الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَغلط من قَالَ: مَا أُرِيد بِاللَّفْظِ لإفضائه إِلَى البداء، وَهُوَ خلاف مَا قَالَه هُوَ، وَقَالَهُ كثير من الْأَصْحَاب وَغَيرهم.
وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: لفظ دَال على ظُهُور انْتِفَاء شَرط دوَام الحكم الأول.
فَيرد عَلَيْهِ أَن اللَّفْظ دَلِيل النّسخ لَا نَفسه، وَنقض طرده بقول الْعدْل: نسخ حكم كَذَا وَعَكسه بِفِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم َ -.
ثمَّ حَاصله: اللَّفْظ الدَّال على النّسخ؛ لِأَنَّهُ فسر شَرط دوَام الحكم بِانْتِفَاء النّسخ، فانتفاء شَرط دَوَامه حُصُوله، وَأورد الثَّلَاثَة السَّابِقَة على حد الباقلاني وَمن مَعَه، وَأَن قَوْلهم على وَجه إِلَى آخِره، زِيَادَة.
وَأجَاب الْآمِدِيّ عَن الأول بِمَنْع أَن النّسخ ارْتِفَاع الحكم
لَا نفس الرّفْع وَهُوَ الْفِعْل صفة الرافع، وَهُوَ الْخطاب الدَّال على الِارْتفَاع ومستلزم لَهُ وَهُوَ الانفعال صفة الْمَرْفُوع الْمَفْعُول على نَحْو فسخ العقد وانفساخه.
وَأَن فعله صلى الله عليه وسلم َ - لَا يدل على الِارْتفَاع، بل على الْخطاب الدَّال عَلَيْهِ وَالزِّيَادَة لَا تخل بِصِحَّة الْحَد، وفيهَا فَائِدَة. انْتهى.
{و} قَالَ {القَاضِي} أَبُو يعلى، {والأستاذ} أَبُو إِسْحَاق، {وَأَبُو الْمَعَالِي} ، وَأكْثر الْفُقَهَاء:{بَيَان انْتِهَاء مُدَّة الحكم الشَّرْعِيّ مَعَ التَّأَخُّر عَن زَمَنه} .
وَتقدم حد أبي الْمَعَالِي، وَهَذَا هُوَ القَوْل الثَّانِي فِي الْمَسْأَلَة، الْمُقَابل لما قُلْنَاهُ أَولا، وَهُوَ أَنه بَيَان.
وَمَعْنَاهُ: أَن النَّاسِخ يبين أَن الأول انْتهى التَّكْلِيف بِهِ، وأنكروا كَونه رفعا بِنَاء على أَن الحكم رَاجع إِلَى كَلَام الله تَعَالَى، وَهُوَ قديم، وَالْقَدِيم لَا يرْتَفع، لَكِن جَوَابه أَن الْمَرْفُوع هُوَ تعلق الحكم، والتعلق حَادث كَمَا سبق، فقد اتّفق الْقَوْلَانِ على أَن الحكم الأول انْعَدم تعلقه لَا ذَاته، وعَلى أَن الْخطاب الثَّانِي هُوَ الَّذِي حقق زَوَال الأول، وَإِنَّمَا اخْتلفَا فِي أَن الرافع هُوَ الثَّانِي، لَو لم يَجِيء لبقي الأول، أَو يُقَال: إِن الأول لَهُ غَايَة لَا نعلمها فَلَمَّا جَاءَ الدَّلِيل بَين انتهاءها حَتَّى لَو لم يَجِيء كَانَ الحكم للْأولِ وَإِن لم نعلمهُ.
لَكِن سبق أَنه لَا يجوز تَأْخِير الْبَيَان عَن وَقت الْحَاجة فَرجع القَوْل
الثَّانِي إِلَى الأول وينحل الْفرق بَينهمَا إِلَى أَنه زَالَ بِهِ، أَو زَالَ عِنْده لَا بِهِ، لَكِن لما لم نعلم الزَّوَال إِلَّا بِهِ اسْتَوَى الْقَوْلَانِ.
وَنَظِير هَذَا الْخلاف عِنْد الْمُتَكَلِّمين فِي أَن زَوَال الْأَعْرَاض بِالذَّاتِ أَو بالضد، فَإِن من قَالَ ببقائها قَالَ: إِنَّمَا يَنْعَدِم الضِّدّ الْمُتَقَدّم بطريان الطَّارِئ، ولولاه لبقي، وَمن لم يقل ببقائها قَالَ: إِنَّه يَنْعَدِم بِنَفسِهِ وَيحدث الضِّدّ الطَّارِئ، وَلَيْسَ لَهُ تَأْثِير فِي إعدام الضِّدّ الأول.
وَنَظِيره فِي الفقهيات: الزائل الْعَائِد كَالَّذي لم يزل، أَو كَالَّذي لم يعد، فَالَّذِي يَقُول بِالْأولِ يَجْعَل الْعود بَيَانا لاستمرار حكم الأول، وَالْقَائِل بِالثَّانِي يَقُول ارْتَفع الحكم الأول بالزوال فَلَا يرجع حكمه بِالْعودِ.
وَقد ظهر بِهَذَا التقرر أَن النزاع لَيْسَ لفظيا من كل وَجه، بل معنوي، لَكِن يعود الْقَوْلَانِ إِلَى مقصد وَاحِد بِالِاعْتِبَارِ الَّذِي سبق.
قَالَ: وَمِمَّا يشبه ذَلِك تعبيرهم عَن الْحَدث بنواقض الْوضُوء، كَمَا قَالَه جمع وَإِن فر مِنْهُ الْأَكْثَر لعدم الرّفْع فِيهِ، لَكِن الأول أَيْضا صَحِيح لما سبق، وَنَحْوه
الْفَسْخ للعقود: هَل هُوَ من حِين الْفَسْخ، أَو من الأَصْل؟ فَمن قَالَ من حِينه جعله كالنسخ هُنَا؛ لِأَن المُرَاد انْتِهَاء الْمدَّة لَا الرّفْع من الأَصْل؛ لِأَن الْوَاقِع لَا يرْتَفع، فَمن أفسد هَذِه الْعبارَة لهَذِهِ الشُّبْهَة أُجِيب بذلك. انْتهى.
وَقَالَ ابْن مُفْلِح عَن القَوْل الثَّانِي: وَحكي عَن الْفُقَهَاء أَن حد النّسخ: النَّص الدَّال على انْتِهَاء أمد الحكم الشَّرْعِيّ مَعَ التَّأَخُّر عَن زمن وُرُوده.
فَيرد الْإِيرَاد الأول وَالثَّالِث على هَذَا الْحَد فَإِن فروا من الرّفْع لقدم الحكم وتعلقه عقلا فانتهاء أمد الْوُجُوب يُنَافِي بَقَاء الْوُجُوب على الْمُكَلف، وَهُوَ معنى الرّفْع، وَإِن فروا؛ لِأَنَّهُ لَا يرْتَفع تعلق بمستقبل لزم منع النّسخ قبل الْفِعْل، وَإِن فروا لِأَنَّهُ يُنَافِي أمد تعلق الحكم بالمستقبل المظنون دَوَامه فَلَا بُد من زَوَال التَّعَلُّق فصح إِطْلَاق الرّفْع علبه. انْتهى.
{و} قَالَت {الْمُعْتَزلَة: خطاب دَال على أَن مثل الحكم الثَّابِت بِالنَّصِّ الْمُتَقَدّم زائل على وَجه لولاه لَكَانَ ثَابتا} .
فَيرد عَلَيْهِ مَا ورد على حد الْغَزالِيّ، وَأوردهُ الْأَمر الْمُقَيد بِمرَّة ينْسَخ قبل فعله وهم يمنعونه.
وَقَالَ ابْن عقيل فِي " الْوَاضِح ": حَدهمْ يُصَرح بِأَن النَّاسِخ يزِيل مَا