الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(قَوْله: {بَاب الْمَنْطُوق وَالْمَفْهُوم} )
اعْلَم أَن الْمَعْنى الْمُسْتَفَاد من اللَّفْظ إِن اسْتُفِيدَ من حَيْثُ النُّطْق بِهِ سمي منطوقا، أَو من حَيْثُ السُّكُوت اللَّازِم للفظ سمي مفهوما.
قَوْله: {الدّلَالَة مَنْطُوق، وَمَفْهُوم} ، تقدم معنى الدّلَالَة وَأَنَّهَا مصدر دلّ، وَهِي كَون الشَّيْء يلْزم من فهمه فهم شَيْء آخر.
وَمَا يفهم قد يكون من بَاب النُّطْق، وَقد يكون من بَاب غير النُّطْق، فالمنطوق هُوَ: مَا دلّ عَلَيْهِ اللَّفْظ فِي مَحل النُّطْق.
وَهُوَ نَوْعَانِ: صَرِيح إِن وضع اللَّفْظ لَهُ، فَيدل عَلَيْهِ بالمطابقة أَو التضمن حَقِيقَة ومجازا على مَا تقدم من أَن التضمن لَفْظِي، وَتقدم الْخلاف فِيهِ.
وَغير صَرِيح، وَهُوَ مَا يلْزم عَنهُ، أَي: مَا دلّ عَلَيْهِ فِي غير مَا وضع لَهُ، وَإِنَّمَا يدل من حَيْثُ إِنَّه لَازم لَهُ، فَهُوَ دَال عَلَيْهِ بالالتزام، وَهُوَ ثَلَاثَة أَقسَام: اقْتِضَاء، وَإِشَارَة، وإيماء؛ لِأَنَّهُ إِمَّا أَن يكون مَقْصُودا للمتكلم، وَلَكِن يتَوَقَّف على مَا يُصَحِّحهُ، أَو لَا يتَوَقَّف، أَو يكون غير مَقْصُود للمتكلم.
فَالْأول وَهُوَ مَا توقفت دلَالَته على مُقَدّر آخر، وجهات التَّوَقُّف ثَلَاث: مَا يتَوَقَّف فِيهِ صدق اللَّفْظ، وَمَا يتَوَقَّف فِيهِ صِحَة الحكم عقلا وَمَا يتَوَقَّف فِيهِ صِحَة الحكم شرعا.
الأول: مثل قَوْله صلى الله عليه وسلم َ - فِيمَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ: " رفع عَن أمتِي الْخَطَأ وَالنِّسْيَان "، فَإِن ذَات الْخَطَأ وَالنِّسْيَان لم يرتفعا فيتضمن مَا يتَوَقَّف عَلَيْهِ الصدْق من لفظ الْإِثْم، والمؤاخذة، وَنَحْو ذَلِك.
وَالثَّانِي: مثل قَوْله تَعَالَى: {وَسُئِلَ الْقرْيَة} [يُوسُف: 82](واسأل العير) أَي: أهل الْقرْيَة وَأهل العير؛ إِذْ لَو لم يقدر ذَلِك لم يَصح ذَلِك