الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم شاء الله تعالى أن يتولى طباعته صاحبنا الأخ الفاضل الأستاذ زهير الشاويش، واتخذت الاستعدادات اللازمة لذلك، من إحضار أنواع من الحروف والخطوط، ليطبع الكتاب على نمط يسهل على القارئ معرفة أنواع الأحاديث التي فيه، من مسندة موصولة، ومعلقة مرفوعة، وآثار موقوفة، كما يميز تخريجاتي وتعليقاتي عليه.
وبوشر بطبعه عام 1394 هـ ببطء شديد، ثم طبع في بيروت سنة 1399 هـ، وجرت أمور مؤلمة أفقدتنا الكثير من ملازم الكتاب، مما اضطر معه الأخ زهير إلى تصوير ما فقد من الملازم والكراريس، فاستطاع- والحمد لله- أن يعيد الكتاب في جزئه الأول كاملاً، راجين من الله تعالى أن ييسر له إخراجه إلى الناس عاجلاً.
منهجي في اختصار الكتاب:
لقد سلكت في اختصار "صحيح الإِمام البخاري" رحمه الله منهجاً علمياً دقيقاً، أظنُّ أني أتيت به على جميع متون أحاديث البخاري وآثاره وكتبه وأبوابه، ولم يفتني شيء من ذلك إن شاء الله تعالى، إلا ما لا بد منه مما هو من طبع البشر.
وتفصيل ذلك فيما يلي:
1 -
حذفت أسانيد أحاديثه كلها، ولم أُبْقِ منها إلا اسم الصحابي راوي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة، اللهم إلا ما لا بد منه من الرواة الذين قد تدور
القصة عليهم، ولا تتم الرواية إلا بذكرهم ممن دون الصحابي.
2 -
من المعلوم عند العارفين بـ "صحيح البخاري" أنه يكرر الحديث في كتابه ويذكره في مواطن عديدة وكتب وأبواب مختلفة، وبروايات متعددة، ومن أكثر من طريق واحدة أحياناً، مطولاً تارة، ومختصراً أخرى، وبناء عليه فإِنني أختار من الروايات المكررة أتمها وأكملها، وأجعلها هي الأصل في "المختصر"، ولكنني لا أُعرض عن الروايات الأخرى، بل أجري عليها دراسة خاصة، باحثاً فيها عما إذا كان في شيء منها فائدة أو زيادة ما لم تَرِد في الرواية المختارة، فآخذها وأضمها إلى الأصل. ثم إن الضم المذكور يكون على صورة من صورتين:
الأولى: إذا كانت الزيادة تقبل الانضمام إلى مكانها اللائق بها من الأصل، وتنسجم مع السباق والسياق منه بحيث لا يشعر القارئ الأديب بأنّها زيادة، وضعتها في مكانها بين قوسين معقوفين هكذا [] على نحو ما جريت عليه في بعض مؤلفاتي، مثل "صفة الصلاة"، و"حجة النبي صلى الله عليه وسلم "، و"أحكام الجنائز" وغيرها.
والصورة الأخرى: إذا كانت الزيادة لا تنسجم مع السباق والسياق، فحينئذ أجعلها بين هلالين، قائلاً:(وفي روايةٍ: كذا وكذا)، وإذا كانت هذه الرواية من طريق أخرى عن صحابي الحديث قلت:(وفي طريقٍ) أو: (وفي طريقٍ ثانٍ)، وإذا كان هناك زيادة أخرى من هذا النوع من طريق ثالث قلت (وفي طريقٍ ثالثة) وهكذا، والغرض من ذلك واضح، وهو إفادة القارئ بأخصر
عبارة بأنّ الحديث ليس غريباً فرداً عن الصحابيّ المذكور. وفي كل من الصورتين أضع رقم الجزء والصفحة من طبعة استانبول سنة (1315 هـ) - وهي الطبعة التي اعتمدناها في هذا المختصر- في آخر الزيادة قبل الهلال أو القوس المعقوف.
3 -
ثم إن أحاديث "الصحيح" من حيث أسانيدها قسمان معروفان عند العلماء:
الأول: الأحاديث الموصولة، وهي التي يسوقها المؤلف بأسانيدها المتصلة منه إلى رواتها من الصحابة، ويدخل في هذا القسم بعض الآثار الموقوفة على الصحابة أو غيرهم.
والآخر: الأحاديث المعلقة، وهي التي لا يسوق المؤلف أسانيدها أصلاً، أو يسوق بعضها من أعلاها بأن يعلقه على الصحابي أو مَنْ دونَه، إلى أن يكون أحياناً آخرُ رجل في السند هو شيخَ البخاري، أو شيخَ شيخه.
فهذا القسم نوعان: مرفوع، وموقوف، وكلاهما ليس صحيحاً كله عند المؤلف ومن بعده من العلماء. بل فيه الصحيح والحسن والضعيف- كما بينه الحافظ ابن حجر العسقلاني في مقدمة "فتح الباري"(ص 11 - 13 - الطبعة المنيرية) - فهذا أيضاً قد احتفظتُ بمتونه في "المختصر"، ولكني عنيت بتخريجه بإيجاز في الحاشية، مع بيان مرتبته التي يستحقها لذات إسناده أو لغيره إذا كان مرفوعاً من الأحاديث المرفوعة، وأما إذا كان من الآثار الموقوفة، فأقتصر على تخريجه، وقلما أنبه على درجته.
4 -
ثم إنني رقَّمت هذه الأنواع الثلاثة بأرقام خاصة، وقياسات مختلفة لكل منها: فالأحاديث المسندة لها أرقامها الخاصة المتسلسلة. والأحاديث المرفوعة المعلقة لها أرقامها الخاصة أيضاً والمتسلسلة. وكذلك الآثار الوقوفة لها أرقامها الخاصة.
ومن فوائد ذلك أنه إذا تم الكتاب تيسر معرفة عدد أحاديت كلٍّ من هذه الأنواع الثلاثة (1).
5 -
وكذلك رقمت كتب "الصحيح" كلها بأرقام كبيرة متسلسلة، وكذلك رقمت أبواب كل كتاب على حدة بأرقام متسلسلة، محتفظاً بكل باب من أبوابه، وذلك لما اشتهر عند العلماء: أنّ فقه البخاري في تراجم أبوابه، وإنما حذفت نوعاً واحداً منها، وذلك حين يكون الباب ليس فيه ترجمة، فيقول البخاري:"باب"، ولا يزيد. فإذا كان تحت هذا النوع حديث واحد فقط في "الصحيح"، ثم اقتضى حذفه من تحته في "المختصر"، وبقي الباب لا حديث تحته، ففي هذه الحالة فقط أحذف الباب لأنه لا فائدة من إبقائه، إلا أنني أحذفه برقمه إشارة إلى حذفه.
(1) وهي في هذا الجزء كما يلي:
أ- عدد الكتب 33 كتاباً.
ب- عدد الأحاديث المرفوعة 962 حديثاً.
ج- عدد الأحاديث المعلقة المرفوعة 318 حديثاً.
د- عدد الآثار الموقوفة 408 آثار.
والغرض من الترقيم المذكور في هذه الفقرة، أن تظل الفهارس الموضوعة للكتب الستة تعمل على هذا المختصر، كما تعمل على أصله؛ تيسيراً لاستخراج الحديث منه عند الحاجة.
وقد شرحت في حاشيته ألفاظه الغريبة، وأوضحت بعض جمله الغامضة، كما أودعته كثيراً من النكات العلمية المفيدة. وسأجعل في آخر كل مجلد فهرساً تفصيلياً لكتبه وأبوابه وأحاديثه بأقسامه الثلاثة.
وفي النيّة بعد ذلك أن أضع له فهارس تفصيلية، وقد يكون منها فهرس خاص بألفاظه في مجلد مفرد -بإذنه تعالى- يسهل على القارئ استخراج الحديث من الكتاب في أقل وقت ممكن.
واللهَ سبحانه وتعالى أسأل، أن يجعله خالصاً لوجهه، وأن ينفع به إخواني المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وأن يدخر لي أجره إلى {يوم لا ينفع مال ولا بنون. إلا من أتى الله بقلب سليم} ، والحمد لله رب العالمين.
وكتب
محمدناصرالدين الألباني
بيروت- غرة رجب سنة 1399 هـ