الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقدّمة المؤلّف
{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ} ربّ اختم بخير
الحمد لله الذى أنشأ الجنين فى الأحشاء، ثم أبرزه فدبره، إلى أن ترعرع ومشى، ودبّ ونشا. يفعل فى ملكه ما يريد، ويحكم فى خلقه ما يشاء، {قُلِ اللهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ، وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ، وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ، وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ، بِيَدِكَ الْخَيْرُ، إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»} .
وصلى الله على سيدنا محمد الذى نسخت ملته سائر الملل، ورسخت هيبته فى قلوب تلك الملوك الأول، من الأكاسرة والقياصرة، أرباب الدول والحول. لم يزل صلى الله عليه منصورا بالرعب والرهب، حتى بلغ الإيمان أقصى نهاية الأرب، وأصبحت نواصى ملوك الكفر من العجم بأيدى سادات الإسلام من العرب.
صلى الله عليه وعلى آله، الذين ما خاب من توسل بهم، وأضحى بجنابهم مستجيرا، وأنزل فى حقهم {إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً»} وعلى أصحابه خلفاء الدنيا، سادات الآخرة الذين أنزل فى حقهم {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ، إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ»} .
وبعد، فإن هذا الجزء السابع، المشنف المسامع، بدرره اللوامع، المسمى «بالدر المطلوب فى أخبار ملوك بنى أيوب» ، السادة الأعلام، وقادة الإسلام، ملوك مصر والشرق والشام، الذين شفوا صدور أهل الإيمان، من عبدة الأوثان
والصلبان. وكفاهم بالسلطان صلاح الدين شرفا إلى يوم الدين. فاتح الأمصار، من أيدى الكفار، بالصارم البتّار. السيد الفاضل، والأسد الباسل، السلطان الملك الناصر، أبو المعالى والمفاخر، الذى ليس له من قبله من الملوك الإسلامية مناظر، المستمد النصر من الناصر الآخر، الذى وضع جميع هذا التاريخ توطئة لذكر بعض محاسن سيرته، منبها على آثار مآثر علانيته وسريرته. الخاتم بمحاسنه محاسن سائر ملوك الدنيا، كما ختم سميه صلى الله عليه جميع الأنبياء. لا زالت معانيه من الخواطر مخترعة، وأبكار أفكار محاسنه من القلوب مفترعة. فلذلك أسهرت ناظرى، وشغلت فكرى وخاطرى، وأنشأت هذا التاريخ الغريب المثال، الجامع نبذ الحكم إلى زبد الأمثال، المشتمل على ما شئت من النوادر. وبان وغير على ذلك تصاريف الأزمان، فأحييت ذلك فى أيام دولته القاهرة، بمدينة القاهرة، فى سنين عشر الأربعين والسبعمائة، إلى أن بلغت فى ذلك إلى ذكر سيرته الشريفة، فكانت النهاية، وبالله أعتضد فيما أعتمد.