الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عقيل} بِنَاء على عُمُوم الْمُضمر، وَهَذِه الْأَقْوَال الثَّلَاثَة مَبْنِيَّة على القَوْل بِأَن ذَلِك لَيْسَ بمجمل.
فَإِذا قُلْنَا إِنَّه لَيْسَ بمجمل فَمَا يَقْتَضِي فِيهِ هَذِه الْأَقْوَال الثَّلَاثَة، قَالَه ابْن مُفْلِح فِي " أُصُوله ". وَظَاهر كَلَام الْبرمَاوِيّ، بل صَرِيحه أَن الْقَوْلَيْنِ الْأَخيرينِ مبنيان على القَوْل بِأَنَّهُ مُجمل.
قَوْله: {وَمثله: " إِنَّمَا الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ " عِنْد الْأَصْحَاب} .
وَمثله الطوفي ب لَا عمل إِلَّا بنية، يحمل على نفي الصِّحَّة؛ لِأَنَّهُ أولى المجازات لكَونه أقرب إِلَى نفي الْحَقِيقَة لانْتِفَاء فَائِدَة الْفِعْل وجدواه.
وَقَالَ فِي " التَّمْهِيد ": إِن نَفْيه يدل على عَدمه، وَعدم إجزائه.
قَالَ الطوفي فِي " شَرحه ": قَوْله صلى الله عليه وسلم َ -: "
إِنَّمَا الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ " من هَذَا الْبَاب؛ لِأَن الْأَعْمَال مُبْتَدأ وَخَبره مَحْذُوف، وَاخْتلفُوا هَل هُوَ الصِّحَّة فَيكون التَّقْدِير: إِنَّمَا الْأَعْمَال صَحِيحَة، أَو الْكَمَال، فَيكون تَقْدِيره: إِنَّمَا الْأَعْمَال كَامِلَة
.
قَالَ: وَالْأَظْهَر إِضْمَار الصِّحَّة لما سبق. انْتهى.
قَالَ ابْن قَاضِي الْجَبَل: وَمثله: " إِنَّمَا الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ " لَيْسَ بمجمل؛ لِأَن المُرَاد بِهِ من نوى خيرا فَلهُ خير فَلَا تَقْدِير، وَلَو قدر صِحَة الْأَعْمَال أَو كمالها لقدم إِضْمَار الصِّحَّة لكَونه أقرب إِلَى الْحَقِيقَة، وَالله أعلم. انْتهى.
قَوْله: وَتقدم نفي الْقبُول والإجزاء فِي أَوَاخِر خطاب الْوَضع، وَكثير من الْعلمَاء يذكرهما هُنَا فَلذَلِك نبهت عَلَيْهِ لِئَلَّا يتَوَهَّم أَنه لم يذكر.
قَوْله: {اللَّفْظ لِمَعْنى تَارَة، ولمعنيين أُخْرَى، وَلَا ظُهُور، مُجمل فِي ظَاهر كَلَام أَصْحَابنَا، وَقَالَهُ الْغَزالِيّ، وَابْن الْحَاجِب، وَجمع.
وَقَالَ الْآمِدِيّ: ظَاهر فِي الْمَعْنيين، وَحَكَاهُ عَن الْأَكْثَر.
وَقيل: المعنيان غير الأول، فَإِن كَانَ أَحدهمَا عمل بِهِ، ووقف الآخر} .
إِذا ورد من الشَّارِع لفظ لَهُ استعمالان، أحد الاستعمالين يرد لِمَعْنى وَاحِد، وَالثَّانِي يرد لمعنيين، وَلَا ظُهُور فِي ذَلِك فَفِيهِ مذهبان، أَو ثَلَاثَة:
أَحدهَا - وَهُوَ الْمُخْتَار وَهُوَ ظَاهر كَلَام الْأَصْحَاب، قَالَه ابْن مُفْلِح: وَاخْتَارَهُ الْغَزالِيّ، وَابْن الْحَاجِب، وَجَمَاعَة -: أَنه مُجمل؛ لتردده بَين الْمَعْنى، والمعنيين، وَمحله إِذا لم تقم قرينَة على المُرَاد.
وَالثَّانِي - وَهُوَ قَول الْآمِدِيّ وَذكره قَول الْأَكْثَر -: أَنه يحمل على مَا يُفِيد مَعْنيين كَمَا لَو دَار بَين مَا يُفِيد، وَمَا لَا يُفِيد؛ وَلِأَنَّهُ أَكثر فَائِدَة.
قَالَ ابْن مُفْلِح بِأَنَّهُ إِثْبَات لُغَة بالترجيح، ثمَّ الْحَقَائِق لِمَعْنى وَاحِد أَكثر.
وَالْقَوْل الثَّالِث: ينظر إِن كَانَ الْمَعْنى أحد الْمَعْنيين عمل بِهِ جزما لوُجُوده فِي الاستعمالين، وَيُوقف الآخر للتردد فِيهِ، وَهَذَا اخْتِيَار التَّاج السُّبْكِيّ فِي " جمع الْجَوَامِع "، قَالَ الْمحلي: هَذَا مَا ظهر لَهُ، وَالظَّاهِر أَنه مُرَادهم أَيْضا.
ثمَّ قَالَ: مِثَال الأول حَدِيث رَوَاهُ مُسلم: " لَا يَنْكِح الْمحرم وَلَا ينُكِح " بِنَاء على أَن النِّكَاح مُشْتَرك بَين العقد وَالْوَطْء، فَإِنَّهُ إِن حمل على الْوَطْء اسْتُفِيدَ مِنْهُ معنى وَاحِد، وَهُوَ أَن الْمحرم لَا يطَأ وَلَا يُوطأ، أَي: لَا يُمكن غَيره من وَطئه، وَإِن حمل على العقد اسْتُفِيدَ مِنْهُ مَعْنيانِ بَينهمَا قدر مُشْتَرك، وَهُوَ أَن الْمحرم لَا يعْقد لنَفسِهِ، وَلَا يعْقد لغيره.
وَمِثَال الثَّانِي حَدِيث فِي مُسلم أَيْضا: " الثّيّب أَحَق بِنَفسِهَا من وَليهَا "، أَي: بِأَن تعقد لنَفسهَا أَو تَأذن لوَلِيّهَا فيعقد لَهَا وَلَا يجبرها.
وَقد قَالَ بِصِحَّة عقدهَا لنَفسهَا أَبُو حنيفَة، وَبَعض أَصْحَاب الشَّافِعِي، لَكِن إِذا كَانَت فِي مَكَان لَا ولي فِيهِ، وَلَا حَاكم، وَنَقله يُونُس