الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر سنة أربع وتسعين وخمسمائة
النيل المبارك فى هذه السنة
الماء القديم أربعة أذرع وعشرون أصبعا. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذراعا وستة عشر أصبعا.
ما لخص من الحوادث
الخليفة الإمام الناصر لدين الله أمير المؤمنين، مستمر الأحكام، مطاع الأمر، والملك العزيز صاحب مصر، وكذلك بقية الملوك.
وفيها نزلت الفرنج-خذلهم الله تعالى-على تبنين، وحاصروها. فلما بلغ الملك العزيز ذلك، خرج بالجيوش لدفعهم عنها. فعند ما أطلت أعلامه عليهم رحلوا عن البلد صاغرين. وكان الملك العادل عنده، قد أتاه زائرا لابنته زوجة العزيز.
وفى هذه السنة كانت الوقعة العظيمة بين السلطان غياث الدين محمد بن سام وأخوه شهاب الدين الغورى، وبين ملك الهند. وذلك أن شهاب الدين الغورى كان قد كسر قبل ذلك من ملك الهند. ثم إنه اتفق مع أخيه صاحب الغور وسارا طالبين ملك الهند، فلما قاربا، قال رجل شيخ لشهاب الدين الغورى:«لا ينبغى أن تقدم عليهم فى بلادهم مع كثرتهم؛ وقد جرى لك معهم ما جرى» . فقال:
«والله إنى منذ كسرونى ما نمت مع زوجتى، ولا غيرت ثياب البياض، وها أنا سائر إليهم ومعتمدا على الله عز وجل، وإن نصرنى نصر دينه، وكان ذلك من فضله، وإن هزمونى فلا تطلبونى فإنى لا أنهزم بل أموت كريما» . فلما قاربهم خرجوا إليه، فأظهر الهزيمة، وهم فى أثره إلى أن قاربوا بلاد الإسلام. ثم عبأ أصحابه فى بعض الليالى،
وكبسهم بغتة، فقتلهم قتلا ذريعا، إلا من هرب منهم. وكانت نصرة عظيمة.
وهذه الوقعة لم يكن ملك الهند فيها. فلما بلغه ما جرى على أصحابه جمع جيوشه، وكان فى جملتها سبع مائة فيل حربية، وعدة جيشه ألف ألف مقاتل. وقصد بلاد الإسلام، فسار شهاب الدين الغورى من غزنة لملتقاه، وكان فى مائة ألف وعشرين ألفا، والتقيا. وصبر المسلمون على قتال المشركين، ونصر الله دينه، وخذل الكفرة عبّاد النار والأحجار. وكثر القتل فيهم حتى امتلأت تلك الصحارى والفلوات.
وأما الأفيلة فقتل بعضها، وانهزم بعضها. وقتل ملك الهند فى تلك الوقعة. ثم إن شهاب الدين دخل إلى عظيم بلاد الهند وملكها، وحمل من خزائنها ألف وأربع مائة حملا ذهبا، وعاد إلى غزنة وصحبته الأفيلة برجالها، وفيهم فيل أبيض. وحكى ابن واصل فى تاريخه عن الشيخ تاج الدين بن الساعى أن هذا الفتح كان فى سنة تسعين وخمسمائة.
ولما اتفق الملك العزيز والملك العادل على إخراج الملك الأفضل من دمشق، ونفيه إلى صرخد، كتب [الأفضل] إلى الإمام الناصر يتظلم منهما، ويقول:
مولاى: إن أبا بكر وصاحبه
…
عثمان أحاطا بالسيف إرث على
فانظر لصاحب هذا الاسم كيف لقى
…
من الأواخر ما لاقى من الأولى
وهذان البيتان ضمنهما آخر مطالعته للإمام الناصر فأجابه فى آخر مكاتبته:
وافى كتابك يا بن يوسف معلنا
…
بالودّ يخبر أن أصلك طاهر
غصبوا عليّا حقه إذا لم يكن
…
بعد النبىّ له بيثرب ناصر
فاصبر فإن غدا عليه حسابهم
…
وابشر فناصرك الإمام النّاصر
ثم لم يزل الأفضل مهجّجا من كل مكان حتى ملك فى آخر وقت مدينة سميساط.
ومات بها فى تاريخ ما يأتى ذكره إن شاء الله تعالى.