الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يعتن فِيهَا بِبَيَان مَا لَا زَكَاة فِيهِ، فَمن ادّعى وُجُوبهَا فِي مُخْتَلف فِيهِ كالرقيق، وَالْخَيْل فقد ادّعى حكما على خلاف الدَّلِيل.
وَأما تردد الشَّافِعِي فِي آيَة البيع هَل الْمُخَصّص أَو الْمُبين لَهَا الْكتاب أَو السّنة دون الزَّكَاة فَلِأَنَّهُ عقب على البيع بقوله تَعَالَى: {وَحرم الرِّبَا} والربا من أَنْوَاع البيع اللُّغَوِيَّة، وَلم يعقب آيَة الزَّكَاة بِشَيْء، وَالله أعلم.
قَوْله: {وَلَا فِي قَوْله صلى الله عليه وسلم َ -: "
لَا صَلَاة إِلَّا بِطهُور " وَنَحْوه} " لَا صَلَاة إِلَّا بِفَاتِحَة الْكتاب "، " لَا نِكَاح إِلَّا بولِي "، " لَا صِيَام لمن لم يبيت الصّيام من اللَّيْل "، وَالْمرَاد هُنَا من هَذِه الْأَحَادِيث وَنَحْوهَا مِمَّا فِيهِ نفي ذَوَات وَاقعَة تتَوَقَّف الصِّحَّة فِيهَا على إِضْمَار شَيْء.
فالجمهور على أَنَّهَا
لَيست مجملة بِنَاء على القَوْل بِثُبُوت الْحَقَائِق الشَّرْعِيَّة؛ فَإِنَّهُ إِذا اخْتَلَّ مِنْهَا شَرط، أَو ركن صَحَّ نَفْيه حَقِيقَة؛ لِأَن الشَّرْعِيّ الَّذِي هُوَ تَامّ الْأَركان متوافر الشُّرُوط، وَلِهَذَا قَالَ صلى الله عليه وسلم َ - للمسيء فِي صلَاته:" ارْجع فصل فَإنَّك لم تصل ".
وَإِذا كَانَت الْحَقِيقَة هِيَ المُرَاد نَفيهَا فَلَا يحْتَاج نَفيهَا إِلَى إِضْمَار شَيْء فَلَا إِجْمَال.
قَالَ ابْن مُفْلِح: وَجه عدم الْإِجْمَال أَنه من عرف الشَّارِع فِيهِ نفي الصِّحَّة، أَي: لَا عمل شَرْعِي، وَإِن لم يثبت فَعرف اللُّغَة، نَحْو: لَا علم إِلَّا مَا نفع، وَلَا بلد إِلَّا بسُلْطَان، وَلَا حكم إِلَّا لله، وَلَو قدر حذفهَا لَا بُد من إِضْمَار، فنفي الصِّحَّة أولى؛ لِأَنَّهُ يصير كَالْعدمِ فَهُوَ أقرب إِلَى نفي الْحَقِيقَة المتعذرة، وَلَيْسَ هَذَا إِثْبَاتًا للغة بالترجيح، بل إِثْبَاتًا لأولوية أحد المجازات، كالصحة والكمال، والإجزاء بعرف اسْتِعْمَاله. انْتهى.
وَعند بعض الشَّافِعِيَّة، والحنابلة، وَابْن الباقلاني،
وَأبي عبد الله الْبَصْرِيّ أَنه مُجمل، وَقَالَهُ الْحَنَفِيَّة، أَو بَعضهم.
قَالَ الطوفي: الْقَائِل بِأَنَّهُ مُجمل؛ لِأَنَّهُ مُتَرَدّد بَين اللّغَوِيّ والشرعي، وَقيل: لِأَن حمله على نفي الصُّورَة بَاطِل فَتعين حمله على نفي الحكم، وَالْأَحْكَام مُتَسَاوِيَة. انْتهى.
قَالَ الْبرمَاوِيّ عَن قَول الباقلاني بِنَاء على مذْهبه فِي نفي الْحَقِيقَة الشَّرْعِيَّة، وَأَن الشَّرْعِيّ للأعم من الصَّحِيح وَالْفَاسِد: نعم، الْقَائِلُونَ بالإجمال اخْتلفُوا فِي سَببه على أَقْوَال:
أَحدهَا: إِنَّه لم يرد بنفيه نفي وُقُوعه، وَإِنَّمَا أُرِيد بِهِ أمرا آخر غير مَذْكُور وَهُوَ مُحْتَمل.
الثَّانِي: أَن ذَلِك مُحْتَمل نفي الْوُجُود وَنفي الحكم.
الثَّالِث: أَنه يحْتَمل نفي الصِّحَّة وَنفي الْكَمَال، وَبِه قَالَ الباقلاني فِي " التَّقْرِيب ". انْتهى.
قَالَ ابْن مُفْلِح: قَالَ هَؤُلَاءِ الْعرف مُخْتَلف فِي الصِّحَّة والكمال.
رد بِالْمَنْعِ، بل اخْتلف الْعلمَاء، ثمَّ نفي الصِّحَّة أولى لما سبق.
وَقيل بالإجمال لاقْتِضَائه نفي الْعَمَل حسا وَهُوَ ضَعِيف.
قَوْله: {وَيَقْتَضِي نفي الصِّحَّة عِنْد أَحْمد، وَمَالك، وَالشَّافِعِيّ وأصحابهم} ، وَغَيرهم. يَعْنِي: إِذا قُلْنَا بِأَنَّهُ لَيْسَ بمجمل، وَاخْتلفُوا فِي ذَلِك وَالصَّحِيح الَّذِي عَلَيْهِ أَكْثَرهم أَنه يَقْتَضِي نفي الصِّحَّة، {وعمومه مَبْنِيّ على دلَالَة الْإِضْمَار} على مَا تقدم من دلَالَة الِاقْتِضَاء والإضمار.
وَالصَّحِيح أَنه عَام على مَا تقدم بَيَانه هُنَاكَ.
{وَقيل: عَام فِي نفي الْوُجُود، وَالْحكم خص الْوُجُود بِالْعقلِ} ، وَهُوَ لأرباب القَوْل بِأَنَّهُ مُجمل كَمَا ذكره الْبرمَاوِيّ.
وَظَاهر كَلَام ابْن مُفْلِح أَنه مَبْنِيّ على القَوْل الأول.
{وَقيل: عَام فِي نفي الصِّحَّة والكمال، وَهُوَ فِي كَلَام القَاضِي، وَابْن