الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فى آخر شهر رمضان، وحلفنى على أشياء ما تقدر عليها ملوك الأرض، وهو أن آخذ له دمشق وحمص وحماة وحلب والجزيرة والموصل وديار بكر، ويكون له نصف ديار مصر، ونصف ما فى هذه الخزائن التى لملوك هذه الأقاليم. قال: فحلفت له من تحت القهر والسيف، والله مطلع على ضميرى. ولما بلغ العادل من مصر والصالح من دمشق مع بقية الملوك أنه أخرجنى، رماه الجميع عن قوس واحدة، وعزموا على قصده، فكان أول من برز إليه العادل من مصر إلى بلبيس جريدة بالعساكر المقوية، فاختلفوا عليه، وقبضوه يوم الجمعة ثامن ذى القعدة، وأرسلوا إلى الصالح يعرفونه.
وكانت مدة ملك العادل الديار المصرية سنتين وشهورا.
ذكر سلطنة السلطان الملك الصالح نجم الدين أيوب
وذلك لما وصل إليه رسول الأمراء المصريين يستحثونه فى سرعة القدوم عليهم، ظن أن ذلك خديعة من العادل، فسأل الناصر أن يتوجه معه، فأنعم، وسارا جميعا طالبين مصر، مع عسكر الكرك، وجماعة من الأمراء. وكان وصول الملك السلطان الصالح أيوب إلى بلبيس يوم الأحد رابع عشرين ذى القعدة، فنزل فى خيمة العادل، والعادل معتقل فى خركاة.
قال أبو المظفر: قال لى الملك الصّالح أيوب: «ما قصدت مجئ الناصر صاحب الكرك معى إلا خشية أن تكون معمولة علىّ من جهة العادل. ثم إن الناصر
تغيّر علىّ، وطمعت نفسه بالملك، وطمعته حاشيته بذلك، فأراد قتلى، فسلم الله منه». ثم إن الناصر شرب تلك الليلة وطاب ونحن على بلبيس، فشطح إلى عند العادل، فخرج إليه العادل وقبل له الأرض. فقال له:«كيف رأيت ما أشرت به عليك؟» فقال: «يا خوند العفو والتوبة على يديك. وأنا فى جيرتك» . فقال:
«طيب قلبك. الساعة أخلصك» . ثم جاء إلى عندى، فدخل الخيمة، ووقف.
فقلت: «بسم الله اجلس» . فقال: «ما أجلس حتى تطلق العادل الساعة» . فمازلت ألاطفه حتى نام. فما صدقت بنومه [وقمت فى باقى الليل]. ولو أطلقت العادل تلك الساعة ضربت رقبتى ورقبته جميعا. ثم قمت فى باقى الليل، فأخذت العادل فى محفة ودخلت القاهرة أذان الصبح. وبعثت إلى الناصر بعشرين ألف دينار، ورجع من بلبليس إلى الكرك.
وفيها سلم الناصر داود صاحب الكرك القدس الشريف للفرنج، فلم يزل فى أيديهم إلى أن فتحها الله على يد الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن العزيز بن الظاهر ابن السلطان صلاح الدين، فى تاريخ ما يأتى ذكره. فلما عادت دار إسلام كما كانت عليه، فقال فيه بعضهم:
المسجد الأقصى له عادة
…
صارت وسارت مثل سائر
إذا غدا بالكفر مستوطنا
…
أن يبعث الله له ناصر
فناصر ظهره أولا
…
وناصر ظهره آخر