الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر سنة أربع وثلاثين وستمائة
النيل المبارك فى هذه السنة
الماء القديم استقر على سبعة أذرع. مبلغ الزيادة ثمانية عشر ذراعا وتسع أصابع.
ما لخص من الحوادث
الخليفة الإمام المستنصر بالله أمير المؤمنين. والوزير ابن العلقمى بحاله.
وفيها توجه السلطان الملك الكامل إلى ثغر دمياط، ثم إلى ثغر الإسكندرية فى وجهة واحدة. ووصل إليه ابن الجوزى رسولا من الخليفة، واجتمع بالسلطان فى ثغر دمياط. وعاد ابن الجوزى إلى صاحب الروم، وصحبته رسول من قبل السلطان، وهو الفقيه عبد العظيم المحدث.
وفى شوال توفى صاحب الروم علاء الدين كيقباذ بن كيخسرو السلجوقى، من قبل اجتماعه بالرسل المذكورين.
وفيها وصل الملك الناصر صلاح الدين داود بن الملك المعظم عيسى، وتلقاه السلطان بنفسه إلى منزلة قطيا، وزينت له مصر والقاهرة والقلعة، وسلطنه السلطان. وركب من دار الوزارة إلى القلعة بالسناجق والسيوف. وحمل الملك العادل سيف الدين أبو بكر بن السلطان الملك الكامل الغاشية، راجلا عند ما ركب الملك الناصر. ثم حملها الأمراء بعده، واحدا بعد واحد.
وفى تاسع عشر ذى الحجة زوج السلطان الملك الكامل المذكور ابنته الست عاشوراء من الملك الناصر المذكور.
وفيها مرض الملك الأشرف مرضة شديدة، ثم عوفى.
وفيها سير السلطان الكامل الهيجاوى مع جماعة من الأمراء فى جيش كثيف إلى الساحل.
وفيها وقع الخلف بين الأشرف والسلطان الكامل؛ وذلك أن الملك الأشرف استخدم الخوارزمية الذين كانوا فى عسكر السلطان جلال الدين، وقويت شوكته،
فسير طلب من السلطان الرقة. وكان الملك الكامل لما عزم على أخذ الروم، قال أسد الدين صاحب حمص للأشرف:«متى أخذ الروم تعبنا به، وبقينا بين يديه يقلبنا كيف شاء» ، فاتفقا عليه. وفهم الكامل منهما ذلك، فعجل فى عودته إلى مصر-حسبما تقدم من الكلام. وبعث الأشرف يقول له:«أخذت الشرق منى وأعطيته لولدك. وقد افتقرت. وإيش هى دمشق إلا بستان؟ ومالى فيها رزق» .
فبعث إليه الكامل بعشرة آلاف دينار، فردها الأشرف عليه، وقال:«أنا أعطى هذه لأمير عندى» . فغضب الكامل وقال: «إيش يعمل الأشرف بالملك؟ تكفيه عشرته للمغانى، وتعليمه صناعتهم» . فبلغ ذلك الأشرف فقال: «والله لأعرفنّه قدره» . وأرسل إلى حلب وحماة وبلاد الشرق. واتفق الملوك معه على الأذية للكامل. وبلغ الملك الكامل فخاف خوفا كثيرا، لما كان يعلمه من الأشرف.
ولو استمرت حياة الأشرف سنة أخرى انفسد حال الكامل، لكن إذا أراد الله أمرا بلغه. وكان هذا الخلف وقع فى أواخر هذه السنة. وتوفى الأشرف-رحمه الله فى سنة خمس وثلاثين، حسبما يأتى من ذكر ذلك فى تاريخه، إن شاء الله تعالى.
ولما بلغ الكامل موت الأشرف سجد شكرا لله عز وجل، وقال:«والله لقد كنت أيقنت بخروج الملك عنى» . فقيل له: «لك من باب الموصل إلى باب اليمن، فإيش كنت تلتفت به» . فقال: «دعوا هذا الكلام، فإنه كان كريما شجيعا، وهاتان خصلتان ما معهما حديث» .
وفى شهر ربيع الأول من هذه السنة، ولد الملك المغيث فتح الدين عمر بن العادل أبو بكر بن السلطان الملك الكامل.
وفيها توفى الملك العزيز بن الملك الظاهر [غازى] بن الملك الناصر صلاح الدين [يوسف] بن أيوب. وهو ابن بنت الملك العادل الكبير سيف الدين أبو بكر
ابن أيوب، حسبما سقناه. ومات ولم يكمل أربع وعشرين سنة. ووصل زين الدين ابن الأستاذ، وابن أبى الهيجاء إلى السلطان، وأخبراه بموته، وعمل السلطان عزاه.
وقام بالمملكة الحلبية الملك الناصر يوسف-الذى قتله هلاوون-حسبما يأتى من ذكر ذلك فى تاريخه، إن شاء الله تعالى.
وفيها توفى الملك كيقباذ علاء الدين بن كيخسرو بن قليج أرسلان بن مسعود ابن قليج أرسلان بن سليمان بن قتلمش بن سلجوق، ملك الروم. وكان ملكا عاقلا شجاعا ميمونا فى حروبه، كسر الخوارزمية، واستولى على الشرق. وقام بمملكة الروم ولده غياث الدين.
وفيها ملك الملك الصالح نجم الدين أيوب بن السلطان الملك الكامل سنجار ونصيبين والخابور.
وفيها نزل التتار على إربل، وحاصروها، وملكوا المدينة عنوة بالسيف، وقتلوا منها خلقا كثيرا، وتحصن العسكر بالقلعة، وقاتلوا قتالا عظيما، وعجز التتار عنها، ورجعوا خائبين.
وفيها سير السلطان الملك الكامل الفقيه أفضل الدين [محمد] الخونجى إلى بلاد الروم، يعزى السلطان غياث الدين بأبيه علاء الدين كيقباذ المتوفى. وسير معه ذهبا برسم الصدقة، وثياب أطلس برسم أغشية الضريح. وكان ذلك استجلابا منه له، ليحرفه عن الأشرف.