الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{و} بِالنّظرِ {إِلَى الثَّالِث قَالَ} أَبُو عبد الله {الْبَصْرِيّ وَغَيره} : بِأَنَّهُ {الْعلم} الْحَاصِل {عَن الدَّلِيل} .
قَالَ الْبرمَاوِيّ: وَهَذَانِ الْقَوْلَانِ مفرعان على الإطلاقين الْأَخيرينِ، بل الْأَقْوَال الثَّلَاثَة مفرعة على الإطلاقات الثَّلَاثَة، وَحده الشَّافِعِي إِلَى آخِره.
{قَالَ الشَّافِعِي} فِي " الرسَالَة ": {اسْم جَامع لأمور متفقة الْأُصُول متشعبة الْفُرُوع} .
قَالَ الْبرمَاوِيّ: وَلَيْسَ مُرَاده تَفْسِيره بِمَا فهمه ابْن دَاوُد، وَقَالَ: إِن الْبَيَان أبين من التَّفْسِير، وَإِنَّمَا مُرَاده أَنه أَنْوَاع مُخْتَلفَة الْمَرَاتِب بَعْضهَا أجلى من بعض، فَمِنْهُ مَا لَا يحْتَاج لتدبر، وَمِنْه مَا لَا يحْتَاج لَهُ، وَقد قَالَ صلى الله عليه وسلم َ -: "
إِن من الْبَيَان لسحرا " فَبين أَن بعض الْبَيَان أظهر من بعض.
وَيدل عَلَيْهِ أَن الله تَعَالَى خاطبنا بِالنَّصِّ، وَالظَّاهِر وبالمنطوق، وَالْمَفْهُوم، والعموم، والمجمل، والمبين، وَغير ذَلِك؛ وَلذَلِك عِنْد
الشَّافِعِي لكل من الْأَنْوَاع بَاب، فَقَالَ: بَاب الْبَيَان الأول، بَاب الْبَيَان الثَّانِي، وَهَكَذَا.
ورد ابْن عقيل - أَيْضا - على ابْن دَاوُد لما اعْترض عَلَيْهِ بذلك، وَقَالَ: الشَّافِعِي أَبُو هَذَا الْعلم وَأول من هذبه.
وَقَالَ الْمَاوَرْدِيّ: جُمْهُور الْفُقَهَاء قَالُوا: الْبَيَان إِظْهَار المُرَاد بالْكلَام الَّذِي لَا يفهم مِنْهُ المُرَاد إِلَّا بِهِ.
قَالَ ابْن السَّمْعَانِيّ: وَهُوَ أحسن من جَمِيع الْحُدُود.
قَالَ الْبرمَاوِيّ: وَالْعجب أَنه أورد على الصَّيْرَفِي الْمُبين ابْتِدَاء، وَلَا شكّ فِي وُرُوده هُنَا، بل أولى؛ لِأَنَّهُ صرح بتقدم كَلَام لم يفهم المُرَاد مِنْهُ.
وَأَيْضًا الْبَيَان قد يرد على فعل وَلَا يُسمى مثل ذَلِك كلَاما.
قَوْله: {وَيجب لمن أُرِيد فهمه اتِّفَاقًا} .
لنا من الْمُجْمل قسم يسْتَمر بِلَا بَيَان إِلَى آخر الدَّهْر، وَذَلِكَ عِنْد عدم الْحَاجة إِلَى بَيَانه بِأَن لَا يكون من دَلَائِل الْأَحْكَام الْمُكَلف بهَا.
فَأَما إِن كَانَ من دَلَائِل الْأَحْكَام الْمُكَلف بهَا وَأُرِيد بِالْخِطَابِ وإفهام الْمُخَاطب بِهِ، ليعْمَل بِهِ وَجب أَن يبين لَهُ ذَلِك على حسب مَا يُرَاد بذلك الْخطاب؛ لِأَن الْفَهم شَرط التَّكْلِيف.
فَأَما من لَا يُرَاد إفهامه ذَلِك فَلَا يجب الْبَيَان لَهُ بالِاتِّفَاقِ.
وَلِهَذَا قَالَ بَعضهم: إِنَّه لَا يجب الْبَيَان فِي الْخطاب إِذا كَانَ خَبرا لَا يتَعَلَّق بِهِ تَكْلِيف، وَإِنَّمَا يجب فِي التكاليف الَّتِي يحْتَاج إِلَى مَعْرفَتهَا.
قَوْله: {وَيحصل بقول} . يحصل الْبَيَان بالْقَوْل بِلَا نزاع بَين الْعلمَاء وَهُوَ إِمَّا من الله، أَو من رَسُوله صلى الله عليه وسلم َ -.
فَالْأول كَقَوْلِه تَعَالَى: {صفراء فَاقِع لَوْنهَا تسر الناظرين} [الْبَقَرَة: 69] فَإِنَّهُ مُبين لقَوْله تَعَالَى: {إِن الله يَأْمُركُمْ أَن تذبحوا بقرة} [الْبَقَرَة: 67] إِذا قُلْنَا المُرَاد بالبقرة بقرة مُعينَة، وَهُوَ الْمَشْهُور.
وَالثَّانِي كَقَوْلِه صلى الله عليه وسلم َ - فِيمَا رَوَاهُ البُخَارِيّ، وَغَيره عَن ابْن عمر مَرْفُوعا: " فِيمَا سقت السَّمَاء، أَو كَانَ عثريا الْعشْر، وَمَا سقِِي بالنضح نصف