الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر سنة تسع وستمائة
النيل المبارك فى هذه السنة
الماء القديم أربعة أذرع وعشرة أصابع. مبلغ الزيادة ستة عشر ذراعا وثلاثة أصابع.
ما لخص من الحوادث
الخليفة الإمام الناصر لدين الله أمير المؤمنين بحاله. والسلطان الملك العادل كذلك، وقد توجه من مصر إلى دمشق. وهرب عز الدين أسامة، ولحقه الملك المعظم بنفسه، وقبض عليه [واعتقله بالكرك]، وتسلم من نوابه ما كان بيدهم من القلاع، بعد حصار كوكب، وأخذ وخرب. ونقلت ذخائره إلى الطّور. واستقر السلطان بدمشق.
وفيها كانت الوقعة العظيمة المعروفة بالعقاب، بين الأمين محمد بن يعقوب ابن عبد المؤمن صاحب المغرب، وبين الفرنج، على مدينة طليطلة من الأندلس.
وكان النصر للمسلمين على المشركين.
وفيها نزل صاحب الكرج على أخلاط وحاصرها، وأشرف على أخذها. ثم إنه شرب خمرا وثمل سكرا، فحدثه سكره أن يركب ويأخذ البلد، فركب [فى عشرين فارسا] وساق، فتقنطر به الفرس، فأخذ أسيرا مع عدة من أصحابه، وأحضروا للملك الأوحد.
وفيها تحركت الفرنج حركة عظيمة، وخرج لهم السلطان، ثم وقع الصلح والهدنة.
وفيها توفى نور الدين أرسلان شاه بن مسعود بن مودود بن زنكى بن آق سنقر صاحب الموصل. وكان مدة ملكه بالموصل سبع عشرة سنة وأحد عشر شهرا. وكان
لما قوى مرضه، تولى الأمور وتدبير الأحوال بدر الدين لؤلؤ-وكان أستاداره والحاكم فى مملكته. فلما مات الملك قال الأكابر من الدولة:«لا يفوه أحد بموته» .
وخرج بدر الدين لؤلؤ وجلس للناس، وقضى حوائجهم. ثم طلب الأمراء والناس، وأشاع بموته، بعد أن أتقن أمره. وأخرج الملك ودفنه فى مدرسته التى كان أنشأها مقابل داره. وكان نور الدين صاحب الموصل-رحمه الله-ملكا جميلا، جوادا، شجاعا، حسن الوجه، كريم المحيا، كثير البشاشة، كثير الهيبة على أهل مملكته، زائد العدل، لا يستحسن الظلم، يكون مع الضعيف بخلاف القوى، جيد الحيلة والتصرف فى أمور المملكة. وحكى عنه أنه لما توجه إلى نجدة صاحب ماردين حين حاصره الملك الكامل بن العادل وملك الربض منه، فحضر نور الدين إلى نجدته، وضرب مصافا مع الملك الكامل، وكسره. واستقرت قلعة ماردين شاغرة بلا ملك ولا مانع، فقيل له:«املك القلعة، فإنه لم يكن بها من يمنعك» . فقال: «أعوذ بالله أن أغدر بصاحبها، وأكون قد أنجدته من عدوه وأخونه فى ملكه، فيكون مثلى كمثل الرجل مع أبى زريق، وذلك أن رجلا حاز بشعراء فسمع قائلا يقول: بالله عليك أدركنى وخلص فراخى. فنظر وإذا هو الطائر المعروف بأبى زريق، وحيّة التفّت على شجرة، طالعة إلى عشّ له فى تلك الشجرة، تريد فراخه، فرمى الرجل الحية بسهم فقتلها. ثم قال: والله إنك طائر حسن ذكى، لآخذنّ فراخه. فتسلق فى الشجرة يريد أخذ الفراخ. فلما نظر إليه ذلك الطائر وعلم أنه يريد أخذ فراخه.
قال له: يا إنسان قد عملت خيرا فتمه. فتعجب منه، ورجع على نفسه بالملامة. وأنا كذلك إن أخذت هذه القلعة فأكون عملت خيرا وما تميته». ثم إنه نفذ كتابا إلى صاحبها يبشره بالفتح والنصرة على الملك الكامل، ويستقدمه، فقدم، وسلمه قلعته.
ومن مناقبه-رحمه الله-عن مجد الدين ابن الأثير كاتبه قال: «كنت مع نور الدين صاحب الموصل، وكان له سرّادار، وكانت مفاتيح القلعة مع ولد السرادار، ففتح وسرق دراهم لها صورة، فبلغ السلطان ذلك، فسير إلىّ ليلا مع الدوادار أن أكتب كتابا بأن تقطع يد ابن السرادار» . قال القاضى مجد الدين بن الأثير:
«فقلت للدوادار إننى لا أكتب كتابا إلا بين يديه. فراددنى، فامتنعت واعتذرت.
فأحضرنى بين يديه وقال: لم لا كتبت بقطع يد ابن السرادار؟. فقلت: ياخوند، ولم ذلك؟. قال: لأنه سارق. فقلت: مولانا-أحسن الله إليه-عودنى أنى لا أكتب إلاّ بما يجوز فى الشرع. فقال: فكيف السارق ما تقطع يده فى الشرع؟. قلت: هذا سرق من غير حرز. قال: وكيف؟. قلت لأن المفاتيح معه. قال: فإن كان هكذا فجزاك الله عن صحبتك خيرا، منعتنا عن الإثم». ثم لم يذكره بعدها.
قال ابن واصل: وفى هذه السنة قبض السلطان كيكاوس على أخيه كيقباذ.
وكان قد ذكر استيلاء السلطان غياث الدين كيخسرو بن قليج أرسلان السلجوقى على بلاد الروم. ثم هلك غياث الدين، فقام بالملك بعده ولده الملك الغالب كيكاوس.
وفى هذه السنة قصده عمه طغرل شاه وحاصره، فاستنجد بالملك الأشرف، فخاف طغرل شاه، ورحل عن سيواس إلى بلاده. واستقر كيكاوس.