الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة الطبعة الجديدة
الحمدُ لله رب العالمين، والصلاةُ والسلام على نبيه الكريم، وعلى آله وصحبه الغرِّ الميامين، ومن اتّبعهم بإحسان إلى يومِ الدين، (يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ. إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ).
أما بعد، فهذه هي الطبعة الجديدة للمجلد الأول من كتابي "مختصر صحيح البخاري"، تصدر أخيراً بعد تَمنًّ وصبر طويلين، ومرور قرابة ربع قرن على صدور الطبعة الأولى منه! ولقد كانت لي خلال هذه السنين الطويلة - بطبيعة الحال- ملاحظات، وزيادات هامة، وتصويبات، منها ما لم يتيسر لي إضافته أثناء طباعة الطبعة الأولى، لا سيما وقد رافقت طباعته صعوبات وعقبات جمة، كنت أشرت إلى بعضها في مقدمة الطبعة المذكورة (1)، ولا أدَلً على ذلك من تلكم الاستدراكات والتصويبات التي في آخرها، والتي كانت أُلحقت بآخر المجلد بعد أن تم طبعُه، وكان قد وقع فيها أكثر من عشر صفحات
(1) وقد أعدنا نشرها في هذه الطبعة الجديدة، فانظر (ص 10).
بيضاء! وذلك في ظروف صعبة، وعقبات كأْداء، وللأسف فقد تتالت الطبعات بعد ذلك ثانية وثالثة ورابعة وخامسة
…
دون علمي، بل ولا إذن مني.
والناشر وإن حاول أن يضيف الاستدراكات ويصحح التصويبات في الطبعات التالية، فلم يكن موفقاً في ذلك كما ينبغي، والله المستعان.
أعود للقول
…
إنه كانت لي خلال هذه السنوات الطويلة ملاحظات وزيادات هامة؛ كتعديل بعضها، أو إضافة زيادات أخرى، وفوائد كثيرة نافعة؛ حديثية وفقهية ولغوية ونحوها، فكنت أضيفها في حينه على نسختي الخاصة، وقد تجمع لي منه الكثيرُ الطيبُ والحمد لله، إلى أن تهيأت الأسبابُ وتيسرت السبلُ- بفضل الله- لإعادة طباعته، وخدمته بما يليق بأهميته، وكما نريد، فكان أن صدر المجلد بهذه الصورة التي نحسبها إن شاء الله جيدة قلباً وقالباً.
ولعله يحْسُن بنا أن نشير هنا إلى أن الدارس للمجلد في طبعته الأولى؛ سيجد في هذه الطبعة الجديدة آثاراً واضحة، وفروقاً متميزة تظهر جلية لمن تيسرت له المقابلة بينهما، ولو في شيء يسير منها، ولا بأس من الإشارة إلى
أهمها:
1 -
نقل الاستدراكات والتصويبات كلها المطبوعة في نهاية الكتاب إلى أماكنها من صلب الكتاب، مع عمل ما يلزم من تعديل.
2 -
نقل جميع التعديلات والزيادات من نسختي الخاصة بما فيها حذف المكرر، ونقل الزيادات من الحديث الحذوف إلى الآخر المثبت، إذا لزم الأمر.
3 -
تبع هذا تعديل أرقام الأحاديث المسندة ابتداء من أول حديث حُذف، وتبع هذا أيضاً تعديل أرقام الأحاديث في كثير مما ورد ضمن جملة (قلت: أسند فيه الحديث
…
)، وكذلك ما لزم منه في الحاشية.
4 -
طرأ تعديل طفيف على أرقام الأحاديث المعلقة خصوصاً بعد تحويل حديث واحد معلق كان برقم (168) إلى مسند أصبح رقمه (527)، وكذلك طرأ تعديل طفيف على أرقام الآثار.
5 -
تمييز الأحاديث المسندة والمعلقة والآثار بأرقامها وحروف متونها من حيث نوع الحرف وقياسه مع الهوامش التابعة لها على غرار ما في المجلد الثاني والثالث، وما سيجري عليه العمل في المجلد الرابع، إن شاء الله تعالى.
6 -
مقابلة الفهرس الجديد بالفهرس القديم، ومطابقته حتى ينسجم مع صورة الكتاب النهائية الجديدة، وتعديل ما يلزم من حذف وإضافة مع تدقيق الأرقام المتسلسلة بكل أنواعها، وقد يكون نَدَّ عنا شيء من ذلك؛ فمعذرة، فإنها من طبيعة البشر.
ولقد قام بالجهد الأكبر في تصحيح تجارب هذا المجلد، وتجميع مواد هذه المقدمة ابنتي الكبرى أثابها الله، وجزاها خيراً في الدنيا والأخرى.
ولا يفوتني بهذه المناسبة أن أشكر بعض إخواننا الذين كانوا شاركوا في بعض الأعمال التصحيحية وغيرها.
وأشكر بصورة خاصة الأخ الفاضل عمر بن عابد المطرقي الذي كان قدم إلي
وأنا في السعودية في عمرة جمادى الآخرة سنة (1410) بياناً فيه أرقام الأحاديث المكررة، وقد أصاب في أكثرها، فاستفدتها منه، فحذفتها، وقد كنت انتبهت لبعضها أثناء المراجعة، فأشكره على تتبعه إياها، وصبره على ذلك، أثابه الله، وأحسن إليه، فإن المرء قوي بأخيه.
هذا، ولعله مما يحسن التنبيه إليه أنه سيمر بالقارىء الكريم عزوي كثيراً لكتابي "صحيح أبي داود"، وربما أحياناً لقسيمه "ضعيف أبي داود" - بالأرقام طبعاً- لأحاديثهما فليُعلم أنني إنما أعني بكل منهما (الأم) والأصل الذي أُخرج فيهما الأحاديث، وأتكلم على الأسانيد ورجالها تعديلاً وتجريحاً، وتصحيحاً وتضعيفاً، وأتتبع فيهما الطرق في مختلف المصادر حتى المخطوطات أحياناً، على النحو الذي أنهج عليه في (السلسلتين)، وهما المقصودان أيضاً في كل كتبي حين العزو إليهما. فاقتضى التنبيه.
وختاماً أسال الله تعالى أن ينفع بهذا "المختصر" لأصح كتاب- بعد كتاب الله- على وجه الأرض بعد أن يسر اللهُ- وله الفضل والمنة- تقريبَه بين يدي الأمة، خاصتها وعامتها، وبما عليه من تخريج للتعليقات المرفوعة، وتمييز صحيحها من ضعيفها، وغير ذلك من الفوائد، وأن يدَّخر أجرها لي إلى {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ. إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} ، إنه هو البرّ الرحيم.
عمان- 12 شعبان سنة 1416
محمد ناصر الدين الألباني