الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دَلِيل الْقَائِل بالحصر: تبادر الْفَهم بِلَا دَلِيل.
عورض: هَذَا لَو انحصر دَلِيل الْحصْر فِي (إِنَّمَا) .
وَجَوَابه: الأَصْل عدم غَيره، وَالْفَرْض فِيهِ، وَاحْتج ابْن عَبَّاس على إِبَاحَة رَبًّا الْفضل بقوله صلى الله عليه وسلم َ -: "
إِنَّمَا الرِّبَا فِي النَّسِيئَة " وَهُوَ فِي " الصَّحِيحَيْنِ "، وشاع فِي الصَّحَابَة، وَلم يُنكر، وَعدل إِلَى دَلِيل.
لَكِن قَالَ الْبرمَاوِيّ: فِيهِ نظر؛ إِن ابْن عَبَّاس رَوَاهُ عَن أُسَامَة بِلَفْظ: " لَيْسَ الرِّبَا إِلَّا فِي النَّسِيئَة " كَمَا فِي مُسلم، فَيحْتَمل أَنه مُسْتَند ابْن عَبَّاس.
وَقد يُجَاب
بِأَنَّهُم قد رووا أَنه اسْتدلَّ بذلك وَأَنَّهُمْ لما وافقوه كَانَ كالإجماع، وَإِن كَانَ قد رَوَاهُ مرّة أُخْرَى بِصِيغَة (إِلَّا) وغايته أَن الصيغتين سَوَاء فاستدل بِهَذِهِ تَارَة، وبهذه أُخْرَى. انْتهى.
قَالَ ابْن مُفْلِح: وَفِي " الصَّحِيحَيْنِ " أَيْضا: " لَا رَبًّا إِلَّا فِي النَّسِيئَة ". ثمَّ قَالَ: وَاسْتدلَّ بِأَن (إِن) للإثبات و (مَا) للنَّفْي.
رد: تحكم؛ لِأَن (مَا) لَهَا أَقسَام، ثمَّ يلْزم نفي طلب الْمجد فِي قَول امْرِئ الْقَيْس:
(ولكنما أسعى لمجد مؤثل
…
)
وَهُوَ يُنَاقض مَا قبله وَمَا بعده.
ثمَّ (مَا) هُنَا زَائِدَة عِنْد النُّحَاة، تكف (إِن) عَن الْعَمَل، وَأَن كلا مِنْهُمَا لَهُ صدر الْكَلَام فَلَا يجمع بَينهمَا ك (لَام) الِابْتِدَاء مَعَ إِن، لَكِن تدخل لَام الِابْتِدَاء على خَبَرهَا، وَتدْخل عَلَيْهِ (مَا) إِن كَانَ جملَة و (إِن) لتأكيد مضمونها.
وَقَالَ فِي " التَّمْهِيد " و " الرَّوْضَة " وَغَيرهمَا: (إِنَّمَا) كأداة الِاسْتِثْنَاء، رد: عين الدَّعْوَى.
الْقَائِل بِعَدَمِهِ: إِنَّمَا زيد قَائِم بِمَعْنى إِن زيدا قَائِما و (مَا) زَائِدَة فَهِيَ كَالْعدمِ؛ وَلِأَنَّهَا ترد للحصر وَغَيره فَيلْزم مِنْهُ الْمجَاز أَو الِاشْتِرَاك، وهما خلاف الأَصْل.
رد: بِمَا سبق وَيُخَالف الأَصْل لدَلِيل.
قَوْله: {وَقد ترد لتحقيق الْمَنْصُوص لَا لنفي غَيره، نَحْو: إِنَّمَا الْكَرِيم يُوسُف} بن يَعْقُوب بن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم.
قَوْله: {وَالأَصَح أَن الْمَفْتُوحَة كالمكسورة} ، ذكره الزَّمَخْشَرِيّ وَغَيره، وَادّعى إفادتها للحصر فِي قَوْله تَعَالَى:{إِنَّمَا يُوحى إِلَيّ أَنما إِلَهكُم إِلَه وَاحِد} [الْأَنْبِيَاء: 108] وَقَالَ: إِن الْقصر فِي (إِنَّمَا) الْمَكْسُورَة الأولى فِي الْآيَة قصر الحكم على الشَّيْء، وَفِي (إِنَّمَا) الثَّانِيَة الْمَفْتُوحَة قصر الشَّيْء على الحكم.
يُرِيد بذلك قصر الصّفة على الْمَوْصُوف، وَعَكسه.
وَبِنَاء الْمَسْأَلَة على أَن الْمَفْتُوحَة فرع الْمَكْسُورَة على أصح الْمذَاهب، وَقد عد سِيبَوَيْهٍ الْمَكْسُورَة والمفتوحة وَاحِدًا.
وَقد رد أَبُو حَيَّان على الزَّمَخْشَرِيّ ذَلِك، رد: كَلَام أبي حَيَّان.
وَقيل: الْمَكْسُورَة فرع الْمَفْتُوحَة.
وَقيل: كل مِنْهُمَا أصل بِرَأْسِهِ، حكاهن ابْن الخباز، وَهُوَ مِمَّا يُقَوي كَلَام الزَّمَخْشَرِيّ.
قَوْله: {" تَحْرِيمهَا التَّكْبِير وتحليلها التَّسْلِيم "، والعالم زيد، وصديقي زيد، وَلَا قرينَة عهد تفِيد الْحصْر نطقا، عِنْد القَاضِي، والموفق، وَالْمجد، والمحققين، وَقيل: فهما.
وَعند أَكثر الْحَنَفِيَّة، والباقلاني والآمدي: لَا تفيده} .
من صِيغ الْحصْر الْمُعْتَبر مَفْهُومه حصر الْمُبْتَدَأ فِي الْخَبَر، وَله صيغتان:
إِحْدَاهمَا: نَحْو: صديقي زيد، قَالَه الْمُحَقِّقُونَ مستدلين بِأَن صديقي عَام فَإِذا أخبر عَنهُ بخاص وَهُوَ زيد كَانَ حصرا لذَلِك الْعَام، وَهُوَ الأصدقاء كلهم فِي الْخَبَر، وَهُوَ زيد؛ إِذْ لَو نفى من أَفْرَاد الْعُمُوم مَا لم يدْخل فِي الْخَبَر لزم أَن يكون الْمُبْتَدَأ أَعم من الْخَبَر، وَذَلِكَ لَا يجوز.
قَالَ الْغَزالِيّ: لَا لُغَة وَلَا عقلا، فَلَا نقُول: الْحَيَوَان إِنْسَان، وَلَا الزَّوْج عشرَة، بل أَن يكون الْمُبْتَدَأ أخص أَو مُسَاوِيا. انْتهى.
وَقد حكى ابْن الْحَاجِب فِي أَمَالِيهِ فِي ذَلِك ثَلَاثَة أَقْوَال:
أَحدهَا: هَذَا.
وَالثَّانِي: مثله، إِلَّا أَن أَيهمَا قَدمته فَهُوَ الْمُبْتَدَأ، لَكِن تَقْدِيم (صديقي) يُفِيد الْحصْر، وَتَقْدِيم زيد لَا يفِيدهُ.
وَالثَّالِث: اسْتِوَاء التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير فَحِينَئِذٍ إِمَّا أَن تُرِيدُ بصديقي خَاصّا، أَو عَاما، إِن أردْت عَاما فَلَا حصر سَوَاء قدمت، أَو أخرت.
وَإِن أدرت خَاصّا أَفَادَ الْحصْر سَوَاء قدمت أَو أخرت.