الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر سنة أربع وستين وخمسمائة
النيل المبارك فى هذه السنة
الماء القديم ستة أذرع وثمانية أصابع، مبلغ الزيادة ثمانية عشر ذراعا فقط.
ما لخص من الحوادث
الخليفة المستنجد بالله أمير المؤمنين.
وبنو سلجوق الحكام على بلاد العجم والروم.
والعاضد صاحب القصر [فى مصر]. وشاور الوزير، إلى أن قتل فى هذه السنة على يد صلاح الدين بإشارة أسد الدين، يوم الأربعاء سابع ربيع الآخر. ووزر أسد الدين الديار المصرية، حسبما تقدم من ذكر ذلك. قلت: وللفقيه عمارة اليمنى -الشاعر الموصوف-فى شاور عدة مدائح، فمن جملتها يقول:
ضجر الحديد من الحديد وشاور
…
من نصر دين محمد لم يضجر
حلف الزمان ليأتين بمثله
…
حنثت يمينك يا زمان فكفر
وفى هذه السنة كان الحريق بمصر، وأحرق الجامع العتيق. وكان سببه النصارى، لما أنكى فيهم الحاكم من منعهم ركوب الخيل والبغال، وتعليق الصلبان الخشب الثقال فى حلوقهم، وبناية المساجد والمآذن على كنائسهم، وهدم منها عدة.
فتجمعوا فى الباطن، واتفقوا على حريق الجامع، والآدر الكبار المتعينة، والأرباع، فكان حريق عظيم ما شهد مثله. وقيل إن سبب تذكر النصارى هذا الأمر بعد طول هذه المدة، أنه تولى عليهم فى هذه السنة بطركا يعظمونه عندهم، فحثّهم على ذلك ففعلوه، حتى مسك منهم جماعة، وقطعت أيديهم وأرجلهم. وقصد صلاح الدين استئصال النصارى واليهود جملة كافية، فلم يقدر على ذلك كونه كان فى أول مبتدأ
أمره ووزارته، ولكل قادم دهشة. وذلك أن أسد الدين لم يقم فى الوزارة غير أربعة أشهر، وقيل ثمانية أشهر على اختلاف الرواة فى ذلك، وتوفى إلى رحمة الله تعالى فى تاريخ ما تقدم، ووزر صلاح الدين، حسبما تقدم أيضا، واستمر حاله.
ولما توفى أسد الدين وقام بالأمر صلاح الدين عمل عماد الدين الكاتب [قصيدة] رثى فيها أسد الدين، وهنأ بصلاح الدين، أولها منها:
ما بعد يومك للمعنّى المدنف
…
غير العويل وحسرة المتأسّف
ما أجرأ الحدثان كيف عدا على الأ
…
سد الهصور عدا، ولم يتوقف
لا نستطيع سوى الدعاء فكلنا
…
إلا بما فى الوسع غير مكلّف
وفى سنة أربع وستين ملك نور الدين قلعة جعبر أخذها من صاحبها شهاب الدين مالك العقيلى. وكانت بنو كلب قد استأسروه، وأتوا به نور الدين، فلم يزل يلطف به وعوضه عنها عدة بلاد، حتى سلمها لنور الدين. وكانت قلعة جعبر لم تزل فى يد هؤلاء القوم من حين سلمها لهم جلال الدولة ملكشاه، لما أخذها من صاحبها جعبر، وكان شيخا أعمى [من بنى قشير يقال له جعبر بن مالك]، وله ولدان كانا يقطعان الطريق ويخيفان السبيل فقتلهما وسلم القلعة للعقيليين فلم تزل فى أيديهم إلى هذه السنة، فأخذها نور الدين من صاحبها المذكور حسبما ذكر.