الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(قَوْله: {بَاب} )
{الظَّاهِر لُغَة} خلاف الْبَاطِن، وَهُوَ {الْوَاضِح} المنكشف، وَمِنْه ظُهُور الْأَمر إِذا اتَّضَح وانكشف، وَيُطلق على الشَّيْء الشاخص الْمُرْتَفع، كَمَا أَن الظَّاهِر من الْأَشْخَاص هُوَ الْمُرْتَفع الَّذِي تتبادر إِلَيْهِ الْأَبْصَار، كَذَلِك فِي الْمعَانِي.
قَوْله: {وَاصْطِلَاحا: مَا دلّ دلَالَة ظنية وضعا: كأسد، وَعرفا: كغائط} . قَالَه الْآمِدِيّ وَغَيره.
فَالظَّاهِر الَّذِي يُفِيد معنى مَعَ احْتِمَال غَيره، لكنه ضَعِيف؛ فبسبب ضعفه خَفِي فَلذَلِك سمي اللَّفْظ لدلالته على مُقَابِله وَهُوَ الْقوي ظَاهرا كالأسد؛ فَإِنَّهُ ظَاهر فِي الْحَيَوَان فِي دلَالَة اللَّفْظ الْوَاحِد ليخرج الْمُجْمل
مَعَ الْمُبين؛ لِأَنَّهُ وَإِن أَفَادَ معنى لَا يحْتَمل غَيره، فَإِنَّهُ لَا يُسمى مثله نصا.
قَوْله: {والتأويل لُغَة الرُّجُوع} ، وَهُوَ من آل يؤول، أَي: رَجَعَ، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى:{وابتغاء تَأْوِيله} [آل عمرَان: 7] أَي: طلب مَا يؤول إِلَيْهِ مَعْنَاهُ، فَهُوَ مصدر أولت الشَّيْء فسرته من آل إِذا رَجَعَ؛ لِأَنَّهُ رُجُوع من الظَّاهِر إِلَى ذَلِك الَّذِي آل إِلَيْهِ فِي دلَالَته اللَّفْظ.
قَالَ الله تَعَالَى: {هَل ينظرُونَ إِلَّا تَأْوِيله} [الْأَعْرَاف: 53] أَي: مَا يؤول إِلَيْهِ بَعثهمْ ونشورهم.
فَائِدَة: للنَّاس كَلَام فِي الْفرق بَين التَّأْوِيل وَالتَّفْسِير.
قَالَ الرَّاغِب: أَكثر مَا يسْتَعْمل التَّأْوِيل فِي الْمعَانِي، وَالتَّفْسِير فِي الْأَلْفَاظ، وَأكْثر التَّفْسِير فِي مُفْرَدَات الْأَلْفَاظ، والتأويل أَكْثَره فِي الْجمل.
قَوْله: {وَاصْطِلَاحا: حمل ظَاهر على مُحْتَمل مَرْجُوح} .
أَي: تكون للفظ دلالتان راجحة ومرجوحة فَيحمل على المرجوحة، وَهَذَا يَشْمَل الصَّحِيح وَالْفَاسِد، فَإِن أردْت الصَّحِيح زِدْت فِي الْحَد {بِدَلِيل يصيره راجحا} على مَدْلُوله الظَّاهِر فيسمى تَأْوِيلا صَحِيحا.
فَإِن ترك الظَّاهِر لَا لدَلِيل مُحَقّق، بل لشبه تخيل للسامع أَنَّهَا دَلِيل، وَعند التَّحْقِيق تضمحل يُسمى تَأْوِيلا فَاسِدا، وَرُبمَا قيل تَأْوِيلا بَعيدا، وَقد يكون التَّأْوِيل لَا لشَيْء من ذَلِك فَهَذَا لعب لَا يعبأ بِهِ.
إِذا علم ذَلِك فَحمل اللَّفْظ على ظَاهره لَيْسَ تَأْوِيلا، وَكَذَا حمل الْمُشْتَرك وَنَحْوه من الْمسَاوِي على أحد محمليه، أَو محامله لدَلِيل لَا يُسمى تَأْوِيلا، وَحمله على الْمَجْمُوع لَا يُسمى تَأْوِيلا أَيْضا.
وَقَالَ {الْمُوفق} تبعا للغزالي: حد التَّأْوِيل {احْتِمَال يعضده دَلِيل يصيره أغلب على الظَّن من الظَّاهِر} .
وَيرد عَلَيْهِ أَن الِاحْتِمَال شَرط التَّأْوِيل لَا نَفسه، وَلَيْسَ بِجَامِع لخُرُوج تَأْوِيل مَقْطُوع بِهِ.
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد {الْجَوْزِيّ: صرف اللَّفْظ عَن الِاحْتِمَال الرَّاجِح إِلَى الِاحْتِمَال الْمَرْجُوح لاعتضاده بِدَلِيل} .
قَالَ ابْن قَاضِي الْجَبَل: قلت الْحَد غير جَامع؛ لِأَن التَّأْوِيل قد يكون فِي الْفِعْل.
قَوْله: {فَإِن قرب التَّأْوِيل ترجح بِأَدْنَى مُرَجّح، وَإِن بعد افْتقر إِلَى أقوى وَإِن تعذر رد} .
التَّأْوِيل على ثَلَاثَة أَقسَام:
قريب: فيترجح الطّرف الْمَرْجُوح بِأَدْنَى دَلِيل لقُرْبه مثل قَوْله تَعَالَى: {إِذا قُمْتُم إِلَى الصَّلَاة} [الْمَائِدَة: 6] أَي: إِذا عزمتم.
وبعيد: يَعْنِي الِاحْتِمَال الْمَرْجُوح بعيد من الْإِرَادَة لعدم قرينَة تدل عَلَيْهِ عقلية، أَو حَالية، أَو مقالية فَيحْتَاج فِي حمل اللَّفْظ عَلَيْهِ، وَصَرفه عَن الظَّاهِر إِلَى دَلِيل قوي.