَونه نسخ فَلِأَنَّهُ لَو لم ينْسَخ لوجد
الذّبْح لضَرُورَة الِامْتِثَال، لَكِن لم يذبح، فَدلَّ على النّسخ، وَشَاهده {وفديناه بِذبح عَظِيم} وَهَذَا كُله جلي. انْتهى.
فَائِدَة: عبرنا عَن الْمَسْأَلَة بِمَا عبر بِهِ الْأَكْثَر بقولنَا: (قبل وَقت الْفِعْل)، لَكِن قَالَ الْبرمَاوِيّ: وَهِي قَاصِرَة عَن الْغَرَض، وَالْأَحْسَن أَن يُقَال: نسخ الشَّيْء قبل مضى مِقْدَار مَا يَسعهُ من وقته؛ ليدْخل فِيهِ مَا إِذا حضر وَقت الْعَمَل، وَلَكِن لم يمض مِقْدَار مَا يَسعهُ، فَإِن هَذِه الصُّورَة فِي مَحل النزاع.
وَيُجَاب بِأَن المُرَاد بِمَا قبل الْوَقْت مَا قبل خُرُوجه، لَا قبل دُخُول وقته فَقَط، وَحِينَئِذٍ فَيشْمَل الْأَمريْنِ، وَيكون المُرَاد بِالْوَقْتِ مَا يُمكن فِيهِ الْفِعْل حسا وَشرعا، لَا الْوَقْت الْمُقدر حَتَّى تكون الْمَسْأَلَة خَاصَّة بِالْوَقْتِ فَقَط.
وَعبر الْبَيْضَاوِيّ بقوله: يجوز نسخ الْوُجُوب قبل الْعَمَل.
فَيرد عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لَا فرق بَين الْوَاجِب وَغَيره، ويشمل مَا قبل دُخُول وَقت الْعَمَل، وَمَا بعده قبل مُضِيّ زمن يَسعهُ، وَفِي مَعْنَاهُ إِذا لم يكن لَهُ وَقت، وَلَكِن أَمر بِهِ على الْفَوْر، ثمَّ نسخ قبل التَّمَكُّن، وإجراء الْخلاف فِي هَذِه الثَّلَاث صُورَة وَاضح ويشمل مَا بعد خُرُوج الْوَقْت، وَلَيْسَ ذَلِك من مَحل الْخلاف.