الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَالَ الْآمِدِيّ وَقَالَ: إِلَّا أَن من ذهب إِلَيْهِ بعد النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ -
ثمَّ بَان ناسخه نتبين أَنه كَانَ مَنْسُوخا، قَالَ: وَسَوَاء قُلْنَا كل مُجْتَهد مُصِيب، أَو لَا.
قَالَ ابْن مُفْلِح: وَكَذَا لم يفرق أَصْحَابنَا، وَقَالَ أَبُو الْحُسَيْن: من لم يقل بِهِ لَا يَقُول بتعبده بِالْقِيَاسِ الأول فرفعه لَا يعلم، وَقَالَ الْمُوفق فِي " الرَّوْضَة ": مَا ثَبت بِالْقِيَاسِ إِن
نَص على علته فكالنص ينْسَخ وينسخ بِهِ وَإِلَّا فَلَا، وَقَالَ ابْن عقيل - لما قَالَ: كَقَوْل أبي الْخطاب -: وَإِن قوما قَالُوا: يكون تَخْصِيصًا لِلْعِلَّةِ بالطعم فِي الْبر. انْتهى.
وَهِي القَوْل الَّذِي حكيناه، وَقَالَ عبد الْجَبَّار أَيْضا يجوز نسخه.
قَوْله: {وَلَو نسخ حكم الأَصْل تبعه حكم الْفَرْع عِنْد أَصْحَابنَا
وَالشَّافِعِيَّة، وَخَالف القَاضِي وَالْحَنَفِيَّة، وَاخْتَارَ الْمجد إِن نَص على الْعلَّة يتبعهُ الْفَرْع إِلَّا أَن يُعلل فِي نسخه بعلة فَيثبت النّسخ} .
إِذا ورد النّسخ على الأَصْل الْمَقِيس عَلَيْهِ ارْتَفع الْقيَاس عَلَيْهِ بالتبعية عندنَا وَعند الشَّافِعِيَّة، وَخَالف فِي ذَلِك القَاضِي وَالْحَنَفِيَّة.
قَالَ القَاضِي فِي إِثْبَات الْقيَاس عقلا: لَا يمْتَنع عندنَا بَقَاء حكم الْفَرْع مَعَ نسخ حكم الأَصْل.
وَمثله أَصْحَابنَا - وَذكره ابْن عقيل عَن الْمُخَالف أَيْضا - بِبَقَاء حكم النَّبِيذ الْمَطْبُوخ فِي الْوضُوء بعد نسخ النيء، وَصَوْم رَمَضَان بنية من النَّهَار بعد نسخ عَاشُورَاء عِنْدهم.
وَقَالَ الْمجد فِي " المسودة ": وَعِنْدِي إِن كَانَت الْعلَّة مَنْصُوصا عَلَيْهَا لم
يتبعهُ الْفُرُوع إِلَّا أَن يُعلل فِي نسخه بعلة فَيثبت النّسخ حَيْثُ وجدت. انْتهى.
وَقَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين: الْمَنْسُوخ عِنْدهم تَجْوِيز شربه فتبعته الطّهُورِيَّة فَإِنَّهَا نفس الْمَسْأَلَة وَقَالَ: جَازَ الْوضُوء بهما، ثمَّ حرم الأَصْل فَالْمَعْنى النَّاسِخ اخْتصَّ بِهِ. قَالَ: وَالصَّحِيح فِي الثَّانِيَة أَن ذَلِك لَا يُوجب نسخ ذَلِك الحكم، والمنسوخ وجوب صَوْم عَاشُورَاء فَسقط إجزاؤه بنية من النَّهَار لعدم الْمحل، فَأَما كَون الْوَاجِب يُجزئ بنية من النَّهَار فَلم يتَعَرَّض لنسخه.
وَقَالَ أَيْضا: التَّحْقِيق أَن هَذَا من بَاب نسخ الأَصْل نَفسه لَا حكمه، فَالْمَسْأَلَة ذَات صُورَتَيْنِ: نسخ حكم الأَصْل، وَهنا يظْهر أَن تتبعه الْفُرُوع المتشعبة الأَصْل، وَأما نسخ نفس الأَصْل الَّذِي هُوَ حكم، هَل هُوَ نسخ لصفاته؟ انْتهى.
وَضعف أَيْضا فِي " الِانْتِصَار ". منع أَصْحَابنَا من نسخ عَاشُورَاء وَبَقَاء حكمه فِي رَمَضَان فَإِنَّهُ إِذا ثَبت جَوَاز النِّيَّة نَهَارا فِي صَوْم وَاجِب لَا يَزُول بِنَقْل الْوَاجِب من مَحل إِلَى مَحل، وزمن إِلَى زمن.
وَفرق ابْن عقيل وَغَيره بِأَن رَمَضَان وجد سَبَب إِيجَابه قبل شُرُوعه فِيهِ فالنية فِيهِ كَحكم وَضعهَا فِي كل وَاجِب. وَإِن قُلْنَا بقول أَصْحَابنَا ومحققي
الشَّافِعِيَّة إِن عَاشُورَاء كَانَ نفلا فَوَاضِح.
قَالَ: وَيُشبه نسخ نفس الأَصْل قرعَة يُونُس عليه السلام فَإِنَّهَا لَا تجوز فِي شرعنا؛ لِأَن المذنب لَو عَرفْنَاهُ لم نتلفه، فَهَل نسخ الْقرعَة فِي هَذَا الأَصْل نسخ لجنس الْقرعَة؟ قد احْتج أَصْحَابنَا بهَا على الْقرعَة وقرعة زَكَرِيَّا عليه السلام، كَانُوا أجانب، وَكَانَ لَهُم فِي شرعهم ولَايَة حضَانَة المحررة، فارتفاع الحكم فِي غير الأَصْل لارْتِفَاع الأَصْل لَا يكون رفعا لَهُ فِي مثل ذَلِك الأَصْل إِذا وجد.
قَالَ: وَمثله نَهْيه لِمعَاذ عَن الْجمع بَين الائتمام وإمامة قومه إِذا كَانَ للتطويل عَلَيْهِم، هَل هُوَ نسخ لما دلّ الْجمع عَلَيْهِ من ائتمام مفترض بمتنفل؟
وَذكر فِي " التَّمْهِيد " فِي آخر مَسْأَلَة الْقيَاس مَا سبق عَن الْأَصْحَاب احْتِمَالا، ثمَّ سلم. وَاخْتَارَ بعض أَصْحَابنَا إِن نَص على الْعلَّة لم يتبعهُ الْفَرْع إِلَّا أَن يُعلل فِي نسخه بعلة فيتبعها النّسخ.
وَجه الأول: خُرُوج الْعلَّة عَن اعْتِبَارهَا فَلَا فرع وَإِلَّا وجد الْمَعْلُول بِلَا عِلّة.
فَإِن قيل: أَمارَة فَلم يحْتَج إِلَيْهَا دواما.
رد: باعثة.
قَالُوا: الْفَرْع تَابع للدلالة، لَا للْحكم.
رد: زَالَ الحكم بِزَوَال حكمته.
وَفِي " التَّمْهِيد " أَيْضا: لَا يُسمى نسخا كزوال حكمه بِزَوَال علته.
وَمَعْنَاهُ فِي " الْعدة ".
قَالَ الْبرمَاوِيّ: إِذا ورد النّسخ على الأَصْل الْمَقِيس عَلَيْهِ ارْتَفع الْقيَاس مَعَه بالتبعية، والمخالف فِيهِ الْحَنَفِيَّة جوزوا صَوْم رَمَضَان بنية من النَّهَار بِالْقِيَاسِ على مَا كَانَ فِي صَوْم يَوْم عَاشُورَاء من الِاكْتِفَاء نِيَّة من النَّهَار حِين
كَانَ وَاجِبا على معتقدهم ذَلِك مَعَ زَوَال فرضيته بالنسخ، وأبقوا الْفَرْع على حَاله، لَكِن لَيْسَ هَذَا نسخا للْقِيَاس، بل رفض لنَصّ فَلَا يكون إِلَّا بِنَصّ؛ لِأَن النَّص لَا ينْسَخ بِقِيَاس.
قَالَ: وَمَا أحسن تَعْبِير ابْن الْحَاجِب عَن هَذِه الْمَسْأَلَة بقوله: الْمُخْتَار أَن نسخ حكم أصل الْقيَاس لَا يبْقى حكم الْفَرْع، فَعبر بقوله: لَا يبْقى وَلم يعبر بالنسخ كَمَا وَقع فِي كَلَام بَعضهم، وَلَيْسَ بجيد؛ لِأَن الحكم إِذا زَالَ بِزَوَال علته لَا يُقَال إِنَّه مَنْسُوخ. انْتهى.