الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَوْله: {وكل مُقَيّد من الشَّرْع بَيَان} ، ذكره الطوفي فِي " مُخْتَصره "، وَذَلِكَ من وُجُوه:
مِنْهَا: التّرْك، مثل أَن يتْرك فعلا قد أَمر بِهِ، أَو قد سبق مِنْهُ فعله فَيكون تَركه لَهُ مُبينًا لعدم وُجُوبه، وَذَلِكَ كَمَا أَنه قيل لَهُ:{وَأشْهدُوا إِذا تبايعتم} [الْبَقَرَة: 282] ثمَّ إِنَّه كَانَ يُبَايع وَلَا يشْهد، بِدَلِيل الْفرس الَّذِي اشْتَرَاهُ من الْأَعرَابِي، ثمَّ أنكر البيع، فَعلم أَن الْإِشْهَاد فِي البيع غير وَاجِب.
وَصلى صلى الله عليه وسلم َ -
التَّرَاوِيح فِي رَمَضَان، ثمَّ تَركهَا خشيَة أَن تفرض عَلَيْهِم، فَدلَّ على عدم الْوُجُوب؛ إِذْ يمْتَنع ترك الْوَاجِب.
وَمِنْهَا: السُّكُوت بعد السُّؤَال عَن حكم الْوَاقِعَة فَيعلم أَنه لَا حكم للشَّرْع فِيهَا، كَمَا رُوِيَ أَن زَوْجَة سعد بن الرّبيع جَاءَت بابنتيها
[إِلَى] النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - فَقَالَت: يَا رَسُول الله، هَاتَانِ ابنتا سعد قتل أَبوهُمَا مَعَك يَوْم أحد، وَقد أَخذ عَمهمَا مَالهمَا، وَلَا ينكحان إِلَّا بِمَال، فَقَالَ:" اذهبي حَتَّى يقْضِي الله فِيك "، فَذَهَبت، ثمَّ نزلت آيَة الْمِيرَاث:{يُوصِيكُم الله فِي أَوْلَادكُم} [النِّسَاء: 11] ، فَبعث خلف الْمَرْأَة وابنتيها وعمهما فَقضى فيهم بِحكم الْآيَة، فَدلَّ ذَلِك على أَن قبل نزُول الْآيَة لم يكن فِي الْمَسْأَلَة حكم، وَإِلَّا لما جَازَ تَأْخِيره عَن وَقت الْحَاجة إِلَيْهِ - كَمَا يَأْتِي -.
وَمِنْهَا: أَن يسْتَدلّ الشَّارِع اسْتِدْلَالا عقليا فَتبين بِهِ الْعلَّة، أَو مَأْخَذ الحكم، أَو فَائِدَة مَا؛ إِذْ الْكَلَام فِي بَيَان الْمُجْمل ومحتملاته بِالْفَرْضِ مُتَسَاوِيَة فأدنى مُرَجّح يصلح بَيَانا، مُحَافظَة على الْمُبَادلَة إِلَى الِامْتِثَال، وَعدم الإهمال للدليل، قَالَه الطوفي فِي " شَرحه "، وَتَابعه الْعَسْقَلَانِي
فِي " شَرحه "، وَزَاد الْأَخير.
الْفِعْل، وَالْقَوْل إِذا أَتَيَا بعد الْمُجْمل، واتفقا فِي غَرَض الْبَيَان بِلَا تناف، فَإِذا علم الأول فَهُوَ الْمُبين، قولا كَانَ، أَو فعلا بِلَا نزاع؛ لِأَنَّهُ قد حصل الْبَيَان بِالْأولِ، وَالثَّانِي حصل بِهِ التَّأْكِيد.
قَوْله: {وَإِن جهل، فأحدهما} ، أَي الْمُبين، وَالْآخر تَأْكِيد.
وَقَالَ الْآمِدِيّ: الْمُبين الْمَرْجُوح.
وَقَالَ ابْن عقيل: الْمُبين القَوْل.
وَقيل: الْمُبين الْفِعْل.
إِذا لم يعلم السَّابِق من القَوْل وَالْفِعْل فأحدهما هُوَ الْمُبين فَلَا يقْضى على
وَاحِد بِعَيْنِه بِأَنَّهُ الْمُبين، بل يقْضى بِحُصُول الْبَيَان بِوَاحِد مِنْهُمَا لم نطلع عَلَيْهِ وَهُوَ الأول فِي نفس الْأَمر، والتأكيد بِالثَّانِي.
وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح، وَعَلِيهِ الْأَكْثَر.
وَقَالَ الْآمِدِيّ: يتَعَيَّن للتقديم غير الْأَرْجَح حَتَّى يكون هُوَ الْمُبين؛ لِأَن الْمَرْجُوح لَا يكون تَأْكِيدًا للراجح لعدم الْفَائِدَة.
وَأَجَابُوا عَن ذَلِك بِأَن الْمُؤَكّد المستقل لَا يلْزم فِيهِ ذَلِك كَالْجمَلِ الَّتِي يذكر بَعْضهَا بعد بعض للتَّأْكِيد، وَأَن التَّأْكِيد يحصل بِالثَّانِيَةِ وَإِن كَانَت أَضْعَف بانضمامها إِلَى الأولى، وَإِنَّمَا يلْزم كَون الْمُؤَكّد أقوى فِي الْمُفْردَات نَحْو: جَاءَنِي الْقَوْم كلهم.
وَقَالَ ابْن عقيل: يقدم القَوْل.
وَقَالَهُ بعض الشَّافِعِيَّة أَيْضا لدلالته بِنَفسِهِ وعمومها لنا، وَبَيَانه عَمَّا فِي النَّفس.
وَقَالَ بعض الشَّافِعِيَّة - أَيْضا -: الْمُبين الْفِعْل؛ لِأَنَّهُ أقوى من القَوْل