الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَالَهُ الباقلاني، والصفي الْهِنْدِيّ، وَغَيرهمَا، وَضعف مُقَابِله؛ وَلِهَذَا قَالَ الرَّافِعِيّ: لَو قَالَ: لي عَلَيْك مائَة، فَقَالَ: إِلَّا درهما لم يكن مقرا بِمَا عدا الْمُسْتَثْنى على الْأَصَح.
وَأما استناد من جوزه من متكلمين إِلَى أَن الْمِثَال السَّابِق فِي قَول الله تَعَالَى، وَقَول الرَّسُول صلى الله عليه وسلم َ -
لَا بدع فِيهِ؛ لِأَن الْكَلَامَيْنِ كالواحد؛ لِأَنَّهُ مبلغ عَن الله تَعَالَى فَذَاك بِخُصُوص الْمِثَال، لَا فِي كل اسْتثِْنَاء من متكلمين.
وَلذَلِك احْتِيجَ فِي قَول الْعَبَّاس بعد قَول النَّبِي
صلى الله عليه وسلم َ -: " وَلَا يخْتَلى خلاه إِلَّا الْإِذْخر " فَقَالَ: " إِلَّا الْإِذْخر "، إِلَى تَأْوِيله بِأَن الْعَبَّاس أَرَادَ أَن يذكرهُ صلى الله عليه وسلم َ -
بِالِاسْتِثْنَاءِ خشيَة أَن يسكت عَنهُ اتكالا على فهم السَّامع ذَلِك بِقَرِينَة، وَفهم مِنْهُ أَنه يُرِيد اسْتثِْنَاء؛ وَلأَجل ذَلِك أعَاد النَّبِي
صلى الله عليه وسلم َ - الِاسْتِثْنَاء فَقَالَ: " إِلَّا الْإِذْخر " وَلم يكْتب باستثناء الْعَبَّاس.
فَكل ذَلِك يرشد إِلَى اعْتِبَار كَونه من مُتَكَلم وَاحِد، وَأطَال الْبرمَاوِيّ فِي ذَلِك.
تَنْبِيه: أورد على تَعْرِيف الِاسْتِثْنَاء الْمُتَّصِل بِأَن إِلَّا، وَنَحْوه من التَّعْرِيف لكَونه أَدَاة اسْتثِْنَاء فتصور ذَلِك فِيهِ مُتَوَقف على تصور الِاسْتِثْنَاء، فَلَو عَرفْنَاهُ بِهِ كَانَ دورا.
وَجَوَابه: أَنه إِنَّمَا وقف التَّعْرِيف بهَا من حَيْثُ كَونهَا مخرجة لَا من حَيْثُ خُصُوص الِاسْتِثْنَاء، فَإِن الْإِخْرَاج أَعم.
وَيُجَاب بِهَذَا - أَيْضا - عَن السُّؤَال فِي قَوْله: (وَنَحْوهَا) أَنه كَانَ من حَيْثُ الِاسْتِثْنَاء لزم الدّور؛ إِذْ من حَيْثُ الْإِخْرَاج فِي الْجُمْلَة دخل التَّخْصِيص بالمنفصل، وَغير الِاسْتِثْنَاء من الْمُتَّصِل، فَقَالَ الْمخْرج بِالْوَضْعِ إِنَّمَا هُوَ ذَوَات الِاسْتِثْنَاء، فَهُوَ المُرَاد. انْتهى.
قَوْله: {فَهُوَ إِخْرَاج مَا لولاه لوَجَبَ دُخُوله لُغَة، عِنْد أَصْحَابنَا وَغَيرهم} .
قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين هَذَا قَول أَصْحَابنَا، والأكثرين.
فعلى هَذَا لَا يَصح الِاسْتِثْنَاء من النكرَة، لَا مَا جَازَ دُخُوله.
يَعْنِي: أَنه لَا يقدر إِخْرَاج مَا لولاه لجَاز دُخُوله، خلافًا لقوم فِي هَذَا القَوْل يَصح الِاسْتِثْنَاء من النكرَة، وَسلمهُ القَاضِي، وَابْن
عقيل، وَقَالَهُ ابْن مَالك، أَي: قَالَ بِالصِّحَّةِ، إِن وصفت النكرَة، وَإِلَّا فَلَا.
وَالْأول هُوَ الصَّحِيح من الْأَقْوَال، وَعَلِيهِ جَمَاهِير الْعلمَاء، أَعنِي: أَن الِاسْتِثْنَاء إِخْرَاج مَا لولاه لوَجَبَ دُخُوله لُغَة، احْتِرَاز من نَحْو: جَاءَ رجال إِلَّا زيدا؛ لاحْتِمَال أَن لَا يُرِيد الْمُتَكَلّم دُخُوله حَتَّى يُخرجهُ.
قَالَ الْبرمَاوِيّ: أما إِذا أَفَادَ الِاسْتِثْنَاء من النكرَة كاستثناء جُزْء من مركب فَيجوز، نَحْو: اشْتريت عبدا إِلَّا ربعه، أَو دَارا إِلَّا سقفها، فالاستثناء من النكرَة إِذا لم يفد لم يكن مُتَّصِلا، وَلَا يكون مُنْقَطِعًا؛ لِأَن شَرطه لَا يدْخل فِي الْمُسْتَثْنى مِنْهُ قطعا.
وَقَالَ ابْن مَالك: إِن وصفت النكرَة صَحَّ الِاسْتِثْنَاء مِنْهَا، وَإِلَّا فَلَا.
اخْتلف فِي تَقْدِير دلَالَة الِاسْتِثْنَاء على مَذَاهِب.
منشأ الْمذَاهب إِشْكَال فِي معقولية الِاسْتِثْنَاء، فَإنَّك إِذا قلت: قَامَ الْقَوْم إِلَّا زيدا، فَإِن لم يكن زيد دخل فيهم فَكيف أخرج؟
هَذَا، وَقد اتّفق أهل الْعَرَبيَّة على أَنه إِخْرَاج، وَإِن كَانَ دخل فيناقض أول الْكَلَام آخِره، وَكَذَا نَحْو قَوْله: لَهُ عَليّ عشرَة إِلَّا درهما، بل أبلغ؛ لِأَن الْعدَد نَص فِي مَدْلُوله وَالْعَام فِيهِ الْخلاف السَّابِق، وَذَلِكَ يُؤَدِّي إِلَى نفي الِاسْتِثْنَاء من كَلَام الْعَرَب؛ لِأَنَّهُ كذب على هَذَا التَّقْدِير فِي أحد الطَّرفَيْنِ، وَلَكِن قد وَقع فِي الْقُرْآن الَّذِي لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِل من بَين يَدَيْهِ وَلَا من خَلفه.
أحد الْمذَاهب الْمَذْكُورَة قبل، وَهُوَ مَذْهَبنَا وَمذهب الْأَكْثَر.
نَقله ابْن الْحَاجِب عَنْهُم أَن المُرَاد بِعشْرَة سَبْعَة، وَإِلَّا قرينَة تثبت أَن الْكل اسْتعْمل وَأُرِيد بِهِ الْجُزْء مجَازًا.
وعَلى هَذَا فالاستثناء مُبين لغَرَض الْمُتَكَلّم بِهِ، بالمستثنى مِنْهُ، فَإِذا قَالَ: لَهُ عَليّ عشرَة كَانَ ظَاهرا فِي الْجَمِيع وَيحْتَمل إِرَادَة بَعْضهَا مجَازًا، فَإِذا قَالَ: إِلَّا ثَلَاثَة فقد بَين أَن مُرَاده بِالْعشرَةِ سَبْعَة فَقَط كَمَا فِي سَائِر التخصيصات.
قَالَ ابْن مُفْلِح: الِاسْتِثْنَاء إِخْرَاج مَا تنَاوله الْمُسْتَثْنى مِنْهُ، يبين أَنه لم يرد بِهِ كالتخصيص عِنْد القَاضِي وَغَيره.
وَفِي " التَّمْهِيد " - أَيْضا -: مَا لولاه لدخل فِي اللَّفْظ كالتخصيص.
وَمرَاده كَالْأولِ، وَمَعْنَاهُ قَالَه الْمُوفق فِي " الرَّوْضَة " وَغَيره. انْتهى. واستنكر أَبُو الْمَعَالِي هَذَا الْمَذْهَب وَقَالَ: إِنَّه محَال لَا يَعْتَقِدهُ لَبِيب. انْتهى.
وَالْمذهب الثَّانِي - وَبِه قَالَ أَبُو بكر الباقلاني - أَن نَحْو عشرَة إِلَّا ثَلَاثَة مَدْلُوله سَبْعَة، لَكِن لَهُ لفظان: أَحدهمَا مركب، وَهُوَ عشرَة إِلَّا ثَلَاثَة، وَاللَّفْظ الآخر سَبْعَة.
وَقصد بذلك أَن يفرق بَين التَّخْصِيص بِدَلِيل مُتَّصِل فَيكون الْبَاقِي فِيهِ حَقِيقَة، أَو بالمنفصل فَيكون تنَاول اللَّفْظ للْبَاقِي مجَازًا.
وَوَافَقَهُ إِمَام الْحَرَمَيْنِ على ذَلِك بِمَنْزِلَة اسْمَيْنِ بِالْوَضْعِ: أَحدهمَا
مُفْرد، وَالْآخر مركب، وَمَعْنَاهُ فِي " الرَّوْضَة " فِي كَلَامه فِي الشَّرْط.
وَحكي عَن الشَّافِعِي: إِخْرَاج لشَيْء دلّ عَلَيْهِ صدر الْجُمْلَة بالمعارضة فَمَعْنَى عشرَة إِلَّا ثَلَاثَة فَإِنَّهَا لَيست عَليّ.
وَالْمذهب الثَّالِث - وَاخْتَارَهُ ابْن الْحَاجِب، وَغَيره مِنْهُم: ابْن قَاضِي الْجَبَل وَنَصره من سِتَّة أوجه -: أَن المُرَاد بِالْعشرَةِ عشرَة بِاعْتِبَار أَفْرَاده، وَلَكِن لَا يحكم بِمَا أسْند إِلَيْهَا إِلَّا بعد إِخْرَاج الثَّلَاثَة مِنْهَا، فَفِي اللَّفْظ أسْند الحكم إِلَى عشرَة، وَفِي الْمَعْنى إِلَى سَبْعَة، وعَلى هَذَا فَلَيْسَ الِاسْتِثْنَاء مُبينًا للمراد بِالْأولِ، بل بِهِ يحصل الْإِخْرَاج، وَلَيْسَ هُنَاكَ إِلَّا الْإِثْبَات، وَلَا نفي أصلا، فَلَا تنَاقض، وَنصر ذَلِك وَأطَال.
فالاستثناء على قَول الباقلاني لَيْسَ بتخصيص؛ لِأَن التَّخْصِيص قصر الْعَام على بعض أَفْرَاده، وَهنا لم يرد بِالْعَام بعض أَفْرَاده، بل بالمجموع
الْمركب، وَأَنه على قَول الْأَكْثَرين تَخْصِيص، أَي: لما فِيهِ من قصر اللَّفْظ على بعض مسمياته.
وَأما على الْمَذْهَب الثَّالِث فَيحْتَمل أَن يكون تَخْصِيصًا نظرا إِلَى كَون الحكم فِي الظَّاهِر للعام وَالْمرَاد الْخُصُوص، وَيحْتَمل أَن لَا يكون تَخْصِيصًا نظرا إِلَى أَنه أُرِيد بالمستثنى مِنْهُ تَمام مُسَمَّاهُ.
وَذكر القَاضِي عضد الدّين فِي تَحْقِيق هَذِه الْمذَاهب كلَاما أَطَالَ فِيهِ، وَتعقب عَلَيْهِ فِي بعضه ابْن السُّبْكِيّ فِي " شرح الْمُخْتَصر " فَليُرَاجع مِنْهُ.
وَجه الأول: لَو أُرِيد عشرَة كَامِلَة امْتنع مثل {فَلبث فيهم ألف سنة إِلَّا خمسين عَاما} [العنكبوت: 14] ؛ لِأَنَّهُ يلْزم كذب أَحدهمَا وَلم نقطع بِأَنَّهُ إِنَّمَا أقرّ بسبعة.
رد ذَلِك بِأَن الصدْق وَالْكذب وَالْحكم بِالْإِقْرَارِ بِاعْتِبَار الْإِسْنَاد لَا بِاعْتِبَار الْعشْرَة، والإسناد بعد الْإِخْرَاج.
وَوجه الثَّانِي: مَا سبق وَضعف أَدِلَّة غَيره.
وَوجه الثَّالِث: الِاسْتِثْنَاء من النَّفْي إِثْبَات وَبِالْعَكْسِ لما يَأْتِي فَوَجَبَ كَونه مُعَارضا لصدر الْجُمْلَة فِي بعض.
رد: معَارض بقَوْلهمْ تكلم بِالْبَاقِي بعد الثنيا.
وَوجه الْأَخير: ضعف مَا سبق، أما الأول فَلِأَنَّهُ يلْزم من قَالَ اشْتريت الشَّيْء إِلَّا نصفه، أَن يُرِيد اسْتثِْنَاء نصفه من نصفه ولتسلسله إِذا، وللقطع بِأَن الضَّمِير للشَّيْء الْمَبِيع كَامِلا، ولإجماع النُّحَاة أَنه إِخْرَاج بعض من كل، ولإبطال النُّصُوص، وللقطع بِأَنا نسقط الْخَارِج فَالْمُسْنَدُ إِلَيْهِ مَا بَقِي، وَلَو كَانَ المُرَاد بالمستثنى مِنْهُ هُوَ الْبَاقِي لم يعلم بالإسقاط أَن الْمسند إِلَيْهِ هُوَ مَا بَقِي لتوقف إِسْقَاطه على حُصُول خَارج، وَلَا خَارج إِذا.
رد ذَلِك: أَن الْمُسْتَثْنى مِنْهُ هُوَ الْجَمِيع بِحَسب ظَاهره وَالِاسْتِثْنَاء بَين أَن المُرَاد بِهِ النّصْف فَجَمِيع ذَلِك بِحَسب الظَّاهِر، فَلَا مُنَافَاة، وَلَا يلْزم إبِْطَال نَص، وَهُوَ مَا لَا يحْتَمل إِلَّا معنى وَاحِد عِنْد عدم قرينَة.
وَأما ضعف الثَّانِي فخروجه عَن اللُّغَة؛ إِذْ لَيْسَ فِيهَا كلمة وَاحِدَة مركبة من ثَلَاث وأولها مُعرب أَيْضا وَلَا إِضَافَة؛ وَلِأَنَّهُ يعود الضَّمِير فِي إِلَّا
نصفه على جُزْء الِاسْم وَهُوَ مُمْتَنع ولإجماع النُّحَاة أَنه إِخْرَاج.
فَوَائِد: ذكرهَا الْقَرَافِيّ فِي " شرح التَّنْقِيح ":
إِحْدَاهَا: أَن الِاسْتِثْنَاء أَرْبَعَة أَنْوَاع:
أَحدهَا: مَا لولاه لعلم دُخُوله كالاستثناء من النُّصُوص مثل: عنْدك عشرَة إِلَّا ثَلَاثَة.
الثَّانِي: لظن دُخُوله كالاستثناء من الظَّوَاهِر، نَحْو: اقْتُلُوا الْمُشْركين إِلَّا زيدا.
وَالثَّالِث: مَا لولاه لجَاز دُخُوله كالاستثناء من الْمحَال والأزمان وَالْأَحْوَال، كأكرم رجلا إِلَّا زيدا أَو عمرا، وصل إِلَّا عِنْد الزَّوَال {لتأتنني بِهِ إِلَّا أَن يحاط بكم} [يُوسُف: 66] .
وَالرَّابِع: مَا لولاه لقطع بِعَدَمِ دُخُوله كالاستثناء الْمُنْقَطع، كجاء الْقَوْم إِلَّا حمارا.
قلت: وَفِي هَذَا نظر.
الْفَائِدَة الثَّانِيَة: يَقع الِاسْتِثْنَاء فِي عشرَة أُمُور: اثْنَان ينْطق بهما وَثَمَانِية لَا ينْطق بهَا، وَوَقع الِاسْتِثْنَاء مِنْهَا، فَمَا ينْطق بهَا الْأَحْكَام وَالصِّفَات، فالأحكام: قَالَ الْقَوْم إِلَّا زيدا، وَالصِّفَات قَول الشَّاعِر:
(قَاتل ابْن البتول إِلَّا عليا
…
)
يُرِيد الْحُسَيْن ابْن فَاطِمَة، وَمعنى البتول: المنقطعة، قيل: عَن النظير والشبيه، وَقيل: عَن الْأزْوَاج، وَهُوَ مُرَاد الشَّاعِر. قيل: انْقَطَعت عَن الْأزْوَاج إِلَّا عَن عَليّ فاستثنى من صفتهَا، لَا مِنْهَا.
وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {أفما نَحن بميتين (58) إِلَّا موتنا الأولى} [الصافات: 58، 59] استثنوا من صفتهمْ الموتة الأولى، لَا من ذواتهم.
وَالِاسْتِثْنَاء من الصّفة ثَلَاثَة أَقسَام:
أَحدهَا: عَن متعلقها: كَقَوْل الشَّاعِر الْمُتَقَدّم مُتَعَلق التبتل.
وَثَانِيها: من بعض أَنْوَاعهَا: كالآية؛ لِأَن الموتة الأولى أحد أَنْوَاع الْمَوْت.
وَثَالِثهَا: أَن يَسْتَثْنِي بجملتها لَا يتْرك مِنْهَا شَيْء، كَأَنْت طَالِق وَاحِدَة إِلَّا وَاحِدَة.
وَالثَّمَانِيَة الْبَاقِيَة لَا ينْطق بهَا وَيَقَع الِاسْتِثْنَاء مِنْهَا:
أَحدهَا: الْأَسْبَاب، نَحْو: لَا عُقُوبَة إِلَّا بِجِنَايَة.
وَالثَّانيَِة: الشُّرُوط، لَا صَلَاة إِلَّا بِطهُور.
وَالثَّالِث: الْمَوَانِع، لَا تسْقط الصَّلَاة عَن الْمَرْأَة إِلَّا بِالْحيضِ.
وَالرَّابِع: الْمحَال، أكْرم رجلا إِلَّا زيدا، أَو عمرا، أَو بكرا فَإِن كل شخص هُوَ مَحل الأعمية.
وَالْخَامِس: الْأَحْوَال {لتأتنني بِهِ إِلَّا أَن يحاط بكم} [يُوسُف: 66]، أَي: لتأتنني بِهِ فِي جَمِيع الْأَحْوَال إِلَّا فِي حَالَة الْإِحَاطَة فَإِنِّي أعذركم.
وَالسَّادِس: الْأَزْمَان، صل إِلَّا عِنْد الزَّوَال.
وَالسَّابِع: الْأَمْكِنَة، صل إِلَّا على المزبلة، وَنَحْوهَا.
وَالثَّامِن: مُطلق الْوُجُود مَعَ قطع النّظر عَن الخصوصيات: {إِن هِيَ إِلَّا أَسمَاء سميتموها أَنْتُم وآباؤكم} [النَّجْم: 23]، أَي: لَا حَقِيقَة للأصنام أَلْبَتَّة إِلَّا أَنَّهَا لفظ مُجَرّد فاستثنى اللَّفْظ من مُطلق الْوُجُود على سَبِيل الْمُبَالغَة فِي النَّفْي، أَي: لم يثبت لَهَا وجود أَلْبَتَّة إِلَّا وجود اللَّفْظ وَلَا شَيْء وَرَاءه.
فَهَذِهِ الثَّمَانِية لم يذكر فِيهَا الِاسْتِثْنَاء، وَإِنَّمَا يعلم لما ذكر بعد الِاسْتِثْنَاء فَرد مِنْهَا، فيستدل بذلك الْفَرد على جنسه، وَهُوَ الْكَائِن بعد الِاسْتِثْنَاء وَحِينَئِذٍ يَنْبَغِي أَن يعلم أَن الِاسْتِثْنَاء فِي هَذِه الْأُمُور الَّتِي لم تذكر كلهَا اسْتثِْنَاء مُتَّصِل؛ لِأَنَّهُ من الْجِنْس وَحكم بالنقيض بعد (إِلَّا) ، وَهَذَانِ القيدان وافيان بِحَقِيقَة الْمُتَّصِل. انْتهى.