الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر سنة ست وثمانين وخمسمائة
النيل المبارك فى هذه السنة
الماء القديم خمسة أذرع وخمسة وعشرون أصبعا. مبلغ الزيادة ثمانية عشر ذراعا وأربعة أصابع.
ما لخص من الحوادث
الخليفة الإمام الناصر لدين الله أمير المؤمنين مستمر الحكم، مطاع الأمر فى أقطار الأرض. والسلطان صلاح الدين سلطان الإسلام بالديار المصرية وما معها، وهو فى حرب الفرنج على عكا حسبما تقدم من الكلام فى السنة الخالية. وحصار عكا باق من جهة الملاعين. وكانوا قد بنوا أبرجة عظيمة بظاهر عكا، وعادوا يقاتلون أهلها من عليها. فلما كان ظهر يوم السبت ثامن عشر ربيع الأول من هذه السنة أحرقت أهل عكا تلك الأبرجة بالنفط. وعظم ذلك على الفرنج، كأنهم كانوا استظهروا عليهم بها.
وفيها وصل إلى خدمة السلطان صلاح الدين جماعة من ملوك الإسلام، وهم: الملك العادل عماد الدين زنكى بن مودود، وابن أخيه معين الدين سنجر شاه، والملك السعيد علاء الدين صاحب الموصل، [وزين الدين يوسف] صاحب إربل. وكان فى ذلك حروب ومناوشات بين الفريقين، وقتل من الطائفتين خلق عظيم. هذا والرسل تتردد بينهم، وكل من الجمعين خائف من الآخر. وكان السلطان صلاح الدين رجلا مسلما، ساذج الباطن، مستسلم النية، كثير الدين، خال من المكر والخداع، صادق القول، عديم الكذب والسفه. وكان الفرنج يتحققون منه ذلك، فعادوا يشغلونه بالمراسلات والمواعيد الكاذبة، ويسوفوا به الأوقات إلى حين تعافى
ملكهم من علته، فعادوا وغدروا فى جميع ما قرروه بينهم، وجدّوا فى حصار عكا.
وكان ذلك بعد مضى سنة ست وثمانين، ودخلت سنة سبع وثمانين وخمسمائة.
وفيها وصل إلى أنطاكية ابن ملك ألمان نجدة للفرنج. وكان أبوه قد خرج من بلاده فى مائتى ألف مقاتل من أول سنة ست وثمانين. ووصلت الأخبار إلى السلطان بذلك، فضاق صدره لذلك. وعبروا على قسطنطينية، ولم يقدر ملك الروم على دفعهم. وكذلك دخلوا فى بلاد الروم بقونية، وحصل بين صاحب الروم وبينهم مصافا، فكسروه، وقتلوا شجعانه، وقالوا له:«لسنا نريد بلادك» ، فهادنهم.
وآخر الأمر، أن الله تعالى كفى شرهم، ورمى فيهم المرض والموت، وهلك طاغيتهم.
وأوصى لولده، ولم يصل إلى أنطاكية إلا فى دون الخمسة آلاف من مائتى ألف، فهذا تأييد إلهى لأمة محمد صلى الله عليه وسلم.