الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ السُّبْكِيّ: وقفت على تَفْسِير أبي مُسلم، وَلَيْسَ هُوَ الجاحظ كَمَا توهمه بَعضهم، قَالَ: وَأَنا أَقُول الْإِنْصَاف أَن الْخلاف بَين أبي مُسلم، وَالْجَمَاعَة لَفْظِي، وَذَلِكَ [أَن] أَبَا مُسلم يَجْعَل مَا كَانَ مغيا فِي علم الله كَمَا هُوَ مغيا فِي اللَّفْظ، وَيُسمى الْجَمِيع تَخْصِيصًا، وَلَا فرق عِنْده بَين أَن يَقُول:{أَتموا الصّيام إِلَى اللَّيْل} [الْبَقَرَة: 187] وَبَين أَن يَقُول: صُومُوا، مُطلقًا، وَعلمه مُحِيط بِأَنَّهُ سينزل: لَا تَصُومُوا وَقت اللَّيْل.
وَالْجَمَاعَة يجْعَلُونَ الأول تَخْصِيصًا، وَالثَّانِي نسخا، وَلَو أنكر أَبُو مُسلم النّسخ لزم إِنْكَار شَرِيعَة الْمُصْطَفى صلى الله عليه وسلم َ -،
وَإِنَّمَا يَقُول: كَانَت شَرِيعَة السَّابِقين مغياة إِلَى مبعث النَّبِي
صلى الله عليه وسلم َ -، وَبِهَذَا يَتَّضِح لَك الْخلاف الَّذِي حَكَاهُ بَعضهم فِي أَن هَذِه الشَّرِيعَة مخصصة للشرائع السَّابِقَة أَو ناسخة، فَهِيَ منتهية إِلَى مبعث نَبينَا صلى الله عليه وسلم َ -
قطعا، وَمَا تجدّد من شرعنا مُوَافق لبَعض شرائعهم فَلَيْسَ لكَونهَا بَاقِيَة؛ بل كل مَشْرُوع مفتتح التشريع، وَمَا ادَّعَاهُ ابْن الْحَاجِب من الْإِجْمَاع أَن شريعتنا ناسخة فَصَحِيح، وَلَا يُنَافِيهِ حِكَايَة بَعضهم الْخلاف فِي كَونه تَخْصِيصًا، أَو نسخا لما قَرَّرْنَاهُ فَالْخِلَاف لَفْظِي. انْتهى
.
تَنْبِيه: أَبُو مُسلم هَذَا هُوَ مُحَمَّد بن بَحر الْأَصْفَهَانِي، قَالَ ابْن السَّمْعَانِيّ: وَهُوَ رجل مَعْرُوف بِالْعلمِ، وَإِن كَانَ قد انتسب إِلَى الْمُعْتَزلَة،