الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ألف دينار وستة وثمانين ألف دينار. وكان نور الدين قد بنى البيمارستان بدمشق فى سنة اثنين وستين وخمسمائة. وكان فى سنة ثلاث قد قطع الفرات، واستولى على الجزيرة والرها، وعاد إلى منبج.
وفى هذه السنة أوصى نور الدين-رحمه الله وبرّد ضريحه، وجعل الجنة مأواه-وعهد إلى ولده الملك الصالح إسماعيل.
الملك الصالح إسماعيل بن الملك العادل محمود
نور الدين الشهيد بن أتابك زنكى
وباقى نسبه قد تقدم.
ولما مات نور الدين-رحمه الله-تحركت الفرنج بكل أرض، وأقام الملك الصالح إسماعيل أياما قلائل، ثم رحل طالبا لحلب، فدخلها وقبض على أولاد الداية.
وكان أولاد الداية أجلّ أصحاب الملك الناصر صلاح الدين. ونفذ قبل ذلك الملك الصالح إسماعيل بن نور الدين إلى صلاح الدين يعزيه فى والده الملك العادل، ويأمره بالخطبة والسكة له، فامتثل ذلك على رغم منه. فلما قبض الصالح إسماعيل على أولاد الداية، وجد صلاح الدين للشر بينهما سبيلا، فجيش وخرج طالبا للشام بسبب الفرنج وتحريكهم. فلما بلغ الفرنج خروج صلاح الدين فى تلك العساكر الكثيفة، سكنوا عما هموا عليه. ثم إن صلاح الدين نزل على دمشق وأخذها-والملك الصالح بحلب-وسلمها لأخيه الملك المعظم عيسى. ثم توجه إلى حلب فحاصر الصالح أياما.
ثم وقع الصلح أن تكون حلب خاصة وأعمالها للملك الصالح إسماعيل بن نور الدين، ويخرج عن سائر الشام. فلما تقرر ذلك عاد صلاح الدين إلى الديار المصرية. وكان قد جعل أخاه الملك العادل سيف الدين أبو بكر نائبا بها، فخرج وتلقاه بأهل مصر من خلف سويس، على طريق قلعة صدر، خوفا من الفرنج.
وفيها كانت زلزلة عظيمة بحلب وبعلبك ونواحيهما، وهلك فيها عالم عظيم.
وانشق جبل لبنان المطل على بعلبك شقا لا يعرف له انتهاء. ودامت الزلازل شهرا، وربما كانت تزلزل فى اليوم والليلة عدة دفعات.
وقيل إن جميع ما ذكرناه فى هذه السنة من وفاة نور الدين، وتمليك ولده الملك الصالح إسماعيل، وخروج السلطان صلاح الدين، وأخذه الشام من الملك الصالح إسماعيل، كان فى سنة سبع وستين، وهو الصحيح. وذلك أن نور الدين لم يمت حتى توفى العاضد صاحب القصر، ووفاة العاضد كانت فى سنة سبع وستين يوم عاشوراء، متفق على صحته.
وفيها كانت فتنة السودان، وكانت فتنة عظيمة. وكان كبيرهم يسمى مؤتمن الدولة خصى. وكان متحكما فى القصر. ولما ثقلت وطأة صلاح الدين أجمع أهل القصر على مكاتبة الفرنج، فسيروا إليهم صحبة رجل جاء وجعلوه مخروزا فى نعله، فقبض عليه وأتى به إلى صلاح الدين، فعمل الحيلة حتى قتل ذلك الخصى فى قصر كان له. ثم ثاروا السودان وكان عدتهم نيف وخمسة آلاف نفر واصطلى بحربهم الأمير ابن أبى الهيجاء. وكانت الحرب بينهم فى بين القصرين يومين. وكانت لهم محلة عظيمة على باب زويلة تعرف بالمنصورية، فأرسل صلاح الدين إليها من أوقع فيها النار والحريق فى أموالهم وأولادهم. فلما بلغهم ذلك ولوا منهزمين، ثم أمّنوا بعد أن قتل منهم جماعة كثيرة.
وفيها توفى قطب الدين [مودود] بن [زنكى] صاحب الموصل إلى رحمة الله تعالى. أوصى بالملك بعده لولده عماد الدين زنكى، سماه على اسم جده، فلم يتم أمره، واستقام الأمر لسيف الدين غازى أخوه، بتدبير فخر الدين عبد المسيح، فإنه كان قام بأمر النيابة بعد [زين الدين] على كوجك، فاتفق مع الخاتون ابنة حسام الدين
تمرتاش جدته، وقرر الأمر لغازى. وتوجه زنكى إلى عمه نور الدين مستنصرا به.
وكان عمر قطب الدين لما توفى نحوا من أربعين سنة. ومدة ملكه الموصل إحدى وعشرين سنة وخمسة أشهر. ولما بلغ نور الدين استيلاء عبد المسيح على الأمور كره ذلك لكره منه له، فتوجه فى سنة ست [وستين وخمسمائة] إلى نحو الرقة، ثم نزل على سنجار وأخذها بعد حصار، وأعطاها لابن أخيه عماد الدين زنكى الذى حضر إليه منتظرا مستنصرا به. ثم توجه ودخل الموصل، واستقر غازى فيها نائبا عنه، وجعل بالقلعة سعد الدين كمشتكين، وقسم تركة قطب الدين بين يديه على الوجه الشرعى.