الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر سنة تسع وسبعين وخمسمائة
النيل المبارك فى هذه السنة
الماء القديم سنة أذرع، وأحد وعشرون أصبعا. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذراعا وأحد وعشرون أصبعا.
ما لخص من الحوادث
الخليفة الإمام الناصر لدين الله أمير المؤمنين مستمر الملك، نافذ الأحكام.
والسلطان صلاح الدين سلطان الإسلام بالديار المصرية وما معها، وهو بلاد الشرق.
فيها فتح [السلطان صلاح الدين] آمد وملّكها لنور الدين محمد بن قرا أرسلان صاحب حصن كيفا.
ثم عاود [صلاح الدين] النزول على حلب، وفتحها، وملكها فى صفر. وكان القاضى محيى الدين بن زكى الدين قاضى القضاة بدمشق، فكتب إلى السلطان صلاح الدين يهنيه بالفتح، بقصيدة من جملتها يقول:
وفتحكم حلبا بالسيف فى صفر
…
مبشر بفتوح القدس فى رجب
فكان الأمر كذلك. ومدح السلطان صلاح الدين القاضى السعيد بن سناء الملك، بقصيدة يقول فى أولها:
بدولة الترك عزّت ملّة العرب
…
وبابن أيوب ذلّت شيعة الصلب
وفى زمان ابن أيوب غدت حلب
…
من أرض مصر وعادت مصر من حلب
ولابن أيوب دانت كل مملكة
…
بالصفح والصّلح أو بالحرب والحرب
مظفّر النصر مبعوث بهمته
…
إلى العزائم مدلول على الغلب
والدهر بالقدر المحتوم يخدمه
…
والأرض بالخلق والأفلاك بالشّهب
وتجتلى الخلق من راياته همما
…
مبيضّة النصر مصفرّة العذب
ومنها:
بك العواصم طابت بعد ما خبثت
…
بمالكيها ولولا أنت لم تطب
فليت كل صباح در شارقة
…
فذا ليل فتى الفتيان فى حلب
ولما فتح السلطان حلب طلبها منه أخوه الملك العادل، فأحضره من ديار مصر، وسلمها له، فلم تزل فى يده إلى سنة ثمانين، فخرج عنها وسلمها للملك الظاهر، حسبما نذكر.
وملك السلطان فى هذه السنة حارم، وعاد إلى دمشق مؤيدا بالنصر، وقد عاد ملك العصر. واستدعى الملك العادل سيف الدين أبو بكر من الديار المصرية، وملكه حلب. ونفذ الملك المظفر تقى الدين عمر ابن أخيه إلى مصر نائبها بها عنه.
وفيها ظهر بقرية من قرى ديار مصر تعرف ببوصير السدر بيت هرمس الثانى، ووجدوا فيه أشياء كثيرة، من جملتها كباش وضفادع معادن مصنوعة، وقوارير دهنج، وفلوس نحاس فيها فضة، وأصنام من نحاس، وموتى عدة خمسة آلاف نفر-رجال ونساء-وأكفانهم سالمة لم تبل. وسفى السافى على الباقى فلم يصلوا إليه.
وفيها عزم السلطان على فتح القدس الشريف، فإنه لم يبق بالوجه القبلى من البلاد بأيدى الفرنج غيره وعكا وصيدا، وقليل من بلاد الساحل، فاهتم لفتحهم غاية الاهتمام، كما يأتى من شرح ذلك.
وفيها توفى تاج الملوك بورى بن أيوب، أخى السلطان صلاح الدين. وكان جرى على حلب فتوفى منه فى ثالث وعشرين صفر من هذه السنة، رحمه الله تعالى.
وكان عمره اثنتين وعشرين سنة. وكان فاضلا، أديبا، شاعرا، وله ديوان شعر، فمن ذلك فى ذكر الصوم على سبيل المداعبة، يقول:
رمضان بل مرضان، إلا أنهم
…
أخطوا إذا فى قولهم وأساءوا
مرضان فيه تخالفا، فنهاره
…
سلّ، ولكن ليله استسقاء