الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأربعين وخمس مائة. وجلس للأمر وله يوم ذلك عشرة سنين وأشهر. وكانت خلافته إسما له، وجسما ورسما للصالح بن رزيك. ثم إنه أخرج المسجونين، وسامح بالأموال والبواقى، فكانت جملة ذلك أحد عشر ألف ألف وستمائة ألف وثمانين ألف وأربعة عشر دينارا. واستمر الصالح، وقويت حرمته، وزادت هيبته، وعظم، وتزوج العاضد ابنته، فاغتر بطول السلامة. وكان العاضد تحت قبضته وفى أسره، فلما طال عليه ذلك عمل على قتله، فقتل كما يأتى ذكر ذلك فى تاريخه إن شاء الله تعالى.
نكتة
قيل إن هؤلاء القوم فى أوائل دولتهم، قالوا لبعض العلماء فى ذلك الوقت:
«اكتب لنا ورقة تذكر فيها ألقابا تصلح لألقاب الخلفاء، حتى إذا ولى منا أحد لقب ببعض تلك الألقاب» . فكتب لهم ألقابا كثيرة، وآخر ما كتب فى الورقة «العاضد» ، فاتفق أن آخر من ولى منهم الملقب بالعاضد. وهذا من عجيب الاتفاق.
والعاضد فى اللغة القاطع، يقال عضدت الشئ فأنا عاضد له إذا قطعته، فكأنه قاطع لدولتهم.
وكان العاضد شديد الرفض، متغاليا فى سب الصحابة، رضوان الله عليهم أجمعين، وإذا رأى سنيا أو سمع به أراق دمه.
نكتة أخرى
روى أن العاضد فى آخر دولته رأى فى منامه أن قد خرجت عليه عقرب من مسجد من مساجد مصر معروفا، فلدغته. فلما استيقظ-وهو مرتاع لذلك-فطلب
معبرى الرؤيا، وقص عليهم المنام، فقيل:«ينالك مكروها من شخص هو مقيم فى هذا المسجد» . وطلب متولى مصر فقال: «يكشف عن من هو مقيم بمسجد كذا وكذا -وكان العاضد يعرف كل مسجد بمصر-فإذا رأيت به أحد فاحضره إلى عندى» .
فمضى الوالى وأحضر رجلا صوفيا. فلما رآه العاضد سأله، من أين هو ومتى قدم.
وهو يجيب عن كل سؤال. فلما ظهر له منه الضعف والصدق والعجز عن إيصال مكروه إليه، أطلق سراحه، وعاد الرجل إلى مسجده. فلما استولى السلطان صلاح الدين، وعزم على القبض على العاضد، واستفتى فيه الفقهاء، وأفتوه بجواز ذلك، لما كان عليه من انحلال العقيدة، وفساد الاعتقاد، وكثرة الوقوع فى حق الصحابة، والإشهار بذلك، فكان أكثرهم مبالغة فى الفتيا والتصميم على زوال أمر العاضد ذلك الشخص الصوفى الذى كان فى ذلك المسجد، وهو الشيخ نجم الدين الخبوشانى، فإنه عدد مساوئ القوم، وسلب عنهم الإيمان جملة، وأطال فى ذلك.
وبنى الأمر على قوله وفتياه. فصحت بذلك رؤيا العاضد، والله أعلم.