الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر سنة ستين وخمسمائة
النيل المبارك فى هذه السنة
الماء القديم خمسة أذرع وخمسة عشر أصبعا، مبلغ الزيادة سبعة عشر ذراعا وسبعة عشر أصبعا.
ما لخص من الحوادث
الخليفة المستنجد بالله أمير المؤمنين. وبنو سلجوق الحكام، وأمرهم فى هذه السنة راجع منهم إلى السلطان ألب رسلان السلجوقى. والعاضد صاحب مصر، والوزير شاور إلى أن قتل فى هذه السنة، على ما ذكر صاحب تاريخ سير النيل المصرى.
وذلك أن أسد الدين شير كوه كان فى قلبه من شاور دخول عظيمة، لما كان قد أسلفه من الإساءات، حسبما تقدم من ذكر ذلك. ونظر إلى ديار مصر فوجدها ليس بها مانع ولا دافع غير شاور، فاستشار صلاح الدين واتفقا على تدبير الحيلة على قتل شاور. وكان أسد الدين مبرزا على مسجد التبن، وادعى أنه مريض وشارف على الموت، وأنه يقصد الاجتماع بشاور ليتفق معه على عود العساكر إلى الشام، ويستوثق منه بالأيمان أن لا يغدر بجيوش الإسلام ويكاتب عليهم الفرنج كما فعل من قبل. فلم يثق شاور حتى نفذ حكيما يثق به لينظر صحة ما ادعاه أسد الدين. فلما أتى الحكيم خلا به صلاح الدين، وقال له: «يا حكيم! أنت تعلم أن أهل مصر عادوا فى قبضة الفرنج متى شاءوا، مادام هذا الوزير شاور. وقد رأيتم يا أهل مصر ما حل بكم من الفرنج، ونحن إن عدنا إلى الشام بعيد علينا أن نرجع إليكم، والمصلحة أن تتفق معنا على صلاح أحوال أهل بلدك.
وهذه ألف دينار استعن بها. وعهد الله وميثاقه أن تكون عندنا العزيز المكرم،
بخلاف ما أنت عليه الآن، وتحتال معنا على حضور شاور إلينا. وههنا شخص من أصحابنا على خطة الموت، انظره وخبر عنه إذا حلفت». قال: فلما عاد الحكيم، وعرّف شاور بأنه عاينه على التلف، وثق شاور، وطمع فى جيشه، وركب وأتى إليه، فوثب عليه جرديك وبرغش -موليا نور الدين-فقتلاه بإشارة صلاح الدين لهما فى ذلك. وقيل إن أول من بسط يده بالقبض عليه صلاح الدين، وأن شاور لم يقتل فى الساعة الراهنة حتى حضر توقيع من العاضد على يد خادم خاص بقتل شاور، وإنفاذ رأسه، ففعل به.
ثم خرجت الخلع بالوزارة لأسد الدين شيركوه، ونعته العاضد بالملك المنصور.
فكانت مدة وزارته ثمانية أشهر، وتوفى إلى رحمة الله تعالى. وولى صلاح الدين الوزارة، ونعته العاضد بالملك الناصر.
وكان سبب موت أسد الدين أنه كان يحب أكل اللحوم الغليظة، مثل لحوم البقر والخيل والنعام وما أشبه ذلك، فلحقه من ذلك خانوق حتى قتله.
وكان صلاح الدين فى مبتداه قليل المال والرجال، صاحب أكل وشرب وطرب، فلما فتح الله عليه بالملك تاب عن جميع ذلك. وظن العاضد أن الأمر لا يستقيم له بعد أسد الدين، لما كان يعلمه منه، فأبى الله إلا أن يملكه الأرض، ويفتح على يديه الفتوحات. وكان ذلك فى سنة أربع وستين وخمسمائة، وإنما ذكر تلاوة على النسق.
وتوفى أسد الدين شيركوه يوم الأربعاء الثانى والعشرين من جمادى الآخرة سنة أربع وستين وخمسمائة، كما يأتى من ذكر تمليك صلاح الدين فى تاريخه إن شاء الله تعالى.
وفيها توفى الوزير عون الدين بن هبيرة، رحمه الله.