الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر سنة ست وثلاثين وستمائة
النيل المبارك فى هذه السنة
الماء القديم أربعة أذرع وعشرون أصبعا. مبلغ الزيادة ستة عشر ذراعا وثمانية أصابع.
ما لخص من الحوادث
الخليفة المستنصر بالله أمير المؤمنين. والوزير مؤيد الدين بن العلقمى بحاله.
والسلطان الملك الكامل بدمشق. وولده الملك العادل بمصر. والملك الصالح بالشرق. والملوك بحالهم، حسبما ذكرناه فى السنة الخالية.
وفيها توفى السلطان الملك الكامل، رحمه الله تعالى.
ذكر وفاة السلطان الملك الكامل
توفى إلى رحمة الله تعالى ليلة يسفر صباحها عن نهار الأربعاء، حادى عشرين شهر رجب الفرد من هذه السنة. ولا حضر أحد موتته من شدة هيبته، وإنما دخلوا عليه وجدوه ميتا. وكان قد مرض مدة عشرين يوما بالإسهال والسعال، ونقرس كان فى رجليه. ولم يحزن أحد عليه، ولا لبس عليه حداد، وإنما لحقت الناس بهتة.
وكان مولده سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة، وهو أكبر ولد الملك العادل. بعد مودود. وكان العادل قد عهد إليه، لما رأى من عقله وتدبيره وسداده. ووصل من عدله أن ركبدارا شكى أستاذه أنه لم يعطه جامكية ستة أشهر، فأحضر أستاذه، وأنزله عن فرسه، وقلّعه قماشه، وألبسها للركبدار، وألبس الجندى ثياب الركبدار،
وقال: «احمل مداسه واخدمه ستة أشهر» ، فشفع فيه حتى أعفى، وأعطى الغلام حقه، وزاده.
وكان إذا سافر لا يجسر أحد أن يتناول من فلاح بيضة ولا عليقة بغير حقها، وربما شنق من الجند على شئ من ذلك.
وكان لما مرض انقطع أياما، وشنع بموته. ثم انصلح قليلا، فأمر بالسّماط، فمدّ بين يديه، وجلس مجلسا عاما، وأمر بالدخول عليه. وفرح ذلك اليوم فرحا شديدا، وأخلع وأنعم، وأعطى. وتقدمت الأدباء والشعراء وامتدحوه. وأجاز جوائز سنية.
ثم نظر إلى ابن النابلسى، وهو بين يديه جالس، وهو يومئذ صاحب ديوان الإنشاء، فقال له:«وأنت ماذا تقول؟» ، فأنشده على البديهة يقول:
ولما شكوت شكا كل ما
…
على الأرض واعتلّ شرقا وغربا
وتاه بذاك قلوب الأنام
…
ولم يبق للناس عقلا ولبا
لأنك قلب لهذا الزمان
…
وهل صح جسم إذا اعتلّ قلبا
قال: فأعجبه ذلك، ووقع على كل سطر بمائة دينار. ثم انتكس من ليلته.
قال العدل عماد الدين يحيى الحسنى البصرى: حدثنى الخادم مجير الدين خادم السلطان الملك الكامل، قال: طلب منى السّلطان الطست ليتقيأ. قال: فأحضرته. وكان الناصر داود جالسا على الباب، فطلب الإذن للعبور إليه. فقلت للسّلطان:«داود على الباب» . فقال: «ينتظر موتى!» وانزعج. فخرجت وقلت له: «ماذا أوقفك يا خوند؟» فقام وتوجه إلى دار أسامة، وكان نازلا بها. ثم جلست ساعة ودخلت فوجدته قد مات، والطست بين يديه، وهو مكبوب على المخدة، رحمه الله تعالى.
قال ابن واصل فى تاريخه: إن وفاة السلطان الملك الكامل فى سنة خمس وثلاثين.